من آداب المعتكِف - سيدي الشيخ محمد عبدالله رجو حفظه الله
من آداب المعتكِف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين.. وأفضلُ الصلاةِ وأكملُ التَّسليمِ على سيِّدِنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
سؤال: ما هي آدابُ المعتكِف؟
الجواب: يستحبُّ للمعتكفِ الغُسلُ قبلَ الاعتكاف؛ فهو مِن الأغسالِ المسنونةِ.
ويستحبُّ البدءُ بالاعتكافِ قبلَ دخولِ العشرِ الأخيرِ من رمضان، والاستمرارُ عليه ليلةَ العيد، وكان ابنُ عمرَ رضي الله عنهما يبيتُ في المسجدِ ليلةَ الفِطر، ثمَّ يغدو منه إذا صلَّى الصُّبحَ [أي: إلى المصلَّى لأداء صلاة العيد] ولا يأتي منزلَهُ.
ويستحبُّ للمعتكفِ الاشتغالُ بالطاعاتِ، وأن لا يُهملَ النوافلَ من الرواتبِ، وصلاةِ الضحى، وسنَّةِ الأوَّابينَ بينَ المغربِ والعشاءِ، وقيامِ الليلِ، والتهجُّدِ.. وأن يلازمَ قراءةَ القرآنِ الكريمِ بالتدبُّر، فقد وردَ أنَّ ابنَ مسعودٍ رضي الله تعالى عنه كانَ يختُمُ القرآنَ في رمضانَ في ثلاثةِ أيَّامٍ، وفي غيرِ رمضانَ مِنَ الجمعةِ إلى الجمعةِ.
ويستحبُّ الإكثارُ من الذكرِ؛ كالاستغفارِ، فالاستغفارُ يُزيلُ ظلمةَ الأوزار، ومَنْ لَزِمَ الاستغفارَ جعلَ اللهُ لهُ من كلِّ همٍّ فرجاً، ومن كلِّ ضيقٍ مَخْرَجاً، ورَزَقَهُ مِنْ حيثُ لا يحتسبُ، وطوبى لمَنْ وَجَدَ في صحيفتِه استغفاراً كثيراً.. وذكرِ (لا إلهَ إلا الله)، والتسبيحِ، والصلاةِ على النبيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والدُّعاءِ، ودراسةِ سيرتِهِ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، ودراسةِ الحديثِ الشريفِ، والاشتغالِ بالعلمِ تعلُّماً وتعليماً ومذاكرةً ومطالعةً وكتابةً، إلى غيرِ ذلكَ؛ لأنَّ ذلكَ طاعاتٌ تتَّفقُ مع القصدِ منَ الاعتكافِ بالتفرُّغِ للعبادةِ، والانقطاعِ عن شؤونِ الدنيا.. وبعض العلماء قالوا: يخفِّف في هذه الفترة من الاشتغال بالعلم.
ويُندبُ كونُ الاعتكافِ بآخرِ المسجدِ لقلَّةِ الناسِ به، فإنْ كَثُرَ النَّاسُ به وقلُّوا بصَدْرِهِ نُدِبَ بصَدْرِهِ.
وإذا اعتكفَ جماعةٌ في مسجدٍ فعليهمْ مع مراعاةِ حقوقِ المسجدِ مراعاةُ حقوقِ الصُّحبةِ؛ منَ المحبَّةِ، والتَّناصُحِ، والإيثارِ، والتغاضي عن هفواتِ الآخرينَ، والصَّبرِ عليهم.. فيُراعونَ حقَّ الصُّحبةِ ولو كانَ ذلكَ أثناءَ قيامِهِم بالعبادةِ؛ مِن صلاةٍ وقراءةٍ وذكرٍ أو غيرِها؛ فقدِ اعتكفَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ في المسجدِ، فسمعَهُمْ يجهرونَ بالقراءةِ، فكشفَ السِّترَ وقال: (ألا إنَّ كُلَّكُمْ مناجٍ ربَّهُ، فلا يُؤذِينَّ بعضُكم بعضاً، ولا يرفعْ بعضُكم على بعضٍ في القراءة، أو قالَ في الصَّلاة) رواه الإمام أبو داود رحمه الله تعالى.
وينبغي للمعتكفِ وغيرِه أن يغتنمَ الوقتَ في العشرِ الأواخرِ بالدقائقِ والأنفاس، وأن لا يُكثِرَ الكلامَ بغيرِ ذكرِ اللهِ تباركَ وتعالى؛ لأنَّ كثرَةَ الكلامِ بغيرِ ذكرِ اللهِ قَسْوَةٌ للقلبِ، وإنَّ أبعدَ الناسِ مِنَ اللهِ تعالى القلبُ القاسي.. فعلى المرءِ أنْ لا يتكلَّمَ إلا بخيرٍ، وبما تَظهرُ فيه المصلحةُ، ويحفظَ لسانَهُ عنِ الغيبةِ، والنَّميمةِ، والكذبِ، والهَذَيانِ، وغيرِ ذلك ممَّا لا مصلحةَ فيه، ويتأكَّدُ ذلكَ في حقِّ الصائمِ والمعتكفِ، فالسلامةُ لا يُعادِلُها شيءٌ.
ويُستحبُّ لكلِّ مسلم قيامُ ليلةِ العيد، والقيامُ يكونُ بالصلاةِ وقراءةِ القرآنِ والذِّكرِ والصلاةِ على النبيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والدعاءِ.. روى ابنُ ماجه، عن أبي أُمامة رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ: أنَّ رسول الله صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (من قام ليلتي العيد ـ أي الفطر والأضحى ـ محتسباً لله تعالى، لم يمتْ قلبُهُ يوم تموتُ القلوب). قال بعض أهل العلم: معناه يُثبِّتُهُ اللهُ على الإيمانِ عندَ النزعِ، ويُثبِّتُهُ عندَ سؤالِ الملكينِ في القبرِ، وسؤالِ يومِ القيامة. انتهى.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً، والحمد لله رب العالمين.
سيدي الشيخ محمد عبد الله رجو حفظه الله
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://t.me/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات