منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   ركن التاريخ (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=23)
-   -   لحظة غيرة (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=7168)

عبدالقادر حمود 01-09-2012 05:39 AM

لحظة غيرة
 

يعرف الرجال في المواقف الصعبة، وكثير من الرجال كانوا سبباً في هلاك أمم بأجمعها، وآخرون كانوا سبباً في نهضة أممهم وشعوبهم.. من المواقف العظيمة والتي يعجز الرجال عن اتخاذها موقف شجرة الدر شجرة الدرّ، أم خليل، المُلقّبة بعصمة الدّين، حين توفي زوجها السلطان الصالح نجم الدين أيوب في ليلة النصف من شعبان سنة 647هـ والقوات الصليبية تزحف نحو شاطئ النيل الشرقي لفرع دمياط للإجهاز على القوات المصرية في المنصورة، وبلا شك فإن إذاعة خبر موت السلطان في هذا الوقت الحرج كفيلة بأن تضعف معنويات الجند وتؤثر في سير المعركة، فقد تعالت شجرة الدرّ على أحزانها وقدمت المصالح العليا للبلاد، مدركة خطورة الموقف العصيب، فأخفت على الناس خبر موته، وأمرت بحمل جثته سراً في سفينة إلى قلعة الروضة بالقاهرة، وأمرت الأطباء بأن يدخلوا كل يوم إلى حجرة السلطان كعادتهم، وكانت تدخل الأدوية والطعام إلى غرفته كما لو كان حياً، واستمرت الأوراق الرسمية تخرج كل يوم وعليها ختم السلطان.

وتولت شجر الدر ترتيب أمور الدولة، وإدارة شؤون الجيش في ميدان القتال، وعهدت للأمير فخر الدين بقيادة الجيش، وفي الوقت نفسه أرسلت إلى توران شاه، ابن الصالح أيوب تحثه على القدوم إلى مصر، ليتولى السلطنة بعد أبيه.

وفي فترة ما بين موت السلطان الصالح أيوب، ومجيء ابنه توران شاه في 23 ذي القعدة 648هـ (27 فبراير 1250م) وهي فترة تزيد عن ثلاثة أشهر، نجحت شجر الدر بمهارة فائقة في أن تمسك بزمام الأمور وتقود دفة البلاد وسط الأمواج المتلاطمة التي كادت تعصف بها، ونجح الجيش المصري في رد العدوان الصليبي وإلحاق خسائر فادحة بالصليبيين، وحفظت السلطنة حتى تسلمها توران شاه الذي قاد البلاد إلى النصر.




كانت شجرة الدر كاتبة قارئة، تكتب بخط جميل وقلدت خطّ الملك الصالح، تعلّم على التّواقيع،
وذات عقلٍ وحزمٍ، لها معرفة تامّة بأحوال المملكة، وقد نالت من العزّ والرّفعة ما لم تنله امرأة قبلها ولا بعدها.

مع كل هذه الرجاحة في العقل استولت عليها غيرة النساء حين أراد زوجها “المَلِك المُعزّ” عز الدين الزواج عليها بعد أن طلق زوجته الأولى أم علي، فأمرت بقتله خنقاً بالحمام، فما كان من ضرتها أم علي إلا أمرت جواريها بقتلها بالقباقيب، وفي الحمام أيضاً..

ابن الفارض:

يا سائراً بالقلبِ غدراً كيفَ لم

تُتْبِعَهُ مـــــــا غادَرْتَهُ مِن سائرِي؟

بعضي يغارُ عليكَ منْ بعضي ويحْـ.

ـسُدُ باطِني، إذْ أنتَ فيهِ ظاهِري
















إسماعيل ديب


الساعة الآن 10:42 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى