منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   السِــيرْ وتـراجم أعــلام الإســـلام (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=13)
-   -   زبيدة بنت جعفر (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=5255)

admin 07-21-2010 09:05 PM

زبيدة بنت جعفر
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


زبيدة بنت جعفر أعظم نساء العصر العباسي سيدة ذات عقل ورأي وبلاغة، كانت تنظم الشعر وتناظر الرجال في شتى نواحي الثقافة . ومع أن الخلافة أحاطت بها من كل جانب، غير أنها كانت فاضلة، تركت وراءها آثاراً جليلة في مجال الخدمات العامة والعمران . وكانت تعطف على الأدباء والشعراء والأطباء .

إنها زبيدة بنت جعفر جدها خليفة (المنصور)، وعمها خليفة (المهدي) وزوجها خليفة (هارون الرشيد) وابنها خليفة (محمد الأمين) وقد أحبها الرشيد حباً جماً ومنحها مكانة رفيعة، لكن تأثيرها البارز كان في مجالات العمل الاجتماعي والاقتصادي والأدبي .

وقال ابن بردي في وصفها: “إنها أعظم نساء عصرها ديناً وأصلاً وجمالاً وصيانة ومعروفاً” وكانت زبيدة سيدة جليلة سخية وحين حجت إلى بيت الله تعالى سنة 186 هجرية، أدركت ما يعانيه أهل مكة من تعب في سبيل الحصول على ماء للشرب فدعت خازن أموالها وأمرته بأن يجمع المهندسين والعمال من أنحاء البلاد، وقالت له: أعمل ولو كلفت ضربة الفأس ديناراً، فأحضر خازن المال أكفأ المهندسين ووصلوا إلى منابع الماء في الجبال، ثم أوصلوه بعين حنين بمكة . فأسالت الماء عشرة أميال من الجبال ومن تحت الصخر، ومهدت الطريق للماء في كل خفض وسهل وجبل وعرفت العين باسم عين الشماش . وأقامت الكثير من البرك والمصانع والآبار والمنازل على الطريق بين بغداد ومكة، كما بنت المساجد والأبنية في بغداد .

الزهد الحقيقي

صاحبة اليد البيضاء بعطفها على الفقراء والمساكين، وكانت لها مائة جارية يحفظن القرآن، ويقال إنه من شدة قراءتهن للقرآن كان يسمع لهن في قصرها دوي كدوي النحل، وقد كان لها الدور الكبير في تطور الزي النسائي في العصر العباسي .

وكانت لزبيدة أم الأمين حظوة قل أن تنالها امرأة عبر العصور، فإلى جانب الترف الذي كانت تعيش فيه، كانت مثقفة واعية تنهل من معين العلم، وقيل إنها كانت شاعرة، فكثيراً ما بعثت لزوجها الرشيد بأبيات من الشعر في رسائلها . عرفت الحياة بحلوها وطيب متاعها فنالت منها ما شاءت، وعلمت حق ربها وأهوال آخرتها، فعملت لها بقدر ما خافت إذ روي أنها كانت فقيهة عابدة، امتلكت طبيعة صافية، وغلبت عليها النزعة الصوفية السلفية المنضبطة بمنهج سلفنا الصالح، وقد أثبتت أن الزهد الحقيقي: أن تكون الدنيا في أيدي الناس من دون أن تنفذ إلى قلوبهم، أو تشغلهم زخارف الحياة عن الطاعة .

كانت زبيدة صورة صادقة للعقل والرزانة، ونموذجاً يؤثر ما عند الله على ما عند الناس، صادقة مخلصة النية لله تعالى في أداء الواجب المنوط بها دونما ضيق أو ضجر أو فساد قلب .

الأمين والمأمون

اختلفت مع زوجها الخليفة “هارون الرشيد” حول من يتولى الخلافة من بعده؟ وكان السجال بين ابنها الأمين وهي السيدة الشريفة، وابن ضرتها المأمون وكان ابن جارية تعمل في قصر الخلافة، وهو المرشح من قبل والده، لعلمه ورجاحة عقله وأدبه والتزامه بأدب السلاطين والخلفاء، وفي أحد حواراتها مع زوجها الرشيد قالت له: ابني “الأمين” خير من ابنك “المأمون”، سخاء قلب وشجاعة نفس .

فقال لها “هارون”: “ويحك، ابنك قد زينه ما يزين الولد في عين الأبوين، فاتقي الله، فو الله إن ابنك لأحب إلي، إلا أنها الخلافة لا تصلح إلا لمن كان لها أهلاً، ولها مستحقاً . ونحن مسؤولون عن هذا الخلق فما أغنانا أن نلقى الله بوزرهم، وننقلب إلى الله بإثمهم” واستدعى هارون ولديه واحداً بعد الآخر، ودار حوار أسفر عن إقناع زبيدة بأن المستحق للخلافة، لرجاحة عقله وأهليته لهذه المسؤولية الضخمة، هو المأمون الذي تربى على يديها وهو غرس ثمارها، وهي أمه الروحية إن لم تكن قد ولدته .

فقد سأل هارون زوجته زبيدة بعد الحوار: كيف رأيت ما بين ابني وابنك؟ فقالت: يا أمير المؤمنين ابنك أحق بما تريد وأولى بما لديك، وقد أثبت التاريخ فشل الأمين في الحكم بعد ذلك، وبرزت رجاحة عقلها ورزانتها مرة ثانية، لما جاءها نبأ مقتل ولدها وأراد واحد من أهل الفتنة تحريضها على الثأر من المأمون، الذي كان بمكانة ولدها وقد أرسل إليها يبرئ نفسه بعد أن أرسلت إليه بأبيات من الشعر أبكته، قائلاً لها: “والله ما أمرت ولا رضيت” ولذا ردت على موقظ الفتنة والداعي إليها قائلة: “اخسأ لا أم لك، ما للنساء وطلب الثأر ومنازلة الأبطال؟”

وأرسلت زبيدة للمأمون قائلة: “أهنئك بخلافة قد هنأت نفسي بها عنك قبل أن أراك، ولئن كنت قد فقدت ابناً خليفة، فقد عوضت ابناً خليفة لم ألده، وأسأل الله أجراً على ما أخذ، وإمتاعاً بما عوض” وأخذ المأمون بعد ذلك في إكرامها ومودتها ورضاها .

توفيت السيدة زبيدة بنت جعفر في بغداد سنة 216ه وقيل إن ابنتها رأتها في المنام، فسألتها: ماذا فعل الله بك؟ قالت: يا بنية غفر لي ورحمني، فقالت لها: بماذا نجوت؟، فقالت: يا بنية لولا ركيعات كنت أركعهن قبل النوم لهلكت .

علاء الدين 07-22-2010 12:25 PM

موضوع جميل ورائع جزاك الله كل خير :jaza; kaeer:

admin 10-14-2010 10:51 AM

رد: زبيدة بنت جعفر
 
كذلك مروركم سيدي علاء


الساعة الآن 05:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى