منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   المواضيع الاسلامية (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=7)
-   -   موقف المسلم أيام الفتن (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=6477)

حمامة المدينة 05-11-2011 06:51 PM

موقف المسلم أيام الفتن
 
بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة الموضوع:

الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيا أيها الإخوة الكرام: كلُّنا يعلم بأنَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تركنا على المحجة البيضاء, كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد عن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: (قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ).
وكلُّنا يعلم بأنَّ أسعد الناس هو من أمتثل أمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم واتبع هديه, كما قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم}. وقال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}.
وكلُّنا يعلم بأنَّ مخالفة أمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم سبب للفتنة أو العذاب الأليم, قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}.
وكلُّنا يعلم بأنَّ السياسة فنٌ وعلمٌ له أصحابه المختصون, وطوبى لعبد عرف حده فوقف عنده, وطوبى لعبد قال خيراً أو صَمَتْ, جاء في الحديث الشريف الذي رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ). وصدق الله القائل: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ الله فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.
يا من يريد الحفظ في أيام الفتن:
أيها الإخوة الأحبة: أقول لنفسي ولكل واحد فينا بعض أحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم التي تحدثنا عن موقف الإنسان المسلم أيام الفتنة, وليبلغ الشاهدُ الغائبَ كلامَ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
الواحد منا يستطيع أن يرد على أخيه, ولكن من المُسلَّم فيه بأنَّ المؤمن لا يستطيع أن يرد على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, لأن الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول فيه مولانا عز وجل: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}. ويقول كذلك: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله}. ويقول تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}.
أما أنا وأنت عرضة للخطأ, وربما أن يَتَّهِم بعضنا البعض بالنفاق أو الكذب أو الافتراء أو المداهنة وخاصة في أيام الفتن الشديدة القاسية التي يصبح فيها الحليم حيراناً, كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: (فِتْنَةً تَدَعُ الْحَلِيمَ مِنْهُمْ حَيْرَانًا). هذا إذا كان حليماً, فكيف بعامة الناس؟
فيا من يريد الحفظ والسلامة والعصمة من الفتن حتى يَسْلَم على دينه ودنياه وآخرته, اسمع إلى بعض أحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وهو يحدِّث عن الفتن وموقفِ المسلم فيها:
أولاً: جاء في سنن أبي داود, عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ, يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا, وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا, الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي, فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ, وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ, وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ, فَإِنْ دُخِلَ, يَعْنِي عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ, فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ).
أيها الأحبة: هذه الفتن التي تكون بين المسلمين, إن كانت بين أفرادهم أو كانت بين حكَّامهم وشعوبهم, يُرشد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الأمة إلى طريق النجاة منها بقوله: (الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ). لأنَّ رؤيةَ القاعد للفتن ضيِّقة على عكس القائم, فالقائم يرى أكثر من القاعد, وكذلك القائم فيها خيرٌ من الماشي, لأنَّ الماشي في الفتن يعرِّض نفسه لها, وأما الساعي لها هو الذي يتحمل نتائجها يوم القيامة.
وحتى لا يلعب الشيطان بالمؤمن, ولا تسوِّل له نفسه في أيام الفتن في حمل السلاح, قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ, وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ, وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ, فَإِنْ دُخِلَ, يَعْنِي عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ, فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ). قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِين * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِين * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِين * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِين}.
هذه وصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في أيام الفتن, وقد أكَّد ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هذا في حديث آخر رواه الإمام مسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ, أَلَا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي فِيهَا, وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي إِلَيْهَا, أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ, فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ, وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ, وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ, قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله, أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا أَرْضٌ؟ قَالَ: يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لِيَنْجُ إِنْ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ, اللهمَّ هَلْ بَلَّغْتُ, اللهمَّ هَلْ بَلَّغْتُ, اللهمَّ هَلْ بَلَّغْتُ, قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله, أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي؟ قَالَ: يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ).
أيها الإخوة الكرام: كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في هذا الحديث واضح, حيث أَشْهَدَ الله تعالى بأنَّه بلَّغ, وأمرَ الصحابي الذي سأله: (يَا رَسُولَ الله, أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي؟ قَالَ: يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ). أن يكون عبد الله المقتول, وأن لا يكون القاتل.
ثانياً: جاء في صحيح البخاري عَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِجَرِيرٍ: (اسْتَنْصِتْ النَّاسَ, فَقَالَ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ).
يحذِّر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الأمة أن يضرب بعضها رقاب بعض, لأنَّ هذا ليس من فعل المؤمن , بل هو من فعل الكفار.
ثالثاً: جاء في صحيح البخاري عن ابنِ عمرَ رضي اللَّه عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لَنْ يَزَالَ الْمُؤمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَالَمْ يُصِبْ دَماً حَراماً).
أحباب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, باب التوبة مفتوح لكل عاصٍ مهما كانت معصيته إلا في مسألة إراقة دم, فإنه قد ضيَّق على نفسه هذا العاصي, وذلك لقوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}.
رابعاً: جاء في صحيح البخاري عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً, وَتَبْقَى حُثَالَةٌ مِنْ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ, فَاخْتَلَفُوا وَكَانُوا هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ, قَالُوا: كَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ الله إِذَا كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَأْخُذُونَ بِمَا تَعْرِفُونَ, وَتَدَعُونَ مَا تُنْكِرُونَ, وَتُقْبِلُونَ عَلَى خَاصَّتِكُمْ, وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَوَامِّكُمْ).
أحبابنا الكرام: لقد كَثُرَ الهرج والمرج, واختلفت العهود, وضاعت الأمانة, واختلط الصالح بالطالح, والمؤمن بالفاسق, والطائع بالعاصي, في هذا الزمان بدأنا نسمع من العوام من يصدر الأحكام, ويطلب من طلاب العلم بل ومن العلماء أن يكونوا تبعاً لهم, على العكس تماماً من الحقيقة التي يجب أن يكون الناس عليها, وذلك بأن تكون عامة الناس تبعاً لعلمائها.
في هذا الهرجِ والمرجِ واختلاطِ الأمور, يأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عقلاء الأمة, بأن يأخذوا ما يعلمون من علمائهم ويتركوا ما أنكروه ويكونوا مع علمائهم.
خامساً: جاء في سنن أبي داود عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَيْفَ أَنْتُمْ وَأَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي يَسْتَأْثِرُونَ بِهَذَا الْفَيْءِ؟ قُلْتُ: إِذَنْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ أَضَعُ سَيْفِي عَلَى عَاتِقِي, ثُمَّ أَضْرِبُ بِهِ حَتَّى أَلْقَاكَ أَوْ أَلْحَقَكَ, قَالَ: أَوَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ, تَصْبِرُ حَتَّى تَلْقَانِي).
هل تَفَطَّن العقلاء لكلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟ إذا استأثر الأئمة والحكام بالمال هل يخرج المؤمن بسلاحه أم يصبر؟ لقد جاءت وصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالصبر حتى يلقى الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
سادساً: جاء في سنن الترمذي عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْفِتْنَةِ: (كَسِّرُوا فِيهَا قَسِيَّكُمْ, وَقَطِّعُوا فِيهَا أَوْتَارَكُمْ, وَالْزَمُوا فِيهَا أَجْوَافَ بُيُوتِكُمْ, وَكُونُوا كَابْنِ آدَمَ).
أيها الأحبة: الفتنة صارت قائمة, ويحركها شياطين الإنس والجن, وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يأمر في الفتنة أن تُكَسَّرَ الأسلحة, وأن يلزم العبد جوف البيت, وأن يكون عبد الله المقتول لا القاتل.
هذا إذا كان السلاح من عنده, فكيف إذا كان السلاح يُصدَّر من أعداء الأمة من الصلِبية الحاقدة, نعم يُصدِّرون السلاح للفريقين ليقتل المسلم أخاه, ويدفع المال لهم, ثم يتيح الفريقان المجال لتدخل الصلِبية الحاقدة في إراقة دماء المسلمين, هل هذا شأن العقلاء؟
ثامناً: جاء في سنن أبي داود, عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فَذَكَرَ بَعْضَ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: (قَتْلَاهَا كُلُّهُمْ فِي النَّارِ, قَالَ فِيهِ: قُلْتُ: مَتَى ذَلِكَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ؟ قَالَ: تِلْكَ أَيَّامُ الْهَرْجِ حَيْثُ لَا يَأْمَنُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ, قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ الزَّمَانُ؟ قَالَ: تَكُفُّ لِسَانَكَ وَيَدَكَ وَتَكُونُ حِلْسًا مِنْ أَحْلَاسِ بَيْتِكَ).
نعم أيها الإخوة: لقد أصبحنا في زمان لا يأمن المرء جليسه, لذلك لا يسعنا إلا أن نكفَّ ألسنتنا وأيدينا في أيام الفتن, وأن نلزم بيوتنا, وصدق الله القائل: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ الله فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}. وصدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم القائل: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ). رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.
تاسعاً: وأخيراً جاء في صحيح مسلم عن عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي إِبِلِهِ فَجَاءَهُ ابْنُهُ عُمَرُ, فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قَالَ: أَعُوذُ بِالله مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ, فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ: أَنَزَلْتَ فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ الْمُلْكَ بَيْنَهُمْ, فَضَرَبَ سَعْدٌ فِي صَدْرِهِ فَقَالَ: اسْكُتْ, سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ).
خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:
أيها الأحبة الكرام: اسمعوا وصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عنْ مَعقِلِ بن يسارٍ، رضي اللَّه عنْهُ، قَالَ: قال رَسُولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: (العِبَادَةُ في الهَرْجِ كهِجْرةٍ إلَيَّ ).
أكثروا من العبادة في هذه الأيام, أكثروا من تلاوة القرآن العظيم, ومن الذكر, ومن الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ومن مراقبة بيوتكم, ومن تصحيح معاملاتكم.
واحذروا أن تكونوا سبباً في تأجيج نار الفتن, واعلموا بأنَّ الصلِبية الحاقدة تدبر لكم في خفاء, اكظموا غيظكم, والزموا هديَّ نبيكم سيدنا محمدصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وتذكروا حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الذي واه الإمام الترمذي عنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ).
كفوا ألسنتكم وأيديكم, وسلوا الله أن يصرف عن هذه الأمة كيد الكائدين, وحقد الحاقدين, وأطفئوا نار الفتن ما استطعتم إليها سبيلاً, واحذروا من الانفعال أمام كلماتٍ يصدرها بعض من أراد الفتنة, مثل قولهم لكم: أنتم جبناء, أنتم أذلَّاء, أنتم ترضون الهوان, يقولون لكم: الإسلام ما ربَّاكم على الجبن والخور. سامح الله الجميع, ولا يسعنا إلا أن نأخذ بوصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (تَكُفُّ لِسَانَكَ وَيَدَكَ وَتَكُونُ حِلْسًا مِنْ أَحْلَاسِ بَيْتِكَ).
اللهم احفظ العباد والبلاد من جميع الفتن ما ظهر منها وما بطن. آمين. والحمد لله رب العالمين.


من موقع الشيخ أحمد النعساني

عبدالقادر حمود 03-21-2013 06:33 PM

رد: موقف المسلم أيام الفتن
 
اللهم احفظ العباد والبلاد من جميع الفتن ما ظهر منها وما بطن.

فراج يعقوب 03-22-2013 07:28 PM

رد: موقف المسلم أيام الفتن
 
جزاك الله خيرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم


الساعة الآن 01:18 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى