منتديات البوحسن - البخور العماني عطور فوّاحة بعبق التاريخ

مسقط - “الخليج”:

تعتبر صناعة البخور صناعة تقليدية متوارثة بين أجيال العمانيين منذ أزمان بعيدة، ولا تزال النساء يزاولن هذه المهنة ويحافظن على هذا التقليد التراثي العريق، ويستخدم البخور كطقوس يومية فتجد الروائح الجميلة فواحة في كل البيوت العمانية ويكثر استخدامه في المناسبات الدينية والعامة مثل الأعياد والأعراس والمناسبات الاجتماعية المختلفة .

هناك أنواع مختلفة من البخور وأكثر أنواعها مبيعاً هو “البخور المعمول” الذي تعددت أوصافه وكثرت أنواعه وأخذت النسوة من المتخصصات في إنتاجه في التفنن لإيجاد تشكيلات مختلفة ومتنوعة وعلى مستوى متطور يحظى بشهرة واسعة، حتى إن تركيبة بعض هذه الأنواع تعد من الأسرار المهنية المكنونة التي لا يمكن الإفصاح عنها لأنها سر التميز، والبخور المعمول بطريقة خاصة هو عبارة عن نشارة مختلفة من الصندل أو العود تمزج بمواد عطرية فواحة زكية، وتوجد أصناف عالية الجودة وهي لا تعد إلا بطلب مسبق لارتفاع أثمانها ما أعطى ذلك شهرة واسعة للأطياب العمانية وزاد الإقبال عليها وكثر طلبها وبخاصة من دول مجلس التعاون الخليجي .

واشتهرت سلطنة عمان أيضاً بأنها أرض اللبان وكانت معبر القوافل التجارية بين جزيرة العرب وكلٍ من الهند وباكستان والصين، وكانت مدينة سمهرم ذات الشهرة التاريخية هي مصدر الحركة التجارية في تسويق تجارة اللبان والبخور وهي تقع بالقرب من ولاية طاقة بمحافظة ظفار الجنوبية .

ومن أجود أنواع اللبان “الحوجري” ويتميز بنقاء لونه الأبيض المزرق وخلوه من الشوائب و”النجدي” نسبة إلى منطقة نجد الواقعة في مرتفعات ظفار الوسطى ثم “الشصري”، والمواد اللازمة لصناعة البخور هي “ظفور” وتستخرج من الأصداف البحرية مثل “الجم” و”العكوز” و”العروس”، كما تسمى محليا وتستخدم بعد التجفيف، وتوجد جاهزة بالسوق المحلي، وتدق هذه الظفور في وعاء خاص ثم تنخل على قماش ثم يعاد دقها حتى تصبح ناعمة للغاية، ومن المواد اللازمة أيضاً لصناعة البخور “الميعة” و”سحالة” و”الصندل” و”العنبر” و”الكبوت” و”سحالة العود” و”المسك الأسود” و”تراب المسك الأبيض” و”صمغ المر” و”ماء الورد” و”السكر” و”العطور”، وهذه المواد توجد عند العطارين وتباع بالأسواق المحلية والمتاجر الشعبية ومتعارف عليها محليا، وأغلبها مستورد من الخارج . الوعاء الذي يستخدم لطحن وخلط المواد الأولية في صناعة البخور يدعى “الموقعة” وهي عبارة عن وعاء خشبي أو حديدي تدق فيه مواد البخور بواسطة الهاون الذي يعرف محليا باسم “السفن”، ومن الأدوات المستخدمة أيضا الصفرية وهي عبارة عن قدر معدني، ويعتبر الملاس آلة معدنية تستخدم في تقليب المواد العطرية في القدر، والصينية عبارة عن قماش خفيف السمك ويستخدم في نخل المكونات وتصفيتها بعد دقها .

في البداية تدق كل من “الميعة” و”سحالة العود” و”العنبر” و”الكبوت” و”سحالة الصندل” و”المسك الأسود” و”تراب المسك الأبيض” و”الصمغ المر” وتخلط مع بعضها بعضاً بشكل جيد، وبعد ذلك يضاف إليها “الظفور” ويخلط خلطا جيدا، ثم يذاب السكر بماء الورد في “الصفرية” ويكون حجم الوعاء بحسب الكمية، ويطبخ على نار هادئة ويدور مع التحريك بهدوء بخشبة مخصصة لذلك، وبعد ذلك يضاف له الخليط، وتستمر عملية التحريك حتى يتمازج ويسمى “صلحة”، ثم تضاف العطورات والتي تعرف باسم الحلولات إلى هذا المزيج ثم يصب في صينية ويغطى حتى يبرد ثم يدق ويوضع في الأكياس، وبهذه الطريقة يكون جاهزاً للاستعمال .

توجد في محافظة ظفار أنواع عديدة من البخور ولكل منها مسمى خاص واستخدام خاص أيضاً، ومن أشهرها الصندلية وتتكون من الظفور والمسك والعطور والصندل وتستخدم بكثرة في تجهيز العرائس، كما نجد بخور القطرة ويتكون من العود والمسك والعطور ويستخدم في تعطير الملابس والمنازل، كما نجد أيضاً بخور يسمى المشحمية ويتكون من سحال العود والمسك والعطور ويستخدم أيضاً في تعطير المنازل في المناسبات الخاصة، ويعتبر اختبار جودة البخور بدوام رائحته ونفوذها ولذلك يجب اختيار العطور ذات الروائح الأخاذة لأنها العنصر الأساسي الذي يتحكم في جودة البخور .