منتديات البوحسن - جدات صغيرات

جدات صغيرات

في بعض الأحيان إحساس الفتاة بالأمومة يشجعها على الزواج في سن مبكرة لتغدو أماً وجدة وهي في مقتبل العمر,

وفي أحيان أخرى تنشأ الفتاة في بيئة اجتماعية تحرمها حق الرفض أو القبول أو حتى إبداء الرأي في زواجها المبكر, وكثيراً ما تجهل أغلب الفتيات معنى الزواج والأمومة والمسؤوليات التي ستلقى على عاتقهن, حالمات يدخلن قفص الزوجية منبهرات من فكرة الانتقال إلى حياة أخرى مستقلة, غير مدركات لحجم أعبائها, وهناك الكثيرات ممن يفرض عليهن القبول بالزواج المبكر.‏

وقد كان الزواج في سن مبكرة أحد أهم أهداف الإسلام حيث وجه أنظار أولياء الأمور إليه من خلال ما سجل لنا التاريخ من سير حكت عن زواج الرسول بالسيدة عائشة, وعن كبار الصحابة الذين تزوجوا نساء صغيرات, كما يذكر عن عبد الرحمن بن عمر بن العاص أنه كان يصغر أباه ب 12 عاماً فقط. هل يعني ذلك أن الزواج المبكر هو القاعدة وما عداه استثناء? وهل ينتج هذا أبناء قادرين على بناء مجتمعهم على أسس سليمة?!‏

إن لهذه الظاهرة إيجابياتها ولكن هل تعادل سلبية حرمان الفتاة من طفولتها, ومن حقوقها المعرفية والثقافية, التي لابد لها منها لتكون جديرة بتربية أبنائها من هم بناة المستقبل وجيله الواعد? أم إن الحياة الجديدة (كما يعتقد البعض) تتيح لها أن تتعلم ما لن تتعلمه في المدارس وترفدها بالخبرة التي تهيئها لأن تكون أهلاً للتربية السليمة? وإن لم يكن ذلك, فهل تستطيع الفتاة الصغيرة غير المتعلمة أن تنشئ بيتاً صالحاً مثل الأخرى التي أكملت تعليمها بنفس التماسك والثبات, ألا تتحقق الأمومة إلا في عمر يقارب عمر الطفولة?‏

في جولة استطلاعية بين من خاض التجربة, وقفنا على بعض الآراء:‏

أم اسماعيل: عندما تزوجت كان عمري 15 عاماً أنجبت أسماء واسماعيل, وعندما تزوج ولدي اسماعيل عشت الأمومة التي أعشقها للمرة الثانية, أنا سعيدة جداً بذلك, والزواج المبكر هو مايميز حياتي التي أعيشها بصحة وراحة بال.‏

أم حسام في الثالثة والثلاثين من عمرها فقدت زوجها بعد ثلاثة أعوام من زواجها تاركاً لها ثلاثة أبناء تقول: زوجت ابنتي وأنا الآن جدة لطفلين, الآن خطبت لولدي وقبلت أنا أيضاً خطبة أحد الشبان لي, سأتزوج وأبدأ حياتي من جديد فما زلت في بداية الطريق و أفضل ألا أشعر بالوحدة.‏

أم ثائر تقول: تزوجت في سن ال 13 من ابن عمي ولم أكمل دراستي في الإعدادية رغم أني كنت أحب العلم لذلك تابعت الدراسة مع أولادي وكنا نعين بعضنا في الحفظ والتسميع, إلى أن أخذت الشهادة الثانوية وأنا الآن موظفة وأشعر بأبنائي بأنهم رفاقي وأصدقائي نتفاهم في أبسط الأمور وأعقدها.‏

أم أحمد: تزوجت في سن ال 12 زوجي يكبرني بعشر سنين, زوجت ابنتي عندما صار عمرها 13 عاماً وأصبحت جدة وأنا في عمر 27, أجد نفسي في موضع حسد الكثيرات وأنا أشعر بفيض من مشاعر الأمومة تجاه أحفادي.‏

رأي الشرع والعلم‏

في الشرع: إن تزويج الأبناء في سن صغيرة هو من أهداف الإسلام, في وقاية الأبناء والأجيال, وغياب الوعي الاجتماعي حيال أهمية الزواج المبكر حال دون شيوعه حتى بات أمراً غير متعارف عليه, في حين أنه الأساس والزواج في سن متأخرة هو الاستثناء.‏

أما في علم الاجتماع: فيرى الدكتور سليمان عبد الرحمن أن إعداد الأبوين إعداداً نفسياً وتربوياً واجتماعياً هو أحد أركان الأسرة السليمة, ولا يجب مصادرة حق المرأة في التعلم والتكيف من أجل بناء جيل واع ومتكافئ إلى حد ما.‏