منتديات البوحسن - ثمرة /28 جمادى الأولى /1432 هـ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمدلله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :
يقول تعالى جلَّ وعلا :( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ )[ سورة الشورى : آية 25 -26 ] .
أي هو سبحانه بفضله وكرمه يتقبَّل عن عباده إذا أقلعوا عن المعاصي والآثام ، ويمحو سيئاتهم التي ارتكبوها ، صغيرَها وكبيرَها ، ويعلمُ ما يفعل عبادُه من خيرٍ أو شرٍّ ، ما دام هو جلَّ وعلا غيرَ محتاج للعباد ، وهو جلَّ وعلا غنيٌّ عن العالمين ، بفضله وكرمه ورحمته وشفقته على عباده ، وخصوصاً أمةِ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، فتح لهم باب التوبة ، إذا وقعوا بأنفسهم وطبيعتهم البشرية في المخالفات .
(وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) أي ويستجيب الله دعاء المؤمنين الصالحين الذين عملوا الصالحات ، ويفرِّج كرباتهم ، ويزيدهم من جوده وكرمه فوق ما سألوا ، لأنه الجوادُ الكريم ، البرُّ الرحيم .
لابد للمؤمن أن يعمل بمقتضى إيمانه ، وإذا صدر عنه شئ مخالف للكتاب والسنة لابدَّ أن يستحي من ربِّه ، فمن كرمه وجوده جلَّ وعلا فتح له باب التوبة ، وهو الذي يقبل التوبة بهذه الشروط الصادرة عن محض الندم والإخلاص اللذَين هما من أفعال القلوب ، ولذا ربُّنا ينظر إلى قلوبكم ويعلم ما فيها ، ويقبل التوبة عن عباده المسترجعين نحوه بكمال الخشية والخضوع ، وبعد قبول التوبة مع الإخلاص والندم يعفو ويتجاوزُ عن مطلق السيئات الصادرة عنهم على سبيل الغفلة ، مع هذا ويعلم منكم جميع ما تفعلون بظواهركم وبواطنكم ، لأنه بكرمه جلَّ وعلا يستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ترحُّماً لهم وإشفاقاً بعدما رجعوا تائبين نادمين عما فعلوا ، ويزيدهم من فضله بدل إخلاصهم واستحيائهم منه سبحانه من الكرامات ما لا يكتنه وصفه .
أقول : علينا جميعاً - معشر المؤمنين - أن لا نضيِّع حظَّنا ونصيبنا من مقتضى هذه التوبة والرجوع والإنابة ، يعني حالُنا ولو لم نفعل المعصية ، غفلتُنا عن ربنا جلَّ وعلا وعن مراقبته إيّانا تستلزم التوبة .
علينا أن نقتفي أثر من سلف من خلَّص أتباعه، الذين اهتدوا بمتابعته عليه الصلاة والسلام إلى مقرِّ التوحيد واليقين ، ووصلوا إلى العوالم الإلهية.
اللهم اجعلنا من التائبين ، والخاشعين ، والمصلِّين مع الخشوع ، والذاكرين الله تعالى كثيراً والذاكرات .
وصلى الله تعالى على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمدلله ربِّ العالمين .

العاجز الغريب الفقير أحمد فتح الله جامي
خادم الطريقة القادرية الشاذلية الدرقاوية

هذا ما أملاه عليَّ العارف بالله المربي الإمام ، سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي ، شيخ الطريقة القادرية الشاذلية الدرقاوية ، حفظه الله تعالى ونفعنا به ، آمين .
يوم الأحد
28/ جمادى الأولى / 1432 هــ
الموافق : 1/أيار/ 2011م

** ** **