منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   منتدى القصص والروايات (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=125)
-   -   الحمار في الأدب (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=5211)

عبدالقادر حمود 07-13-2010 02:33 PM

الحمار في الأدب
 
الحمار في الأدب
حارب الظاهري



وقع الحمار في أنباء الكتب، وعن أخباره توالت الصحف، وذكرت له صفات وأسماء واستنبطت الأمثال والأقاويل. من اسمائه: أبوصابر والتلو، التؤلب الذي استكمل العام، الذوبل الجحش الصغير، اللكع، الهنبر، الفرا، الكسم، وأسماء وصفات لا تتداول كثيرا إلا أنها ذات دلالات، كلأخدري من حمر العراق، أما الأعر السمين الصدر والعنق، والجلعد هو الحمار الشديد.




صالح الغفيلي من الكتاب الدبلوماسيين الذين لهم ضلع بالثقافة وتجارب حياتية مختلفة، وثقها في عدة إصدارات، تزخرف صدر المكتبة العربية بتنوعها وجزالتها.
هذه المرة أراد الغفيلي أن يضع الحمار كمخلوق تحت المجهر لينبئ بحقائقه وعلاقته بالبشر، أما طرائفه وحياته “الاجتماعية” والتاريخية فيتحدث عنها الكتاب بإسهاب، ويوليها المؤلف اهتماما نابعا من المعرفة التامة لهذا المخلوق، فيقول إن ما نعت به الحمار من صفات هو إما تجني أو من فرط حب الإنسان وانتماؤه إليه عبر العصور.

يهدي الكاتب كتابه للإنسان حيثما كان، إشارة إلى أنه المعني بالأساس، كما لو يعيده إلى الوراء قليلا، فحين شرع ببناء الحضارة الإنسانية كان للحمار مكانة حين كان يقضي حاجة الإنسان الملحة في تضييق المسافات عبر الممرات الضيقة والوعرة وتحمل المشقة والعناء.

فالحضارة الإنسانية عبر تصنيفها المختلف، العسكري كان أم مدني، تحمل في طياتها مكانة مرموقة للحمار، أما وبعد أن أصبح منسيا، أراد الكاتب أن يعيده إلى مدار الحضور، كما يعلّق الصديق الأستاذ هشام الدباغ في مقدمة الكتاب، ألم يلقب الخليفة الأموي “بمروان الحمار” لأنه اتصف بالصبر والحكمة والحلم.

تلامس الإنسان مع هذا المخلوق بشكل غير معتاد، وكوّن جمعيات تضم نخبة من الفنانين والكتاب والمفكرين أطلقت على نفسها “جمعية الحمير”. ومن باب الطرائف التي مرّرها الكتاب هي أن للحمار رخصة ملاكي مؤرخة عام 1881م.

ويمثل الحمار في الأدب قديما وحديثا، فقد سئل ابن الفضل عن حماره فقال: أقل مؤونة وأكثر معونة. ولأن الحمار اقترن بالغباء والذلة، كما أوردت الأمثال عنه، لذا أنبرى البعض دفاعا عن الحمير، فكان العقاد يبرز في مقالاته ما يدفع الظلم عنها ويسطر ذكائها وقد أستمد من ذكاء حماره أفكارا، فكتب كتابه بعنوان “حماري قال لي”.

للكاتب الساخر مجيد طوبيا كتاب بعنوان “التاريخ العريق للحمير” ولم يخل الكتاب من الطرائف والحكاية السياسية، وقد أستمد نقوشه من الحضارة الفرعونية ودور الحمار في البناء والعمل في الحقول والبريد والحروب. وقد تجاوز الكاتب صالح الغفيلي المنظومة العربية، فذكر إن هندسة الطرق لدى الإيطاليين مأخوذة من سير الحمير، حيث يرون أن ما تسلكه هو أسهل الطرق الجبلية. أما الكاتب الإسباني جميمنيز فقدم عام 1914 كتابه الشهير “اسم حماره وأنا” وبعد ما حاز على جائزة نوبل عام 1956م ذاع صيت الكتاب أكثر.

إذن ما قدمه الكتاب له دلالات تاريخية واجتماعية مهمة في عصر نضب منه كل شيء، وكأن ذلك يدل على انفصام يجر الحياة إلى التجويف الاجتماعي!


الساعة الآن 06:31 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى