منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   المكتبة الاسلامية (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=24)
-   -   لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=8213)

عبدالقادر حمود 12-02-2012 12:47 AM

لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

قرأتُ لكم هذا الكتاب النفيس لأحد أكابر القوم
http://www.rubat.com/phpbb/images/smilies/radeya2.gif، وسأنشره على حلقات قصيرة متواصلة إن شاء الله تعالى، خالصة لوجه الله تعالى وقرّة عين لسيدّنا رسول الله http://www.rubat.com/phpbb/images/smilies/salla.gif، نسأل الله تبارك وتعالى علماً نافعاً طيبّاً مباركاً لنا ولكم ولجميع المسلمين.
(منقول عن رباط الفقراء)

لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية

المؤلف: سيدي الإمام أبي المواهب عبد الوهاب الشعراني http://www.rubat.com/phpbb/images/smilies/radeya1.gif


http://www.rubat.com/phpbb/images/smilies/intro.gif



بسم الله الرحمن الرحيم


"الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين، اللهم فصل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعلى آلهم وصحبهم أجمعين صلاة وسلاما دائمين متلازمين أبد الآبدين آمين (وبعد)


فهذا كتاب نفيس لم يسبقني أحد إلى وضع مثاله ولا أظن أحدا نسج على منواله ضمنته جميع العهود التي بلغتنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل المأمورات وترك المنهيات (وسميته لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية) وكان الباعث لي على تأليفه ما رأيته من كثرة تفتيش الإخوان على ما نقص من دنياهم ولم أرى أحدا منهم يفتش على ما نقص من أمور دينه إلا قليلا فأخذتني الغيرة الإيمانية عليهم وعلى دينهم فوضعت لهم هذا الكتاب المنبه لكل إنسان على ما نقص من أمور دينه فمن أراد من الإخوان أن يعرف ما ذهب من دينه فلينظر في كل عهد ذكرته له في هذا الكتاب ويتأمل في نفسه يعرف يقينا ما أخل به من أحكام دينه فيأخذ في التدارك أو الندم والاستغفار إن لم يمكن تداركه


ثم لا يخفى عليك يا أخي أن مجموع أحكام الشريعة ترجع إلى ثلاثة أمور: أمر ونهي ومرغوب فيه لم يصرح الشارع فيه بأمر ولا نهي وإنما رغب في فعله بالثواب أو رهب من تركه بفوات الثواب كالوضوء على الوضوء فإن الترغيب في فعل شيء مؤذن بالرضا عن فاعله كما أن الترهيب من فعل شيء مؤذن بعدم الرضا عن فاعله وإن كان ذلك لم يلحق بدرجة الأمر والنهي الصريحين وعبارة الشيخ عز الدين بن عبد السلام في قواعده الكبرى اعلم أن كل فعل مدح في نفسه أو مدح فاعله من أجله أو وعد عليه بخير عاجل أو آجل فهو مأمور به لكنه متردد بين الإيجاب والندب اهـ.


وقد قسمت الكتاب على قسمين: القسم الأول في بيان ما أخل به الناس من المأمورات . والقسم الثاني في بيان ما أخل به الناس من اجتناب المنهيات وإنما بدأت في أول الكتاب بقسم المأمورات وأخرت المنهيات وإن كان الواقعون في المنهيات أكثر عملا بالأصل من حيث أن الطاعات أصليه والمعاصي عارضه وأن كل مؤمن يود أن يطيع الله تعالى ولا يعصي أمره أبدا ولكن الله تعالى في تقديره المعاصي على عبده حكم وأسرار لا تخفى على من في قلبه نور


ثم اعلم يا أخي أن طريق العمل بالكتاب والسنة قد توعرت في هذا الزمان وعز سالكها لأمور عرضت في الطريق يطول شرحها حتى صار الإنسان يرى الأخلاق المحمدية فلا يقدر على الوصول إلى التخلق بشيء منها فلذلك كنت أقول في غالب عهود الكتاب وهذا العهد يحتاج من يعمل به إلى شيخ يسلك به الطريق ويزيل من طريقه الموانع التي تمنعه عن الوصول إلى التخلق به أو نحو ذلك من العبارات إشارة إلى أنه لا يلزم من معرفة الفقيه بالأحكام الوصول إلى العمل بها بل يحتاج مع ذلك إلى شيخ يريه معالم الطريق كما وقع للإمام الغزالي والشيخ عز الدين بن عبدالسلام وغيره وإنما شيدت كل عهد منه بالأحاديث الشريفة إعلاما لك يا أخي بأن عهود الكتاب مأخوذة من الكتاب والسنة نصا واستنباطا لئلا يطعن طاعن فيها وسد الباب الدس من الحسدة في هذا الكتاب كما وقع لي ذلك في كتاب البحر المورود في المواثيق والعهود الذي جمعت فيه عهود المشايخ التي أخذوها علي


فإن بعض الحسدة لما رأى إقبال الناس على تلك العهود وعرف عجزه عن الوفاء بها مع ادعائه المشيخة عمل حيلة واستعار من بعض المغفلين من أصحابي نسخة وأوهمه شدة الاعتقاد في جنابي وكتب منها عدة عهود ودس فيها أمورا مخالفه لظاهر الكتاب والسنة وأشاعها عني في مصر فحصل بذلك فتنة عظيمة في الجامع الأزهر وغيره وانتصر لي الشيخ ناصر الدين اللقاني والشيخ شهاب الدين الرملي وجماعة وأجابوا عني بتقدير صحة ذلك مني وما سكنت الفتنة حتى أرسلت للعلماء نسختي التي عليها خطوطهم ففتشوها فلم يجدوا فيها شيئا مما دسه الحسدة وأشاعوه عني ومن تلك الواقعة ما ألفت كتابا إلا وتعرضت فيه لما دسته الحسدة في كتبي وتبرأت فيه من كل شيء يخالف الكتاب والسنة طلبا لإزالة ما في نفوس بعض الناس لئلا يحصل لهم الإثم بذلك فهذا كان سبب تشييدي لعهود هذا الكتاب بالأحاديث والآثار فإن الحاسد لو دس فيه شيئا يخالف الأحاديث التي أذكرها لا يروج له أثر عند الناس وكيف يستدل مؤلف لكلامه بالأحاديث التي يخالفه منطوقها أو مفهومها هذا أمر بعيد فالله يحفظ هذا الكتاب من مثل ذلك إنه سميع مجيب." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 12:49 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

ولنواصل تكملة (مقدمة المؤلف):

"واعلم يا أخي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان هو الشيخ الحقيقي لأمة الإجابة كلها ساغ لنا أن نقول في تراجم عهود الكتاب كلها أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أعني معشر جميع الأمة المحمدية فإنه صلى الله عليه وسلم إذا خاطب الصحابة بأمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب انسحب حكم ذلك على جميع أمته إلى يوم القيامة فهو الشيخ الحقيقي لنا بواسطة أشياخ الطريق أو بلا واسطة مثل من صار من الأولياء يجتمع به صلى الله عليه وسلم في اليقظة بالشروط المعروفة عند القوم وقد أدركت بحمد الله تعالى جماعة من أهل هذا المقام كسيدي علي الخواص والشيخ محمد العدل والشيخ جلال الدين السيوطي وإضرابهم رضي الله عنهم أجمعين

ثم لا يخفى عليك يا أخي أن من شأن أهل الله عز وجل كونهم يأخذون العهد على المريد بتركه المباح زيادة على الأمر والنهي طلب الترقية إذ المباح لا ترقي فيه من حيث ذاته وإنما هو أمر برزخي بين الأمر والنهي جعله الله تعالى مرتبة تنفيس للمكلفين يتنفسون به من مشقة التكليف إذ الإقبال على الله تعالى في امتثال الأمر واجتناب النهي على الدوام ليس من مقدور البشر فأراد أهل الله تعالى للمريد أن يقلل من المباح جهده ويجعل موضعه فعل مأمور واجتناب منهي أو مرغب في فعله أو تركه لأخذهم بالعزائم دون الترخيصات فترى أحدهم يفعل المندوب مع شدة الاعتناء به كأنه واجب ويجتنب المكروه كأنه حرام ويترك المباح كأنه مكروه ويفعل الأولى كأنه مستحب ويستغفر من فعل المكروه كأنه حرام ويتوب من فعل خلاف الأولى كأنه مكروه ويتوب من ترك المندوب كأنه واجب

ومن القوم من يقلب المباح بالنية الصالحة إلى خير فيثاب عليه ثواب المندوب كأن ينوي بأكله التقوي على عبادة الله تعالى أو بنومه في النهار التقوي على قيام الليل عند من لم يصح عنده حديث استعينوا بالنوم في القيلولة على قيام الليل أما من صح عنده هذا الحديث فهو مستحب أصالة لا جعلا، وقد كان الشيخ أبو الحسن الشاذلي يسمي النوم وردا ويقول لا أحد يوقظني من ورد النوم حتى أستيقظ بنفسي فعلم أن أهل الله تعالى من شأنهم أن لا يوجدوا إلا في فعل واجب وما ألحق به من المندوب والأولى أو في اجتناب منهي وما ألحق به من المكروه وخلاف الأولى فإياك يا أخي أن تبادر إلى الإنكار عليهم إذا رأيت أحد منهم يأخذ العهد على مريد بتركه المباح وتقول كيف يأخذ العهد على مريده بترك المباح مع أن الشارع أباحه له فإنك في واد وأهل الله في واد

وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى بعض أهله عن فعل المباح فنهى فاطمة رضي الله عنها عن لبس الحرير والذهب مع أنه صلى الله عليه وسلم أباحهما لإناث أمته وقال: يا فاطمة من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ونهى صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها عن الأكل في يوم واحد مرتين وقال لها: أكلتان في النهار إسراف والله لا يحب المسرفين مع أنه صلى الله عليه وسلم أباح لأمته أن يجمعوا كل يوم بين الغداء والعشاء بل هو الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم رحمة بالضعفاء من أمته

وقد عمل القوم على نحو ذلك مع المريدين الصادقين فآخذوا المريد بتناوله الشهوات المباحة وبوضعه جنبه إلى الأرض من غير ضرورة وبالأكل من غير جوع وبالنسيان وبالاحتلام، وكذلك آخذوه بمد رجله في ليل أو نهار إلا لضرورة إلى غير ذلك ولهم في ذلك أدلة يستندون إليها فأما دليلهم في مؤاخذتهم المريد بأكل الشهوات المباحة فهو كون الحق تعالى نعى أهل النار بأكلهم الشهوات بقوله تعالى {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون} وقالوا ما نعاه الله تعالى عن أهل النار وجزاهم عليه بالعذاب فالمؤمن أولى أن يتركه. وكان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول في قوله تعالى {فسوف يلقون غيا} هو واد في جهنم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات وأوحى الله تعالى إلى داود عليه الصلاة والسلام: يا داود حذر وأنذر قومك من أكل الشهوات فإن قلوب أهل الشهوات عني محجوبة اهـ." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى...

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 12:50 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:


ولنواصل تكملة (مقدمة المؤلف):


"والنوم كذلك بجامع الغفلة والحجاب عن الله تعالى إلا لضرورة وأما دليلهم في مؤاخذتهم المريد بالنسيان فإنه لا يصح وقوعه من المريد إلا بعد تعاطيه مقدمات ذلك الأمر الذي نسيه من الغفلة والتهاون به بدليل ما قاله علماؤنا فيمن نسي الماء في رحله أو أضله فيه فلم يجده بعد الطلب فتيمم وصلى أنه يقضي ما صلاه بالتيمم نسبوه إلى التقصير في نسيانه وإضلاله وقالوا لو صلى بنجس لم يعلمه وجب القضاء في الجديد وإن علم به ثم نسي وجب القضاء على المذهب والنظائر كثيرة.


وكان الشيخ محي الدين بن العربي رضي الله عنه يقول إنما آخذ القوم المريد بالنسيان لأن مبنى طريقهم على الحضور الدائم مع الله عز وجل والنسيان عندهم نادر والنادر لا حكم له مع أن القاعدة الشرعية رفع حكم النسيان إلا ما استثني كتدارك ما نسيه من الصلاة وضمان ما أكله من طعام الغير بغير إذنه ناسيا ونحو ذلك ثم ليتأمل ذلك الناسي في نفسه في شدة اعتنائها بتحصيل أمر الدنيا وعدم وقوعه في نسيانه كما إذا وعده شخص بألف دينار يعطيها له في الوقت الفلان كيف يصير يتذكر ذلك لحظة بعد لحظة حتى يأتي وقته حرصا على سحت الدنيا فأراد أهل الله تعالى من المريد أن يقلب تلك الداعية التي عنده للدنيا ويجعلها لأمور الآخرة ليفوز بمجالسة الله تعالى في الدارين


وأما دليلهم في مؤاخذتهم المريد بالاحتلام فلأنه لم يقع منه إلا بعد مقدمات التساهل بالنظر إلى ما لا يحل غالبا أو التفكير فيه فلما عجز عن الوصول إليه حال النظر والتفكر أتاه إبليس في المنام ليسخر به فإن من لا يطلق بصره إلى محرم ولا يتفكر فيه لا يحتلم أبدا ولذلك لم يقع الاحتلام إلا من المريدين والعوام دون الأكابر فإن الأكابر إما معصومون كالأنبياء أو محفوظون كالأولياء ثم إن وقع أن أحدا من أكابر الأولياء احتلم فإنما يكون ذلك في حليلته من زوجه أو جاريه لا فيما لا يحل له وسببه غفلته عن تدبير جسده لما هو عليه من الاشتغال بالله عز وجل أو أمر المسلمين كما بلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه احتلم في جاريته وقال: قد ابتلينا بهذا الأمر منذ اشتغلنا بأمر المسلمين.


وأما دليلهم في مؤاخذة المريد بمد رجله من غير ضرورة في ليل أو نهار فهو علمهم بأن المريد بين يدي الله عز وجل على الدوام شعر بذلك أم لم يشعر فأرادوا منه أن يواظب على ترك مد رجله بحكم الإيمان على أنه بين يدي الله حتى ينكشف حجابه ويشهد الأمر يقينا وشهودا وهناك يرى ضربه بالسيف أهون عليه من مد رجله لغير حاجه بل لو خير بين مد رجله ودخول النار لاختار دخول النار وقد بلغنا عن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه أنه قال: مددت رجلي بالليل وأنا جالس أقرأ وردي وإذا بهاتف يقول يا إبراهيم ما هكذا ينبغي مجالسة الملوك. قالوا فما مد إبراهيم رجله حتى مات بعد عشرين سنه ." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى مع الجزء الأخير من مقدمة المؤلف
http://www.rubat.com/phpbb/images/smilies/radeya1.gif

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 12:52 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

"فعلم من مجموع ما قررناه من باب أولى أن أهل الله عز وجل لا يسامحون المريد بارتكابه شيئا من المكروهات فضلا عن المحرمات الظاهرة أو الباطنة وأن طريقهم محررة على موافقة الكتاب والسنة كتحرير الذهب بخلاف ما يظنه من لا علم له بطريقهم وقد أجمع أهل الله تعالى على أنه لا يصح دخول حضرة الله تعالى في صلاة وغيرها إلا لمن تطهر من سائر الصفات المذمومة ظاهرا أو باطنا بدليل عدم صحة الصلاة لمن صلى وفي ثوبه أو بدنه نجاسة غير معفو عنها أو ترك لمعه من أعضائه بغير طهارة ومن لم يتطهر كذلك فصلاته صورة لا روح فيها لا حقيقية كما أن من احتجب عن شهود الحق تعالى بقلبه في لحظة من صلاته بطلت صلاته عند القوم كذلك وقد نبه الشارع صلى الله عليه وسلم باشتراط الطهارة الظاهرة على اشتراط الطهارة الباطنة فأراد أهل الله تعالى من المريد أن يطابق في الطهارة بين باطنه وظاهره ليخرج من صفة النفاق فإن المنافقين في الدرك الأسفل من النار،

وفي حديث مسلم مرفوعا
أن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم و كذلك أجمع أهل الطريق على وجوب اتخاذ الإنسان له شيخا يرشده إلى زوال تلك الصفات التي تمنعه من دخول حضرة الله تعالى بقلبه لتصح صلاته من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولا شك أن علاج الأمراض الباطنية من حب الدنيا والكبر والعجب والرياء والحسد والحقد والغل والنفاق ونحوها كله واجب كما تشهد له الأحاديث الواردة في تحريم هذه الأمور والتوعد بالعقاب عليها فاعلم أن لك من لم يتخذ له شيخا يرشده إلى الخروج من هذه الصفات فهو عاص لله تعالى وللرسول صلى الله عليه وسلم لأنه لا يهتدي لطريق العلاج بغير شيخ ولو حفظ ألف كتاب في العلم فهو كمن يحفظ كتابا في الطب ولا يعرف ينزل الدواء على الداء فكل من سمعه وهو يدرس في الكتاب يقول أنه طبيب عظيم ومن رآه حين يسأل عن اسم المرض وكيفية إزالته قال إنه جاهل فاتخذ لك يا أخي شيخا واقبل نصحي وإياك أن تقول طريق الصوفية لم يأت بها كتاب ولا سنه فإنه كفر فإنها كلها أخلاق محمدية سداها ولحمتها منها

واعلم أن كل من رزقه الله تعالى السلامة من الأمراض الباطنية كالسلف الصالح والأئمة المجتهدين فلا يحتاج إلى شيخ بل الإنسان على نفسه بصيرة
فأمعن يا أخي النظر في هذه الخطبة والكتاب واعمل به فإنك إن شاء الله لا تضل ولا تشقى والحمد لله رب العالمين ولنشرع بعون الله تعالى في مقصود الكتاب فنقول وبالله التوفيق." اهـ.



^تم^


http://www.rubat.com/phpbb/images/smilies/intro.gif
المؤلف الشعراني http://www.rubat.com/phpbb/images/smilies/radeya1.gif

يتبع إن شاء الله تعالى مع القسم الأول من الكتاب وهو قسم المأمورات...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 12:54 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:


القسم الأول من الكتاب وهو قسم المأمورات.


قسم المأمورات

- مما رواه الأئمة في الإخلاص مرفوعا قوله صلى الله عليه وسلم: من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده لا شريك له، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة. فارقها والله عنه راض. رواه ابن ماجه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين.

وروى البيهقي مرسلا:
أن رجلا قال: يا رسول الله ما الإيمان قال: الإخلاص، قال: فما اليقين قال: الصدق.

وروى الحاكم وقال صحيح الإسناد:
أن معاذ بن جبل قال: يا رسول الله أوصني، قال: أخلص نيتك يكفك العمل القليل.

وروى البيهقي مرفوعا:
طوبى للمخلصين، أولئك مصابيح الهدى، تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء. [في جميع النسخ ”عظماء”، وإنما تم ضبطه هنا ”ظلماء” كما ورد في الجامع الصغير في الحديث رقم 5289، وحيث ذكر الشيخ محمود الرنكوسي في درسه أثناء قراءة الكتاب في دار الحديث بدمشق: ”المحفوظ ظلماء”. ]ـ

وروى البيهقي والبزار مرفوعا: إن الله تبارك وتعالى يقول:
أنا خير شريك، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فهو لشريكي وأنا بريء يا أيها الناس أخلصوا أعمالكم لله فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص ولا تقولوا هذا لله ولوجوهكم فإنها لوجوهكم وليس لله منها شيء.

وفي رواية لأبي داود وغيره بإسناد جيد مرفوعا:
إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتغى به وجهه.

وروى الطبراني مرفوعا:
الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغى به وجه الله." اهـ.


يتبع إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 12:55 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

"وروى البيهقي مرفوعا عن عبادة بن الصامت قال: يجاء بالدنيا يوم القيامة فيقال ميزوا ما كان منها لله عز وجل فيمتازوا ويرمي ما عداه في النار.قال الحافظ المنذري: وقد يقال إن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد فسبيله سبيل المرفوع.

وروى الحافظ ورزين العبدري مرفوعا مرسلا:
من أخلص لله تعالى أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه. قال الحافظ المنذري ولم أقف لهذا الحديث على إسناد صحيح ولا حسن، ولا على ذكره في شيء من الأصول التي جمعها رزين. والله أعلم.

[وقال الأستاذ المحدث الشيخ محمود الرنكوسي أثناء قراءة هذا الكتاب أن كلام المنذري لا يعني أن غيره لم يقف على ذلك. وفيما يلي بيان ذلك، وأن الحديث ضعيف يعمل به في فضائل الأعمال:


الحديث 8361 من الجامع الصغير:
من أخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه. رواه أبو نعيم في الحلية عن أبي أيوب. تصحيح السيوطي: ضعيف

الحديث 5271 من كنز العمال:
من أخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه. رواه أبو نعيم في الحلية عن أبي أيوب. وهذا غير رواية: ”من زهد في الدنيا أربعين يوما وأخلص فيها العبادة أجرى الله على لسانه ينابيع الحكمة من قلبه”، أورده ابن الجوزي في الموضوعات كما سيأتي.

قال في الحديث 6193 في كنز العمال:
من زهد في الدنيا أربعين يوما وأخلص فيها العبادة أجرى الله على لسانه ينابيع الحكمة من قلبه. (عد) عن أبي موسى. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال الذهبي في الميزان باطل وقال في كشف الخفاء تحت رقم 2361: من أخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه. رواه أبو نعيم بسند ضعيف عن أبي أيوب.

وقال في اللآلئ: رواه أحمد وغيره عن مكحول مرسلا بلفظ
من أخلص لله أربعين يوما تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه، وروى مسندا من حديث ابن عطية عن ثابت عن أنس بسند فيه يوسف ضعيف لا يحتج به انتهى.

ورواه القضاعي عن ابن عباس مرفوعا قال كأنه يريد بذلك
من يحضر العشاء والفجر في جماعة قال ومن حضرها أربعين يوما يدرك التكبيرة الأولى كتب الله له براءتين براءة من النار وبراءة من النفاق.

ورواه أبو الشيخ في ثواب عن أنس بلفظ:
من أدرك التكبيرة الأولى مع الإمام أربعين صباحا كتب الله له - الحديث.

وروى ابن الجوزي في الموضوعات عن أبي موسى رفعه:
ما من عبد يخلص لله أربعين يوما - الحديث. والمشهور على الألسنة صباحا بدل يوما. وأورده الصغاني بلفظ: من أخلص لله أربعين صباحا نور الله تعالى قلبه وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه. وقال أنه موضوع. انتهى ما في كشف الخفاء. دار الحديث]" اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى....


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 12:56 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

"وروى الإمام أحمد والبيهقي مرفوعا: قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة، وجعل أذنه مستمعة وعينه ناظرة.

وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا:
(إنما الأعمال بالنية) وفي رواية: (بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).

وروى ابن ماجه بإسناد حسن مرفوعا:
(إنما يبعث الناس على نياتهم) وفي رواية: (إنما يحشر الناس على نياتهم).

وروى مسلم مرفوعا:
إن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم.

روى الطبراني والبيهقي مرفوعا:
إذا كان آخر الزمن صارت أمتي ثلاث فرق: فرقة يعبدون الله خالصا، وفرقة يعبدون الله رياء، وفرقة يعبدون الله تعالى ليستأكلوا به الناس، فيقول الله عز وجل للمخلصين اذهبوا بهم إلى الجنة، ويقول للآخرين امضوا بهم إلى النار.

وروى الحافظ أبو نعيم عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول:
من رأى نفسه من المخلصين كان من المرائين، ومن رأى نفسه من المرائين كان من المخلصين.

والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة وسيأتي في أوائل قسم المنهيات نبذة صالحة عما جاء في الرياء وعدم الإخلاص في العمل والعلم فراجعه. والله أعلم.


قلت: فقد بان لك أن من لم يخلص في عمله وعلمه فهو من الأخسرين أعمالا، ويشهد لذلك أيضا قرائن الأحوال التي جاءت بها الأحاديث في سياقها، وجميع ما ورد في فضل العلم والعمل إنما هو في حق المخلصين فيه.


فإياك يا أخي والغلط فإن الناقد بصير، وقد كثر في هذا الزمان أقوام لا يعملون بعلمهم، وإذا نازعهم إنسان في دعواهم في قولهم نحن من أهل العلم استدلوا بما جاء في فضل طلب العلم مطلقه من غير شرط إخلاص، فيقال لمثل هؤلاء فأين الآيات والأخبار والآثار الواردة في حق من لم يعمل بعلمه ولم يخلص فلا تغالط يا أخي وتدعي الإخلاص في علمك وعملك من غير تفتيش فإنه غش


وقد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول في معنى حديث ”
إن الله تعالى ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر”: هذا الرجل يتعلم العلم رياء وسمعة فيعلم الناس أمور دينهم ويفقههم ويحرسهم وينصر الدين إذا ضعف جانبه، ثم يدخله الله تعالى بعد ذلك النار لعدم إخلاصه." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 12:58 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:



"-
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نرجو من فضل ربنا الوفاء وأن نخلص النية لله تعالى في علمنا وعملنا وسائر أحوالنا، ونخلص سائر الشوائب، حتى من شهود الإخلاص ومن حضور استحقاقنا ثوابا على ذلك، وإن خطر لنا طلب ثواب شهدناه من باب المنة والفضل، ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى سلوك طريق القوم على يد شيخ صادق متبحر في علوم الشريعة بحيث يقرر مذاهب الأئمة الأربعة وغيرها، ويعرف أدلتها ومنازع أقوالها ويقف على أم الكتاب التي يتفرع منها كل قول

فيشتغل من يريد الإخلاص في أعماله بذكر الله عز وجل، حتى ترق حجب بشريته ويدخل حضرة الإنسان التي يعبد الله تعالى فيها كأنه يراه، وهناك يشهد العمل كله خلقا لله عز وجل ليس للعبد فيه مدخل إلا كونه محلا لبروز ذلك العمل لا غير، لأن الأعمال أعراض، والأعراض لا تظهر إلا في الجسم، وهناك يذهب من العبد الرياء والكبر والعجب وسائر الآفات لأن هذه الآفات إنما تجيء للعبد من شهود كونه فاعلا لذلك العمل مع غفلته عن شهود الخلق له، ومعلوم أنه لا يصح الرياء والتكبر والعجب من العبد بعمل غيره أبدا، وما رأينا أحدا نام إلى الصباح وأصبح يرائي أو يعجب أو يتكبر بفعل جاره القائم طول الليل أبدا فعلم أن من لم يصل إلى دخول حضرة الإحسان ويشهد أعماله كلها خلقا لله تعالى كشفا ويقينا لا ظنا ولا تخمينا فهو معرض للوقوع في الرياء ولو حفظ ألفي كتاب.


فاطلب يا أخي شيخا صادقا إن طلبت الترقي إلى مقام الإخلاص، ولا تسأم من طول طلبك له، فإنه أعز من الكبريت الأحمر، فإنه من أقل شروطه التورع عن أموال الولاة، وأن لا يكون له معلوم في بيت المال ولا مسموح ولا هدية من كشف ولا شيخ عرب ولا شيخ بلد بل يرزقه الله تعالى من حيث لا يحتسب، ويستخلص له الحلال الصرف من بين فرث الحرام، ودم الشبهات،


وإلا فقد أجمع أشياخ الطريق كلهم على أن من أكل الحرام والشبهات لا يصح له إخلاص في عمل، لأنه لا يخلص إلا إن دخل في حضرة الإحسان، ولا يدخل حضرة الإحسان إلا المطهر من سائر النجاسات الباطنة والظاهرة، لأن مجموع أهل هذه الحضرة أنبياء وملائكة وأولياء، وهؤلاء من شروطهم العصمة والحفظ من تناول الحرام والشبهات، فكل شيخ لم يصح له الحفظ في نفسه فهو عاجز عن توصيل غيره إلى تلك الحضرة، اللهم إلا أن يمن الله تعالى على بعض المريدين بالجذب دون السلوك المعهود فذلك لا مانع منه، فعلم أنه يجب على كل طالب علم لم يصل إلى الإخلاص أن يتخذ له شيخا يعلمه طريق الوصول إلى درجة الإخلاص، من باب: ما لا يتم الواجب فهو واجب قال تعالى:
{وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}.

أي يقيموا الصلاة من العوج كالغفلة عن الله تعالى فيها، ويؤتوا الزكاة يعني بلا علة ثواب ولا خوف عقاب بل امتثالا لأمر الله تعالى كالوكيل في مال موكله." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى....


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:00 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

"وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: من أقل درجات الإخلاص أن يكون في أعماله كالدابة المحملة، فهي تعبانة من ثقل أحمالها منكسة الرأس لا تعلم بنفاسة ما هي حاملته ولا بخسته ولا تعلم هو لمن، ولا إلى أين ينتهي حملها ولا ترى لها بذلك فضلا على غيرها من الدواب، ولا تطلب على حملها أجرا.

وسمعته يقول:إذا راءى العبد بعلمه وعمله حبط عمله بنص الكتاب والسنة، وإذا حبط عمله فكأنه لم يعمل شيئا قط فكيف يرى نفسه بذلك على الناس مع توعده بعد الإحباط بالعذاب الأليم، فلينتبه طالب العلم لمثل ذلك


قلت: وكذلك ينبغي للفقير المنقطع في كهف أو زاوية أن يتفقد نفسه في دعواها الإخلاص والانقطاع إلى الله تعالى، فإن رآها تستوحش من ترك تودد الناس إليها وغفلتهم عنها فهو كاذب في دعواه الانقطاع إلى الله تعالى، فإن الصادق يفرح إذا غفل عنه الناس ونسوه فلم يفتقدوه بهدية ولا سلام، ويفرح إذا انقلب أصحابه كلهم عنه واجتمعوا بشيخ آخر مرشد، كما بسطنا الكلام على ذلك في كتاب [عهود المشايخ]. والله أعلم.


- روى أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، قال المنذري: وهذا حديث حسن صحيح عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، فقال:
أوصيكم بتقوى الله والعمل والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي مجدع الأطراف؛ فإن من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

ومعنى (عضوا عليها بالنواجذ) أي اجتهدوا على وجه السنة لا على وجه البدعة، والزموا السنة واحرصوا عليها، كما يلزم العاض على الشيء بنواجذه خوفا من ذهابه وتفلته، والنواجذ: هي الأنياب وقيل هي الأضراس.


وروى ابن أبي الدنيا والحاكم وقالا صحيح الإسناد مرفوعا:
من أكل طيبا وعمل في سنة وأمن الناس بوائقه دخل الجنة. قالوا: (يا رسول الله إن هذا اليوم في أمتك كثير ) قال: وسيكون في قوم بعدي. يعني قلائل.

وروى البيهقي مرفوعا:
من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد.

وروى الحاكم وقال صحيح الإسناد على شرط الشيخين مرفوعا:
الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:01 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

"وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قبل الحجر الأسود وقال إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك.

وروى ابن ماجه وابن حبان في صحيحيهما عن معاوية بن قرة عن أبيه قال:
(لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط فبايعناه وإنه لمطلق الأزرار). قال عروة بن عبدالله فما رأيت معاوية ولا ابنه قط في شتاء أو صيف إلا مطلق الأزرار، وفي رواية إلا مطلقة أزرارهما.

وروى ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي عن زيد بن أسلم قال:
رأيت ابن عمر يصلي محلولة أزراره، فسألته عن ذلك فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.

وروى الإمام أحمد والبزار عن مجاهد وغيره قال:
كنا مع ابن عمر في سفر فمر بمكان فحاد عنه، فسئل لم فعلت ذلك فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا ففعلته. وقوله حاد: أي تنحى عنه وأخذ يمينا أو شمالا.

وروى البزار عن ابن عمر
أنه كان يأتي شجرة بين مكة والمدينة فيقيل تحتها ويخبر أن النبي كان يفعل مثل ذلك.

وروى الإمام أحمد وغيره أن ابن عمر
أناخ راحلته في مكان فقضى حاجته، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته في ذلك المكان، وقال أحببت أن أقضي حاجتي في موضع قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته.

قلت: وإنما تبع ابن عمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لأن الكمل يستحيون من الأرض إذا قضوا عليها الحاجة خوفا أن تكون تلك البقعة مشرفة لا تصلح لقضاء الحاجة فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك قال في نفسه لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم أن تلك البقعة تصلح لذلك ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.


قال الحافظ: والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في اتباعهم له واقتفائهم سننه كثيرة جدا. والله أعلم." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:03 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

"- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نتبع السنة المحمدية في جميع أقوالنا وأفعالنا وعقائدنا، فإن لم نعرف لذلك الأمر دليلا من الكتاب والسنة أو الإجماع أو القياس توقفنا عن العمل به، ثم ننظر فإن كان ذلك الأمر قد استحسنه بعض العلماء استأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ثم فعلناه أدبا مع ذلك العالم، وذلك كله خوف الابتداع في الشريعة المطهرة فنكون من جملة الأئمة المضلين، وقد شاورته صلى الله عليه وسلم في قول بعضهم: إنه ينبغي أن يقول المصلي في سجود السهو: سبحان من لا ينام ولا يسهو، فقال صلى الله عليه وسلم هو حسن، ثم لا يخفي أن الاستئذان لرسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بحسب المقام الذي فيه العبد حال إرادته الفعل، فإن كان من أهل الاجتماع به صلى الله عليه وسلم يقظة ومشافهة كما هو مقام أهل الكشف استأذنه كذلك وإلا استأذنه بالقلب وانتظر ما يحدثه الله تعالى في قلبه من استحسان الفعل أو الترك.

وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: ليس مراد الأكابر من حثهم على العمل على موافقة الكتاب والسنة إلا مجالسة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك الأمر لا غير فإنهم يعلمون أن الحق تعالى لا يجالسهم إلا في عمل شرعه هو ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما ما ابتدع فلا يجالسهم الحق تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم فيه أبدا وإنما يجالسون فيه من ابتدعه من عالم أو جاهل، فعلم أنه ليس قصد أهل الله تعالى بعبادتهم حصول ثواب ولا غيره في الآخرة، لأنهم في الدارين عبيد والعبد لا يملك شيئا مع سيده في الدنيا والآخرة إنما يأكل ويلبس ويتمتع بمال سيده وسداه ولحمته من نعمته، ولو أن الحق تعالى أعطاه شيئا لوجب عليه التبري به إلى ربه، ولا يجوز له أن يشهد ملكه له طرفة عين، فلهذا المشهد خرجوا في جميع عباداتهم عن العلل النفسية فرضوا عن ربهم رضا مطلقا ورضي عنهم رضا مطلقا:
{ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}

واعلم يا أخي أن من تحقق بالعمل بهذا العهد صار من رؤوس أهل السنة والجماعة في عصره، ومن لم يلقبه بذلك فقد ظلمه، ولا أعلم الآن أحدا في مصر تحقق بالعمل بهذا العهد وتقيد في أقواله وأفعاله وعقائده بالكتاب والسنة إلا بعض أفراد من العلماء، كالشيخ عبدالرحمن التاجوري المغربي وأضرابه رضي الله عنهم أجمعين.


قلت: وقد من الله تعالى علي بالعمل به في بعض أقوالي وأفعالي، فكذب والله وافترى من نسبني إلى البدعة المخالفة لجمهور أهل السنة والجماعة، فإن هذا ما هو نفس مبتدع، اللهم إلا أن يريد الابتداع في شيء من المباحات في الشريعة بحكم العمومات فهذا لا يحرج عليه في ذلك، لأن هذا الأمر قل من سلم منه من العلماء فضلا عن غيرهم كما هو مشاهد، فاعلم ذلك واحم سمعك وبصرك في حق العلماء، ولا تصغ إلى قول حاسد لهم قط إلا إن اجتمعت بأحدهم وفاوضته في الكلام في تلك البدعة، فإذا رأيته متخلقا بها وعرفته بأنها بدعة وصمم على العمل بها فهناك حذر الناس منه شفقة عليه وعلى المسلمين، حتى لا يقع أحد منهم في إثم لا المبتدع ولا من تبعه،


وإياك أن تحذر من اتباع أحد من العلماء بقول أحد من حسادهم من غير اجتماع به فربما يكون بريئا مما نسب إليه، فيكون عليك إثم قاطع الطريق على المريدين لاتباع الشريعة، فإنك حينئذ تحذر من اتباع السنة المحمدية، وهذا واقع كثيرا في الأقران في هذا الزمان، فترى كل واحد يحذر الناس عن الآخرة وكل منهما يزعم أنه من أهل الطريق السنة والجماعة، فيختل الأمر إلى عدم الاقتداء بواحد منهما، فالله يحمينا وأصحابنا من مثل ذلك بمنه وكرمه آمين." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:04 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

"وكان سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه يقول: لا تكمل عبادة فقير حتى يصير يشاهد الشرع في كل عبادة عملها، يعني يعملها بحضرته على الكشف والمشاهدة، لا على الإيمان والحجاب، ثم قال: فإن قال قائل ما دليلك على ذلك قلنا له قد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في واقعة من الوقائع فقلت له يا رسول الله ما حقيقة متابعتك في العمل على موافقة شريعتك، فقال: هي أن تعمل العمل مع شهودك للشرع حال العمل وبعد العمل.

ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى الإحاطة بأدلة جميع المذاهب المستعملة والمندرسة وأقوال علمائها حتى لا يكاد يخفى عليه دليل من أدلتهم ولا قول من أقوالهم في مأمور به أو منهي عنه أو مباح،


ثم بعد ذلك لا بد له من شيخ صالح يسلم إليه نفسه يتصرف فيها بالرياضات والمجاهدات حتى يزيل عنه سائر الصفات المذمومة ويحليه بالصفات المحمودة ليصلح لمجالسة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فإن غالب الناس قد ادعوا مجالسة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم مع تلطخهم بالقاذورات المانعة من دخول حضرة الله وحضرة رسوله فازدادوا مقتا وطردا


فاعمل يا أخي على جلاء مرآة قلبك من الصدأ والغبار، وعلى تطهرك من سائر الرذائل حتى لا يبقى فيك خصلة واحدة تمنعك من دخول حضرة الله تعالى، أو حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أكثرت من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم فربما تصل إلى مقام مشاهدته صلى الله عليه وسلم، وهي طريق الشيخ نور الدين الشوني، والشيخ أحمد الزواوي، والشيخ محمد بن داود المنزلاوي، وجماعة من مشايخ اليمن، فلا يزال أحدهم يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكثر منها حتى يتطهر من كل الذنوب، ويصير يجتمع به يقظة أي وقت شاء ومشافهة،
ومن لم يحصل له هذا الاجتماع فهو إلى الآن لم يكثر من الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الإكثار مطلوب ليحصل له هذا المقام." اهـ.


يتبع إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:06 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 


الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:



"وأخبرني الشيخ أحمد الزواوي أنه لم يحصل له الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة حتى واظب الصلاة عليه سنة كاملة يصلي كل يوم وليلة خمسين ألف مرة، وكذلك أخبرني الشيخ نور الدين الشوني أنه واظب على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا سنة كل يوم يصلي ثلاثين ألف صلاة.

وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لا يكمل عبد في مقام العرفان حتى يصير يجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم أي وقت شاء، قال: وممن بلغنا أنه كان يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة ومشافهة من السلف، الشيخ أبو مدين شيخ الجماعة، والشيخ عبدالرحيم القناوي، والشيخ موسى الزولي، والشيخ أبو الحسن الشاذلي، والشيخ أبو العباس المرسي، والشيخ أبو السعود بن أبي العشائر، وسيدي إبراهيم المتبولي، والشيخ جلال الدين الأسيوطي، كان يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واجتمعت به نيفا وسبعين مرة.


وأما سيدي إبراهيم المتبولي فلا يحصى اجتماعه به لأنه كان في أحواله كلها ويقول: ليس لي شيخ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وكان الشيخ أبو العباس المرسي يقول: لو احتجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ما عددت نفسي من جملة المؤمنين.

واعلم أن مقام مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم عزيزة جدا، وقد جاء شخص إلى سيدي علي المرصفي وأنا حاضر فقال: يا سيدي قد وصلت إلى مقام صرت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة أي وقت شئت، فقال له: يا ولدي بين العبد وبين هذا المقام مائتا ألف مقام؛ وسبعة وأربعون ألف مقام، ومرادنا تتكلم لنا يا ولدي على عشر مقامات منها، فما درى ذلك المدعي ما يقول وافتضح فاعلم ذلك.
{والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}"اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى....


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:06 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:



"- روى مسلم والنسائي وابن ماجه وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه قوم من مضر مجتابي النمار، أي لابسي العباء الصوف المخطط، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال:
({يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة} إلى قوله {إن الله كان عليكم رقيبا} والآية التي في الحشر {اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد}.

تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع تمر من صاع بر حتى قال ولو بشق تمرة). قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت فتتابع الناس حتى صار كومين من طعام وثياب حتى تهلل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء) الحديث.

وفي رواية للإمام أحمد والحاكم وابن ماجه وغيرهم مرفوعا:
(من سن خيرا فاستن به كان له أجره ومثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء) الحديث.

وفي رواية للطبراني مرفوعا:
(من سن حسنة فله أجرها ما عمل بها عامل في حياته وبعد مماته حتى تترك) الحديث.

وروى ابن ماجه والترمذي مرفوعا وقال حديث حسن:
(من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيء، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيء).

ومعنى لا يرضاها الله ورسوله: أي لا يشهد لها كتاب ولا سنة بالصحة.


وروى ابن ماجه والترمذي وغيرهما مرفوعا:
(إن لهذا الخير خزائن ولتلك الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر). والله تعالى أعلم." اهـ.


يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:08 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:



"- (
أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نكون في أعمال الخير من أهل الرعيل الأول فنبدأ بفعل الخير قبل الناس مسارعة للخير ويستن بنا الناس، وذلك كما إذا رأينا إنسانا يسأل الناس ولا أحد يعطيه شيء فنعطيه أمام الناس تحريضا لهم على العطاء ولا نعطيه سرا، وكذلك نحرص على أن نقوم من الليل من أول ما يقع التجلي: (وينادي الحق تعالى هل من سائل فأعطيه سؤله، هل من مستغفر فأغفر له، هل من مبتلى فأعافيه).

إلى آخر ما ورد في ذلك من أول الثلث الأخير من الليل في أغلب التجليات التي كان صلى الله عليه وسلم يتهجد وقتها، كما أشار إليه قوله تعالى:
{إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه}.

وذلك ليتأسى بنا إخواننا وجيراننا، فربما قام أحدهم يتهجد حين يرانا فيكتب لنا وله الأجر


ومن هذا الباب أيضا إظهار التصبر على البلايا والمحن في هذا الزمان ليتأسى الناس بنا في الصبر وعدم التسخط، فإن رأينا الصبر بلغ حده أظهرنا الضعف حتى يرتفع كما وقع لأيوب عليه السلام، فعلم أنه ينبغي لكل عامل أن يستر عمله ما استطاع إلا في محل يقتدي به في فعله وفي كيفيته. والله أعلم.


وسمعت سيدي عليا الخواص رضي الله عنه يقول
: لا ينبغي إظهار الأعمال إلا للأكابر من العلماء والصالحين الغواصين على دسائس النفوس، وأما أمثالنا فربما يظهر الواحد منا أعماله رياء وسمعة وتلبس عليه نفسه وتقول له أنت بحمد الله من المخلصين، وإنما تظهر هذه العبادة ليقتدي بك الناس فينبغي لمثل هذا أن يمتحن نفسه بما لو جاء أحد يفعل ذلك الخير وتنقاد الناس له مثله أو أكثر منه، فإن انشرح لذلك فهو مخلص، وإن انقبض خاطره فهو مراء دق المطرقة، ولو أنه كان مخلصا لفرح بذلك أشد الفرح الذي قيض الله تعالى له من كفاه المؤونة [أي كفاه مشقة تعليم هؤلاء]، ثم إن قالت له نفسه إنما تشوشت لفوات الخير العظيم الذي كان يحصل لك من حيث هو خير فليقل لها إني معتمد على فضل الله لا على الأعمال، فإن دخلت الجنة فإنما هو برحمة الله تعالى لا بعملي، فينبغي للعبد أن لا يصغي لدعوى نفسه في الإخلاص وليمتحن الشيخ أو المدرس نفسه بما إذا فرت جماعته كلهم منه إلى شخص من أقرانه وبقي وحده لا يجد أحدا يتمشيخ عليه، فإن انشرح لذلك فهو مخلص وإن حصل في نفسه حزازة فالواجب عليه أن يتخذ له شيخا يخرجه من ظلمات الرياء وإلا مات عاصيا وذهب إلى الآخرة صفر اليدين من الخير، لأن الله تعالى لم يقبل له عملا.

وسمعته أيضا يقول: ينبغي للعامل إذا درس في مثل جامع الأزهر أن يحرر نيته قبل ذلك، ولو مكث سنين بلا إقراء حتى يجد له نية صالحة وذلك لغلبة دخول الأكابر الذين تميل النفوس إلى مراآتهم من الأمراء والأغنياء إلى الجامع " اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:09 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

"وكان النووي إذا درس في المدرسة الأشرفية بدمشق يوصي الطلبة أن لا يجيئوا دفعة واحدة خوفا من كبر الحلقة. وكان إذا درس جلس في عطفة المسجد ويقول: إن النفس تستحلي رؤية الناس لها وهي تدرس في صحن المسجد أو صدره. وبلغه يوما وهو يدرس في جامع بني أمية أن الملك الظاهر عازم على الصلاة في الجامع فترك التدريس وحضور المسجد ذلك اليوم. فإياك يا أخي أن تعقد لك مجلس علم أو ذكر الله تعالى أو صلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث يراك الناس إلا أن تكون سالما من هذه العلل والآفات.

وقد حضرت مرة الشيخ العالم العامل شمس الدين اللقاني مفتي المالكية بالجامع الأزهر وهو يقول لشيخنا الشيخ نور الدين الشوني شيخ مجلس الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(والله يا أخي إني خائف عليك من تصدرك في الجامع في هذا المجلس ليلة الجمعة ويومها والأمراء والأكابر ينظرون إليك، ويعتقدونك على ذلك ويقولون شيء لله المدد، فربما مالت نفسك إلى حب فرحها بذلك فخسرت الدنيا والآخرة.

وسمعته مرة أخرى يقول:
إذا فرغ الناس من صلاة الجمعة فاصبر على قراءة سورة الكهف حتى ينفض الناس، ثم اشرع في القراءة فإن النفس تستحلي رؤية الناس لها في ذلك المحفل العظيم.

فاعلم يا أخي ذلك واعمل به وبهدى هدى الصادقين اقتد والله يتولى هداك.


- روى الشيخان وغيرهما مرفوعا: < وروى البزار والطبراني مرفوعا:
إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين وألهمه رشده.

وروى الطبراني مرفوعا:
أفضل العبادات الفقه وأفضل الدين الورع.

وروى الطبراني والبزار بإسناد حسن مرفوعا:
فضل العلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الورع.

وروى الطبراني مرفوعا:
قليل العلم خير من كثير العبادة وكفى بالمرء فقها إذا عبد الله وكفى بالمرء جهلا إذا عجب برأيه.

ورواه البيهقي بإسناد حسن صحيح من قول مطرف بن عبدالله بن الشخير رضي الله عنه.


وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم مرفوعا:
من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة. وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه في صحيحه مرفوعا إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر.

وروى ابن ماجه وغيره مرفوعا:
طلب العلم فريضة على كل مسلم وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب.

وروى الطبراني مرفوعا:
من جاء أجله وهو يطلب العلم لقي الله ملم يكن بينه وبين النبيين إلا درجة النبوة.

وروى ابن ماجه بإسناد حسن عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله تعالى خير لك من أن تصلي مائة ركعة، ولأن تغدو فتعلم بابا من العلم عملت به أو لم تعمل به خير لك من أن تصلي ألف ركعة).

وروى الخطيب بإسناد حسن مرفوعا:
العلم علمان: علم في القلب فذلك العلم النافع وعلم في اللسان وذلك حجة الله على ابن آدم.

وروى الديلمي في مسنده وأبو عبدالرحمن السلمي في الأربعين التي له في التصوف والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العلماء بالله تعالى فإذا نطقوا به لا ينكره إلا أهل الغرة بالله عز وجل).

والأحاديث في ذلك كثيرة. والله تعالى أعلم." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي....


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:20 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن ندمن مطالعة كتب العلم وتعليمه للناس ليلا ونهارا ما عدا العبادات المؤقتة والحوائج الضرورية.

ومذهب إمامنا الشافعي رضي الله عنه
أن طلب العلم على وجه الإخلاص أفضل من صلاة النافلة. واعلم أن الشارع صلى الله عليه وسلم ما نوع العبادات المتفاضلة في الأجر إلا لعلمه صلى الله عليه وسلم بحصول الملل للعاملين ولو في الأمور الواجبة، فإذا حصل الملل فيها انتقلوا إلى واجب آخر أو إلى ذلك الأمر المفضول، فإذا حصل الملل منه كذلك انتقلوا لمفضول آخر أو فاضل أو أفضل ما لم يجدوا في نفوسهم مللا فيه، فعلم أن سبب تنوع المأمورات إنما هو وجود الملل فيها إذا دامت، فلو تصور أن إنسانا لم يمل من الواجبات أو مما هو أفضل لأمره صلى الله عليه وسلم بملازمتها وترك الأمور المفضولة جملة، لأنه ما تقرب المتقربون إلى الله تعالى بمثل أداء ما افترضه عليهم، ولكن لما كان يحصل لهم من الملل في الواجبات حتى لا يبقى في نفس العامل داعية ولا خشوع ولا لذة بتلك العبادات كان العمل المفضول الذي له فيه داعية ولذة وخشوع أتم وأكمل

وقد كان الإمام الشافعي رضي الله عنه
يقسم الليل ثلاثة أجزاء، جزءا ينام فيه، وجزءا يطالع الحديث ويستنبط وجزءا يتهجد فيه. وكان يقول: (لولا مذاكرة الإخوان في العلم والتهجد في الليل ما أحببت البقاء في هذه الدار). فعلم أنه لا ينبغي لطالب العلم أن يكب على مطالعة العلم ليلا ونهارا إلا إذا صلحت النية فيه، ولم يقم أحد مقامه في بلده أو إقليمه فإن دخل بيته حب رياسة أو طلب دنيا أو قام أحد مقامه في نشر العلم فالاشتغال بكل ما صلحت فيه النية من الطاعات أولى، وسيأتي في العهود قريبا أن من جملة العمل بالعلم توبة العبد واستغفاره إذا وقع في معصية، فإنه لولا العلم ما عرف أنها معصية، ولا تاب منها فتأمل.

وقد قال داود الطائي رحمه الله تعالى
: طالب العلم كالمحارب فإذا أفنى عمره في تعليم كيفية القتال فمتى يقاتل فمن عقل العاقل أنه كلما رأى نفسه عملت بكل ما علم واحتاجت للعلم أن يقدمه على سائر الطاعات التي لم يأمره الشارع بتقديمها عليه، وكلما رأى نفسه مستغنية عن العلم وعلمها زائد على حاجتها أن يقدم غيره عليه كما كان عليه السلف الصالح فلابد لكل إنسان من العلم والعمل والاشتغال بواحد منهما دون الآخر نقص.
واعلم أن جميع ما ورد في فضل العلم وتعليمه إنما هو في حق المخلصين في ذلك فلا تغالط في ذلك فإن الناقد بصير." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى....


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:21 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

"وقد وقع لنا مع المجادلين نزاع كثير في ذلك، فإنا نراهم متكالبين على الدنيا ليلا ونهارا مع دعواهم العلم وتعظيمهم نفوسهم بالعلم والجدال من غير أن يعرجوا على العمل بما علموا ويستدل أحدهم بما ورد في فضل العلم وينسى الأحاديث التي جاءت في ذم من لم يعمل بعلمه جملة واحدة، وهذا كله غش للنفس، وفي القرآن العظيم: {ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلا}.

فاسلك يا أخي على يد شيخ يخرجك من هذه الرعونات والظلمات والدعاوي وتصير تبكي على تفريطك في الأعمال حتى يصير لك خطان أسودان في وجهك من سيلان الدموع وإن لم تسلك كما ذكرنا فيطول تعبك في الآخرة، ويا خسارة تعبك في تحصيلك للدنيا.


وقد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول في معنى حديث:
(إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر). ومعناه أن الناس ينتفعون بعلم الفاجر وتعليمه وإفتائه وتدريسه حتى يكون في الصورة كالعلماء العاملين، ثم يدخله الله بعد ذلك في النار لعدم إخلاصه كما مر قريبا، نسأل الله اللطف فاعلم ذلك والله يتولى هداك.

- تقدم حديث مسلم وغيره مرفوعا:
من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله تعالى له به طريقا إلى الجنة.

وروى الترمذي وصححه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد واللفظ لابن ماجه مرفوعا:
ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع.

وروى الطبراني بإسناد مرفوعا لا بأس به:
من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلم كان له كأجر حاج تاما حجه.

والأحاديث في ذلك كثيرة. والله تعالى أعلم." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:22 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

"- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) إذا لم نجد أحدا نتعلم منه العلم الشرعي في بلدنا أن نسافر إلى بلد فيها العلم، وهي هجرة واجبة علينا إذا، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهذا العهد قد أخل به كثير من الخلق، وماتوا على جهلهم، مع أن العلماء في بلدهم وربما كانوا جيرانا لهم. وقد قال العلماء: من صلى جاهلا بكيفية الوضوء والصلاة يعني أو غيرهما لم تصح عبادته وإن وافق الصحة فيها، ويؤيده الحديث الصحيح مرفوعا: كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد.

فمن صلى ونكح وباع وصام وحج على حسب ما يرى الناس يفعلون فقط فعبادته فاسدة، وتأمل من كان عنده شك لما يسأله منكر ونكير عن دينه وعن نبيه صلى الله عليه وسلم، فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، كيف يضربانه بمزربة لو ضرب بها جبل لهدم كما ورد، تعرف أن الشارع فرض عليك معرفة مراتب العبادات، وأنه لا يكفيك أن تتبع الناس على فعلهم من غير معرفة.
{والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}.

- روى أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه مرفوعا: (
نضر الله امرأ). وفي رواية ابن حبان: (رحم الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع).

ومعنى نضر الله: الدعاء بالنضارة، وهي النعمة والبهجة والحسن، تقديره جمله الله وزينه بالأخلاق الحسنة والأعمال المرضية، وقيل غير ذلك.


وفي رواية للطبراني مرفوعا:
(فربما حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه).

وفي رواية له أيضا مرفوعا:
(اللهم ارحم خلفائي قالوا يا رسول الله وما خلفاؤك قال الذين يأتون من بعدي يروون أحاديثي ويعلمونها للناس).

قال الحافظ عبدالعظيم رحمه الله: وناسخ العلم النافع له أجره، وأجر من قرأه أو نسخه أو عمل به من بعده ما بقي خطه والعمل به لحديث مسلم مرفوعا:
(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به). الحديث.

قال: وأما ناسخ غير العلم النافع مما يوجب الإثم عليه فعليه وزره ووزر من قرأه أو نسخه أو عمل به من بعده ما بقي خطه والعمل به كما يشهد له الحديث:
(ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها).

وذلك كعلوم السحر والبراهمة وعلم جابر المبدل ونحوها، مما يضر صاحبه في الدنيا والآخرة.


وروى الطبراني وغيره مرفوعا:
(من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب). والله أعلم." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:23 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبععد:

"- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نسمع الناس الحديث ألا كل قليل ونبلغه إلى البلاد التي ليس فيها أحاديث، وذلك بكتبنا كتب الحديث وإرسالها إلى بلاد الإسلام.

وقد كتبت بحمد الله كتابا جامعا لأدلة المذاهب وأرسلته مع بعض طلبة العلم إلى بلاد التكرور حين أخبروني أن كتب الحديث لا تكاد توجد عندهم إنما عندهم بعض كتب المالكية لا غير، وأرسلت نسخة أخرى إلى بلاد المغرب، كل ذلك محبة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وعملا على مرضاته صلى الله عليه وسلم.


وكان سفيان الثوري وابن عيينة وعبدالله بن سنان يقولون:
لو كان أحدنا قاضيا لضربنا بالجريد فقيها لا يتعلم الحديث ومحدثا لا يتعلم الفقه.

وفي كتابة الحديث وإسماعه للناس فوائد عظيمة، منها عدم اندراس أدلة الشريعة، فإن الناس لو جهلوا الأدلة جملة والعياذ بالله تعالى لربما عجزوا عن نصرة شريعتهم عند خصمهم، وقولهم: إنا وجدنا آباءنا على ذلك. لا يكفي، وماذا يضر الفقيه أن يكون محدثا يعرف أدلة كل باب من أبواب الفقه.


ومنها تجديد الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حديث، وكذلك تجديد الترضي والترحم على الصحابة والتابعين من الرواة إلى وقتنا هذا.


ومنها وهو أعظمها فائدة الفوز بدعائه صلى الله عليه وسلم لمن بلغ كلامه إلى أمته في قوله:
(نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها).

ودعاؤه صلى الله عليه وسلم مقبول بلا شك إلا ما استثنى كعدم إجابته صلى الله عليه وسلم في أن الله تعالى لا يجعل بأس أمته فيما بينهم، كما ورد.


وقوله أداها كما سمعها، يفهم أن ذلك الدعاء إنما هو خاص بمن أدى كلامه صلى الله عليه وسلم كما سمعه حرفا بحرف بخلاف من يؤديه بالمعنى، فربما لا يصيبه من ذلك الدعاء شيء،
ومن هنا كره بعضهم نقل الحديث بالمعنى وبعضهم حرمه. {والله غفور رحيم}.

روى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا:
إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا يا رسول الله، وما رياض الجنة، قال: مجالس العلم. قال وفي سنده راو لم يسم.

وفي رواية له أيضا عن ابن أمامة مرفوعا أن لقمان عليه السلام قال لابنه:
يا بني عليك بمجالسة العلماء واسمع كلام الحكماء، فإن الله تعالى ليحي القلب الميت بنو الحكمة كما يحي الأرض الميتة بوابل المطر. قال الحافظ العبدري: ولعل هذا الحديث موقوف.

وروى أبو يعلي ورواته رواة الصحيح إلا واحدا عن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله أي جلسائنا خير: قال
من ذكركم الله رؤيته وزاد في علمكم منطقه وذكركم بالآخرة علمه. والله تعالى أعلم. 'اهـ.



يتبع مع العهد التالي إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:25 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:

"- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نخلي نفوسنا من مجالسة العلماء ولو كنا علماء، فربما أعطاهم الله من العلم ما لم يعطنا، وهذا العهد يخل بالعمل به كثير من الفقهاء والصوفية، فيدعون أن عندهم من العلم ما عند جميع الناس، بل سمعت بعضهم يقول لما لمته على عدم التردد للعلماء، والله لو علمت أن أحدا في مصر عنده علم زائد على ما عندي لخدمت نعاله، ولكن بحمد الله تعالى قد أعطانا الله تعالى من العلم ما أغنانا به عن الناس، وهذا كله جهل بنص الشارع كما سيأتي في قوله صلى الله عليه وسلم: من قال إني عالم فهو جاهل.

وفي قصة موسى مع الخضر عليهما السلام كفاية لكل معتبر. فاجتمع يا أخي في كل قليل على العلماء واغتنم فوائدهم، ولا تكن من الغافلين عنهم فتحرم بركة أهل عصرك كلهم لكونك رأيت نفسك أعلى منهم أو مساويا لهم، فإن الإمدادات الإلهية من علم أو غيره حكمها حكم الماء، والماء لا يجري إلا في السفليات، فمن رأى نفسه أعلى من أقرانه لم يصعد له منهم مدد، ومن رأى نفسه مساويا لهم فمددهم واقف عنه كالحوضين المتساويين، فما بقي الخير كله إلا في شهود العبد أنه دون كل جليس من المسلمين لينحدر له المدد منهم كما أوضحنا ذلك في أول عهود المشايخ. {والله عليم حكيم}


- روى البخاري:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين في قتلى أحد يعني في القبر ثم يقول أيهما أكثر أخذا للقرآن فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد.

قلت: ومعنى كونه أكثر أخذا للقرآن، أي أكثر عملا به من قيام ليل واجتناب نهى ونحو ذلك.


وروى الطبراني والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم مرفوعا:
البركة مع أكابركم.

وروى الإمام أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه مرفوعا:
ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير.

وفي رواية للإمام أحمد والطبراني والحاكم مرفوعا:
ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه. وفي رواية: ويعرف شرف كبيرنا.

وروى الطبراني مرفوعا:
تواضعوا لمن تعلمون منه.

وروى الطبراني أيضا مرفوعا:
ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام، وذو العلم والإمام المقسط. الحديث.

وروى الإمام أحمد والطبراني بإسناد حسن عن عبدالله بن بشر قال: سمعت حديثا منذ زمان:
(إذا كنت في قوم عشرون رجلا أو أقل أو أكثر فتصفحت وجوههم فلم تر فيهم رجلا يهاب في الله عز وجل فاعلم أن الأمر قد رق).

وروى الطبراني مرفوعا:
لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خصال فذكر منها وأن يروا ذا علم فيضيعونه ولا يسألون عليه.

والله سبحانه وتعالى أعلم." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي....


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:25 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:


"- (
أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نكرم العلماء ونجلهم ونوقرهم ولا نرى لنا قدرة على مكافأتهم ولو أعطيناهم جميع ما نملك، أو خدمناهم العمر كله، وهذا العهد قد أخل به غالب طلبة العلم والمريدين في طريق الصوفية الآن حتى لا نكاد نرى أحدا منهم يقوم بواجب حق معلمه، وهذا داء عظيم في الدين مؤذن باستهانة العلم وبأمر من أمرنا بإجلال العلماء صلى الله عليه وسلم، فصار أحدهم يفخر على شيخه حتى صار شيخه يداهنه ويمالقه حتى يسكت عنه، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وقد بلغنا عن الإمام النووي أنه دعاه يوما شيخه الكمال الإربلي ليأكل معه، فقال يا سيدي أعفني من ذلك. فإن لي عذرا شرعيا فتركه، فسأله بعض إخوانه ما ذلك العذر فقال أخاف أن تسبق عين شيخي إلى لقمة فآكلها وأنا لا أشعر.


وكان رضي الله عنه إذا خرج للدرس ليقرأ على شيخه يتصدق عنه في الطريق بما تيسر ويقول اللهم استر عني عيب معلمي حتى لا تقع عيني له على نقيصة ولا يبلغني عنه عن أحد رضي الله عنه
.

ثم من أقل آفات سوء أدبك يا أخي مع الشيخ أنك تحرم فوائده، فإما بكتمها عنك بغضا فيك وإما أن لسانه ينعقد عن إيضاح المعاني لك، فلا تتحصل من كلامه على شيء تعتمد عليه عقوبة لك، فإذا جاءه شخص من المتأدبين معه انطلق لسانه له لموضع صدقة وأدبه معه، فعلم أنه ينبغي للطالب أن يخاطب شيخه بالإجلال والإطراق وغض البصر كما يخاطب الملوك ولا يجادله قط بعلم استفادة منه في وقت آخر على سبيل التعرف؛ فيقول يا سيدي سمعناكم تقررون لنا أمس خلاف هذا فماذا تعتمدون عليه من التقريرين الآن حتى نحفظه عنكم ونحو ذلك من الألفاظ التي فيها رائحة الأدب، وكذلك ينبغي له أن لا يتزوج امرأة شيخه سواء كانت مطلقة في حياته أو بعد مماته، وكذلك لا ينبغي له أن يسعى على وظيفته أو خلوته أو بيته بعد موته فضلا عن حياته إلا لضرورة شرعية ترجح على الأدب مع الشيخ، وكذلك لا ينبغي أن يسعى على أحد من أصحاب شيخه أو جيرانه فضلا عن أولاده، فإن الواجب على كل طالب أن يحفظ نفسه عن كل ما يغير خاطر شيخه في غيبته وحضوره.


وسيأتي في هذا الكتاب أيضا في أثناء عهود البيع فراجعه، وكذلك بسطنا الكلام بنقول العلماء على ذلك في عهود المشايخ. {والله عزيز حكيم}.


- روى ابن ماجه وابن خزيمة مرفوعا:
إنما يلحق المؤمن من علمه وعمله وحسناته بعد موته علم علمه ونشره.

وروى مسلم وأبو داود والترمذي مرفوعا:
من دل على خير فله مثل أجر فاعله أو قال عامله.

وروى البزار والطبراني مرفوعا:
الدال على خير كفاعله.

وروى مسلم وغيره مرفوعا:
من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا.

وروى الحاكم مرفوعا عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى:
{قوا أنفسكم وأهليكم نارا}. قال: علموا أهليكم الخير. والله تعالى أعلم." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:26 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله،صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:


"- (
أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) إذا لم نعمل بعلمنا أن ندل عليه من يعمل به من المسلمين، وإن لم يكن ذلك يجبر خللنا على التمام فإن من الناس من قسم له العلم ولم يقسم له عمل به، ومنهم من قسم له العلم والعمل به، ومنهم من لم يقسم له واحد منهما كبعض العوام.

وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله تعالى يقول: يتعين على كل من لم يعمل بعلمه أن يعلمه الناس ولمن يرجو عمله به. وسمعته مرة أخرى يقول: ما ثم عالم إلا وهو يعمل بعلمه ولو بوجه من الوجوه، ما دام عقله حاضرا، وذلك أنه إن عمل بالمأمورات الشرعية واجتنب المنهيات فقد عمل بعلمه بيقين إذا رزقه الله الإخلاص فيه، وإن لم يعمل بعلمه كما ذكرنا فيعرف بالعلم أنه خالف أمر الله فيتوب ويندم فقد عمل أيضا بعلمه، لأنه لولا العلم ما اهتدى لكون ترك العمل بالعلم معصية، فالعلم نافع على كل حال ويحمل ما ورد في عقوبة من لم يعمل بعلمه على من لم يتب من ذنبه. وهو كلام نفيس.


وملخص ذلك أنه لا يشترط في كون الإنسان عاملا بعلمه عدم وقوعه في معصية، كما يتبادر إلى الأذهان، وإنما الشرط عدم إصراره على الذنب أو عدم إصراره على الإصرار وهكذا


والله تعالى أعلم." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي.......


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:27 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله، صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:

"-
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نكرم المساجد ولا نقضي الحاجة قريبا من أبوابها في غير الأمكنة المعدة لذلك تعظيما وإجلالا لله تعالى، وهذا العهد يخل به كثير من الناس الذين حوانيتهم قريبة من أبواب المساجد فيتكلفون دخول المساجد إن كانت مطهرته يدخل إلى مجازها منه لأجل خلع نعالهم إذا دخلوا المسجد أو لكونها دورة عليهم، ونحو ذلك وهذا الفعل من أقبح ما يكون، وليتأمل أحدهم إذا أراد أن يدخل قصر السلطان لا يقدر يبول قط على باب قصره هيبة للسلطان وخوفا من خدامه، فالله تعالى أحق بذلك.

وسيأتي زيادة على ذلك في العهد الثالث عشر بعد هذا فراجعه.


وكان سيدي عليا الخواص رحمه الله إذا أراد أن يدخل المسجد يتطهر خارجه أو في بيته، ولا يدخل قط محدثا ليتوضأ في الميضأة التي هي داخل المسجد خوفا أن يدخل محدثا، وكان إذا دخل المسجد يصير يرتعد من الهيبة حتى يقضي الصلاة فيخرج مسرعا ويقول الحمد لله الذي أطلعنا من المسجد على سلامة. فقلت له أنتم بحمد الله في حضور مع الله تعالى داخل المسجد وخارجه. فقال: يا ولدي قد طلب الحق تعالى منا في المسجد آدابا لم يطلبها منا خارجه وانظر إلى نهيه صلى الله عليه وسلم الجالس في المسجد عن تشبيك الأصابع وعن تقليب الحصى ونحو ذلك تعرف ما قلناه، فإن الشارع صلى الله عليه وسلم لم ينهنا عن ذلك في غير المسجد. ورأى رضي الله عنه مرة شخصا من الفقراء يمشي بتاسومة طاهرة في صحن المسجد فزجره ونهاه عن ذلك، وقال تورع في اللقمة أحوط لك." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى...

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:29 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله، صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:



"وقام له شخص مرة في المسجد فزجره زجرا شديدا وقال:(إن العبد إذا عظم في حضرة الله تعالى ذاب كما يذوب الرصاص حياء من الله تعالى أن يشاركه في صورة التعظيم والكبرياء). وكان إذا جاء إلى المسجد لا يتجرأ أن يدخل وحده، بل يصبر على الباب حتى يأتي أحد فيدخل وراْءه تبعا له ويقول:
(المسجد حضرة الله تعالى ولا يبدأ بالجلوس بين يدي الله تعالى قبل الناس إلا المقربون الذين لا خطيئة عليهم، ولا تدنست جوارحهم قط بمعصية أو وقعوا وتابوا منها توبة نصوحا، كالأولياء الذين سبقت لهم العناية الربانية بالولاية الكبرى في عدم العدم، وعلموا بالكشف الصحيح أن الله تعالى قبل توبتهم وبدل سيئاتهم حسنات، بحيث لم يبق عندهم سيئة يستحضرونها، ومتى استحضروها فليعلموا أن توبتهم معلولة لكونها لم تبدل سيئاتهم حسنات، إذ لو بدلت لم يبق لها صورة في الوجود ولا في ذهنهم ولا في الخارج. قال: <<ولست أنا من أحد هذين الرجلين فما لي وللدخول قبل الناس. {والله غفور رحيم}. .


- في بعض طرق حديث جبريل في سؤاله عن الإيمان والإسلام في غير طرق الصحيحين: <<
وأن تغتسل من الجنابة وتتم الوضوء). الحديث. ورواه ابن خزيمة في صحيحه بهذا السياق.

وروى الشيخان مرفوعا:
إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل.

قال الحافظ عبدالعظيم المنذري: وقد قيل إن قوله (فمن استطاع) الخ ليس من كلام النبوة وإنما هو مدرج من كلام أبي هريرة موقوف عليه ذكره غير واحد من الحفاظ." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى...

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:31 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله، صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:



"وروى ابن خزيمة في صحيحه مرفوعا:
(إن الحلية تبلغ من المؤمن مواضع الطهور). وفي رواية (تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء). والحلية: هو ما يتحلى به أهل الجنة من الأساور ونحوها، وكان أبو هريرة رضي الله عنه إذا توضأ مد يده حتى تبلغ إبطه.

وروى ابن ماجه وابن حبان في صحيحه أنهم قالوا: يا رسول الله: كيف تعرف أمتك ممن لم يرك قال:
(إنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين بلقا من آثار الوضوء).

وروى الإمام أحمد بإسناد حسن في المبايعات: أن رجلا قال: (يا رسول الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك) قال:
هم غر محجلون من آثار الوضوء ليس ذلك لأحد غيرهم، قال: (وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وتسعى بين أيديهم أنوارهم).

وروى مسلم ومالك مرفوعا
إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت خطاياه وكل خطيئة مشتها رجلاه مع قطر الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب.

وفي رواية لمسلم وغيره مرفوعا:
من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره.

وفي رواية بإسناد على شرط الشيخين للحاكم مرفوعا:
ما من امرئ يتوضأ فيحسن وضوءه إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها.

وروى البزار بإسناد حسن أن عثمان رضي الله عنه كان يسبغ الوضوء في شدة البرد ويقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(لا يسبغ عبد الوضوء إلا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر).



يتبع إن شاء الله تعالى...

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:36 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله، صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:



"وروى أبو يعلي والبزار والحاكم وقال صحيح الإسناد على شرط مسلم مرفوعا:
إسباغ الوضوء في المكاره وإعمال الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا.

وروى الطبراني مرفوعا:
من أسبغ الوضوء في البرد الشديد كان له كفلان من الأجر.

وروى الإمام أحمد وغيره مرفوعا:
من توضأ ثلاثا فذلك وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي.

- روى أبو داود عن مكحول مرسلا قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال بأبواب المساجد.
والله تعالى أعلم." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي...

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:37 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله، صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:




"-
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نسبغ الوضوء صيفا وشتاء امتثالا لأمر الله، واغتناما للأجر الوارد في ذلك في الشتاء، ولأنه ربما استلذت الأعضاء بالماء البارد في الصيف فيبالغ المتوضئ في الإسباغ لحظ نفسه، فينبغي أن يتنبه المتوضئ لمثل ذلك ويسبغ امتثالا للأمر لا لاستلذاذ الأعضاء بالماء، وهذا سر أمر الشارع لنا بالوضوء ليقول العبد لنفسه إذا استلذ بالماء في الصيف وادعت أنها مخلصة في ذلك إنما هذا لحظ نفسك بدليل نفرتك من إسباغ الوضوء في الشتاء، فلو كان إسباغك الوضوء في الصيف امتثالا لأمر الله لكنت تسبغين ذلك في الشتاء من باب أولى، لأنه وعدك بالأجر عليه أكثر، وهذا الأمر يجري مع العبد في أكثر المأمورات الشرعية فيفعلها العبد بحكم العادة مع غفلته عن امتثال الأمر وعن شهود الشارع، فيفوته معظم الغرض الذي شرعت تلك الطاعة له وهو الفوز بمجالسة الشارع في امتثال أوامره واجتناب نواهيه، فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ ناصح يرشده إلى تخليص العمل لله من حظ النفس. {والله عليم حكيم}.

- روى ابن ماجه بإسناد صحيح والحاكم وقال صحيح على شرطهما وابن حبان في صحيحه مرفوعا:
استقيموا ولن تحصوا أعمالكم، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ عليها إلا مؤمن.

قلت أي مؤمن بأنه في حضرة الله على الدوام، إذ الإيمان يتخصص في كل مكان بحسبه، فإذا جاء عقب قول من ينكر البعث مثلا لا يؤمنون فمعناه لا يؤمنون بالبعث، وإذا جاء ذلك عقب قول من ينكر الحساب، فمعناه لا يؤمنون بيوم الحساب، وهكذا القول في نحو حديث:
لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. " اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى...

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:38 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله، صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:



"أي بأن الله يراه، فلو آمن بأن الله يراه على الكشف والشهود حال الزنا ما قدر على الزنا، فافهم فلا يلزم من نفي الإيمان بشيء من التكاليف مثلا نفي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وغير ذلك، ويحتمل أن يكون المراد نفي سائر صفات الإيمان لكون الإيمان كله كالجزء الواحد إذا انتفى بعضه انتفى كله، كما قالوا في الإيمان بالرسل، أنه إذا لم يؤمن ببعض الرسل لا يصح له إيمان. والله تعالى أعلم.


وروى الطبراني مرفوعا:
حافظوا على الوضوء وتحفظوا من الأرض فإنها أمكم وإنها ليس أحد عاملا عليها خيرا أو شرا إلا وهي مخبرة به.

وروى الإمام أحمد بإسناد حسن مرفوعا:
لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء. يعني ولو كانوا غير محدثين.

وروى ابن خزيمة في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(يا بلال بم سبقتني إلى الجنة إني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي) فقال بلال يا رسول الله: (ما أذنت قط إلا صليت ركعتين، وما أصابني حدث قط إلا توضأت عنده)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا بلغت. ومعنى خشخشتك أمامي أي رأيتك مطرقا بين يدي كالمطرقين بين يدي ملوك الدنيا قاله الشيخ محي الدين في الفتوحات المكية. والله تعالى أعلم.

وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه مرفوعا:
من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات.

قال الحافظ عبدالعظيم رحمه الله وأما الحديث الذي يروى مرفوعا:
الوضوء على الوضوء نور على نور. فلا يحضرني له أصل من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، ولعله من كلام بعض السلف. والله تعالى أعلم." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي...

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:38 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله، صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:



"- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم
) أن نحافظ على دوام الوضوء وعلى تجديده لنكون مستعدين لقبول الواردات الإلهية، فإن صدقته تعالى على عباده لا تنقطع ليلا ولا نهارا، ومن كشف الله تعالى عن بصيرته وجد نفسه جالسا بين يدي الله عز وجل على الدوام، وهذا أمر يتأكد فعله على أكابر العلماء والصالحين، لأن معظم الواردات الإلهية في العلوم الظاهرة والباطنة تنزل عليهم، وقد أغفل ذلك كثير منهم.

وممن رأيته على هذا القدم من أولياء العصر الشيخ محمد بن عنان والشيخ داود والشيخ محمد العدل، ومن أكابر الدولة بمصر، الأمير محي الدين بن أبي الأصبغ، ووالده الأمير يوسف، ومن المباشرين عبدالقادر الزرمكي، ومن التجار جلال الدين بن فاقوسة، ومن العلماء أخي العبد الصالح شمس الدين الشربيني وصاحبه الشيخ صالح السملي، ومن جماعة الوالي الحاج أحمد القواس، حتى إنه سمع شخصا نائما أخرج ريحا في المسجد فامتنع من النوم في المسجد خوفا أن يخرج منه ريح في النوم، فإذا كان هذا يقع من الأمراء وغلمان الوالي فالعلماء والصالحون أولى بالمواظبة على الطهارة.


ورأيت سيدي محمد بن عنان إذا كان في الخلاء وأبطأ عنه ماء الوضوء ضرب بيده على الحائط وتيمم حتى لا يمكث بلا طهارة وإن لم تجز له الصلاة بذلك التيمم.


وقد رأيت الشيخ تاج الدين الذاكر المدفون بزاويته في حارة حمام الدود بمصر كلما يصلي بوضوئه صلاة ما يجدد الوضوء، وكان لا يدخل الخلاء إلا من الجمعة إلى الجمعة وبقية الأسبوع كله على طهارة ليلا ونهارا مع أكله وشربه على حكم عادة الناس، فسألت أصحابه عن ذلك فقالوا: كل شيء نزل جوفه احترق من شدة الحال.


وكان سيدي محمد بن عنان يقلل الأكل جدا حتى لا يدخل الخلاء إلا قليلا ويقول: إن أحدنا مجالس لله على الدوام ولو لم يشعر بذلك، وإذا قال الملك لعبده تهيأ لمجالستي فإني أريد أنك تجالسني ثلاثة أيام مثلا، فمن أدبه أن يستعد لذلك بقلة الأكل والشرب وإلا لزمه أن يقوم من تلك الحضرة الشريفة إلى البول والغائط وهو مكشوف السوءتين والشياطين حوله لا يقربه ملك وهو جالس في مكان نجس على أقبح صورة وأنتن ريح وكذلك بلغنا عن الإمام البخاري أنه كان يقلل الأكل حتى انتهى أكله إلى تمرة أو لوزة في كل يوم من غير ضرر." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:39 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله، صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:



"وكذلك بلغنا عن الإمام مالك، أنه كان يأكل كل ثلاثة أيام أكلة واحدة ويقول أستحي من ترددي للخلاء بين يدي الله عز وجل، ولما حج أخي الشيخ أفضل الدين أحرم بالحج مفردا فمكث نحو خمسة عشر يوما لا يبول ولا يتغوط يقول: أستحي من الله أن أقذر هذه الأرض المشرفة بشيء من فضلاتي

.
وكذلك رأيت أخي الشيخ أبا العباس الحريثي رحمه الله كان لا يدخل الخلاء إلا قليلا فبهدى هذه الأشياخ يا أخي اقتد وقد أنشد سيدي أبو المواهب من موشح:

أنت حاضر في الحضرة ليت شعري هل تدري


فتحتاج يا أخي إلى شيخ يسلك بك حتى تعرف عظمة الله تعالى وتعرف مقدار حضرته وأهلها، وتصير يشق عليك مفارقتها حتى ترى الضرب بالسيف أهون عليك من مفارقتها، وإلا فمن لازمك التهاون بها لأنك لم تعرف للحضور مع الله طعما والله يتولى هداك.


- روى البخاري وغيره واللفظ له مرفوعا
: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة. وفي رواية مسلم: (عند كل صلاة).

ورواية النسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه:
لأمرتهم بالسواك مع الوضوء عند كل صلاة.

وفي رواية الإمام أحمد بإسناد جيد والبزار والطبراني:
لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة كلما يتوضؤون.

وفي رواية لأبي يعلي وغيره:
لفرضت عليكم السواك عند كل صلاة كما فرضت عليكم الوضوء.

وروى أبو يعلي عن عائشة قالت:
ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يذكر السواك حتى خشيت أن ينزل فيه قرآن.

وروى النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه وغيرهم مرفوعا:
السواك مطهرة للفم مرضاة للرب. وزاد الطبراني: ومجلاة للبصر.

وروى الترمذي مرفوعا وقال حسن غريب:
أربع من سنن المرسلين: الحناء، والتعطر، والسواك، والنكاح.
وروى مسلم عن عائشة قالت: أول ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدئ به إذا دخل بيته السواك.

وروى الطبراني
ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته لشيء من الصلوات حتى يستاك.

وروى ابن ماجه والنسائي ورواته ثقات، عن ابن عباس قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ركعتين ثم ينصرف فيستاك.

وروى أبو يعلي مرفوعا:
لقد أمرت بالسواك حتى ظننت أنه ينزل علي فيه قرآن أو وحي.

وفي رواية للإمام أحمد وغيره: حتى خشيت أن يكتب علي. وفي رواية للطبراني:
ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى خفت على أضراسي. وفي رواية له: حتى خشيت أن يدردرني. أي يسقط أسناني.

وروى البزار بإسناد جيد:
إن العبد إذا استاك ثم قام يصلي، قام الملك خلفه فيستمع لقراءته فيدنو منه حتى يضع فاه على فيه فما يخرج من فيه شيء من القرآن إلا صار في جوف الملك، فطهروا أفواهكم للقرآن. قال الحافظ المنذري والأشبه أن هذا موقوف.

وروى أبو نعيم مرفوعا بإسناد جيد كما قاله المنذري:
لأن أصلي ركعتين بسواك أحب إلي من أن أصلي سبعين ركعة بغير سواك.

وفي رواية أخرى بإسناد حسن:
ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك.

والأحاديث في ذلك كثيرة جدا. والله تعالى أعلم.." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي...

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:41 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله،صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:



"- (
أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نواظب على السواك عند كل وضوء. وعند كل صلاة، وإن كان يقع منا كثيرا ربطناه في خيط في عنقنا أو عمامتنا إن كانت على عرقية من غير قلنسوة، فإن كانت على قلنسوة وشددنا عليها العمامة رشقناه في العمامة من جهة الأذن اليسرى، وهذا العهد قد أخل به غالب العوام من التجار والولاة وحاشيتهم فتصير روائح أفواههم منتنة قذرة، وفي ذلك إخلال بتعظيم الله وملائكته وصالح المؤمنين. فضلا عن غير الملائكة والصالحين،

وما رأيت أكثر مواظبة ولا حرصا على السواك من سيدي محمد بن عنان وسيدي شهاب الدين بن داود والشيخ يوسف الحريثي رحمهم الله، وكل ذلك من قوة الإيمان وتعظيم أوامر الله عز وجل وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم ، لا سيما وقد أكد صلى الله عليه وسلم في ذلك ولم يكتف بمجرد الأمر به مرة واحدة، فلازم يا أخي على السنة المحمدية لتجني ثمرة ثوابها في الآخرة، فإن لكل سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم درجة في الجنة لا تنال إلا بفعل تلك السنة، ومن قال من المتهورين هذه سنة يجوز لنا تركها يقال له يوم القيامة وهذه درجة يجوز حرمانك منها صرح بذلك الإمام أبو القاسم بن قسي في كتابة المسمى بخلع النعلين.


وقد بلغنا عن الشبلي رحمه الله أنه احتاج إلى سواك وقت الوضوء فلم يجده، فبذل فيه نحو دينار حتى تسوك به ولم يتركه في وضوء، فاستكثر بعض الناس بذل ذلك المال في سواك، فقال إن الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فماذا يكون جوابي إذا قال لي لم تركت سنة نبيي، ولم تبذل في تحصيلها ما خصك الله به من جناح البعوضة، فأعجزه ومضى،
وأظنك يا أخي لو طلب منك صاحب السواك نصفا واحدا حتى يعطيه لك لتركت السواك وقدمت النصف وأنت مع ذلك تزعم أنك من أولياء الله تعالى ومن المقربين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله إنها دعوى لا برهان عليها.

وسيأتي ما يستفاد منه في الأحاديث أن قليل العمل مع الأدب خير من كثير العمل من غير أدب.


وقد كان سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه يقول لقراء القرآن: إياكم والغيبة والتكلم بالكلام الفاحش، ثم تتلون القرآن، فإن حكم ذلك حكم من مس بألفاظ القرآن القذر ولا شك في كفره، وهذا أمر قد عم غالب قراء القرآن، فلا يكاد يسلم منه إلا القليل، حتى قال الفضيل بن عياض وسفيان الثوري، قد صار القراء يتفكهون في هذا الزمان بالغيبة وتنقيص بعضهم بعضا، خوفا أن يعلو شأن أقرانهم عليهم ويشتهرون بالعلم والزهد والورع دونهم وبعضهم يجعلها كالإدام في الطعام وهو أخفهم إثما.


ورأيت شخصا من المجاورين يقرأ كل يوم ختمة وهو مع ذلك لا يكاد يذكر أحدا من المسلمين بخير، إنما هو غيبة وازدراء فنهيته عن ذلك فتركهم واشتغل بغيبتي، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فعظم يا أخي سنة نبيك، واستغفر الله من استهانتك بتركها، فإنك لو صرحت بالاستهانة كفرت وحكم الباطن عند الله تعالى في ذلك حكم الظاهر. {والله غفور رحيم}


- روى الطبراني مرفوعا:
حبذا المتخللون من أمتي، قالوا وما المتخللون يا رسول الله قال المتخللون في الوضوء، والمتخللون من الطعام. أما تخليل الوضوء فالمضمضة والاستنشاق وبين الأصابع الحديث.

وروى الطبراني مرفوعا وموقوفا وهو الأشبه:
تخللوا فإنه نظافة، والنظافة تدعو إلى الإيمان، والإيمان مع صاحبه في الجنة.

وروى الطبراني مرفوعا:
من لم يخلل أصابعه بالماء خللها الله بالنار يوم القيامة. وفي رواية له مرفوعا: لتنتهكن الأصابع بالطهور أو لتنتهكنها النار. وفي رواية له أيضا بإسناد حسن مرفوعا: خللوا الأصابع الخمس لا يحشوها الله نارا. وقوله لتنتهكن: أي لتبالغن في غسلها أو لتبالغن النار في إحراقها، والنهك: المبالغة في كل شيء.

وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا:
ويل للأعقاب من النار.

وفي رواية للترمذي:
ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار.

وروى الإمام أحمد رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة فقرأ فيها سورة الروم فلبس بعضها فقال:
إنما لبس علينا الشيطان القرآن من أجل أقوام يأتون الصلاة بغير وضوء، فإذا أتيتم الصلاة فأحسنوا الوضوء.

وفي رواية أنه تردد في آية فلما انصرف قال:
إن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء، فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء. والله سبحانه وتعالى أعلم. " اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي....


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:42 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله،صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:



"-
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نخلل أصابع اليدين والرجلين بالماء في كل طهارة اهتماما بأمر الشارع صلى الله عليه وسلم ، ولا نترك فعل ذلك في وضوء ولا غسل، وهذا العهد يخل به كثير من المتعبدين والعوام، فينبغي إشاعة ذلك بينهم في أوقات وضوئهم في المطاهر، ليكون فاعل ذلك معدودا من رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه صلى الله عليه وسلم يحب من يبلغ سنته التي اندرست إلى من يجهلها من أمته، ومن أحبه صلى الله عليه وسلم حشر معه لقوله صلى الله عليه وسلم: يحشر المرء مع من أحب.

ومن حشر مع النبي صلى الله عليه وسلم لا يلحقه في مواقف يوم القيامة كرب.


وقد نور الله تعالى قلب السلطان حسن فجعل في كتاب وقف مدرسته بالرميلة بمصر وظيفة لمن يقف في أوقات الصلوات الخمس على المطهرة، ليعلم الناس ما يخلون به من أمر الشارع في وضوئهم بمدرسته، فخلل يا أخي أصابعك وبلغ ذلك إلى من يجهله والله يتولى هداك.


- روى مسلم وأبو داود وابن ماجه مرفوعا:
ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.

زاد في رواية أبي داود:
ثم يرفع طرفه إلى السماء ثم يقول.

فذكره وزاد في رواية له أيضا بعد قوله ورسوله:
اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. الحديث.

والأحاديث في أذكار أعضاء الوضوء وبعد الوضوء محررة في كتب الفقه والله تعال أعلم." اهـ.




يتبع إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:43 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله،صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:




-
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نواظب على أذكار الوضوء الواردة في السنة ولا نتركها في وضوء واحد، ونقولها بحضور تام ونستحضر معاصي كل عضو عند غسله، ونتوب منها مع الغسل، ليطهر باطننا بالتوبة وظاهرنا بالماء، فكما لا تكفي طهارة الباطن عن الظاهر فكذلك لا تكفي طهارة الظاهر عن الباطن كما أشار إليه أمره صلى الله عليه وسلم ، المتوضئ بالشهادتين، فإن الماء يطهر الظاهر والشهادتين يطهران الباطن، فكأن المتوضئ أسلم إسلاما جديدا وتاب من ذنوبه كما تاب من أسلم من ذنب الكفر فافهم.

- روى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال:
(يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دق نعليك بين يدي في الجنة ) قال (ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن اصلي).

والدق بضم الدال هو صوت النعل حال المشي، والمعنى أني رأيتك مطرقا بين يدي كالمطرقين بين يدي الملوك والأمراء كما مر في عهد المواظبة على الوضوء وإن اختلف لفظ الواقعة.


وروى مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه مرفوعا:
ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما ألا وجبت له الجنة.

وفي رواية لأبي داود مرفوعا:
من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه.

قلت قواعد الشريعة تقتضي أن السهو محمول عن العبد في صلاته: ولكن لما فرط العبد بعدم تفريغ نفسه من الشواغل قبل الدخول في الصلاة ثم سها كان عليه اللوم، ولو أنه فرغ نفسه ثم سها لم يكن عليه لوم. والله أعلم.


وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا:
من توضأ نحو وضوئي هذا - يعني ثلاثا، ثلاثا - ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه. وفي رواية للإمام أحمد: ثم صلى ركعتين أو أربعا.

شك الراوي إلى آخر الحديث. والله تعالى أعلم." اهـ.





يتبع إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:44 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله،صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:



"- (
أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نواظب على الركعتين بعد كل وضوء بشرط أن لا نحدث فيهما أنفسنا بشيء من أمور الدنيا أو بشيء لم يشرع لنا في الصلاة، ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به حتى يقطع عنه الخواطر المشغلة عن خطاب الله تعالى

واعلم أن حديث النفس المذموم ليس هو رؤية القلب لشيء من الأكوان كما توهمه بعضهم، فإنه ليس في قدرة العبد أن يغمض عين قلبه عن شهود أنه في مكان قريب أو بعيد من بستان أو جامع أو غير ذلك، فإن في حديث الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال:
(رأيت الجنة والنار في مقامي هذا).

وكان ذلك في صلاة الكسوف، فلو كان ذلك يقدح في كمال الصلاة لما وقع له صلى الله عليه وسلم ذلك، وحمل بعضهم ما وقع له صلى الله عليه وسلم على قصد التشريع لأمته بعيد.


وأما ما نقل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من تجهيز الجيوش في الصلاة، فذلك لكماله، لأن الكمل لا يشغلهم عن الله شاغل مع أن ذلك كان في مرضاة الله عز وجل.


فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح يشغلك بالله تعالى حتى يقطع عنك حديث النفس في الصلاة كقولك أروح لكذا أفعل كذا أقول كذا أو نحو ذلك وإلا فمن لازمك حديث النفس في الصلاة، ولا يكاد يسلم لك منه صلاة واحدة لا فرض ولا نفل، فاعلم ذلك وإياك أن تريد الوصول إلى ذلك بغير شيخ كما عليه طائفة المجادلين بغير علم فإن ذلك لا يصح لك أبدا.

وقد قال الجنيد يوما للشبلي وهو مريد
: يا أبا بكر إن خطر في بالك من الجمعة إلى الجمعة غير الله فلا تأتنا فإنه لا يجيء منك شيء.

قلت ومراده بغير الله عز وجل غير ما لا يرضيه من المعاصي وإلا فحضور الطاعات على القلب لا يقدح في السالك بالإجماع. {والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}.


- روى الشيخان مرفوعا:
لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا. أي اقترعوا، وفي رواية للإمام أحمد مرفوعا: لو يعلم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف.

وروى مالك والبخاري والنسائي وابن ماجه أن أبا سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال لعبدالرحمن بن أبي صعصعة:
إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة.

قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي سمعت ما قلته لك بخطاب لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولفظ ابن خزيمة في صحيحه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
لا يسمع صوته أي المؤذن شجر ولا مدر ولا حجر، ولا جن ولا إنس إلا شهد له.

وفي رواية للإمام أحمد:
يستغفر للمؤذن منتهى أذانه، ويستغفر له كل شيء رطب ويابس سمعه.

وفي رواية للبزار:
ويجيبه كل شيء رطب ويابس.

زاد في رواية للنسائي:
وله مثل أجر من صلى معه.

قال الخطابي:
ومدى الشيء: غايته والمعنى أنه يستكمل مغفرة الله إذا استوفى وسعه في رفع الصوت فيبلغ الغاية من المغفرة إذا بلغ الغاية من الصوت، قال الحافظ المنذري ويشهد لهذا القول رواية يغفر له مد صوته بتشديد الدال أي بقدر مد صوته قال الخطابي، وفي وجه آخر وهو أنه كلام تمثيل وتشبيه يريد أن المكان الذي ينتهي إليه الصوت لو يقدر أن يكون ما بين أقصاه وبين مقامه الذي هو فيه ذنوب تملأ تلك المدى لغفرها الله له.

وروى الإمام أحمد والترمذي مرفوعا:
ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة فذكرهم، ورجل ينادي بالصلوات الخمس في كل يوم وليلة. زاد في رواية الطبراني: ويطلب وجه الله وما عنده.

وروى الطبراني مرفوعا:
المؤذن المحتسب كالشهيد المتشحط في دمه، إذا مات لن يدود في قبره.

وروى الطبراني في مجاميعه الثلاثة مرفوعا:
إذا أذن في قرية أمنها الله من عذابه ذلك اليوم.

وفي رواية:
أيما قوم نودي فيهم بالأذان صباحا إلا كانوا في أمان الله حتى يمسوا، وأيما قوم نودي فيهم بالأذان مساء إلا كانوا في أمان الله حتى يصبحوا.

وروى ابن ماجه والدارقطني والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين مرفوعا:
من أذن اثنتا عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة وبكل إقامة ثلاثون حسنة.

وروى ابن ماجه والترمذي مرفوعا:
من أذن محتسبا سبع سنين كتب له براءة من النار. والله تعالى أعلم." اهـ



يتبع إن شاء الله تعالى مع العهد التالي....


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:45 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 
الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وصلّى الله تعالى وسلّم وشرّف وكرّم وبارك على سيدّنا ومولانا محمّد رسول الله،صلاة جلال وكمال وسلام جمال ووصال، وعلى الآل والصحب الأكامل ومن والاه إلى يوم الجزاء والنوال، وبعد:

اللهم آمين على دعواتكم المباركة سيدي الفاضل المحب، وجزاكم الله خير الجزاء على إهتمامكم ومتابعتكم الكريمة... فتح الله عليكم فتوح العارفين وزادكم علماً وفقهاً في الدين..



" -
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نواظب على الأذان لكل صلاة ولو سمعنا المؤذن وإن احتاج الناس إلى الأذان برفع الصوت أذنا لهم، وليس لنا أن نتعلل بالحياء لأن الحياء في مثل ذلك حياء طبيعي نفسي وليس في فعل المأمورات الشرعية حياء، وإنما الحياء المطلوب أن يترك العبد ما نهاه الله عنه فافهم، وهذا العهد يخل به كثير من الناس أصحاب الطبع اليابس، فيقول له العامة أذن لنا يا سيدي الشيخ فيقول أستحي، وهذا ليس بعذر، فإن كان يا أخي ولا بد لك من الحياء فاستح من الله أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك فهذا هو الحياء الشرعي الذي يثاب عليه العبد.

وكان من آخر من رأيته مواظبا على هذه السنة الشريفة مولانا شيخ الإسلام الشيخ نور الدين الطرابلسي الحنفي ورفيقه السيد الشريف الحطابي والشيخ محمد بن عنان والشيخ أبو بكر الحديدي، والشيخ محمد بن داود وولده الشيخ شهاب الدين، والشيخ يوسف الحريثي رضي الله عنهم أجمعين فاعلم ذلك والله يتولى هداك.


- روى الشيخان وغيرهما مرفوعا:
إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة. الحديث وقوله فقولوا يعني عقب كل كلمة قالها، لأن الفاء للتعقيب وبه قال جماعة من العلماء. والله تعالى أعلم.

وروى الإمام أحمد والطبراني مرفوعا: من قال حين ينادي المنادي:
اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة النافعة، صل على محمد وارض عنا رضا لا سخط بعده استجاب الله دعوته.

وروى أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه مرفوعا:
من سمع المؤذن فقال مثل ما يقول فله مثل أجره. وفي رواية: من قال مثل ذلك إذا سمع المؤذن وجبت له شفاعتي يوم القيامة. والله تعالى أعلم. " اهـ



يتبع إن شاء الله تعالى...


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:47 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله الذي وفقنا لما كلّفنا ففاهت ألسنتنا بحمده، وكان ذلك من محض كرمه، والصلاة والسلام على شفيعنا السيّد الأعظم أشرف المرسلين محمّد الذي منّ الله علينا برسالته وكتَبَنا بقلم فضله من أمّته وخدمه، ورضي الله عن العِترة والقرابة والوزراء الأقربين، وجميع الصحابة والأولياء العارفين، والعلماء العاملين، والسلام علينا وعلى عباده الصالحين، أمّا بعد أي سادة
: (من أقوال سيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه)



"- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نجيب المؤذن بما ورد في السنة ولا نتلاهى عنه قط بكلام آخر ولا غيره أدبا مع الشارع صلى الله عليه وسلم، فإن لكل سنة وقتا يخصها فلإجابة المؤذن وقت وللعلم وقت وللتسبيح وقت، ولتلاوة القرآن وقت، كما أنه ليس للعبد أن يجعل موضع الفاتحة استغفارا ولا موضع التسبيح للركوع وللسجود قراءة ولا موضع التشهد غيره وهكذا فافهم، وهذا العهد يخل به كثير من طلبة العلم فضلا عن غيرهم، فيتركون إجابة المؤذن بل ربما تركوا صلاة الجماعة حتى يخرج الناس منها وهم يطالعون في علم نحو أو أصول أو فقه، ويقولون العلم مقدم مطلقا وليس كذلك فإن المسألة فيها تفصيل فما كل علم يكون مقدما في ذلك الوقت على صلاة الجماعة كما هو معروف عند كل من شم رائحة مراتب الأوامر الشرعية.

وكان سيدي علي الخواص رحمه الله، إذا سمع المؤذن يقول حي على الصلاة يرتعد ويكاد يذوب من هيبة الله عز وجل ويجيب المؤذن بحضور قلب وخشوع تام رضي الله عنه، فاعلم ذلك واعمل عليه والله يتولى هداك.


- روى أبو داود وغيره مرفوعا:
الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد.

زاد النسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحيهما
(فادعوا) وزاد الترمذي: (فقالوا ماذا نقول يا رسول الله قال سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة. )

وروى الحاكم مرفوعا: إذا نادى المنادي فتحت له أبواب السماء واستجيب الدعاء، فمن نزل به كرب أو شدة فليجب المنادي. أي ينتظر بدعوته حتى يؤذن المؤذن فيجيبه ثم يسأل الله حاجته كما يدل عليه حديث أبي داود والنسائي وغيرهما مرفوعاً:
(قل كما يقول المؤذن، فإذا انتهيت فسل تعط).

وروى البيهقي مرفوعاً:
(إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين. فإذا قضى الأذان أقبل، فإذا ثوب أدبر)، الحديث. والمراد بالتثويب هنا: الإقامة.

وروى عن الإمام أحمد مرفوعاً: (
إذا ثوب بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء).

وروى بن حبان في صحيحه مرفوعاً:
(ساعتان لا يرد على داع دعوته: حين تقام الصلاة، وساعة الصف في سبيل الله تعالى).

والله تبارك وتعالى اعلم." اهـ





يتبع إن شاء الله تعالى....


والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:49 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله الذي وفقنا لما كلّفنا ففاهت ألسنتنا بحمده، وكان ذلك من محض كرمه،
والصلاة والسلام على شفيعنا السيّد الأعظم أشرف المرسلين محمّد الذي منّ الله علينا برسالته وكتَبَنا بقلم فضله من أمّته وخدمه،
ورضي الله عن العِترة والقرابة والوزراء الأقربين، وجميع الصحابة والأولياء العارفين، والعلماء العاملين،
والسلام علينا وعلى عباده الصالحين،
أمّا بعد أي سادة:
(من أقوال سيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه)

http://www.rubat.com/phpbb/files/flower053.gif



- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم)
أن نسأل الله تعالى ما شئنا من حوائج الدنيا والآخرة لنا وللمسلمين فيما بين الأذان وإقامة الصلاة ولا نفرط في ذلك إلا لعذر شرعي، وذلك لأن الحجب ترفع في ذلك الوقت بين الداعي وبين ربه بمثابة فتح باب الملك والإذن في الدخول لأصحابه وخدامه عليه، فمن كان من أهل الرعيل الأول قضيت حاجته بسرعة مقابلة له على سرعة مجيئه بين يدي ربه تعالى، ومن كان من آخر الناس مجيئا كان أبطأهم إجابة مع أنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن ولكن هكذا معاملته تعالى لخلقه، ولا يخفى أن الحق تعالى يحب من عباده الإلحاح في الدعاء لأنه مؤذن بشدة الفاقة والحاجة ومن لم يلح في الدعاء فكأن لسان حاله يقول أنا غير محتاج إلى فضل الله، وربما أن الله تعالى يكشف حاله حتى يصير يدعو فلا يستجيب له، ويلح في الدعاء ليلا ونهارا فلا يرى له أثر إجابة حتى يكاد كبده يتفتت من القهر كما عليه طائفة التجار والمباشرين الذين دارت عليهم الدوائر فتراهم يقرؤون الأوراد ويحفظون الإقسامات، ويدعون الله ليلا ونهارا بأن حالهم يعود إلى ما كان فلا يجيبهم.

فإياك يا أخي أن تتهاون بالدعاء في كل وقت ندبك الحق تعالى إلى الدعاء فيه فتقاسي ما لا خير فيه. {والله عليم حكيم}.


- روى الشيخان وغيرهما مرفوعاً:
(من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله تعالى بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة).

وفي رواية للطبراني والبزار وابن حبان في صحيحه واللفظ للبزار مرفوعا:
(من بنى لله مسجداً قدر مفحص قطاةٍ بنى الله له بيتاً في الجنة).

وفي رواية لابن ماجه وابن حبان في صحيحه:
(من بنى لله مسجداً يذكر فيه بنى الله له بيتاً في الجنة).

وفي رواية لابن خزيمة في صحيحه مرفوعاً:
(من بنى لله مسجداً كمفحص قطاةٍ أو أصغر بنى الله له بيتاً في الجنة).

وتقدم في باب فضل العلم حديث:
(إن مما يلحق المؤمن بعد موته مسجداً بناه). والله تعالى أعلم." اهـ




يتبع إن شاء الله تعالى...

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:51 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 

الحمد لله الذي وفقنا لما كلّفنا ففاهت ألسنتنا بحمده، وكان ذلك من محض كرمه،
والصلاة والسلام على شفيعنا السيّد الأعظم أشرف المرسلين محمّد الذي منّ الله علينا برسالته وكتَبَنا بقلم فضله من أمّته وخدمه،
ورضي الله عن العِترة والقرابة والوزراء الأقربين، وجميع الصحابة والأولياء العارفين، والعلماء العاملين،
والسلام علينا وعلى عباده الصالحين،
أمّا بعد أي سادة:
(من أقوال سيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه)

http://www.rubat.com/phpbb/files/flower053.gif



"- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم)
أن نساعد الناس في بناء المساجد في الأمكنة المحتاج إلى صلاة الجمعة والجماعة فيها بأنفسنا وأموالنا بشرط الإخلاص والحل في المال وعدم زخرفتها بالرخام الملون الرقيق وطلي سقفها بالذهب والألوان المعروفة، ولا نتخلف عن المساعدة فيها إلا لعذرٍ شرعي فإنها من جملة شعائر الله تعالى، ولتكون كناً للناس من الحر والبرد إذا صلوا وانتظروا لصلاة الأخرى، ومن جملة ذلك عمارة المنبر وكرسي المصحف وبناء المطهرة والمنارة فنساعد في بنائها كذلك وكذلك من الملحق ببنائها وقفنا الأوقاف عليها مساعدة لخدامها، ومن يقوم بوظائفها ويتلو القرآن فيها ويذكر اسم الله تعالى فيها فإن المساجد لا تكمل إلا بذلك. وإنما شرطنا الإخلاص في البناء والحل في المال وعدم الزخرفة لأن معاملة الله تعالى لا تكون إلا على الأوضاع الشرعية وذلك ليقبلها من صاحبها [أي ليقبلها الله من العبد] فراجع يا أخي جميع ما ورد من فضائل الأعمال إلى من كان مخلصاً في عمله منفقاً من طيب كسبه. وأما من بنى مسجداً من حرام أو شبهات أو من غير إخلاص نية فربما أثم ولم يقبل منه، وإذا كان يوم القيامة انهار به في نار جهنم .

وأما عدم الزخرفة فإنما هو حتى لا يفتن المصلون بإطماحهم أبصارهم إلى تلك الألوان والصنائع فلا يفي أجره بوزره لأن روح الصلاة، الذي هو الإقبال بالجسم والقلب على الله تعالى، لم يحصل لمن يصلي هناك، فكأنهم لم يصلوا هناك فلا تعمر يا أخي شيئاً من المساجد إلا إن علمت من نفسك الإخلاص، فإن علمت من نفسك أنك إنما تعمر ليقال، فأعط الناس الذين يكتمون عليك الأمر ما سمحت به من المال ليصرفوه في عماراته من غير أن ينسب إليك ذلك. والله تعالى أعلم.

- روى الشيخان: (أنّ امرأةً سوداء كانت تقم المسجد أي تكنسه، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها بعد أيام فقيل له إنها ماتت فقال: فهلاّ آذنتموني فأتى قبرها فصلى عليها).
وفي رواية لابن ماجه: (أنها كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد).

وفي رواية للطبراني: (أنها كانت تلتقط القذى من المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني رأيتها في الجنة بلقطها القذى من المسجد).

وروى أبو الشيخ الأصفهاني: (أنها أجابت النبي صلى الله عليه وسلم من القبر لما صلى عليها وسألها ما وجدت من العمل أفضل فقالت: وجدت أفضل الأعمال قمّ المساجد).

قلت مرادها بأفضل الأعمال أي في حق نفسها، فلا ينافي ذلك من رأى أفضل الأعمال غير ذلك لأنه في حق نفسه كذلك وهكذا. والله تعالى أعلم.

وروى الطبراني مرفوعا: (ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة، فقال رجل يا رسول الله وهذه المساجد التي تبنى في الطريق قال نعم، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين).

وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم: (عرضت على أجور أمتي: القذاة يخرجها الرجل المسلم من المسجد).

وروى الترمذي وغيره: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتخذ المساجد في ديارنا وأمرنا أن ننظفها).

وروى ابن ماجه والطبراني مرفوعاً: (جنبوا مساجدكم، صبيانكم ومجانينكم، وشراءكم وبيعكم، وخصوماتكم، ورفع أصواتكم، وإقامة حدودكم، وسل سيوفكم، واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمّروها في الجمع). ومعنى جمروها أي بخروها. والله تعالى أعلم." اهـ




يتبع إن شاء الله تعالى...

والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

عبدالقادر حمود 12-02-2012 01:54 AM

رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني
 
الْحَمْدُ للَّهِ نَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضَلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدَهُ وَرَسُوْلَهُ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيْراً وَنَذِيْراً بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ،
مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَه فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّ إِلاَّ نَفْسَهُ وَلاَ يَضُرُّ اللهَ شَيْئاً
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
وَسلِّم تَسْليماً كَثيرَاً

(من أقوال سيدّنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)



"-
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن ننظف المساجد ونطهرها، لا سيما إن حصل فيها قمامة أو نجاسة بواسطتنا أو واسطة أولادنا أو خدامنا أو الفقراء المقيمين عندنا، فإنه يتأكد علينا كنسها وتطهيرها وإخراج القاذورات والقمامات منها، إما إلى الكوم وإما إلى محل طرح تراب المسجد حتى يأتي الزبال يحمله إلى الكوم إن كان بعيداً عن المسجد. وهذا العهد يخل به كثير من علماء الزمان وصالحيه الساكنين بجوار المسجد وباب دراهم من داخله، فترى الحصر التي هي فيه قريبة من دراهم قذرة من دخول السقاء والحطب واللحم والخدم الحفاة الذين يخرجون إلى السوق حفاة ولا يتجرأ خادم المسجد يمنعهم من ذلك خوفاً من ذلك الشيخ، أو من طلبته أن يؤذوه أو يسلطوا عليه الناظر فيؤذيه بضربه أو بقطع شيء من جامكيته ونحو ذلك.

فلينتبه العالم أو الصالح لمثل ذلك ويحترم مساجد الله تعالى وليتأمل نفسه، في قلة خوفه من الله تعالى يجدها تخاف من الخلق أكثر من الله إما لغفلته عنه تعالى، أو لكونه لا يهتك ستره بخلاف الخلق، ولو أنه دخل قصر الملك وحصل منه قذر فيه لم يصبر ساعة على تقديره قصر الملك ولو أنزل به الملك، بل تراه إذا رأى ولده الصغير بال أو تغوط على باب قصر الملك يبادر على الفور بإزالته وتطهيره وربما مسحه بردائه أو قميصه خوفاً أن يطلع عليه ذلك السلطان ولو رأى مثل ذلك في المسجد ما كان مسحه بردائه ولا بقميصه قط بل يقول انظروا لفراشة يطهر هذا المكان ولو أنه لم يجده إلى آخر النهار لترك النجاسة في المسجد، وكل ذلك استهانة بجانب الله تعالى، ومما يتساهل به سكان المسجد أيضاً جعل الغنم والإوز والدجاج فوق سطحه ويحجبونه بحصير حتى لا يراه أحد من الخلق الذين ينكرون ذلك عليهم، ويتغافلون عن مثل ذلك.

وقد رأى سيدي علي الخواص رحمه الله مرة على ظهر زاوية بعض الفقراء خروفاً مربوطاً، فنادى على الشيخ حتى سود وجهه بين الناس فاعتذر له بعدم علمه، فقال له ما وضعه نقيبك هنا إلا لعلمه بقلة اعتنائك بمثل ذلك، فإنك لو أدبته وعلمته الأدب مع الله تعالى لم يقع منه مثل ذلك ثم أنشد:

ومن ربط الكلب العقور ببابه *** فكل أذى للناس من رابط الكلب

وكان كنس المساجد المهجورة بمصر من وظائف سيدي علي الخواص، فكان يكنسها ويكنس أسطحتها ومجاري ميضأتها وكراسي أخليتها، وكان يتفقدها يوم الخميس ويوم الجمعة، فيخرج في صلاة الصبح فلا يرجع إلا بعد المغرب احتساباً لله تعالى، وكذلك كان من وظيفته كنس مقياس الروضة بمصر، كان يكنسه ثاني يوم نزول النقطة ويكنس الطين الذي في سلمه ويجرده بالحديد ويحمل منه قفة عظيمة يفرقها على خوابي الماء على نية التبرك، وكان عليه سؤال الله تعالى في إطلاعه النيل كل سنة، فكان يكون في ليلة تنزل النقطة كأنه حامل حملاً عظيماً على ظهره حتى يوفى البحر وتنقطع جسوره فيتحول لحملة ري البلاد، فإذا رويت تحول لحملة كمال الزرع وختامه من غير آفات تلحقه فلا يزال كذلك حتى يحصد الزرع وكان من دعائه: اللهم منّ علينا وعلى الأنعام بختام الزرع ولا تعذبنا بغلائه. فإذا طلع القمح وغيره إلى الحواصل تحوّل لعدم تسويسه فلا يزال كذلك إلى نزول النقطة هكذا كان شأنه على الدوام، ويقول: الملوك فمن دونهم محتاجون إلى اللقمة وإلى التبن لهم ولبهائمهم، وما زاد على ذلك من الشهوات أمره سهل. رضي الله تعالى عنه، فإياك يا أخي وتقذير المساجد ثم إياك، والله يتولى هداك.

- روى الشيخان وغيرهما مرفوعا:
(صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته أو سوقه خمساً وعشرين درجة، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة) الحديث.

وفي رواية للإمام أحمد وأبي يعلي وغيرهما: (كتب الله له بكل خطوة عشر حسنات).

وفي رواية للإمام أحمد بإسناد حسن مرفوعاً: (من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة يمحو بها سيئة وخطوة يكتب له بها حسنة ذاهباً وراجعا).

ورواه أيضاً الطبراني وابن حبان في صحيحه، وروى الطبراني بإسناد حسن مرفوعا: (إن الله تعالى ليغمر الذين يتخللون إلى المساجد في الظلم بنور ساطع يوم القيامة).

وفي رواية له أيضاً بإسناد حسن: (من مشى في ظلمة الليل إلى المسجد لقي الله عز وجل بنور يوم القيامة).

وروى الطبراني بإسناد جيد مرفوعاً: (من توضأ في بيته فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد فهو زائر الله وحق على المزور أن يكرم الزائر).

وروى ابن ماجه مرفوعا: (من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: الهم إني أسألك بحق السائرين إليك وبحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعةً، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، إلا أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك).

قال الترمذي: والبطر الإدلاج في الأشر. قال الجوهري: البطر والأشر بمعنى واحد. والله تعالى أعلم." اهـ




سُبحانَكَ الَّلهُمَّ وبحمدكَ أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ أنتَ، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليكَ



الساعة الآن 11:23 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى