منتديات البوحسن - ضريح "الياس بن خضر"

أسرة غزية تتوارث تنظيفه وترميمه
ضريح "الياس بن خضر" اكتشاف بالمصادفة
غزة - رائد لافي:

http://www.alkhaleej.ae/uploads/gall.../16/132150.jpg

http://www.alkhaleej.ae/uploads/gall.../16/132151.jpg

ظل ضريح العالم الشيخ “إلياس بن سابق بن خضر” مجهولاً بالنسبة للكثيرين في قطاع غزة، حتى اكتشافه مؤخراً عن طريق الصدفة وبدافع من فضول مجموعة طالبات في مدرسة إعدادية في مدينة غزة، وهو عبارة عن معلم أثري يقع بالقرب من مسجد مندثر بناه “بن خضر” بنفسه عام 671 هجري .

يضم الموقع الأثري قواعد لقبة أثرية تحتوي على قبرين أحدهما يعود للشيخ الياس بن خضر ألصقت عليه بلاطة رخامية نقشت عليها كلمات بخط مملوكي بارز “بسم الله الرحمن الرحيم . . هذا ما أمر الوقف العبد الفقير إلى الله شرف الدين موسى” وغابت بعض الكلمات عن النقوش بسبب البعد الزمني وعدم اكتشاف هذه الرخاميات في وقت مبكر، ما أثر في خامتها .

وفي المكان ذاته تم العثور على قطعة رخامية أخرى بعرض متر نقش عليها بخط النسخ المملوكي رمزان بصورة أسهم وأربعة أسطر قرئت كالآتي . . “بسم الله الرحمن الرحيم: “إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله” . أمر بإنشاء هذا المسجد المبارك لله وفي طاعة الله ابتغاء مرضاته ورغبة في مغفرته وثوابه العبد الفقير إلى الله الشيخ الياس بن سابق بن خضر غفر الله له وأثابه، في شهر صفر سنة إحدى وسبعين وستمئة رحم الله من دعا له وجميع المسلمين” .

وزينت جدران القبة الخارجية بنقوش وزخارف فقدت وضوحها واكتمالها وغابت ملامحها تقريباً بفعل الزمن، واكتشف أن جزءاً كبيراً من قبر الشيخ الياس مردوم بفعل تقلبات التربة ورطوبة المكان، ويحوي المكان على شجرة “بطم” وهي من الأشجار التي يمكن أن يصل طولها من 15 إلى 20 متراً، وقطرها يتجاوز المتر وتشبه شجرة الفستق ولها أوراق صغيرة ويصدر صمغها مادة ذات رائحة مميزة ولها بعض الاستعمالات الطبية . وشجرة “البطم” بطيئة النمو وتحتاج إلى حماية لفترة طويلة بعد تشجيرها، وهذا يعني أنها زرعت قبل فترة طويلة بالمكان إلا أن الباحثين يؤكدون أن فترة حياتها قد انتهت منذ زمن .

تهميش متعمد

ملكية الأرض التي يقع فيها هذا الأثر التاريخي تعود للمواطن هاني أبو صافي من سكان حي الزيتون ويبلغ من العمر 60 عاماً قضى معظمها مهتماً بالضريح الذي ورث خدمته من والده وأجداده منذ ما يزيد على 400 عام .

ويقول أبو صافي: أتولى بشكل طوعي الاهتمام بالضريح وتنظيفه وترميمه حسب إمكاناتي المتواضعة . ويضيف: إن هذا الأثر بقي طي النسيان في شكل شبه متعمد منذ زيارته للمرة الأولى من قبل الحاكم المصري لقطاع غزة قبل هزيمة العام ،1967 ولم يتم اعتماده كمزار تاريخي ولم يتم الالتفات إلى ترميمه وتحديثه بالشكل المطلوب، وبعد الاحتلال “الإسرائيلي” للقطاع كان واضحاً تعمد التهميش مقارنة بالآثار الرومانية أو البيزنطية التي كان الاهتمام بها يخضع لأسباب سياسية فقط، ولأن ضريح الشيخ الياس بن خضر معلم إسلامي صرْف تم بالتالي تجاهله على مدار العقود الطويلة الماضية .

ويعتقد أبو صافي أن الإهمال أفقد الأثر أهميته وعراقته، فضلاً عن أن أعمال الترميم التي مارستها عائلته للأثر والضريح والشواهد عن غير علم وبمجهود ذاتي أثرت فيه سلباً ومن دون قصد، اذ تم تغيير مكان الرخام الموجود بجوار القبر إلى باب المنزل وإزالة الرمال عن القبر الذي كان مهدداً بالردم الكامل، ولم يبق منه غير شاهد على شكل هلال بسبب تشويه المكان أكثر من .

من كنوز العهد المملوكي

ويقول المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض إن ضريح العالم الياس بن خضر ومسجده المندثر يعودان للعهد المملوكي، حيث كانت سنوات الحكم المملوكي من أزهى العصور الإسلامية، وشهدت مدينة غزة خلالها تطوراً عمرانياً وانتعاشاً اقتصادياً كبيراً .

واستعرض المبيض بعضاً من الكنوز والآثار الحجرية والتاريخية في غزة التي يعود تاريخها للعهد المملوكي ومنها جامع أحمد بن عثمان، وجامع المحكمة البديكية، ومسجد كاتب ولاية في حي الزيتون، وجامع الجاولي الذي بني خلال فترة حكم سنقر الجاولي لغزة في القترة من 711 إلى 719 هجرية، ويعد أجمل مساجد المدينة، وقد ذكره ابن بطوطة في رحلته ولكن الأمطار الغزيرة دمرت بعض أجزائه وحينما احتل نابليون بونابرت قطاع غزة دمر بقيته .

ومن بين المعالم الأثرية التي تعود للعهد المملوكي أيضاً مسجد الشمعة بحي الزيتون الذي دمرت مئذنته وأجزاء منه في الحرب العالمية الأولى، وأعيد بناؤه على الشكل الحديث الموجود عليه حالياً .

ويؤكد المؤرخ المبيض أن المماليك أنشؤوا العديد من الخانات والبيمارستانات والحمامات، ولم يتبق منها سوى حمام السمرة، ويذكر من معالم غزة القديمة شارعاً يمتد من مدرسة الزهراء في حي الشجاعية حتى حارة الفواخير ودمر في ستينيات القرن الماضي .

وعن طبيعة بناء الآثار المملوكية وشكلها، قال المبيض: “كان لها طراز معماري فخم يتميز بالساحة السماوية الضخمة المحاطة بالايوانات الجميلة الموجود فيها بيت الصلاة وتميزت مساجدهم بالمآذن الجميلة والمنابر والزخارف على الحجارة والنقوش الجميلة على الجدران” .