منتديات البوحسن - طبيب عربي يفوز بتاج كسرى

طبيب عربي يفوز بتاج كسرى

استقبل كسرى ملك الفرس قبل أربعة عشر قرناً الحارث بن كلدة الثقفي طبيب العرب المشهور فلما مثل بين يديه قال له كسرى: ماتصنع العرب بالطبيب مع جهلها وضعف عقولها, وقلة قبولها وسوء غذائها؟ قال: ذلك أجدر أيها الملك إذا كانت بهذه الصفة ان تحتاج إلى من يصلح جهلها ويقيم عوجها ويسوس أبدانها ,

قال كسرى : كيف بصرك بالطب , قال : ناهيك, قال فما أصل الطب ؟ قال : ضبط الشفتين, والرفق باليدين, قال : أصبت , فما الداء؟ قال : ادخال الطعام على الطعام, قال : أصبت ثم قال : فما الجمرة التي تلتهب فيها الأدواء؟ قال: هي التخمة و ان بقيت في الجوف قتلت وان تحللت أسقمت, قال: فما تقول في شرب الدواء ؟ قال اجتنب الدواء ما لزمتك الصحة دعه فإذا أحسست بحركة الداء فاحبسه بما يردمه من الدواء , فإن البدن بمنزلة الأرض إن أصلحتها عمرت وإن أفسدتها خربت, قال : فما تقول في الفاكهة؟ قال كلها في اقبال دولتها وحين أوانها واتركها إذا أدبرت وتولت وانقضى زمانها , قال : فما تقول في شرب الماء ؟ قال : هو حياة البدن وينفع ماشرب منه بقدر , وشربه بعد النوم ضرر , وأفضل المياه مياه الأنهار العظام, أبرده وأصفاه , قال : فما طعمه؟ قال : شيء لايوصف, قال : فمالونه: قال اشتبه على الأبصار لونه يحكى لون كل شيء فيه , قال كسرى : لله درك يا أعرابي لقد أعطيت علماً وخصصت بفطنة وفهم , ثم أمر له بجائزة وكساء.‏

ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين أسأل نفسي أولاً : متى يعود أطباء العرب إلى أمجاد أجدادهم ومن هو أول طبيب عربي في المستقبل سينال جائز نوبل , بل ومتى ستكون كلية الطب العربي سواء في دمشق أو القاهرة ضمن قائمة أفضل خمسمئة من كليات الطب العالمية وفقاً لدرجة الجودة في العلم والبحث الطبي العالمي؟‏

لقد كنا يوما ولمدة سبعة قرون سادة العالم في الطب, وحتى جامعة كامبريدج الانكليزية كانت حتى بداية القرن التاسع عشر تشترط في دخول كلية الطب لديها بإتقان اللغة العربية.‏

ولكننا فقدنا الطبابة العربية لأننا فقدنا الأخلاق العربية والإنسانية الأصيلة..!‏

وأصبح البعض يطلق اسم الزبون على المريض, وكأن الصحة أصبحت تباع وتشترى.. ونسي بعضهم قسم أبو الطب( أبقراط) حتى أن جريدة الجماهير ذكرت بتاريخ 19/1/2009 تحت زاوية حلب اليوم: أن طبيبين اختصاصيين في مشفى زاهي أزرق تشاجرا بالضرب بسبب خلاف حول استقطاب المرضى لعيادتيهما , ثم ذكرت جريدة الثورة بتاريخ 3/2/2009 عن اعتداء غير أخلاقي على مريضة بإحدى المستشفيات بحلب؟! فأين دور النقابة أو وزارة الصحة لعلاج مثل هذه ( الأمور الخطيرة) أم ننتظر عودة الحارث بن كلدة الثقفي ليعطينا رأيه عن تلك المخالفات اللانسانية ... نرجو الجواب لأننا نعرف بأن الطب رسالة سامية وأخلاق ومحبة, أم أن الطب تأثر بالحياة المادية المتوحشة والمعاصرة , فدمار الشعوب كل الشعوب يأتي من مقولة:‏

( بلا حسبك وبلا نسبك ولاعملك ولا أدبك غير ليراتك وقلة أدبك)‏

أتمنى أخيراً أن يعود طائر الحب إلى القلب والطب وأن نفهم أن أساس قسم أبقراط هو الحب وليس الضرب كما فعل دخلاء الطب.. ولاشك فإن خير الغنى غنى القلب.‏