منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   الرد على شبهات المخالفين (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=120)
-   -   في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=3026)

عبدالقادر حمود 04-22-2009 10:49 AM

في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:


قرأتُ لكم من كتاب (عوارف المعارف) لسيدي الشيخ العارف بالله السهروردي http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif:

الباب التاسع في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم


فمن أولئك قوم يسمون نفوسهم قلندرية تارة وملامتية أخرى؛ وقد ذكرنا حال الملامتي، وأنه حال شريف ومقام عزيز، وتمسك بالسنن والآثار، وتحقق بالإخلاص والصدق، وليس مما يزعم المفتونون بشيء.

فأما القلندرية: فهو إشارة إلى أقوام ملكهم سكر طيبة قلوبهم حتى خربوا العادات، وطرحوا التقيـيد بآداب المجالسات والمخالطات، وساحوا في ميادين طيبة قلوبهم؛ فقلَّت أعمالهم من الصوم والصلاة إلا الفرائض، ولم يبالوا بتناول شيء من لذات الدنيا من كل ما كان مباحاً برخصة الشرع، وربما اقتصروا على رعاية الرخصة ولم يطلبوا حقائق العزيمة، ومع ذلك هم متمسكون بترك الادخار، وترك الجمع والاستكثار، ولا يترسمون بمراسم المتقشفين والمتزهدين والمتعبدين، وقنعوا بطيبة قلوبهم مع الله تعالى، واقتصروا على ذلك وليس عندهم تطلع إلى طلع مزيد سوى ما هم عليه من طيبة القلوب،

والفرق بـين الملامتي والقلندري: أن الملامتي يعمل في كتم العبادات، والقلندري يعمل في تخريب العادات، والملامتي يتمسك بكل أبواب البر والخير ويرى الفضل فيه، ولكن يخفي الأعمال والأحوال ويوقف نفسه موقف العوام في هيئته وملبوسه وحركاته وأموره ستراً للحال لئلا يفطن له، وهو مع ذلك متطلع إلى طلب المزيد باذل مجهوده، في كل ما يتقرب به العبـيد.

والقلندري لا يتقيد بهيئة ولا يبالي بما يعرف من حاله وما لا يعرف، ولا ينعطف إلا على طيبة القلوب وهو رأس ماله،

والصوفي يضع الأشياء مواضعها ويدبر الأوقات والأحوال كلها بالعلم، يقيم الخلق مقامه ويقيم أمر الحق مقامهم، ويستر ما ينبغي أن يستر ويظهر ما ينبغي أن يظهر، ويأتي بالأمور في موضعها بحضور عقل وصحة توحيد وكمال معرفة ورعاية صدق وإخلاص،

فقوم من المفتونين سموا أنفسهم ملامتية ولبسوا لبسة الصوفية لينتسبوا بها إلى الصوفية وما هم من الصوفية بشيء، بل هم في غرور وغلط، يتسترون بلبسة الصوفية توقيتاً تارة ودعوى أخرى، وينتهجون مناهج أهل الإباحة، ويزعمون أن ضمائرهم خلصت إلى الله تعالى، ويقولون: هذا هو الظفر بالمراد، والارتسام بمراسم الشريعة رتبة العوام والقاصرين الأفهام المنحصرين في مضيق الاقتداء تقليداً، وهذا هو عين الإلحاد والزندقة والإبعاد، فكل حقيقة ردتها الشريعة فهي زندقة، وجهل هؤلاء المغرورون أن الشريعة حق العبودية، والحقيقة هي حقيقة العبودية، ومن صار من أهل الحقيقة تقيد بحقوق العبودية وصار مطالباً بأمور وزيادات لا يطالب بها من لم يصل إلى ذلك، لا أنه يخلع عن عنقه ربقة التكليف ويخامر باطنه الزيغ والتحريف." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى...

عبدالقادر حمود 04-22-2009 10:50 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
أخبرنا أبو زرعة عن أبـيه الحافظ المقدسي قال: أخبرنا أبو محمد الخطيب، حدثنا أبو بكر بن محمد بن عمر، قال: حدثنا أبو بكر بن أبـي داود، قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عنبسة قال: حدثنا يونس بن يزيد، قال: قال محمد يعني الزهري، أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عتبة بن مسعود حدثه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي على عهد رسول الله http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/salla.gif وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله تعالى يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوى ذلك لم نأمنه وإن قال سريرتي حسنة، وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: من عرض نفسه للتهم فلا يلومنّ من أساء به الظن؛ فإذا رأينا متهاوناً بحدود الشرع مهملاً للصلوات المفروضات لا يعتد بحلاوة التلاوة والصوم والصلاة ويدخل في المداخل المكروهة المحرمة، نرده ولا نقبله ولا نقبل دعواه أن له سريرة صالحة.

أخبرنا شيخنا ضياء الدين أبو النجيب السهروردي إجازة، عن عمر بن أحمد، عن ابن خلف، عن السلمي؛ قال: سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت أبا محمد الجريري يقول: سمعت الجنيد يقول لرجل ذكر المعرفة، فقال الرجل: أهل المعرفة بالله يصلون إلى ترك الحركات من باب البر والتقوى إلى الله تعالى. فقال الجنيد: إن هذا قول قوم تكلموا بإسقاط الأعمال، وهذه عندي عظيمة، والذي يسرق ويزني أحسن حالاً من الذي يقول هذا؛ وإن العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله وإليه يرجعون فيها، ولو بقيت ألف عام لم أنقص من أعمال البر ذرة؛ إلا أن يحال بـي دونها؛ وإنها لآكد في معرفتي وأقوى لحالي. ومن جملة أولئك قوم يقولون بالحلول ويزعمون أن الله تعالى يحل فيهم ويحل في أجسام يصطفيها، ويسبق لأفهامهم معنى من قول النصارى في اللاهوت والناسوت." اهـ.


"أخبرنا أبو زرعة عن أبـيه الحافظ المقدسي قال: أخبرنا أبو محمد الخطيب، حدثنا أبو بكر بن محمد بن عمر، قال: حدثنا أبو بكر بن أبـي داود، قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عنبسة قال: حدثنا يونس بن يزيد، قال: قال محمد يعني الزهري، أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عتبة بن مسعود حدثه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي على عهد رسول الله وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله تعالى يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوى ذلك لم نأمنه وإن قال سريرتي حسنة،

وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: من عرض نفسه للتهم فلا يلومنّ من أساء به الظن؛ فإذا رأينا متهاوناً بحدود الشرع مهملاً للصلوات المفروضات لا يعتد بحلاوة التلاوة والصوم والصلاة ويدخل في المداخل المكروهة المحرمة، نرده ولا نقبله ولا نقبل دعواه أن له سريرة صالحة.

أخبرنا شيخنا ضياء الدين أبو النجيب السهروردي إجازة، عن عمر بن أحمد، عن ابن خلف، عن السلمي؛ قال: سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت أبا محمد الجريري يقول: سمعت الجنيد يقول لرجل ذكر المعرفة، فقال الرجل: أهل المعرفة بالله يصلون إلى ترك الحركات من باب البر والتقوى إلى الله تعالى. فقال الجنيد: إن هذا قول قوم تكلموا بإسقاط الأعمال، وهذه عندي عظيمة، والذي يسرق ويزني أحسن حالاً من الذي يقول هذا؛ وإن العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله وإليه يرجعون فيها، ولو بقيت ألف عام لم أنقص من أعمال البر ذرة؛ إلا أن يحال بـي دونها؛ وإنها لآكد في معرفتي وأقوى لحالي." اهـ.

عبدالقادر حمود 04-22-2009 10:52 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
"ومن جملة أولئك قوم يقولون بالحلول ويزعمون أن الله تعالى يحل فيهم ويحل في أجسام يصطفيها، ويسبق لأفهامهم معنى من قول النصارى في اللاهوت والناسوت. ومنهم من يستبـيح النظر إلى المستحسنات إشارة إلى هذا الوهم، ويتخايل له أن من قال كلمات في بعض غلباته كان مضمراً لشيء مما زعموه، مثل قول الحلاج: أنا الحق، وما يحكى عن أبـي يزيد من قوله: سبحاني، حاشا أن نعتقد في أبـي يزيد أنه يقول ذلك إلا على معنى الحكاية عن الله تعالى، وهكذا ينبغي أن يعتقد في قول الحلاج ذلك، ولو علمنا أنه ذكر ذلك القول مضمراً لشيء من الحلول رددناه كما نردهم،

وقد أتانا رسول الله بشريعة بـيضاء نقية يستقيم بها كل معوج، وقد دلتنا عقولنا على ما يجوز وصف الله تعالى به وما لا يجوز، والله تعالى منزه أن يحل به شيء أو يحل بشيء، حتى لعل بعض المفتونين يكون عنده ذكاء وفطنة غريزية. ويكون قد سمع كلمات تعلقت بباطنه فيتألف له في فكره كلمات ينسبها إلى الله تعالى وأنها مكالمة الله إياه، مثل أن يقول: قال لي وقلت له، وهذا رجل إما جاهل بنفسه وحديثها جاهل بربه وبكيفية المكالمة والمحادثة وإما عالم ببطلان ما يقول، يحمله هواه على الدعوى بذلك ليوهم أنه ظفر بشيء، وكل هذا ضلال، ويكون سبب تجرئه على هذا ما سمع من كلام بعض المحققين مخاطبات وردت عليهم بعد طول معاملات لهم ظاهرة وباطنة، وتمسكهم بأصول القوم من صدق التقوى وكمال الزهد في الدنيا، فلما صفت أسرارهم تشكلت في سرائرهم مخاطبات موافقة للكتاب والسنة، فنزلت بهم تلك المخاطبات عند استغراق السرائر، ولا يكون ذلك كلاماً يسمعونه بل كحديث في النفس يجدونه برؤية موافقاً للكتاب والسنة، مفهوماً عند أهله موافقاً للعلم، ويكون ذلك مناجاة لسرائرهم، ومناجاة سرائرهم إياهم، فيثبتون لنفوسهم مقام العبودية ولمولاهم الربوبـية، فيضيفون ما يجدونه إلى نفوسهم وإلى مولاهم، وهم مع ذلك عالمون بأن ذلك ليس كلام الله إنما هو علم حادث أحدثه الله في بواطنهم،

فطريق الأصحاء في ذلك الفرار إلى الله تعالى من كل ما تحدث نفوسهم به حتى إذا برئت ساحتهم من الهوى ألهموا في بواطنهم شيئاً ينسبونه إلى الله تعالى نسبة الحادث إلى المحدث لا نسبة الكلام إلى المتكلم، لينصانوا عن الزيغ والتحريف، ومن أولئك قوم يزعمون أنهم يغرقون في بحار التوحيد ولا يثبتون؟ ويسقطون لنفوسهم حركة وفعلاً يزعمون أنهم مجبورون على الأشياء وأن لا فعل لهم مع فعل الله، ويسترسلون في المعاصي وكل ما تدعو النفس إليه، ويركنون إلى البطالة ودوام الغفلة والاغترار بالله والخروج من الملة وترك الحدود والأحكام والحلال والحرام." اهـ.


"وقد سئل سهل عن رجل يقول: أنا كالباب لا أتحرك إلا إذا حركت، قال: هذا لا يقوله إلا أحد رجلين: إما صديق أو زنديق، لأن الصديق يقول هذا القول إشارة إلى أن قوام الأشياء بالله مع إحكام الأصول ورعاية حدود العبودية،

والزنديق يقول ذلك إحالة للأشياء على الله وإسقاطاً للأئمة عن نفسه وانخلاعاً عن الدين ورسمه، فأما من كان معتقداً للحلال والحرام والحدود والأحكام، معترفاً بالمعصية إذا صدرت منه معتقداً وجوب التوبة منها فهو سليم صحيح، وإن كان تحت القصور بما يركن إليه من البطالة ويتروح بهوى النفس إلى الأسفار والتردد في البلاد، متوصلاً إلى تناول اللذائذ والشهوات، غير متمسك بشيخ يؤدبه ويهذبه ويبصره بعيب ما هو فيه، والله الموفق." اهـ.



http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/tamma.gif

ويتبع من نقول اخرى ان شاء الله

عبدالقادر حمود 04-22-2009 10:57 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



ومن الكتاب النفيس (حقائق عن التصوف) لسيدي الشيخ العارف بالله عبد القادر عيسى http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif وقدّس سرّه ورفع درجاته ونفعنا وإياكم به وبعلومه وأنواره وبركاته وأسراره وإمداده في الدارين... اللهم آمين، اخترت لكم هذه المقاطع حول هذا الموضوع... أسأل الله تعالى أن يرزقني وإياكم وجميع السالكين حُسن الإتباع والعمل بقدر المستطاع...




1- "تصحيح الأفكار في موضوع الرضا:

هناك شبهات، أثارها بعض الجهلة حول موضوع الرضا، وما سببها إلا جهلهم وعدم تذوقهم لهذا المقام الرفيع، والإنسان عدو ما يجهل. أو يكون مَردُّها أنهم رأوا أُناساً من أدعياء التصوف، فاعتبروا أحوالهم الفاسدة ومفاهيمهم المنحرفة حجة على التصوف، دون أن يفرقوا بين السادة الصوفية الذين تحققوا بالإيمان والإسلام والإِحسان، وبين الدخلاء من أدعياء التصوف وإليك بعض هذه الشبهات مع الرد عليها.

أولاً: أنكر جماعة الرضا من أصله فقالوا: لا يُتصور الرضا بما يخالف الهوى، وإنما يُتصور الصبر فقط، فهل يعقل أن لا يحس الإِنسان بألم المصائب، ولا يشعر بوقع الخطوب ؟!
والجواب: إن الراضي قد يحس بالبلاء، ويتألم للمصيبة بحكم الطبع، ولكنه يرضى بها بعقله وإيمانه، لما يعتقد من عظم الأجر وجزالة الثواب على البلاء، فلا يعترض، ولا يتضجر، قال أبو علي الدقاق: (ليس الرضا أن لا تحس بالبلاء، إنما الرضا أن لا تعترض على الحكم والقضاء) ["الرسالة القشيرية" ص89].

ومثله في ذلك مثل المريض الذي يحس بألم حقنة الدواء، ويشعر بمرارة العلاج، ولكنه يرضى بذلك لعلمه أنه سبب الشفاء، حتى إنه ليفرح بمن يقدم له الدواء ولو كان مرَّ المذاق كريه الرائحة.

قال عمر رضي الله عنه: (ما ابتُليتُ ببلية إلا كان لله عليَّ فيها أربع نِعم: إذْ لم تكن في ديني، وإذ لم أحرم الرضا، وإذ لم تكن أعظم، وإذ رجوت الثواب عليها) ["شرح الطريقة المحمدية" ج2 ص105].

ومن ناحية أخرى: إن الراضي قد يحس بألم المصيبة بحكم الطبع، ولكنه يرضى بها حين يرجع إلى إيمانه بلطف الله تعالى وحكمته، وأن وراء كل فعل من أفعاله تعالى حِكماً خفية. ولطائف دقيقة، كما قال تعالى: {فعسى أنْ تكرَهوا شيئاً ويجعَلَ اللهُ فيه خيراً كثيراً}
[النساء: 19].

وبذلك يضمحل حزنه، ويزول تعجبه، ويعلم أن تعجبه كتعجب موسى عليه السلام من الخضر عليه السلام، لما خرق سفينة الأيتام، وقتل الغلام، وأعاد بناء الجدار، فلما كشف الخضر عن الحكمة التي اطلع عليها، زال تعجب موسى عليه السلام، وكان تعجبه بناء على ما أُخفي عنه من تلك الحكم ؛ وكذلك أفعال الله تعالى.

ومن جهة ثالثة: إن المؤمن الذي عمرت محبة الله تعالى قلبه، وأخذت عليه مجامع لبه لا يحس بوقع المصيبة، ولا يشعر بألمها، كما قيل:

. . . . . فما لجُرحٍ إذا أَرضاكم ألم ولا شك أن المحبة لا يحس بها إلا من ذاقها:

لا يعرف الوجد إلا من يكابدهولا الصبابة إلا من يعانيها ولذلك ينكرها من لم يصل إليها.

قال عامر بن قيس: (أحببتُ الله حباً هوَّن عليَّ كلَّ مصيبة، ورضَّاني بكل بليَّة، فلا أُبالي مع حبي إياه علام أصبحت وعلام أمسيت).

ثانياً: تسرَّعَ قوم فقالوا: إن الرضا يورث في المؤمن قبولاً لأعمال الفاسقين، واستحساناً لأوضاع العاصين، وهذا يؤدي إلى ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والجواب: أن هذا الفهم خطأ ظاهر، وجهل بيّن، فهل يعقل أن يهدم المؤمن حكماً من أحكام ربه، وركناً من دعائم دينه، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟! مع العلم أن الله تعالى لا يرضى عن المؤمن إلا إذا أقام دينه، واتبع شريعته.

وهل يُتصور أن يرضى المؤمن بأفعال الكافر مع أن الله تعالى لا يرضى بها كما قال تعالى: {ولا يرضى لعبادِهِ الكفرَ} [الزمر: 7].

والحقيقة أنه لا تعارض بين الرضا بالله تعالى وبين إنكار المنكَر، لأن المؤمن يرضى بأفعال الله تعالى من حيث إنها صدرت من حكيم عليم، وأنها بقضائه ومشيئته، ولا يرضى بأفعال العصاة من حيث إنها صفتهم وكسبهم، ولأنها دلالة على أنهم ممقوتون من الله تعالى.


ثالثاً: ظن قوم خطأ أن من آثار الرضا بالله تعالى أن يترك الإنسان التضرع والدعاء، ويهمل اتخاذ الأسباب لجلب الخير ودفع البلاء، ويبتعد عن استعمال الدواء عند حصول الداء.

والجواب: أن هذا فهم غير صحيح، إذ في الحقيقة أن من جملة الرضا بالله تعالى؛ أن يعمل المؤمن أعمالاً يتوصل بها إلى رضاء محبوبه سبحانه، وأن يترك كل ما يخالف أمره ويناقض رضاه.

ومما يوصل إلى رضاء الله تعالى استجابة أمره في قوله: {ادعوني أستَجِبْ لكُم} [غافر: 60].

فالدعاء مخ العبادة، وهو يورث في القلب صفاءً وخشوعاً ورقةً تجعله مستعداً لقبول الألطاف والأنوار.

ثم إن ترك الأسباب مخالف لأمر الله تعالى ومناقض لرضاه، فالله تعالى أمر بالعمل فقال: {وقُلِ اعملُوا فَسَيَرى اللهُ عمَلَكُم ورسولُه والمؤمنون} [التوبة: 105]. ودعا إلى السعي في طلب الرزق فقال: {هوَ الذي جَعَلَ لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكِبِها وكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15].

فليس من الرضا للعطشان أن لا يمد يده للماء؛ زاعماً أنه رضي بالعطش الذي هو من قضاء الله ؛ بل قضاء الله وحكمه وإرادته أن يُزال العطش بالماء

وحين أراد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن يمنع جيش المسلمين من دخول الشام حذراً من الطاعون، قال له سيدنا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: (أفراراً من قدر الله ؟! فأجابه سيدنا عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نحن نفِرُّ من قدر الله إلى قدره) [رواه البخاري في صحيحه في كتاب الطب باب ما يذكر في الطاعون عن ابن عباس رضي الله عنهما. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب السلام باب الطاعون].

فليس في الرضا بالقضاء ما يستلزم الخروج عن حدود الشرع، ولكن الرضا بقضاء الله تعالى معناه ترك الاعتراض عليه تعالى ظاهراً وباطناً، مع بذل الوسع للتوصل إلى ما يحبه الله تعالى ويرضاه، وذلك بفعل أوامره وترك نواهيه.

وختاماً: فإن في سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وخلفائه وصحابته الكرام رضوان الله عليهم والتابعين والصالحين فيض من الحوادث التي تدل على تحققهم بأعلى درجات الرضا، مما يضيق المجال عن سرد الكثير منها، ضُرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف بالحجارة حتى أُدمي عقبه فتوجه إلى الله تعالى مخاطباً: ومما قال: "إن لم تكن ساخطاً عليَّ فلا أُبالي".
وكان الصحابة الكرام يُعَذَّبُون في مكة ويقلب عليهم ألوان التنكيل والإيذاء وهم يتلقون ذلك كله بقلوب راضية، ووجوه مبتسمة، وألسنة ذاكرة.

وروي أن عروة بن الزبير رضي الله عنهما قطعت رجله ومات أعز أولاده في ليلة واحدة، فدخل عليه أصحابه وعزوه فقال: (اللهم لك الحمد، كان أولادي سبعة فأخذت واحداً وأبقيت ستة، وكان لي أطراف أربعة فأخذت واحداً وأبقيت ثلاثة، فلئن كنتَ قد أخذت فلقد أعطيت، ولئن كنتَ قد ابتليتَ فقد عافيت).

وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: (ما بقي لي سرور إلا مواقع القدر، قيل له: ما تشتهي ؟ قال: ما يقضي الله تعالى).

واعلم أن الله تعالى لا يرضى عن عبده إلا إذا رضي العبد عن ربه في جميع أحكامه وأفعاله، وعندها يكون الرضا متبادلاً كما أشار إلى ذلك الحق تعالى بقوله: {رضيّ اللهُ عنهُم ورَضُوا عنهُ} [البينة: 8].

ولقد أدرك السادة الصوفية سر هذا التلازم والترابط بين الرضاءين، فقد كان سفيان الثوري يوماً عند رابعة العدوية فقال: (اللهم ارض عني، فقالت: أما تستحي من الله أن تسأله الرضا، وأنت عنه غير راض ؟! فقال: استغفر الله) [إحياء علوم الدين للغزالي ج4. ص336].

ورضاء الله تعالى عن العبد هو أسمى منزلة وأرفع رتبة وأعظم منحة قال تعالى: {ومساكِنَ طيِّبَةً في جنَّاتٍ عدْنٍ ورضوانٌ مِنَ اللهِ أكبَرُ} [التوبة: 72]. فرضوان رب الجنة أعلى من الجنة، بل هو غاية مطلب سكان الجنة، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة! يقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم، فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعطِ أحداً من خلقك فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك. قالوا: يا رب وأي شيءٍ أفضل من ذلك ؟ فيقول: أُحِلَّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً" [رواه البخاري في صحيحه في كتاب الرقاق باب صفة الجنة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه]." اهـ




عبدالقادر حمود 04-22-2009 10:59 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
ولنواصل القراءة في الأقوال المأثورة عن الإنتماءات المشبوهة لطرق ساداتنا الصوفية http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya2.gif :


ففي السفر العظيم (إحياء علوم الدين) لمولانا الإمام أبي حامد الغزالي رضي الله عنه ورفع درجاته في جناته ونفعنا وإيّاكم وجميع مَن أحبّه، به وبعلومه وأنواره وبركاته وأسراره وإمداده في الدارين... اللهم آمين، يقول في كتاب ذم الغرور
:




"الصنف الثالث: المتصوّفة وما أغلب الغرور عليهم والمغترون منهم فرق كثيرة.

ففرقة منهم: وهو متصوّفة أهل الزمان إلا من عصمة الله اغتروا بالزي والهيئة والمنطق، فساعدوا الصادقين من الصوفية في زيهم وهيئتهم وفي ألفاظهم وفي آدابهم ومراسمهم واصطلاحاتهم، وفي أحوالهم الظاهرة في السماع والرقص والطهارة والصلاة والجلوس على السجادات مع إطراق الرأس وإدخاله في الجيب كالمتفكر وفي تنفس الصعداء وفي خفض الصوت في الحديث إلى غير ذلك من الشمائل والهيئات، فلما تكلفوا هذه الأمور وتشبهوا بهم فيها ظنوا أنهم أيضاً صوفية ولم يتعبوا قط في المجاهدة والرياضة ومراقبة القلب، وتطهير الباطن والظاهر من الآثام الخفية والجلية، وكل ذلك من أوائل منازل التصوف، ولو فرغوا عن جميعها لما جاز لهم أن يعدوا أنفسهم في الصوفية؟ كيف ولم يحوموا قط حولها ولم يسوموا أنفسهم شيئاً منها؟ بل يتكالبون على الحرام والشبهات وأموال السلاطين ويتنافسون في الرغيف والفلس والحبة ويتحاسدون على النقير والقطمير، ويمزق بعضهم أعراض بعض مهما خالفه في شيء من غرضه.

وهؤلاء غرورهم ظاهر ومثالهم مثال امرأة عجوز سمعت أن الشجعان والأبطال من المقاتلين ثبتت أسماؤهم في الديوان ويقطع لكل واحد منهم قطر من أقطار المملكة، فتاقت نفسها إلى أن يقطع لها مملكة فلبست درعاً ووضعت على رأسها مغفراً وتعلمت من رجز الأبطال أبـياتاً وتعودت إيراد تلك الأبـيات بنغماتهم حتى تيسرت عليها وتعلمت كيفية تبخترهم في الميدان وكيف تحريكهم الأيدي وتلفقت جميع شمائلهم في الزي والمنطق والحركات والسكنات، ثم توجهت إلى المعسكر ليثبت اسمها في ديوان الشجعان، فلما وصلت إلى المعسكر أنفذت إلى ديوان العرض وأمر بأن تجرد عن المغفر والدرع وينظر ما تحته وتمتحن بالمبارزة مع بعض الشجعان ليعرف قدر عنائها في الشجاعة، فلما جردت عن المغفر والدرع فإذا هي عجوز ضعيفة زمنة لا تطيق حمل الدرع والمغفر؟ فقيل لها أجئت للاستهزاء بالملك وللاستخفاف بأهل حضرته والتلبـيس عليهم خذوها فألقوها قدام الفيل لسخفها فألقيت إلى الفيل. فهكذا يكون حال المدعين للتصوف في القيامة إذا كشف عنهم الغطاء وعرضوا على القاضي الأكبر الذي لا ينظر إلى الزي والمرقع بل إلى سرّ القلب." اهـ



"وفرقة أخرى: زادت على هؤلاء في الغرور إذ شق عليها الاقتداء بهم في بذاذة الثياب والرضا بالدون، فأرادت أن تتظاهر بالتصوف ولم تجد بدّاً من التزين بزيهم فتركوا الحرير والإبريسم وطلبوا المرقعات النفيسة والفوط الرقيقة والسجادات المصبغة ولبسوا من الثياب ما هو أرفع قيمةً من الحرير والإبريسم، وظن أحدهم مع ذلك أنه متصوّف بمجرّد لون الثوب وكونه مرقعاً، ونسي أنهم إنما لونوا الثياب لئلا يطول عليهم غسلها كل ساعة لإزالة الوسخ، وإنما لبسوا المرقعات إذ كانت ثيابهم مخرقة فكانوا يرقعونها ولا يلبسون الجديد فأما تقطيع الفوط الرقيقة قطعة قطعة وخياطة المرقعات منها فمن أين يشبه ما اعتادوه؟

فهؤلاء أظهر حماقة من كافة كافة المغرورين، فإنهم يتنعمون بنفيس الثياب ولذيذ الأطعمة ويطلبون رغد العيش ويأكلون أموال السلاطين ولا يجتنبون المعاصي الظاهرة فضلاً عن الباطنة وهم مع ذلك يظنون بأنفسهم الخير وشر هؤلاء مما يتعدى إلى الخلق إذ يهلك من يقتدي بهم، ومن لا يقتدي بهم تفسد عقيدته في أهل التصوف كافة ويظنّ أن جميعهم كانوا من جنسه فيطول اللسان في الصادقين منهم، وكل ذلك من شؤم المتشبهين وشرهم." اهـ


عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:00 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
"وفرقة أخرى: ادعت علم المعرفة ومشاهدة الحق ومجاوزة المقامات والأحوال والملازمة في عين الشهود والوصول إلى القرب، ولا يعرف هذه الأمور إلا بالأسامي والألفاظ لأنه تلقف من ألفاظ الطامات كلمات فهو يرددها ويظن أن ذلك أعلى من علم الأولين والآخرين، فهو ينظر إلى الفقهاء والمفسرين والمحدثين وأصناف العلماء بعين الازدراء فضلاً عن العوام، حتى إن الفلاح ليترك فلاحته والحائك يترك حياكته ويلازمهم أياماً معدودة ويتلقف منهم تلك الكلمات المزيفة فيرددها كأنه يتكلم عن الوحي ويخبر عن سر الأسرار، ويستحقر بذلك جميع العباد والعلماء، فيقول في العباد إنهم أجراء متعبون، ويقول في العلماء إنهم بالحديث عن الله محجوبون؛ ويدعي لنفسه أنه الواصل إلى الحق وأنه من المقربـين، وهو عند الله من الفجار المنافقين، وعند أرباب القلوب من الحمقى الجاهلين لم يحكم قط علماً ولم يهذب خلقاً ولم يرتب عملاً ولم يراقب قلباً سوى اتباع الهوى وتلقف الهذيان وحفظه." اهـ

" وفرقة أخرى: وقعت في الإباحة وطووا بساط الشرع ورفضوا الأحكام وسووا بـين الحلال والحرام فبعضهم يزعم أن الله مستغن عن عملي فلم أتعب نفسي، وبعضهم يقول: قد كلف الناس تطهير القلوب عن الشهوات وعن حب الدنيا وذلك محال فقد كلفوا ما لا يمكن، وإنما يغتر به من لم يجرب، وأما نحن فقد جربنا وأدركنا أن ذلك محال.

ولا يعلم الأحمق أن الناس لم يكلفوا قلع الشهوة والغضب من أصلهما بل إنما كلفوا قلع مادتهما بحيث ينقاد كل واحد منهما لحكم العقل والشرع. وبعضهم يقول: الأعمال بالجوارح لا وزن لها، وإنما النظر إلى القلوب وقلوبنا والهة بحب الله وواصلة إلى معرفة الله وإنما نخوض في الدنيا بأبداننا وقلوبنا عاكفة في حضرة الربوبـية فنحن مع الشهوات بالظواهر لا بالقلوب، ويزعمون أنهم قد ترقوا عن رتبة العوام واستغنوا عن تهذيب النفس بالأعمال البدنية وأن الشهوات لا تصدهم عن طريق الله لقوتهم فيها، ويرفعون درجة أنفسهم على درجة الأنبـياء عليهم الصلاة والسلام إذ كانت تصدهم عن طريق الله خطيئة واحدة. حتى كانوا يبكون عليها وينوحون سنين متوالية، وأصناف غرور أهل الإباحة من المتشبهين بالصوفية لا تحصى، وكل ذلك بناء على أغاليط ووساوس يخدعهم الشيطان بها لاشتغالهم بالمجاهدة قبل أحكام العلم ومن غير اقتداء بشيخ متقن في الدين والعلم صالح للاقتداء به وإحصاء أصنافهم يطول." اهـ


" وفرقة أخرى: جاوزت حدّ هؤلاء واجتنبت الأعمال وطلقت الحلال واشتغلت بتفقد القلب وصار أحدهم يدعي المقامات من الزهد والتوكل والرضا والحب من غير وقوف على حقيقة هذه المقامات وشروطها وعلاماتها وآفاتها.

فمنهم من يدعي الوجد والحب لله تعالى ويزعم أنه واله بالله ولعله قد تخيل في الله خيالات هي بدعة أو كفر فيدعي حب الله قبل معرفته، ثم إنه لا يخلو عن مقارفة ما يكره الله عز وجل وعن إيثار هوى نفسه على أمر الله وعن ترك بعض الأمور حياء من الخلق، ولو خلا لما تركه حياء من الله تعالى.

وليس يدري أن أكل ذلك يناقض الحب، وبعضهم ربما يميل إلى القناعة والتوكل فيخوض البوادي من غير زاد ليصحح دعوى التوكل، وليس يدري أن ذلك بدعة لم تنقل عن السلف والصحابة وقد كانوا أعرف بالتوكل منه، فما فهموا أن التوكل المخاطرة بالروح وترك الزاد بل كانوا يأخذون الزاد وهم متوكلون على الله تعالى لا على الزاد، وهذا ربما يترك الزاد وهو متوكل على سبب من الأسباب واثق به، وما من مقام من المقامات المنجيات إلا وفيه غرور وقد اغتر به قوم وقد ذكرنا مداخل الآفات في ربع المنجيات من الكتاب فلا يمكن إعادتها." اهـ

عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:02 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
" وفرقة أخرى: ضيقت على نفسها في أمر القوت حتى طلبت منه الحلال الخالص وأهملوا تفقد القلب والجوارح في غير هذه الخصلة الواحدة، ومنهم من أهمل الحلال في مطعمه وملبسه ومسكنه وأخذ يتعمق في غير ذلك، وليس يدري المسكين أن الله تعالى لم يرض من عبده بطلب الحلال فقط ولا يرضى بسائر الأعمال دون طلب الحلال، بل لا يرضيه إلا تفقد جميع الطاعات والمعاصي. فمن ظن أن بعض هذه الأمور يكفيه وينجيه فهو مغرور." اهـ





" وفرقة أخرى: ادعوا حسن الخلق والتواضع والسماحة فتصدّوا لخدمة الصوفية فجمعوا قوماً وتكلفوا بخدمتهم واتخذوا ذلك شبكة للرئاسة وجمع المال، وإنما غرضهم التكبر، وهم يظهرون الخدمة والتواضع وغرضهم الارتفاع، وهم يظهرون أن غرضهم الإرفاق وغرضهم الاستتباع، وهم يظهرون أن غرضهم الخدمة والتبعية ثم إنهم يجمعون من الحرام والشبهات وينفقون عليهم لتكثر أتباعهم وينشر بالخدمة اسمهم، وبعضهم يأخذ أموال السلاطين ينفق عليهم، وبعضهم يأخذها لينفق في طريق الحج على الصوفية ويزعم أن غرضه البر والإنفاق، وباعث جميعم الرياء والسمعة، وآية ذلك إهمالهم لجميع أوامر الله تعالى عليهم ظاهراً وباطناً ورضاهم بأخذ الحرام والإنفاق منه. ومثال من ينفق الحرام في طريق الحج لإرادة الخير كمن يعمر مساجد الله فيطينها بالعذرة ويزعم أن قصده العمارة." اهـ


" وفرقة أخرى: اشتغلوا بالمجاهدة وتهذيب الأخلاق وتطهير النفس من عيوبها وصاروا يتعمقون فيها فاتخذوا البحث عن عيوب النفس ومعرفة خدعها علماً وحرفة، فهم في جميع أحوالهم مشغولون بالفحص عن عيوب النفس واستنباط دقيق الكلام في آفاتها، فيقولون هذا في النفس عيب والغفلة عن كونه عيباً عيب، والالتفات إلى كونه عيباً عيب، ويشغفون فيه بكلمات مسلسلة تضيع الأوقات في تلفيقها ومن جعل طول عمره في التفتيش عن عيوب النفس وتحرير علم علاجها كان كمن اشتغل بالتفتيش عن عوائق الحج وآفاته ولم يسلك طريق الحج فذلك لا يغنيه." اهـ

" وفرقة أخرى: جاوزوا هذه الرتبة وابتدؤوا سلوك الطريق وانفتحت لهم أبواب المعرفة، فكلما تشمموا من مبادىء المعرفة رائحة تعجبوا منها وفرحوا بها وأعجبتهم غرابتها فتقيدت قلوبهم بالالتفاف إليها والتفكر فيها، وفي كيفية انفتاح بابها عليهم وانسداده على غيرهم، وكل ذلك غرور لأن عجائب طريق الله ليس لها نهاية، فلو وقف مع كل أعجوبة وتقيد بها قصرت خطاه وحرم الوصول إلى المقصد وكان مثاله مثال من قصد ملكاً فرأى على باب ميدانه روضة فيها أزهار وأنوار لم يكن قد رأى قبل ذلك مثلها، فوقف ينظر إليها ويتعجب حتى فاته الوقت الذي يمكن فيه لقاء الملك." اهـ

عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:03 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
" وفرقة أخرى: جاوزوا هؤلاء ولم يلتفتوا إلى ما يفيض عليهم من الأنوار في الطريق ولا إلى ما تيسر لهم من العطايا الجزيلة ولم يعرجوا على الفرح بها والالتفات إليها جادين في السير حتى قاربوا فوصلوا إلى حدّ القربة إلى الله تعالى، فظنوا أنهم قد وصلوا إلى الله فوقفوا وغلطوا فإن لله تعالى سبعين حجاباً من نور لا يصل السالك إلى حجاب من تلك الحجب في الطريق إلا ويظن أنه قد وصل.

وإليه الإشارة بقول إبراهيم عليه السلام إذ قال الله تعالى إخباراً عنه: {فَلَمَّا جَنَّ عَليهِ اللَّيلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّـي} وليس المعنى به هذه الأجسام المضيئة فإنه كان يراها في الصغر ويعلم أنها ليست آلهة وهي كثيرة وليست واحداً، والجهال يعلمون أن الكوكب ليس بإله فمثل إبراهيم عليه السلام لا يغرّه الكوكب الذي لا يغرّ السوادية. ولكن المراد به أنه نور من الأنوار التي هي من حجب الله عز وجل وهي على طريق السالكين، ولا يتصوّر الوصول إلى الله تعالى إلا بالوصول إلى هذه الحجب، وهي حجب من نور بعضها أكبر من بعض وأصغر النيرات الكوكب فاستعير له لفظه وأعظمها الشمس وبـينهما رتبة القمر، فلم يزل إبراهيم عليه السلام لما رأى ملكوت السموات حيث قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُري إبْراهيمَ مَلَكُوتَ السَّمَواتِ والأرْضِ} يصل إلى نور بعد نور ويتخيل إليه في أوّل ما كان يلقاه أنه قد وصل، ثم كان يكشف له أن وراءه أمراً فيترقى إليه ويقول: قد وصلت فيكشف له ما وراءه حتى وصل إلى الحجاب الأقرب الذي لا وصول إلا بعده، فقال: {هذَا أكْبَرُ} فلما ظهر له أنه مع عظمه غير خال عن الهوى في حضيض النقص والانحطاط عن ذروة الكمال {قال لا أحب الآفلين} إلى أن قال: {إنِّي وَجَّهْتُ وَجْهي للَّذي فَطَرَ السَّمواتِ والأرْضَ}

وسالك هذه الطريق قد يغتر في الوقوف على بعض هذه الحجب وقد يغتتر بالحجاب الأول، وأوّل الحجب بـين الله وبـين العبد هو نفسه فإنه أيضاً أمر رباني وهو نور من أنوار الله تعالى؛ أعني سر القلب الذي تتجلى فيه حقيقة الحق كله حتى أنه ليتسع لجملة العالم ويحيط به وتتجلى فيه صورة الكل، وعند ذلك يشرق نوره إشراقاً عظيماً إذ يظهر فيه الوجود كله على ما هو عليه وهو في أوّل الأمر محجوب بمشكاة هي كالساتر له فإذا تجلى نوره وانكشف جمال القلب بعد إشراق نور الله عليه ربما التفت صاحب القلب إلى القلب فيرى من جماله الفائق ما يدهشه، وربما يسبق لسانه في هذه الدهشة فيقول: أنا الحق فإن لم يتضح له ما وراء ذلك اغتر به ووقف عليه وهلك، وكان قد اغتر بكوكب صغير من أنوار الحضرة الإلهية ولم يصل بعد إلى القمر فضلاً عن الشمس فهو مغرور وهذا محل الالتباس، إذ المتجلي يلتبس بالمتجلى فيه كما يلتبس لون ما يتراءى في المرآة بالمرآة فيظن أنه لون المرآة، وكما يلتبس ما في الزجاج بالزجاج كما قيل:




رقّ الزجاج ورقّتِ الخمرُ = فتشابها فتشاكل الأمر
فكأنما خمرٌ ولا قدحٌ = وكأنما قدحٌ ولا خمر



وبهذه العين نظر النصارى إلى المسيح فرأوا إشراق نور الله قد تلألأ فيه فغلطوا فيه كمن يرى كوكباً في مرآة أو في ماء فيظن أن الكوكب في المرآة أو في الماء فيمدّ يده إليه ليأخذه وهو مغرور،

وأنواع الغرور في طريق السلوك إلى الله تعالى لا تحصى في مجلدات ولا تستقصى إلا بعد شرح جميع علوم المكاشفة، وذلك مما لا رخصة في ذكره، ولعل القدر الذي ذكرناه أيضاً كان الأولى تركه إذ السالك لهذا الطريق لا يحتاج إلى أن يسمعه من غيره، والذي لم يسلكه لاينتفع بسماعه بل ربما يستضر به إذ يورثه ذلك دهشة من حيث يسمع ما لا يفهم، ولكن فيه فائدة وهو إخراجه من الغرور الذي هو فيه بل ربما يصدّق بأنّ الأمر أعظم مما يظنه ومما يتخيله بذهنه المختصر وخياله القاصر وجدله المزخرف ويصدّق أيضاً بما يحكى له من المكاشفات التي أخبر عنها أولياء الله، ومن عظم غروره ربما أصر مكذباً بما يسمعه الآن كما يكذب بما سمعه من قبل." اهـ (إحياء علوم الدين للغزالي - كتاب ذم الغرور)




عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:05 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
ونواصل في ذكر أمثلة المتصوفة الذين ينتسبون إلى القوم وهم ليسوا منهم، حيث يقول سيدّنا الإمام أبو حامد الغزالي http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif في سفره العظيم (إحياء علوم الدين) :



"وأما السياحة في الأرض على الدوام فمن المشوشات للقلب إلا في حق الأقوياء، فإن المسافر وماله لعلى قلق إلا ما وقى الله، فلا يزال المسافر مشغول القلب تارة بالخوف على نفسه وماله، وتارة بمفارقة ما ألفه واعتاده في إقامته. وإن لم يكن معه مال يخاف عليه فلا يخلو عن الطمع والاستشراف إلى الخلق، فتارة يضعف قلبه بسبب الفقر، وتارة يقوى باستحكام أسباب الطمع. ثم الشغل بالحط والترحال مشوش لجميع الأحوال، فلا ينبغي أن يسافر المريد إلا في طلب علم أو مشاهدة شيخ يقتدي به في سيرته وتستفاد الرغبة في الخير من مشاهدته، فإن اشتغل بنفسه واستبصر وانفتح له طريق الفكر أو العمل فالسكون أولى به،


إلا أن أكثر متصوفة هذه الأعصار ـ لما خلت بواطنهم عن لطائف الأفكار ودقائق الأعمال ولم يحصل لهم أنس بالله تعالى وبذكره في الخلوة وكانوا بطالين غير محترفين ولا مشغولين ـ قد ألفوا البطالة واستثقلوا العمل، واستوعروا طريق الكسب وأستلانوا جانب السؤال والكدية، واستطابوا الرباطات المبنية لهم في البلاد، واستسخروا الخدم المنتصبـين للقيام بخدمة القوم واستخفوا عقولهم وأديانهم: من حيث لم يكن قصدهم من الخدمة إلا الرياء والسمعة وانتشار الصيت واقتناص الأموال بطريق السؤال تعللاً بكثرة الأتباع، فلم يكن لهم في الخانقاهات حكم نافذ، ولا تأديب للمريدين نافع، ولا حجر عليهم قاهر، فلبسوا المرقعات واتخذوا في الخانقاهات متنزهات، وربما تلقفوا ألفاظاً مزخرفة من أهل الطامات، فينظرون إلى أنفسهم وقد تشبهوا بالقوم في خرقتهم وفي سياحتهم وفي لفظهم وعبارتهم وفي آداب ظاهرة من سيرتهم، فيظنون بأنفسهم خيراً ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ويعتقدون أن كل سوداء تمرة، ويتوهمون أنّ المشاركة في الظاهر توجب المساهمة في الحقائق وهيهات فما أغزر حماقة من لا يميز بـين الشحم والورم؟


فهؤلاء بغضاء الله فإن الله تعالى يبغض الشاب الفارغ. ولم يحملهم على السياحة إلا الشباب والفراغ، إلا من سافر لحج أو عمرة في غير رياء ولا سمعة، أو سافر لمشاهدة شيخ يقتدي به في علمه وسيرته وقد خلت البلاد عنه الآن والأمور الدينية كلها قد فسدت وضعفت إلا التصوف فإنه قد انمحق بالكلية وبطل، لأنّ العلوم لم تندرس بعد، والعالم وإن كان عالم سوء فإنما فساده في سيرته لا في علمه، فيبقى عالماً غير عامل بعلمه، والعمل غير العلم." اهـ (إحياء علوم الدين للغزالي - كتاب آداب السفر)


ومن أمثلة المتصوفة الذين ينتسبون إلى القوم وليسوا منهم، ما ذكره الشيخ إبن القيّم رحمه الله تعالى في كتابه القيّم (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان) :


"ومن كيده [أي إبليس اللعين]: ما ألقاه إلى جُهال المتصوفة من الشطح والطامات، وأبرزه لهم فى قالب الكشف من الخيالات، فأوقعهم فى أنواع الأباطيل والترهات، وفتح لهم أبواب الدعاوى الهائلات، وأوحى إليهم: أن وراء العلم طريقا إن سلكوه أفضى بهم إلى الكشف العيان، وأغناهم عن التقيد بالسنة والقرآن، فحسن لهم رياضة النفوس وتهذيبها، وتصفية الأخلاق والتجافى عما عليه أهل الدنيا، وأهل الرياسة والفقهاء، وأرباب العلوم والعمل على تفريغ القلب وخلوه من كل شىء، حتى ينتقش فيه الحق بلا واسطة تعلم، فلما خلا من صورة العلم الذى جاء به الرسول http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/salla.gif نقش فيه الشيطان بحسب ما هو مستعد له من أنواع الباطل، وخيله للنفس حتى جعله كالمشاهد كشفا وعيانا، فإذا أنكره عليهم ورثة الرسل http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya2.gif قالوا: لكم العلم الظاهر، ولنا الكشف الباطن، ولكم ظاهر الشريعة، وعندنا باطن الحقيقة، ولكم القشور ولنا اللباب، فلما تمكن هذا من قلوبهم سلخها من الكتاب والسنة والآثار كما ينسلخ الليل عن النهار، ثم أحالهم فى سلوكهم على تلك الخيالات، وأوهمهم أنها عن الآيات البينات، وأنها من قبل الله سبحانه إلهامات وتعريفات فلا تعرض على السنة والقرآن، ولا تعامل إلا بالقبول والإذعان.


فلغير الله لا له سبحانه ما يفتحه عليهم الشيطان من الخيالات والشطحات، وأنواع الهذيان. وكلما ازدادوا بعدا وإعراضا عن القرآن وما جاء به الرسول http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/salla.gif كان هذا الفتح على قلوبهم أعظم. " اهـ




" فصل


ثم إن طائفة الموسوسين قد تحقق منهم طاعة الشيطان، حتى اتصفوا بوسوسته. وقبلوا قوله، وأطاعوه، ورغبوا عن اتباع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وصحابته، حتى إن أحدهم ليرى أنه إذا توضأ وضوء رسول الله عليه الصلاة والسلام أو صلى كصلاته، فوضوؤه باطل، وصلاته غير صحيحة. ويرى أنه إذا فعل مثل فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام فى مؤاكلة الصبيان، وأكل طعام عامة المسلمين، أنه قد صار نجساً يجب عليه تسبيع يده وفيه، كما لو ولغ فيهما كلب أو بال عليهما هر. " اهـ (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان لابن القيم الجوزية)


يتبع إن شاء الله تعالى.....

عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:05 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
ونواصل في ذكر أمثلة المتصوفة الذين ينتسبون إلى القوم وهم ليسوا منهم، حيث يقول سيدّنا الإمام أبو حامد الغزالي http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif في سفره العظيم (إحياء علوم الدين) :



"وأما السياحة في الأرض على الدوام فمن المشوشات للقلب إلا في حق الأقوياء، فإن المسافر وماله لعلى قلق إلا ما وقى الله، فلا يزال المسافر مشغول القلب تارة بالخوف على نفسه وماله، وتارة بمفارقة ما ألفه واعتاده في إقامته. وإن لم يكن معه مال يخاف عليه فلا يخلو عن الطمع والاستشراف إلى الخلق، فتارة يضعف قلبه بسبب الفقر، وتارة يقوى باستحكام أسباب الطمع. ثم الشغل بالحط والترحال مشوش لجميع الأحوال، فلا ينبغي أن يسافر المريد إلا في طلب علم أو مشاهدة شيخ يقتدي به في سيرته وتستفاد الرغبة في الخير من مشاهدته، فإن اشتغل بنفسه واستبصر وانفتح له طريق الفكر أو العمل فالسكون أولى به،


إلا أن أكثر متصوفة هذه الأعصار ـ لما خلت بواطنهم عن لطائف الأفكار ودقائق الأعمال ولم يحصل لهم أنس بالله تعالى وبذكره في الخلوة وكانوا بطالين غير محترفين ولا مشغولين ـ قد ألفوا البطالة واستثقلوا العمل، واستوعروا طريق الكسب وأستلانوا جانب السؤال والكدية، واستطابوا الرباطات المبنية لهم في البلاد، واستسخروا الخدم المنتصبـين للقيام بخدمة القوم واستخفوا عقولهم وأديانهم: من حيث لم يكن قصدهم من الخدمة إلا الرياء والسمعة وانتشار الصيت واقتناص الأموال بطريق السؤال تعللاً بكثرة الأتباع، فلم يكن لهم في الخانقاهات حكم نافذ، ولا تأديب للمريدين نافع، ولا حجر عليهم قاهر، فلبسوا المرقعات واتخذوا في الخانقاهات متنزهات، وربما تلقفوا ألفاظاً مزخرفة من أهل الطامات، فينظرون إلى أنفسهم وقد تشبهوا بالقوم في خرقتهم وفي سياحتهم وفي لفظهم وعبارتهم وفي آداب ظاهرة من سيرتهم، فيظنون بأنفسهم خيراً ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ويعتقدون أن كل سوداء تمرة، ويتوهمون أنّ المشاركة في الظاهر توجب المساهمة في الحقائق وهيهات فما أغزر حماقة من لا يميز بـين الشحم والورم؟


فهؤلاء بغضاء الله فإن الله تعالى يبغض الشاب الفارغ. ولم يحملهم على السياحة إلا الشباب والفراغ، إلا من سافر لحج أو عمرة في غير رياء ولا سمعة، أو سافر لمشاهدة شيخ يقتدي به في علمه وسيرته وقد خلت البلاد عنه الآن والأمور الدينية كلها قد فسدت وضعفت إلا التصوف فإنه قد انمحق بالكلية وبطل، لأنّ العلوم لم تندرس بعد، والعالم وإن كان عالم سوء فإنما فساده في سيرته لا في علمه، فيبقى عالماً غير عامل بعلمه، والعمل غير العلم." اهـ (إحياء علوم الدين للغزالي - كتاب آداب السفر)


ومن أمثلة المتصوفة الذين ينتسبون إلى القوم وليسوا منهم، ما ذكره الشيخ إبن القيّم رحمه الله تعالى في كتابه القيّم (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان) :


"ومن كيده [أي إبليس اللعين]: ما ألقاه إلى جُهال المتصوفة من الشطح والطامات، وأبرزه لهم فى قالب الكشف من الخيالات، فأوقعهم فى أنواع الأباطيل والترهات، وفتح لهم أبواب الدعاوى الهائلات، وأوحى إليهم: أن وراء العلم طريقا إن سلكوه أفضى بهم إلى الكشف العيان، وأغناهم عن التقيد بالسنة والقرآن، فحسن لهم رياضة النفوس وتهذيبها، وتصفية الأخلاق والتجافى عما عليه أهل الدنيا، وأهل الرياسة والفقهاء، وأرباب العلوم والعمل على تفريغ القلب وخلوه من كل شىء، حتى ينتقش فيه الحق بلا واسطة تعلم، فلما خلا من صورة العلم الذى جاء به الرسول http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/salla.gif نقش فيه الشيطان بحسب ما هو مستعد له من أنواع الباطل، وخيله للنفس حتى جعله كالمشاهد كشفا وعيانا، فإذا أنكره عليهم ورثة الرسل http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya2.gif قالوا: لكم العلم الظاهر، ولنا الكشف الباطن، ولكم ظاهر الشريعة، وعندنا باطن الحقيقة، ولكم القشور ولنا اللباب، فلما تمكن هذا من قلوبهم سلخها من الكتاب والسنة والآثار كما ينسلخ الليل عن النهار، ثم أحالهم فى سلوكهم على تلك الخيالات، وأوهمهم أنها عن الآيات البينات، وأنها من قبل الله سبحانه إلهامات وتعريفات فلا تعرض على السنة والقرآن، ولا تعامل إلا بالقبول والإذعان.


فلغير الله لا له سبحانه ما يفتحه عليهم الشيطان من الخيالات والشطحات، وأنواع الهذيان. وكلما ازدادوا بعدا وإعراضا عن القرآن وما جاء به الرسول http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/salla.gif كان هذا الفتح على قلوبهم أعظم. " اهـ




" فصل


ثم إن طائفة الموسوسين قد تحقق منهم طاعة الشيطان، حتى اتصفوا بوسوسته. وقبلوا قوله، وأطاعوه، ورغبوا عن اتباع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وصحابته، حتى إن أحدهم ليرى أنه إذا توضأ وضوء رسول الله عليه الصلاة والسلام أو صلى كصلاته، فوضوؤه باطل، وصلاته غير صحيحة. ويرى أنه إذا فعل مثل فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام فى مؤاكلة الصبيان، وأكل طعام عامة المسلمين، أنه قد صار نجساً يجب عليه تسبيع يده وفيه، كما لو ولغ فيهما كلب أو بال عليهما هر. " اهـ (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان لابن القيم الجوزية)


يتبع إن شاء الله تعالى.....

عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:05 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
وقال مولانا الإمام الغزالي http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif في (إحياء علوم الدين) :



"..قال بعض العارفين: إن ملك الموت عليه السلام إذا ظهر للعبد أعلمه أنه بقي من عمرك ساعة وأنك لا تستأخر عنها طرفة عين، فيبدو للعبد من الأسف والحسرة ما لو كانت له الدنيا بحذافيرها لخرج منها على أن يضم إلى تلك الساعة ساعة أخرى ليستعتب فيها ويتدارك تفريطه فلا يجد إليه سبيلاً، وهو أول ما يظهر من معاني قوله تعالى: " وحيل بينهم وبين ما يشتهون " وإليه الإشارة بقوله تعالى: " من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين. ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها " فقيل: الأجل القريب الذي يطلبه: معناه أنه يقول عند كشف الغطاء للعبد: يا ملك الموت أخرني يوماً أعتذر فيه إلى ربي وأتوب وأتزود صالحاً لنفسي، فيقول: فنيت الأيام فلا يوم، فيقول: فأخرني ساعة فيقول: فنيت الساعات فلا ساعة، فيغلق عليه باب التوبة فيتغرغر بروحه وتتردد أنفاسه في شراسفه، ويتجرع غصة اليأس عن التدارك وحسرة الندامة على تضييع العمر، فيضطرب أصل إيمانه في صدمات تلك الأحوال، فإذا زهقت نفسه فإن كان سبقت له من الله الحسنى خرجت روحه على التوحيد فذلك حسن الخاتمة، وإن سبق له القضاء بالشقوة والعياذ بالله خرجت روحه على الشك والاضطراب وذلك سوء الخاتمة،


ولمثل هذا يقال: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن " وقوله: " إنما التوبة للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب " ومعناه عن قرب عهد بالخطيئة بأن يتندم عليها ويمحو أثرها بحسنة يردفها بها قبل أن يتراكم الرين على القلب فلا يقبل المحو، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: " أتبع السيئة الحسنة تمحها"، ولذلك قال لقمان لابنه: يا بني لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة ومن ترك المبادرة إلى التوبة بالتسويف كان بين خطرين عظيمين أحدهما أن تتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي حتى يصير ريناً وطبعاً فلا يقبل المحو، الثاني أن يعاجله المرض أو الموت فلا يجد مهلة للاشتغال بالمحو ولذلك ورد في الخبر " إن أكثر صياح أهل النار من التسويف" فما هلك من هلك إلا بالتسويف، فيكون تسويده القلب نقداً وجلاؤه بالطاعة نسيئة إلى أن يختطفه الموت فيأتي الله بقلب غير سليم، ولا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم، فالقلب أمانة الله تعالى عند عبده والعمر أمانة الله عنده وكذا سائر أسباب الطاعة، فمن خان في الأمانة ولم يتدارك خيانته فأمره مخطر.


قال بعض العارفين: إن الله تعالى [يفضي] إلى عبده سرين يسرهما إليه على سبيل الإلهام: أحدهما إذا خرج من بطن أمه يقول له: عبدي قد أخرجتك إلى الدنيا طاهراً نظيفاً واستودعتك عمرك وائتمنتك عليه، فانظر كيف تحفظ الأمانة وانظر إلى كيف تلقاني. والثاني عند خروج روحه يقول: عبدي ماذا صنعت في أمانتي عندك هل حفظتها حتى تلقاني على العهد فألقاك على الوفاء، أو أضعتها فألقاك بالمطالبة والعقاب. وإليه الإشارة بقوله تعالى: " أوفوا بعهدي أوف بعهدكم " وبقوله تعالى: " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون " ." اهـ

عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:08 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
:extra73:




ويقول مولانا العارف بالله ابن عجيبة http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif في تفسيره الإشاري ( تفسير البحر المديد في تفسير القران المجيد) :



"{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى; عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }



يقول الحقّ جلّ جلاله: إخباراً عن مقالات اليهود والنصارى وتقبيحاً لصنيعهم: { وقالت اليهود } في الرد على النصارى: { ليست النصارى على شيء } يعتد به، { وقالت النصارى } في سَبِّ اليهود، { ليست اليهود على شيء } يعتمد عليه، والحالة أنهم { يتلون الكتاب } ، فاليهود يتلون التوراة وفيها البشارة بعيسى عليه السلام، والنصارى يتلون الإنجيل، وفيه تقرير شريعة التوراة وصحة نبوة موسى عليه السلام، فقد كفرت كلُّ فرقة بكتابها غضباً وتعصباً، ومثل مقالتهم هذه { قال الذين لا يعلمون } وهم المشركون، فقالوا: ليس المسلمون على شيء، { فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } فيُدْخل أهلَ الحِقّ الجنةَ وأهلَ الباطل النار، وبالله التوفيق.


الإشارة: كل ما قصه الحق تعالى علينا من مساوئ غيرنا فالمقصود به التنفير والتحذير من مثل ما ارتكبوه، والتخلق بضد ما فعلوه، فكل من تراه ينقص الناس ويصّرُهم فهو أصغرهم، وكل من تراه يقول: أصحاب سيدي فلان ليسوا على شيء، وأصحاب سيدي فلان ليس عندهم شيء، فليس هو على شيء، وقد ابتلي بعض المتصوفة بهذا الوصف الذميم، ينصب الميزان على الناس، فيسقط ثوماً ويرفع آخرين، وهو يتلو كتاب الله، ويسمع قوله تعالى: { وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً... } [الحُجرَات: 12] الآية.


وأكثر ما تجد هذا الوصف في بعض الفقهاء المتجمدين على ظاهر الشريعة، يعتقد ألا علم فوق علمه، ولا فهم فوق فهمه، كيف؟ والله تعالى يقول: { وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإسرَاء: 85]، { وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ } [يُوسُفِ: 76]، وقد قال إمام الحرمين: (لإِنْ أُدْخلَ ألْفَ كَافرٍ في الإسْلامِ بِشُبْهَةٍ خَيْرٌ مِنْ إِخراجِ واحدٍ منْه بشُبْهة).


فالواجب على مَن أراد السلامة أن يُحسن الظن بجميع المسلمين، ويعتقد فيهم أنهم كلهم صالحون، ففي الحديث: " خَصْلَتَان لَيْسَ فوقَهُما شَيءٌ منَ الخير: حُسْنُ الظن بالله، وحُسْنُ الظن بِعباد الله، وخَصْلَتَان لَيْسَ فوقَهما شيءٌ مِن الشرِّ: سُوءُ الظنّ بِالله، وسُوءُ الظنِّ بِعِبادِ اللّه " وبالله التوفيق.


ثم وبّخ الحق - تعالى - النصارى على منع الناس من بيت المقدس وإيذاء مَن يصلي فيه، وطرح الأقذاء فيه، مع زعمهم أنهم على الحق دون غيرهم، قاله ابن عباس، أو كفار قريش حيث منعوا المسلمين من الصلاة فيه، وصدوا رسول الله عن الوصول إليه، قاله ابن زيد، والتحقيق: أن الحق تعالى وبخ الجميع." اهـ

عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:11 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
http://www.rubat.com/phpbb/files/05092712123010282.gif



ويقول مولانا الإمام حجّة الإسلام العارف الهمام: أبو حامد الغزالي http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif في (إحياء علوم الدين) :


"اعلم أنه قد ظنّ أن تارك المال زاهد، وليس كذلك؛ فإنّ ترك المال وإظهار الخشونة سهل على من أحب المدح بالزهد، فكم من الرهابـين من ردوا أنفسهم كل يوم إلى قدر يسير من الطعام ولازموا ديراً لا باب له، وإنما مسرة أحدهم معرفة الناس حاله ونظرهم إليه ومدحهم له، فذلك لا يدل على الزهد دلالة قاطعة، بل لا يعدّ من الزهد في المال والجاه جميعاً حتى يكمل الزهد في جميع حظوظ النفس من الدنيا بل قد يدعي جمال الزهد مع لبس الأصواف الفاخرة والثياب الرفيعة، كما قال الخوّاص في وصف المدعين إذ قال: وقوم ادعوا الزهد ولبسوا الفاخر من اللباس يموّهون بذلك على الناس ليهدى إليهم مثل لباسهم، لئلا ينظر إليهم بالعين التي ينظر بها إلى الفقراء فيحتقروا فيعطوا كما تعطى المساكين، ويحتجون لنفوسهم بأتباع العلم وأنهم على السنة، وأن الأشياء داخلة إليهم وهم خارجون منها وإنما يأخذون بعلة غيرهم. هذا إذا طولبوا بالحقائق وألجئوا إلى المضايق، وكل هؤلاء أكلة الدنيا بالدين لم يعنوا بتصفية أسرارهم ولا بتهذيب أخلاق نفوسهم، فظهرت عليهم صفاتهم فغلبتهم فادعوها حالاً لهم، فهم مائلون إلى الدنيا متبعون للهوى. فهذا كله كلام الخواص رحمه الله؛ فإذن معرفة الزهد أمر مشكل، بل حال الزهد على الزهد مشكل.


وينبغي أن يعوّل في باطنه على ثلاث علامات:


العلامة الأولى: أن لا يفرح بموجود ولا يحزن على مفقود، كما قال تعالى: {لِكَيْلاَ تَأْسَوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} بل ينبغي أن يكون بالضدّ من ذلك: وهو أن يحزن بوجود المال ويفرح بفقده.


العلامة الثانية: أن يستوي عنده ذامه ومادحه، فالأوّل علامة الزهد في المال والثاني علامة الزهد في الجاه.


العلامة الثالثة: أن يكون أنسه بالله تعالى والغالب على قلبه حلاوة الطاعة إذ لا يخلو القلب عن حلاوة المحبة إما محبة الدنيا وإما محبة الله، وهما في القلب كالماء والهواء في القدح، فالماء إذا دخل خرج الهواء ولا يجتمعان، وكل من أنس بالله اشتغل به ولم يشتغل بغيره، ولذلك قيل لبعضهم: إلى ماذا أفضى بهم الزهد؟ فقال: إلى الأنس بالله؛ فأما الأنس بالدنيا وبالله فلا يجتمعان." اهـ


(المصدر: كتاب إحياء علوم الدين للغزالي http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif - كتاب الفقر والزهد - بيان علامات الزهد)



(يتبع إن شاء الله تعالى مع نقول أخرى في وصف الأدعياء والمتزييّن بلباس الأصفياء... )


عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:12 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
http://www.rubat.com/phpbb/files/05092712123010282.gif




"الشرط الثامن- أن يكون طعام الداعي مباحاً.


فإن لم يكن مباحاً بأن كان أكثر ماله حراماً، أو فيه شبهة، كرهت الإجابة. وإن علم أن عين الطعام حرام، حرمت الإجابة. قال الزركشي وهذا يؤدي إلى سقوط الإجابة في هذا الزمان،لغلبة الشبهة انتهى. قال الحصني: فإن لم يكن مباحاً، كطعام المكثر والظلمة من أمراء الجور وقضاة الرشى وأتباعهم من فقهاء المزبلة، الذين يأكلون الأوقاف بغير استحقاق من عدم القيام بشروط الواقفين، أو كان في الوقف شيء يحتاج إلى العمارة، فأن كانت المدرسة ونحوها خراب، فهو أشد في التحريم، والأكل من ذلك من الكبائر لا خلاف في ذلك عند أحد، ومن استحله فهو كافر بلا خلاف، لأن تحريم ذلك مجمع عليه.


وكذا المتصوفة الذين ليسوا بصفة القوم، أكلهم من الربط والزوايا حرام لا خلاف في ذلك، ولو أعطي أحد منهم مالاً ليتخذ به عدوة وهو على غير صفة القوم فهو حرام أيضاً لا خلاف فيه، صرح به الغزالي.


فمثل هؤلاء لا تجب إليهم، بل يجب الإنكار على من يحضر عندهم، وإن كان فقيهاً يشار إليه بالفضل والعلم. فأعرف ذلك واتبع الحق، فما بعده إلا الضلال، والله أعلم انتهى." اهـ


(فص الخواتم فيما قيل في الولائم - لإبن طولون http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif - باب شروط إجابة الدعوة )





(يتبع إن شاء الله تعالى مع نقول أخرى .... )

عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:13 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
http://www.rubat.com/phpbb/files/05092712123010282.gif



قرأت لكم رضي الله تعالى عن مؤلفه وعنكم هذا الفصل من كتاب (حقائق عن التصوف) لمولانا العارف الغارف عبد القادر عيسى http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif :


"بين الصوفية وأدعياء التصوف


لقد شوَّهَ التصوفَ رجالٌ مغرِضونَ تَزَيَّوْا بزيه، وانتسبوا له، فأساؤوا إِليه بأقوالهم وأفعالهم وسيرتهم، والتصوف منهم براء.


فمن أجل خدمة الحق وإِظهاره علينا أن نفرق بين أدعياء التصوف المنحرفين، وبين السادة الصوفية الصادقين العارفين، وخصوصاً الأئمة منهم الذين كانت لهم درجات عليا في الإِيمان والتقوى والورع، وآثار كبرى في نشر الأخلاق والدين والدعوة إِلى الله تعالى في سائر العصور والبلدان، وعلينا أن نقف وقفة رجل متمسك بشرعه ودينه ونقول: هناك فرق كبير بين التصوف والصوفي، وليس المتصوف بانحرافه وشذوذه ممثلاً للتصوف، كما أن المسلم بأفعاله المنكَرة ليس ممثلاً لإِسلامه ودينه.


ومتى كان في شريعة الحق والدين أن يُؤَاخذ الجار بظلم الجار ؟ وأن يتحمل الإِسلامُ في جوهره النقي أخطاءَ المسلمين المنحرفين ؟ وأن تنسب إِلى هذه الفئة الطيبة النقية أخطاءُ المتصوفة الشاذين ؟.


وإِنكار بعض العلماء على أفعال شاذة منسوبة إِلى الصوفية إِنما يستهدف هؤلاء الغلاة المنحرفين من أدعياء التصوف. ولطالما حذَّر مرشدو الصوفية الناسَ منهم. قال الشيخ أحمد زروق رحمه الله تعالى في كتابه قواعد التصوف: (فغلاةُ المتصوفة كأهل الأهواء من الأصوليين، وكالمطعون عليهم من المتفقهين، يُرَدُّ قولُهم، ويُجتنَبُ فعلُهم، ولا يُترَكُ المذهب الحق الثابت بنسبتهم له وظهورهم فيه) إِلخ [قواعد التصوف للشيخ أحمد زروق قاعدة 35، ص13].


إِن الخير والشر موجود في كل طائفة من الناس إِلى يوم القيامة، فليس كل الصوفية سواء، كما أنه ليس كل العلماء والفقهاء والمدرسين والقضاة والتجار والأمراء سواء ؛ إِذ فيهم الصالح وفيهم الأصلح، وفيهم الفاسد وفيهم الأفسد، هذا أمر ظاهر لا شبهة فيه عند الجمهور اعرفِ الحقَّ تعرفْ أهلَه، ويعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال.


ونحن ننكر ما أنكره العلماء على هؤلاء الأدعياء من المتصوفة المنحرفين، الشاذين عن دين الله تعالى، وأما المتمسكون بالكتاب والسنة، المستقيمون على شرع الله تعالى فهم الذين نَعنيهم، ونقتفي أثرهم، وسنعرض لك في الفصل التالي شهادة علماء الأمة الإِسلامية من سلفها إِلى خلفها بهم.


أعداء التصوُّف


إِن الذين طعنوا في التصوف الإِسلامي، وتهجموا عليه، واتهموه بشتى أنواع الأكاذيب والافتراءات، ورموه بالانحراف والزيغ ؛ إِما أن يكون باعثهم على ذلك الحقد والعداوة المتأصلة للإِسلام، وإِما أن يكون سبب وقوعِهم في هذا الإِثم جهلهم المطبق بحقيقة التصوف.


1ـ أما الصنف الأول: فهم أعداء الإِسلام من الزنادقة المستشرقين وأذنابهم وعملائهم الذين صنعتْهم الصليبية الماكرة والاستعمار البغيض، لطعن الإِسلام ودك حصونه، وتشويه معالمه، وبث سموم الفرقة والخصام بين صفوف أبنائه.


وقد كشفهم السيدُ محمد أسد، في كتابه: الإِسلام على مفترق الطرق في بحث: شبح الحروب الصليبية [انظر كتاب الإِسلام على مفترق الطرق ص52. أما المؤلف فنمساوي الأصل وكان اسمه ليوبولدفايس، فاعتنق الإِسلام وتسمى باسم "محمد أسد" وينصرف في الوقت الحاضر إِلى ترجمة معاني القرآن الكريم وصحيح البخاري إِلى اللغة الإِنكليزية].


وقد عكف هؤلاء المغرضون على دراسة الإِسلام دراسة دقيقة مستفيضة كي يعرفوا سرَّ قوَّته، ولِيعلموا من أي باب يلجون، وفي أي طريق يسيرون للوصول إِلى أهدافهم الماكرة ومآربهم الخبيثة. ومن أشهر كتَّابهم: نكلسون الإِنكليزي، وجولدزيهر اليهودي، وماسينيون الفرنسي وغيرهم.


فتارة يدُسُّون السم في الدسم، ويمدحون الإِسلام في بعض كتبهم كي ينالوا ثقة القارىء، فإِذا اطمأنَّ إِليهم، وركن إِلى أقوالهم شككوه في عقائده، وحشوا قلبه بأباطيل ألصقوها بالإِسلام زوراً وبهتاناً.


وتارة ينْتحلون صفة الباحث العلمي المتجرد، أو يلبسون ثوب الغيور على الدين، المتباكي على تراثه، فيشنون حملةً شعْواء على التصوف، وقد عرفوا أنه روح الإِسلام وقلبه النابض، فيدّعون أنه مقتبس من اليهودية أو النصرانية أو البوذية، ويتهمون رجاله بعقائد مكفرة وأفكار منحرفة ضالة، كالقول بالحلول والاتحاد، ووحدة الوجود، ووحدة الأديان، وغير ذلك.


ونحن لا نعتِبُ عليهم لأنهم أعداء، وهذا شأن العدو الماكر، ولا ندخل في تفاصيل الردِّ عليهم، وتفنيد افتراءاتهم بعد أنْ علمنا أغراضهم ومآربهم الخبيثة. ولكننا نعتب على جماعة يدّعون الإِسلام ثم يتبنَّون آراءَ هؤلاء الخصوم الألداء وخصوصاً في طعن الإِسلام في روحه وجوهره، ألا وهو التصوف. فهل يصِح لمسلم عاقل أن يتخذ أقوال الأعداء المتحاملين المغرضين الكافرين حجة لطعن إِخوته المؤمنين ؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.


ولو كان هؤلاء المستشرقون صادقين في دفاعهم عن الإِسلام مخلصين في زعمهم بتنقيته من الشوائب وغيرتهم عليه وحبهم له، فلماذا لم يعتنقوه ؟! ولِمَ لم يتخذوه منهجاً لهم في حياتهم ؟!


2ـ وأما الصنف الثاني: فهم الذين جهلوا حقيقة التصوف الإِسلامي ولم يأخذوه عن رجاله الصادقين وعلمائه المخلصين ؛ بل نظروا إِليه نظرة سطحية بعيدة عن التمحيص والتبين، وهؤلاء أقسام:


أـ قسم أخذوا فكرتهم عن التصوف من خلال أعمال وسلوك بعض الدخلاء والمنحرفين من أدعياء التصوف ؛ دون أن يُفرِّقوا بين التصوف الحقيقي الناصع، وبين بعض الوقائع المشوهة التي تصدر عن الدخلاء على الصوفية والتي لا تَمُتُّ إِلى الإِسلام بصلة [انظر بحث بين الصوفية وأدعياء التصوف ص449 في هذا الكتاب].


ب ـ وقسم خُدعوا بما وجدوه في كتب السادة الصوفية من أمور مدسوسة أو مسائل دخيلة ؛ فأخذوها على أنها حقائق ثابتة، دون تحقيق أو تثبت [انظر بحث الدس على العلوم الإِسلامية ص 398 في هذا الكتاب] أو إِنهم أخذوا الكلام الثابت في كتب الصوفية ففهموه على غير مراده، حسب فهمهم السطحي وعلمهم المحدود، وأهوائهم الخاصة، دون أن يرجعوا إِلى كلام الصوفية الواضح الذي لا يحيد عن لب الشريعة، والذي يعطي الضوء الناصع والنور الكاشف لتأويل هذا الكلام المتشابه [انظر بحث التأويل ص 415 في هذا الكتاب].


مثلهم في ذلك كمثل الذي في قلبه زيغ ومرض ؛ فأخذ الآيات القرآنية المتشابهة في القرآن الكريم فأوَّلها حسب هواه وانحرافه، دون أن يلتفت إِلى سائر الآيات القرآنية المُحْكَمَة التي تُلْقي النور على معاني هذه الآيات المتشابهة وتوضح معانيها، وتبين أغراضها. قال الله تعالى في حقهم: {هُوَ الذي أنْزَلَ عليكَ الكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكتابِ وأُخَرُ مُتشابهاتٌ فأمَّا الذينَ في قُلوبِهِم زيغٌ فيتَّبِعونَ ما تشابَهَ منهُ ابتغاءَ الفتنَةِ وابتغاءَ تأويلِهِ} [آل عمران: 7].


لهذا ولئلا يلتبس الأمر على جاهل أحمق أو مغرض متحامل، وضع علماء الصوفية عقائدهم صريحة واضحة لا تحيد عن مذهب أهل السنة والجماعة، ومنهم الشيخ محي الدين رحمه الله تعالى، فقد ذكر عقيدته واضحة مفصلة في مطلع كتابه الفتوحات المكية، وكذلك صاحب الرسالة القشيرية وغيرهما..


ج ـ وقسم هم المغشوشون المخدوعون الذين أخذوا ثقافتهم وعلومهم عن المستشرقين كما بيَّنَّا سابقاً، وتَبنَّوا مزاعمهم وأباطيلهم كأنها بَدَهياتٌ لا تقبل الجدل، أو تنزيل من حكيم حميد. ولم تسعفهم الفطانة والذكاء إِلى إِدراك حقيقة هؤلاء المستشرقين الذين نَصَبُوا أنفسهم وجنَّدوا ثقافتهم لهدم الإِسلام، بتشويه معالمه، وطعنه في جوهره وروحه.


إِلا أن هذه الأمة الإِسلامية لا تزال فيها طائفة ظاهرة على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله [أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الاعتصام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون" ومرَّ الحديث وعزوه ص42]، ولو اجتمع الثقلان على حربهم قبيلاً، يدعونَ مَنْ ضل إِلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويبصرون بنور الله أهلَ الضلال والعمى، اهتدوا بهدي النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه، واستضاءوا بنوره على مر الأزمان والدهور." اهـ



(يتبع مع نقول أخرى إن شاء الله تعالى..... )


عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:14 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
ويقول مولانا الإمام الحافظ العارف الغارف الجلال السيوطي http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif في (الحاوي للفتاوى) - كتاب البعث - رسالة تنزيه الإعتقاد عن الحلول والإتحاد:


"ثم قال صاحب نهج الرشاد: وما زال عباد الله الصالحون من أهل العلم والإيمان ينكرون حال هؤلاء الاتحادية، وإن كان بعض الناس قد يكون أعلم وأقدر وأحكم من بعض في ذلك، وقال الشيخ سعد الدين التفتازاني في شرح المقاصد: وأما المنتمون إلى الإسلام فمنهم بعض غلاة الشيعة القائلون بأنه لا يمتنع ظهور الروحاني في الجسماني كجبريل في صورة دحية الكلبي، وكبعض الجن أو الشياطين في صورة الأناسي قالوا: فلا يبعد أن يظهر الله تعالى في صورة بعض الكاملين وأولى الناس بذلك علي وأولاده تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً


قال: ومنهم بعض المتصوفة القائلون بأن السالك إذا أمعن في السلوك وخاض معظم لجة الوصول فربما يحل الله فيه {تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً} كالنار في الجمر بحيث لا تمايز أو يتحد به بحيث لا اثنينية ولا تغاير، وصح أن يقول هو أنا وأنا هو.


قال: وفساد الرأيين غني عن البيان. قال: وههنا مذهبان آخران يوهمان الحلول أو الاتحاد وليسا منه في شيء، الأول أن السالك إذا انتهى سلوكه إلى الله وفي الله يستغرق في بحر التوحيد والعرفان بحيث تضمحل ذاته في ذاته تعالى وصفاته في صفاته وتغيب عن كل ما سواه ولا يرى في الوجود إلا الله تعالى، وهذا هو الذي يسمونه الفناء في التوحيد، وحينئذ ربما تصدر عنه عبارات تشعر بالحلول أو الاتحاد لقصور العبارة عن بيان تلك الحال وبعد الكشف عنها بالمقال، ونحن على ساحل التمني نغترف من بحر التوحيد بقدر الإمكان، ونعترف بأن طريق الفناء فيه العيان دون البرهان والله الموفق، ثم ذكر في المذهب الثاني وهو القول بالوحدة المطلقة [وقال: إنه غير الحلول والاتحاد وأنه أيضاً خارج عن طريق العقل والشرع وأنه باطل وضلال. وقد سقت بقية كلامه فيه في الكتاب الذي ألفته في ذم القول بالوحدة المطلقة] فإنه به أجدر، وذكر السيد الجرجاني في شرح المواقف نحو ذلك قد سقت أيضاً عبارته في الكتاب المشار إليه." اهـ


( وهذا رابط لموضوع يحذر من تغلغل الرافضة بين أوساط الصوفية في مصر)



(يتبع إن شاء الله تعالى مع نقول أخرى .... )



عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:15 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
ومن كتاب (عوارف المعارف) لمولانا العارف الغارف السهروردي http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif قرأت لكم رضي الله تعالى عنكم :



الباب الحادي عشر في شرح حال الخادم ومن يتشبه به



"أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام وقال: يا داود إذا رأيت لي طالباً فكن له خادماً، الخادم يدخل في الخدمة راغباً في الثواب وفيما أعد الله تعالى للعباد، ويتصدى لإيصال الراحة ويفرغ خاطر المقبلين على الله تعالى عن مهام معاشهم ويفعل ما يفعله لله تعالى بنية صالحة، فالشيخ واقف مع مراد الله تعالى، والخادم واقف مع نيته، فالخادم يفعل الشيء لله تعالى، والشيخ يفعل الشيء لله فالشيخ في مقام المقربـين، والخادم في مقام الأبرار، فيختار الخادم للبذل والإيثار والارتفاق من الأغيار للأغيار، ووظيفة وقته تصديه لخدمة عباد الله، وفيه يعرف الفضل ويرجحه على نوافله وأعماله، وقد يقيم من لا يعرف الخادم من الشيخ الخادم مقام الشيخ، وربما جهل الخادم أيضاً حال نفسه فيحسب نفسه شيخاً لقلة العلم واندراس علوم القوم في هذا الزمان، وقناعة كثير من الفقراء من المشايخ باللقمة دون العلم والحال، فكل من كان أكثر إطعاماً هو عندهم أحق بالمشيخة ولا يعلمون أنه خادم وليس بشيخ، والخادم في مقام حسن وحظ صالح من الله تعالى.


وقد ورد ما يدل على فضل الخادم فيما أخبرنا الشيخ أبو زرعة ابن الحافظ أبـي الفضل محمد بن طاهر المقدسي عن أبـيه، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الله المقري، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي، قال: حدثنا أبو حامد الحافظ، قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري وأبو الأزهر، قالا: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا سفيان، عن الأوزاعي، عن يحيـى بن أبـي كثير، عن أبـي سلمة، عن أبـي هريرة [ http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif ] أن النبـي [ http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/salla.gif ] أتي بطعام وهو بمر الظهران فقال لأبـي بكر وعمر [ http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya4.gif ] : كُلاَ، فقالا: إنا صائمان، فقال: ارحلا لصاحبـيكما اعملا لصاحبـيكما ادنوا فكلا يعني أنكما ضعفتما بالصوم عن الخدمة فاحتجتما إلى من يخدمكما فكلا وأخدما أنفسكما، فالخادم يحرص على حيازة الفضل، فيتوصل بالكسب تارة، وبالاسترقاق والدروزة تارة أخرى، وباستجلاب الوقف إلى نفسه تارة، لعلمه أنه قيم بذلك، صالح لإيصاله إلى الموقوف عليهم، ولا يبالي أن يدخل في كل مدخل لا يذمه الشرع لحيازة الفضل بالخدمة، ويرى الشيخ بنفوذ البصيرة وقوة العلم أن الإنفاق يحتاج إلى علم تام ومعاناة تخليص النية عن شوائب النفس والشهوة الخفية؛ ولو خلصت عليه نيته ما رغب في ذلك، لوجود مراده فيه، وحاله ترك المراد وإقامة مراد الحق.


أخبرنا أبو زرعة إجازة، قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف إجازة، قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت محمد بن الحسين بن الخشاب يقول: سمعت جعفر بن محمد [ http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya2.gif ] يقول: سمعت الجنيد [ http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif ] يقول: سمعت السري [ http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif ] يقول: أعرف طريقاً مختصراً قصد إلى الجنة؛ فقلت له: ما هو؟ قال: لا تسأل من أحد شيئاً ولا تأخذ من أحد شيئاً ولا يكن معك شيء تعطي منه أحداً شيئاً، والخادم يرى أن من طريق الجنة الخدمة والبذل والإيثار فيقدم الخدمة على النوافل ويرى فضلها، وللخدمة فضل على النافلة التي يأتي بها العبد طالباً بها الثواب، غير النافلة التي يتوخى بها صحة حاله مع الله تعالى لوجود نقد قبل وعد.


ومما يدل على فضل الخدمة على النافلة ما أخبرنا أبو زرعة قال: أخبرني والدي الحافظ المقدسي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد السمسار بأصفهان، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله بن خرشيد، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي قال: حدثنا أبو السائب، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا عاصم عن مورق عن أنس [ http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya2.gif ] قال: كنا مع رسول الله [ http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/salla.gif ] ، فمنا الصائم ومنا المفطر، فنزلنا منزلاً في يوم حارّ شديد الحر، فمنا من يتقي الشمس بـيده، وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء يستظل به، فنام الصائمون، وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب؛ فقال رسول الله [ http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/salla.gif ] : «ذَهَبَ المُفْطِرُونَ اليَوْمَ بِالأَجْرِ» .


وهذا حديث يدل على فضل الخدمة على النافلة، والخادم له مقام عزيز يرغب فيه؛ فأما من لم يعرف تخليص النية من شوائب النفس ويتشبه بالخادم ويتصدى لخدمة الفقراء ويدخل في مداخل الخدام بحسن الإرادة بطلب التأسي بالخدام، فتكون خدمته مشوبة، منها ما يصيب فيها لموضع إيمانه وحسن إرادته في خدمة القوم، ومنها ما لا يصيب فيها لما فيه من مزج الهوى فيضع الشيء في غير موضعه، وقد يخدم بهواه في بعض تصاريفه، ويخدم من لا يستحق الخدمة في بعض أوقاته، ويحب المحمدة والثناء من الخلق مع ما يحب من الثواب ورضا الله تعالى، وربما خدم للثناء، وربما امتنع من الخدمة لوجود هوى يخامره في حق من يلقاه بمكروه، ولا يراعي واجب الخدمة في طرفي الرضا والغضب لانحراف مزاج قلبه بوجود الهوى، والخادم لا يتبع الهوى في الخدمة في الرضا والغضب، ولا يأخذه في الله لومة لائم ويضع الشيء موضعه؛ فإذن الشخص الذي وصفناه آنفاً متخادم وليس بخادم ولا يميز بـين الخادم والمتخادم إلا من له علم بصحة النيات وتخليصها من شوائب الهوى، والمتخادم النجيب يبلغ ثواب الخادم في كثير من تصاريفه ولا يبلغ رتبته لتخلفه عن حاله بوجود مزج هواه؛ وأما من أقيم لخدمة الفقراء بتسليم وقف إليه أو توفير رفق عليه وهو يخدم لمنال يصيبه أو حظ عاجل يدركه، فهو في الخدمة لنفسه لا لغيره؛ فلو انقطع رفقه ما خدم، وربما استخدم من يخدم؛ فهو مع حظ نفسه يخدم من يخدمه، ويحتاج إليه في المحافل يتكثر به ويقيم به جاه نفسه بكثرة الأتباع والأشياع، فهو خادم هواه وطالب دنياه، يحرص نهاره وليله في تحصيل ما يقيم به جاهه ورضى نفسه وأهله وولده، فيتسع في الدنيا ويتزيا بغير زي الخدام والفقراء وتنتشر نفسه بطلب الحظوظ، ويستولي عليه حب الرئاسة، وكلما كثر رفقه كثرت مواد هواه واستطال على الفقراء، ويحوج الفقراء إلى التملق المفرط له تطلباً لرضاه وتوقياً لضيمه وميله عليهم بقطع ما ينوبهم من الوقف فهذا أحسن حاله أن يسمى مستخدماً، فليس بخادم ولا متخادم، ومع ذلك كله ربما نال بركتهم باختياره خدمتهم على خدمة غيرهم وبانتمائه إليهم وقد أوردنا الخبر المسند الذي في سياقه: «هُمُ القَوْمُ لاَ يَشْقَىٰ بِهِمْ جَلِيسُهُمْ» ، والله الموفق والمعين. " اهـ



(يتبع إن شاء الله تعالى مع نقول أخرى..... )


عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:19 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
http://www.rubat.com/phpbb/files/b.gif


ومن كتاب (عوارف المعارف) لمولانا العارف الغارف السهروردي http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif قرأت لكم رضي الله تعالى عنكم :


"وأما وجه الإنكار فيه [ أي السماع ] فهو أن يرى جماعة من المريدين دخلوا في مبادىء الإرادة ونفوسهم ما تمرنت على صدق المجاهدة حتى يحدث عندهم علم بظهور صفات النفس وأحوال القلب حتى تنضبط حركاتهم بقانون العلم ويعلمون ما لهم وعليهم مشتغلين به.


حكي أن ذا النون لما دخل بغداد دخل عليه جماعة ومعهم قوّال؛ فاستأذنوه أن يقول شيئاً فأذن له فأنشد القوال:




صغير هواك عذبني=فكيف به إذا احتنكا
وأنت جمعت من قلبـي=هوًى قد كان مشتركا
أما ترثي لمكتئبٍ=إذا ضحك الخليُّ بكى



فطاب قلبه، وقام وتواجد وسقط على جبهته والدم يقطر من جبهته ولا يقع على الأرض. ثم قام واحد منهم فنظر إليه ذو النون فقال: اتق الذي يراك حين تقوم؛ فجلس الرجل، وكان جلوسه لموضع صدقه وعلمه أنه غير كامل الحال غير صالح للقيام متواجداً، فيقوم أحدهم من غير تدبر وعلم في قيامه وذلك إذا سمع إيقاعاً موزوناً بسمع يؤدي ما سمعه إلى طبع موزون، فيتحرك بالطبع الموزون للصوت الموزون والإيقاع الموزون، وينسبل حجاب نفسه المنبسط بانبساط الطبع على وجه القلب، ويستفزه النشاط المنبعث من الطبع فيقوم يرقص موزوناً ممزوجاً بتصنع وهو محرّم عند أهل الحق، ويحسب ذلك طيبة للقلب، وما رأى وجه القلب وطيبته لله تعالى.


ولعمري هو طيبة القلب ولكن قلب ملون بلون النفس ميال إلى الهوى موافق للردى لا يهتدي إلى حسن النية في الحركات ولا يعرف شروط صحة الإرادات، ولمثل هذا الراقص قيل: الرقص نقص؛ لأنه رقص مصدره الطبع غير مقترن بنية صالحة لا سيما إذا انضاف إلى ذلك شوب حركاته بصريح النفاق بالتودد والتقرب إلى بعض الحاضرين من غير نية، بل بدلالة نشاط النفس من المعانقة وتقبـيل اليد والقدم، وغير ذلك من الحركات التي لا يعتمدها من المتصوفة إلا من ليس له من التصوف إلا مجرد زي وصورة، أو يكون القوال أمرد تنجذب النفوس إلى النظر إليه وتستلذ ذلك وتضمر خواطر السوء، أو يكون للنساء إشراف على الجمع وتتراسل البواطن المملوءة من الهوى بسفارة الحركات والرقص وإظهار التواجد فيكون ذلك عين الفسق المجمع على تحريمه فأهل المواخير حينئذٍ أرجى حالاً ممن يكون هذا ضميره وحركاته، لأنهم يرون فسقهم وهذا لا يراه ويريه عبادة لمن لا يعلم ذلك، أفترى أحداً من أهل الديانات، يرضى بهذا ولا ينكره؟


فمن هذا الوجه توجه للمنكر الإنكار، وكان حقيقاً بالاعتذار، فكم من حركات موجبة للمقت، وكم من نهضات تذهب رونق الوقت، فيكون إنكار المنكر على المريد الطالب يمنعه عن مثل هذه الحركات، ويحذره من مثل هذه المجالس، وهذا إنكار صحيح. " اهـ





(يتبع إن شاء الله تعالى مع نقول أخرى..... )



وهذا رابط لموضوع قيّم كتبه سيدّي الفاضل العارف الغارف الناهل (الصادي) http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif - جزاه الله خيراً والمقام العالي في الفاني والباقي، وأيدّه بروح القدس السامي ما نافح عن التصوّف الراقي:


( آفة الدعوى والإدعاء في بعض المجتمع الصوفي !! )

عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:22 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
http://www.rubat.com/phpbb/files/b.gif



وقال مولانا العارف بالله الغارف من العوارف الرحيبة ابن عجيبة http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif في نفسيره (البحر المديد في تفسير القرآن المجيد) - سورة: البقرة-113


في قوله جلّ ذكره: { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ لَيْسَتِ ٱلنَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ ٱلنَّصَارَىٰ لَيْسَتِ ٱلْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ ٱلْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }


"يقول الحقّ جلّ جلاله: إخباراً عن مقالات اليهود والنصارى وتقبيحاً لصنيعهم: { وقالت اليهود } في الرد على النصارى: { ليست النصارى على شيء } يعتد به، { وقالت النصارى } في سَبِّ اليهود، { ليست اليهود على شيء } يعتمد عليه، والحالة أنهم { يتلون الكتاب } ، فاليهود يتلون التوراة وفيها البشارة بعيسى عليه السلام، والنصارى يتلون الإنجيل، وفيه تقرير شريعة التوراة وصحة نبوة موسى عليه السلام، فقد كفرت كلُّ فرقة بكتابها غضباً وتعصباً، ومثل مقالتهم هذه { قال الذين لا يعلمون } وهم المشركون، فقالوا: ليس المسلمون على شيء، { فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } فيُدْخل أهلَ الحِقّ الجنةَ وأهلَ الباطل النار، وبالله التوفيق.


الإشارة: كل ما قصه الحق تعالى علينا من مساوئ غيرنا فالمقصود به التنفير والتحذير من مثل ما ارتكبوه، والتخلق بضد ما فعلوه، فكل من تراه ينقص الناس ويضّرُهم فهو أصغرهم، وكل من تراه يقول: أصحاب سيدي فلان ليسوا على شيء، وأصحاب سيدي فلان ليس عندهم شيء، فليس هو على شيء، وقد ابتلي بعض المتصوفة بهذا الوصف الذميم، ينصب الميزان على الناس، فيسقط قوماً ويرفع آخرين، وهو يتلو كتاب الله، ويسمع قوله تعالى: { وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً... }[الحُجرَات: 12] الآية.


وأكثر ما تجد هذا الوصف في بعض الفقهاء المتجمدين على ظاهر الشريعة، يعتقد ألا علم فوق علمه، ولا فهم فوق فهمه، كيف؟ والله تعالى يقول: { وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }[الإسرَاء: 85]، { وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ }[يُوسُفِ: 76]، وقد قال إمام الحرمين: (لإِنْ أُدْخلَ ألْفَ كَافرٍ في الإسْلامِ بِشُبْهَةٍ خَيْرٌ مِنْ إِخراجِ واحدٍ منْه بشُبْهة).


فالواجب على مَن أراد السلامة أن يُحسن الظن بجميع المسلمين، ويعتقد فيهم أنهم كلهم صالحون، ففي الحديث: " خَصْلَتَان لَيْسَ فوقَهُما شَيءٌ منَ الخير: حُسْنُ الظن بالله، وحُسْنُ الظن بِعباد الله، وخَصْلَتَان لَيْسَ فوقَهما شيءٌ مِن الشرِّ: سُوءُ الظنّ بِالله، وسُوءُ الظنِّ بِعِبادِ اللّه " وبالله التوفيق." اهـ


عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:23 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
http://www.rubat.com/phpbb/files/b.gif



وقال مولانا الإمام الحافظ العارف الرباني جلال الدين السيوطي http://www.rubat.com/phpbb/images/smiles/radeya1.gif في رسالته (شعلة نار) :


"...وكثير من الناس يظن أن كل من مارس كتب التصوف وقرأ شيئا منها وكتب وعلق, يسمى صوفيا, وليس كذلك. ولكن لا يستحق هذا الاسم حتى يلج الجمل في سم الخياط.


إنما التصوف علم الحال, لا علم المقال, وهو أن يتخلق بمحاسن الأخلاق التي وردت بها السنن النبوية.


ولهذا قالوا: التصوف ارتكاب كل خلق سني, وترك كل خلق دني.


وقال بعض الأئمة: التصوف علم مركب من الحديث وأصول الدين. فمن تضلع بالأحاديث النبوية وعمل بها, وكان اعتقاده صحيحا على مذهب أهل السنة والجماعة, كان صوفيا.


ومن تضلع بعلم الحديث دون علم أصول الدين, كان محدثا. ومن تضلع بعلم أصول الدين دون الحديث, كان أصوليا, أو متكلما, ولا يسمى واحد منهما صوفيا.


فإذا جمع الأمرين فتضلع بالحديث وعمل به وبالأصول, وصح معتقده, كان هو الصوفي.


ولهذا قال بعض المتقدمين: لا يتم للإنسان هذا الطريق حتى يقدم على ذلك حفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعلم ما يجب اعتقاده على طريق أهل السنة.


وكثير من يدعي الآن التصوف, لو سئل عن السنة في تطهير غائطه وبوله لم يعرفها, فضلا عن أن يعرف جميع سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عباداته وعاداته, وأكله وشربه, ولبسه وحركته, وسكونه ويقظته, ونومه وجلوسه, وقيامه ومشيه, ومعاشرته لأهله, إلى غير ذلك.


إلا ترى أن الجنيد كيف امتنع من أكل البطيخ لأنه لم يثبت عنده كيفية أكله صلى الله عليه وسلم له, وإن ثبت أصل أكله.


وقد سأل حفاظ عصره عن كيفية أكله له, فقالوا: لم يثبت في ذلك شيء.


ولقد اجتمع بي رجل فسألني عن شيء, فقلت له: حتى تكمل في السنة أولا. فقال: قد كملت في السنة.

فقلت له: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس؟ فلم يعرف ذلك, فبينت له غلطه في نفسه.


ومن شأن الصوفية الخلص, أن لا يضيعوا شيئا من السنن مطلقا, ولا يتعاونون بتركها, سواء علموا وجه الحكمة في ذلك, أم لم يعلموا, فان ذلك يكون سببا لمزيد علمهم, وكلما فعل الإنسان سنة, رماه الله إلى فعل سنة أخرى لم يكن يعمل بها قبل ذلك.


كما قالوا: الحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة. والسيئة بعد السيئة عقوبة السيئة. ولقد أقمت سنين لا ادري وجه الحكمة في نهيه صلى الله عليه وسلم عن أكل التمر وجعل النوى على الطبق, فببركة امتثال هذه السنة أوقعني الله على وجه الحكمة في ذلك منقولا في كلام بعض أئمة الحديث.


ثم اعلموا أيها الناس, أن الصوفية قسمان:


أحدهما: صوفية السنة كالجنيد وأتباعه, وهؤلاء هم الخلص الذين هم صفوة الله من خلقه, افنوا عمرهم في تتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بها, فصاروا صفوة الصفوة.



والقسم الثاني: متصوفة الفلاسفة, وأصلهم كفار يونان, فإنهم كانوا أهل حكمة وعقل, فأخذوا في التزهد والتريض, ثم بعث الله تعالى موسى عليه السلام في زمانهم, فدعاهم إلى شريعته, فأبوا واستكبروا وقالوا له: نحن في غنية عما عندك, فانا نقول بما تقول به, ونزيد عما جئت به, إنا لا نرى ذبح الحيوان شفقة عليه, وأنت تراه, فاستنكفوا عن اتباعه. فأضلهم الله تعالى وركبهم إبليس, فجرهم في رياضتهم تلك إلى الاعتقادات الفاسدة كقولهم: بقدم الروح, وبقدم العالم, وبالهيولى, وبالوحدة المطلقة.


فلما جاء الإسلام ونبعت فرقة الصوفية الخلص, أراد جماعة أن يتشبهوا بهم, فعز عليهم تتبع الأحاديث والآثار, وشق عليهم مقاساة المواظبة على فعل السنن والمحافظة عليها, فعمدوا إلى طريقة متصوفة الفلاسفة لأنها اقل عملا, وأدنى كلفة. ورأس هذه الطائفة ابن سينا الفيلسوف الذي قال فيه ابن الصلاح في "فتاويه": "إنه لم يكن عالما, وإنما كان شيطانا من شياطين الأنس".


فمهد طريق الفلاسفة, وقررها ودعا الناس إليها, فتبعه من تبعه في عصره ومن بعده. ومن ثم انتدب الأئمة وصنفوا كتبا بينوا فيها التفرقة بين صوفية السنة الخلص, وبين متصوفة الفلاسفة الضالة, وأوضحوا حال كل من الفريقين إيضاحا بينا, وأثنوا على الأولين وحثوا على أتباعهم, وذموا الآخرين, وحذروا من الاغترار بضلالهم, ولم يزل الأئمة ينتدبون للتنبيه على ذلك سلفا وخلفا.


وأما هذا الزمان, فكثير ممن يدعي التصوف فيه ليس عنده من شروطه شيء, ولا أتقن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عرفها, فضلا عن أن يعمل بها. وإنما يعمد إلى كتب صنفها هؤلاء وهؤلاء, فيأخذ منها ما اختاره ويقرره.


ولهذا ترى الواحد منهم عليه ظلمات متراكمة بعضها فوق بعض لأنه لم تشرق عليه أنوار السنة, ولا صفا باطنه حتى يستنير ظاهره, فترى الجاهل منهم يدندن حول الوحدة المطلقة وحول قدم الروح, ونحو ذلك, والسامعون لهم ثلاثة رجال:


رجل عامي: جاهل حسن الظن بالصالحين, سمع كلاما ظن انه خير, فصادف قلبا خاليا فتمكنا, فرسخ ذلك في قلبه وصار يقاتل عليه بالسيف. وإذا أرشده مرشد إلى ترك اعتقاد ذلك, قال: هذا يحط على الصالحين.


ورجل فقيه: يعلم أن هذه المقالات تخالف الشريعة, غير انه ليس بواسع الدائرة, فما يسعه إلا أن يزعق من رأسه بما لا يعيه حتى يملأ الدنيا عياطا, ويكفر كل صوفي, ويسيء الظن بكل صالح. ولو أمكنه أن يخرج عليهم بالسيف لفعل, وهو معذور, فان الفقيه لا يطيق أن يسمع ما يخالف الشرع, فضلا عن أن يوافق على انه رتبة عالية. غير انه ليس معذورا في إطلاقه سوء الظن بجميع الصوفية, فان الناس ليس كلهم سواء.


والرجل الثالث: رجل متضلع بجميع العلوم واسع الدائرة, طويل الباع راسخ القدم, يعرف الأمور وأصولها وفروعها, ويعرف طرق الناس المختلفة وأهوائهم المشتبهة, وكل مقالة من أين جاءت.


فهذا يتثبت في كل أمره, ويحكم على كل إنسان بما يستحقه. فإذا جاءه رجل يدعي انه صوفي, نظر إليه أولا والى سمته والى حركته وسكونه, والى كلامه وسكوته. فان رآه سالكا في سمته وهديه سبيل السنة, متحركا في موضع الحركة, ساكنا موضع السكون, متكلما في موضع الكلام, ساكتا في موضع السكوت, يضع الأمور مواضعها, ويوقع الأشياء مواقعها, خاض معه وفتش على ما عنده, فإذا رآه بصفة الكمال أكرمه وعظمه, وأوصله محله.


وإن رآه تاركا للسنة, خاض معه في السؤال عن السنن, لينظر أتركها عن جهل بها أو عن علم, فان رآه جاهلا بها, أرشده إلى تعلمها, وإن رآه عالما بها, عنفه في التخلف عنها, ونظر هل يقبل منه النصيحة أو تشق عليه.


ثم يفتش على معتقده, فان رآه يميل إلى معتقد متصوفة الفلاسفة, نصحه وأرشده وبين له بطلان ما هو عليه وضلاله, فان قبله, فبها ونعمت. وإن رآه رجلا جاهلا بالسنة جاهلا بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره وآثار أصحابه, جاهلا بأحكام الشريعة, متشبعا بما لم يعط, غرضه إقامة نار موسى وتار خوشى, وشهرة كاذبة, ودعوى باطلة, وأن يصير له في الناس ذكر بعد سفالة, وشهرة بعد خمالة, أدرجه في حيز أولي السقط, وأدخله في زمرة القرود والقطط." اهـ




وما للمرء خير في حياة = إذا ما عد من سقط المتاع






(يتبع إن شاء الله تعالى مع نقول أخرى .... )

عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:25 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
وقال ابن الجوزي في كتابه "اللطائف" :



الحذر من النفاق


"أصدق في باطنك ترى ما تحب في ظاهرك، رش سهم عملك بريش إخلاصك في مقصدك تصب هدف الأمل. واعجبا!! قوسك مكسورة بالزلل، ووترك مقطوع بالكسل، فكيف تناول صدر الغرض؟


إذا أردت العلو فارتق درج التقوى، وإن شئت العز فضع جبهة التواضع، وإن آثرت الرياسة فارفع قواعد الإخلاص، فوالله ما تحصل المناصب بالمنى.



فَدينارُ المُبَهَرَجِ وَإِن نَفَقَ مَردودُ = وَقَد يَتزَيا بِالهوى غَيرُ أَهلِهِ




إذا نزلت عن مطية الإخلاص، مشيت في حسك التعثر، فتقطعت قدم القصد،ن ولم ينقطع المنزل، الرياء أصل النفاق، نفاق المنافقين صير المسجد مزبلة، فقال المنزه (لا تَقُم فيهِ) وإخلاص المخلصين رفع قدر الوسخ (رب أشعث أغبر).


إذا هبت زعازع المنافقة لم تضر شجرة الإخلاص، لأن أصلها ثابت، فأما شجرة الرياء فعند نسيم (وَقِدمِنا إِلى ما عَمِلوا مِن عَمل) اجتثت من فوق الأرض.


لا تنظر إلى جولة الباطل، وارتقب دولة الحق، إذا رأيت منافقا قد تبع فتذكر "الدجال" غدا، و "السامري" بالأمس، وانتظر للسامري (لا مَساس) وَللأَلد باب لد.


شجرة الصنوبر تثمر في ثلاثين سنة، وشجرة الدباء تصعد في أسبوعين، فتدرك الصنوبر فتقول "شجرة الدباء: إن الطريق التي قطعت في ثلاثين سنة قد قطعتها في أسبوعين، فيقال لك شجرة ولي شجرة!! فتجيبها: مهلا إلى أن تهب ريح الخريف.


وكم من متشبه بالصالحين في تخشعه ولباسه، وأفواه القلوب تنفر من طعم مذاقه (وَهُم يَحسَبون أَنهُم يُحسِنونَ صُنعاً).


في ظلمة الليل يتشبه الشجر بالرجال، فإذا طلع الفجر بان الفرق. في وقت الضحى يتمثل السراب بالماء، فمن قرب منه لم يجده شيئا. واأسفا: ما أكثر الزور.



أَما الخِيامُ فَإِنّها كَخيامِهِم = وَأَرى نِساءَ الحَيِّ غَيرَ نِسائِهِ




تراهم كالنخل، وما تدري ما الدخل.


أيها المرائي: قلب من ترائيه بيد من تعصيه لا تنقش على الدرهم الزائف اسم الملك، فما كل سوداء تمرة، ولا يتبهرج الشحم بالورم." اهـ

عبدالقادر حمود 04-22-2009 11:26 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
عن رباط الفقراء جزى الله القائمين عليه خير الجزاء

هيثم السليمان 04-22-2009 06:25 PM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
جزاك الله خيراً أخي الحسيني على هذه الدرر

مروه 04-24-2009 01:52 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
"أصدق في باطنك ترى ما تحب في ظاهرك، رش سهم عملك بريش إخلاصك في مقصدك تصب هدف الأمل. واعجبا!! قوسك مكسورة بالزلل، ووترك مقطوع بالكسل، فكيف تناول صدر الغرض؟


إذا أردت العلو فارتق درج التقوى، وإن شئت العز فضع جبهة التواضع، وإن آثرت الرياسة فارفع قواعد الإخلاص، فوالله ما تحصل المناصب بالمنى.
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

عبدالقادر حمود 04-25-2009 04:14 AM

رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيثم السليمان (المشاركة 19022)
جزاك الله خيراً أخي الحسيني على هذه الدرر



واياك اخي هيثم شاكرا مرورك الجميل

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مروه (المشاركة 19118)
"أصدق في باطنك ترى ما تحب في ظاهرك، رش سهم عملك بريش إخلاصك في مقصدك تصب هدف الأمل. واعجبا!! قوسك مكسورة بالزلل، ووترك مقطوع بالكسل، فكيف تناول صدر الغرض؟


إذا أردت العلو فارتق درج التقوى، وإن شئت العز فضع جبهة التواضع، وإن آثرت الرياسة فارفع قواعد الإخلاص، فوالله ما تحصل المناصب بالمنى.
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها



اللهم امين



:extra156:


الساعة الآن 03:56 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى