منتديات البوحسن - غَوْغاء وهَمَج

إسماعيل ديب

تختلط معاني بعض الألفاظ في العربية وتتشابه، مثل الغوغاء والهَمَج والرعاع، فالهمج والغوغاء في الأصل نوع من البعوض، والهَمَجُ الجوع، وبه سمِّي البعوض لأنه إِذا جاع عاش، وإذا شبع مات.. والهَمَجُ: الرَّعاعُ من الناس؛ وقيل: هم الأخلاط، وقيل: هم الهَمَلُ الذين لا نِظَامَ لهم.. والهَمَجُ: رُذالُ الناس، ويقال لأُشابَة الناس الذين لا عقول لهم ولا مُرُوءَةَ: هَمَجٌ هامج.

وقومٌ هَمَجٌ: لا خير فيهم؛ ورجل هَمَجٌ وهَمَجة: أَحمق..

ويُطلق «الغوغاء» على هؤلاء الذين لا عبرة بهم، وقال الأصمعي:‏ ‏الغوغاء الجراد إذا ماج بعضهم في بعض، وبه سُمي الغوغاء من الناس،‏ ‏وقيل: هم الذين إذا اجتمعوا غلبوا، وإذا تفرقوا لم يُعرفوا، ‏ومن علاماتهم ما تضمنته حكاية الخطابي عن أبي عاصم النبيل، وذلك أن رجلاً أتاه فقال: إن امرأتي قالت لي: يا غوغاء! فقلت لها: إن كنتُ غوغاء فأنتِ طالق ثلاثاً، فما عساي أصنع؟‏ ‏فقال له أبو عاصم:‏ ‏هل أنت رجلٌ إذا خرج الأمير يوم الجمعة جلست على ظهر الطريق حتى يمرّ فتراه؟‏ ‏فقال: لا.‏ قال أبو عاصم: لستَ بغوغاء، إنما الغوغاء من يفعل هذا.

ويقال الغَوْغاء الجراد إذا احْمَرَّ وانْسَلَخ من الألوان كلِّها وبَدَتْ أجنحتُه بعد الدَّبى.. وهو الجَراد أول ما يكونُ سَرْوَةٌ، فإذا تَحرّك فهو دَبى قبل أن تَنْبُتَ أجنحته، ثم يكونُ غَوْغاء، وبه سُمِّي الغَوْغاءُ.. والغاغَةُ من الناس: وهم الكثير المختلطون، وقيل: هو الجراد إذا صارت له أجنحة وكادَ يَطير قبل أن يَسْتَقِلَّ فيَطِيرَ، يُذَكّر ويُؤَنّث ويُصْرَفُ ولا يُصْرف، واحدتُه غَوْغاءةٌ وغَوْغاةٌ، وبه سُمِّي الناس.. والغَوْغاء سَفِلَة الناسِ، وهو من ذلك.
والغَوْغاء الصَّوتُ والجَلَبة؛ قال الحرث بنُ حِلِّزة اليشكري:

أجْمَعُـــــوا أمْرَهـــــم بلَيْــــلٍ، فلمـــاً

أصْبَحـــــُوا أصْبَحَــت لهـــم غَوْغــــاءُ

ويروى: ضَوْضاءُ.وحكي أيضاً: تَغَاغى عليه الغَوْغاء إذا رَكِبُوه بالشّر.. الشاب الظريف:

يَا رَاقِـــدَ الطَــْف ما لِلطّــرْفِ إغفــاء

حَدّثْ بِـــذاكَ فمـا في الحُـبِّ إخْفــاءُ

إن الليالـــي والأيـــــام مـــِنْ غَزَلــــي

في الحســـن والحــُب أبنـــاءٌ وأنبـــاءُ

إذْ كلّ نافـــرة فــــي الحُــبّ آنِســـة ٌ

وَكُلّ مَائِسَـــــة فــي الحَـــيِّ خَضْـــرَاءُ

يا سـاكِني مصْـر شَمْلُ الشّوْقِ مُجْتَمـِعٌ

.بعد الفراقِ وشــــملُ الوصـلِ أجــزاءُ

نارَ الهَوَى لَيس يَخْشَى منْكِ قُلْبُ فَتًى

يكـــــون فيـــــــه لإبراهيـــم أرجـــاءُ

فـــإن نظمــــــــــي أفـــرادٌ مُـــعدّدة

وَنَظْـــمُ غَيْـــري رُعاعـــاتٌ وَغَوغــــاء

فلا يُقــــاسُ بِدُرٍّ مِنْـــــــه مُخْشَـــلبٌ

هــــذا دواءٌ وقـــولُ الجاهِــل الـــدّاءُ

عَلَيْـكَ مِنّي ســـَلامٌ ما سَــرَتْ سَـــحراً

نُسَيْمَــة ٌعِطْرُهـــــا فـــي الكَـوْنِ دَرَّاءُ