منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   المواضيع الاسلامية (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=7)
-   -   إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=8751)

عبدالقادر حمود 10-28-2013 03:11 AM

إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
 
فائدة في المراقبة :
المراقبة في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}: إذا تحقَّق العبد بهذه الآية وأمثالها استفاد مقام المراقبة, وهو مقام شريف, أصله علم وحال, ثم يثمر حالين:
أما العلم فهو معرفة العبد أنَّ الله تعالى مطَّلعٌ عليه, ناظرٌ إليه, يرى جميع أعماله, ويسمع جميع أقواله, ويعلم كلَّ ما يخطر على باله( فهو جل وعلا مطلع على مكنونات النفس ما كان منها موافقا أو مخالف ).
وأما الحال فهي ملازمة هذا العلم للقلب بحيث يغلب عليه, ولا يغفل عنه, ولا يكفي العلم دون هذه الحال, فإذا حصل العلم والحال كانت ثمرتُها عند أصحاب اليمين الحياءَ من الله تعالى, وهو يوجب بالضرورة تركَ المعاصي والجدَّ في الطاعات؛ وكانت ثمرتها عند المقربين المشاهدة التي توجب التعظيم والإجلال لذي الجلال, وإلى هاتين الثمرتين أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فإنه يراك) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
فقوله: «أن تعبد الله كأنَّك تراه»: إشارة إلى الثمرة الثانية, وهي المشاهدة الموجبة للتعظيم, كمن يشاهد ملكاً عظيماً, فإنه يعظِّمه إذ ذاك بالضرورة, وقوله: «فإن لم تكن تراه فإنه يراك»: إشارة إلى الثمرة الأولى, ومعناه: إن لم تكن من أهل المشاهدة التي هي مقام المقرَّبين, فاعلم أنه يراك, فكن من أهل الحياء الذي هو مقام أصحاب اليمين, فلما فسَّر الإحسان أول مرة بالمقام الأعلى رأى أنَّ كثيراً من الناس قد يعجزون عنه, فنـزل عنه إلى المقام الآخر.
واعلم أنَّ المراقبة لا تستقيم حتى تتقدَّم قبلها المشارطة والمرابطة, وتتأخَّر عنها المحاسبة والمعاقبة.
فأما المشارطة: فهي اشتراط العبد على نفسه بالتزام الطاعة وترك المعاصي.
وأما المرابطة: فهي معاهدة العبد لربِّه على ذلك.
ثم بعد المشارطة والمرابطة أول الأمر تكون المراقبة إلى آخره.
وبعد ذلك يحاسب العبد نفسه على ما اشترطه وعاهد عليه, فإن وجد نفسه قد أوفى بما عاهد عليه الله تعالى, حمد الله جلَّ جلاله, وإن وجد نفسه قد حلَّ عقد المشارطة, ونقض عهد المرابطة, عاقب النفس عقاباً بزجرها عن العودة إلى مثل ذلك, ثم عاد إلى المشارطة والمرابطة وحافظ على المراقبة, ثم اختبر بالمحاسبة, فهكذا يكون حتى يلقى الله تعالى.



التسهيل لعلوم التنزيل

المصدر


الساعة الآن 06:33 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى