ما هي فوائد الاعتكاف؟ - الشيخ محمد عبدالله رجو حفظه الله
سؤال: ما هي فوائد الاعتكاف؟
الجواب: قال العلماء: الإنسان جسم وروح، والجسم يتغذَّى بالطعام والشراب، والروح تتغذَّى بالطاعة والعبادة في مختلف أنواعها، ولذلك شُرع الاعتكاف ليتفرَّغ الإنسان مدَّة معيَّنة للعبادة والانصراف إلى شؤون الدين وأمور الآخرة، وينقطع عن مشاغل الدنيا وشهوات النفس ومغريات الحياة، فتصفو روحه ويجدِّد الصِّلة القويَّة بربِّه، ويتخلَّص من شوائب الماضي، ويروِّض نفسه إلى التزام الجادَّة في المستقبل، فيتزوَّد أثناء الاعتكاف بطاقة روحية تجدِّد حياته، وتنير الطريق أمامه، وكأنَّ الاعتكاف محطَّةٌ مؤقَّتةٌ لمحاسبة الذات، ومراجعة الماضي، فإن وجد خيراً شكر الله تعالى وازداد شكراً وثابر عليه، وإن وجد غير ذلك أقلع عنه وعزم على عدم العودة إليه، وعاهد الله على العمل لمرضاته في خيري الدنيا والآخرة؛ فالاعتكاف رياضة روحيَّة، وتزكية نفسيَّة، وتطهير للعقل والقلب من غلبة أغراض الدنيا على نفس المؤمن، ودورةٌ تدريبيّةٌ على الأُنسِ بالله تباركَ وتعالى.
ومن فوائد الاعتكاف: التجرُّد لله تعالى من شواغل الدنيا وأعمالها، والتفرُّغ لطاعته، والأنس به عن الولد والأهل، هذا إلى جانب ما يفيض الصوم على الصائمين من طهارة القلوب وصفاء النفوس.
وفي الاعتكاف التعرُّض لليلة القدر، وهي على الراجح في العشر الأخير، ففي الحديث الصحيح: (الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فِي وَتْرٍ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُهَا فَنُسِّيتُهَا) رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
أي: قد تكون ليلة إحدى وعشرين، أو ليلة ثلاث وعشرين، أو ليلة خمس وعشرين، أو ليلة سبع وعشرين، أو ليلة تسع وعشرين، وأكثر الأقوال أنها ليلة سبع وعشرين، ولذلك يجدر بكلِّ مسلم أن يحرص على قيام تلك الليلة، لأنها مفضَّلة ولها شأن عظيمٌ، ولا يُهمل باقي الليالي.
قال الإمام المجتهد عطاء بن أبي رباح التابعي تلميذ ابن عباس رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُما، وأحد أساتذة الإمام الأعظم أبي حنيفة رحمه الله تعالى: (مَثل المعتكف مَثل رجل يختلف ـ أي يتردَّد ويقف ـ على باب ملك أو إمام عظيم لحاجة يقدر على قضائها عادة، فالمعتكف يقول لسانه حاله إن لم ينطق بذلك لسان مقاله: لا أبرح قائماً بباب مولاي سائلاً منه جميع مآربي، وكشفَ ما نزل بي من الكرب وصار مُصاحبي، وتجنَّبني لذلك أعزُّ إخواني بل عين أقربائي، حتى يغفر لي ذنوبي التي هي سبب بُعدي ونزولِ مصائبي، ثم يفيض بمنَّته عليَّ بما يليق بأهليته، فإنَّه أهل التقوى وأهل المغفرة، ويليق بكرمه إكرام من التجأ إلى منيع حِرزه وحماية حرمه).
ومن محاسن الاعتكاف: تفريغ القلب عن أمور الدنيا، وتسليم النفس إلى المولى، والتحصُّن بحصن حصين، وملازمة بيت الربِّ الكريم، فهو كمن احتاج إلى عظيم فلازمه حتى قضى مآربه، فهو يلازم بيت ربِّه ليغفر له.
وأمَّا المقصودُ الأعظم منهُ فهو جَمْعُ القلبِ على اللّٰهِ، بالخلوةِ مع خُلُوِّ القلبِ عمَّا سوى اللّٰه، وخلُوِّ المَعِدَةِ عنِ الطعامِ والشرابِ والمَلَذَّاتِ.. معَ التَّنَعُّمِ بذكرِ اللّٰهِ، والإعراضِ عمَّا عداهُ.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً، والحمد لله رب العالمين.
سيدي الشيخ محمد عبد الله رجو حفظه الله
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://t.me/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات