منتديات البوحسن - درب الدموع

دمعة تليّن قلباً، ودمعة تشفي غليلاً، ودمعة تقرب بعيداً، ودمعة تُمرِض، وأخرى تداوي، دمعة تصدق، ودمعة تكذب، ودمعة تخدع، دمعة تبكي، ودمعة تغني، ودمعة ترقص، ودمعة تقلق، ودمعة تريح.

الدموع لغة عالمية يستخدمها الناس على اختلاف أجناسهم، ويمكن للجميع فهمها بلا ترجمة، وسلاح المرأة الخاص الذي تميزت ببراعتها في استخدامه بشكل غريزي يجعلها الحاكم الفعلي للعالم، والمتحكّم به بشكل أو بآخر على مدى التاريخ.

وإن كانت المرأة سخية بدموعها، وتعبّر بهذه الدموع عن ضعف فيها، فإن ذلك لرقتها وشفافيتها وعذوبة خلقها الله بها، ولا ينقص ذلك من شخصيتها، وإلا لاستوت والرجل في ذلك، وتلك خصوصية تحسب لها وكيف تكون المرأة بلا دموع، فدموع الحبيبة تلخص قصة حب وهيام، ودموع الأم تمنحها سعة ورقة قلبها، فتنهمر خوفاً وجزعاً على فلذات كبدها، وفرحاً بسعادتهم.

يتهم الرجل الذي تسبقه وتغلبه دموعه، بعدم الرجولة، وكأن الدموع حكرٌ على المرأة، وفي ذلك ظلم لإنسانية الرجل، فالدموع تعبير عن مشاعر إنسانية، ليست مقتصرة على جنس دون آخر، فالدموع قد تنهمر من العين، إنما مبعثها ونبعها النابض هو القلب الذي يعطيها ويمنحها طعمها ولونها وإنسانيتها.
كثيرون من لا يملكون دموعهم لأي موقف إنساني، من خلال معايشة على الواقع، أو عبر الآفاق، ومن بعيد، من خلال مشاهد، أو صور، على الأثير، أو على الورق.

كثير من الدموع حاول ألا يغادر المآقي، ولكن ما قرأته العيون وتغلغل في الوجدان والقلب، دفعها لقول كلمة حق مكتوبة بماء الحقيقة.

أما دموع التماسيح، فتلك لا طعم لها ولا لون كصاحبها، هي أكثر وسائل الكذب بشاعة، فهي مزيج من النفاق والكذب، وأشبه بقتل القتيل والمشي في جنازته.

الدموع جوهرها ماء والماء سبب الحياة، ولحكمة بالغة جعل الدموع بحماية العين أسرع وأقوى أعضاء الإنسان دفاعاً عن النفس، وأكثرها قداسة، ألا نقول لمن يطلب منا طلباً غالياً على نفوسنا، على عيني.

الدَّمْع: ماء العين، والجمع أدْمُعٌ ودُموعٌ، والقَطْرةُ منه دَمْعة.

ودَمَعتِ العينُ ودَمِعت تدْمَع، فيهما، دمْعاً ودَمَعاناً ودُموعاً، وقيل دَمِعَت دَمَعاً، وامرأة دَمِعةٌ ودَمِيعٌ، بغير هاء، كلتاهما: سريعة البكاء كثيرة دمع العين.

أبو فراس الحمداني:

تُقــِرّ دُمُوعــي بِشَـوْقي إلَيْـكَ ويشهدُ قلبـي بطـولِ الكـبْ

وإني لَمُجْتَهـــِدٌ في الجُحُــودِ، وَلَكِـنّ نَفْســيَ تَأبَى الكَذِبْ

وَإني عَلَيْـكَ لجَـارِي الدّمُــوعِ، وَإني عَلَيْــــكَ لَصَـبٌّ وَصِبْ

وما كنــتُ أبقي عـلى مهجتي لَوَ أني انْتَهَيـْتُ إلى مَا يَجـِبْ

و لكـنْ ســمحتُ لها بالبقاءِ رَجَاءَ اللّقــَاء عَلـى مَا تُحِــبْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إسماعيل ديب