منتديات البوحسن - قصة القناديل الزجاجية

قصة القناديل الزجاجية

المشكاة او الزجاجة او القنديل الذي كان يوضع فيه المصابيح وقد استمد هذا الاسم من الآية الكريمة ((الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة ))وهي من أهم أدوات الاضاءة التي استخدمت في العصور الوسطى وقد احتلت مكاناً هاماً في اوقات الاستزادة من الاضاءة خلال شهر رمضان المبارك.

والمشكاة أو الزجاجة أو كما يقول العامة الناس أو البلورة فهي ذات بدن منتفخ ينساب الى أسفل وينتهي بقاعدة ولها رقبة على هيئة قمع متسع وبداخل الزجاجة كان يوضع اناء صغير به من الزيت أو الفتيل الذي يوقد للاضاءة عند صلاة المغرب من كل يوم ويقوم خادم المسجد بذلك العمل عن طريق انزال الزجاجات من سلاسلها عند الفجر واطفاء القناديل ثم يعيد تعليقها بعد الاضاءة عند المغرب .‏

وعند اكتشاف النفط حل الكاز مع الزيت في الاضاءة وكان بناة الجوامع من السلاطين والأمراء يوقفون زيت القناديل من ضمن ماينص على الالتزام لشرائه في وثائق الوقف وعادة يوضع فيها زيت الزيتون او زيت السيرج او السمسم ثم أصبح الكاز في العصر الحديث كما أسلفنا.‏

وكانت هذه القناديل تزين بالزخارف الكتابية ورسوم النباتات والأزهار والأشكال الهندسية المتعددة وتخلو من الرسوم الآدمية والحيوانات لاعتبارها محرمة في الاسلام أما في عهد سلاطين المماليك من آل قلاوون فقد زينت برسوم البط كما يقول الدكتور أحمد الصاوي في كتابه (رمضان زمان) ويضيف الدكتور الصاوي انه كان من السهل التعرف على المشكاوات التي صنعت للسلاطين فألقاب السلطان واسمه كانت تكتب بخط واضح على بدن المشكاة ويوضع اسمه في أشرطة كتابية بأسفل واعلى المشكاة ايضا اما بعض الامراء فكانوا يكتفون بوضع (رنكهم) والرنك كلمة فارسية تعني اللون وهي تعني في العصر المملوكي الشارة التي توضع على البيوت والاماكن والاشياء المنسوبة الى صاحب الرنك ومعظم الرنوك يدل على وظائف اصحابها فشعار (الدوادار ) الدواة وشعار السلحدار السيف والساقي شعاره الكأس والبريدي شعاره درع .‏

وقد استخدمت في زخرفة المشكاة طريقة التذهيب والطلاء بالمينا وذلك عبر مراحل فنية متعددة اذ كان الصناع يصنعون الزخارف المذهبة على التحفة بواسطة الريشة وذلك عند رسم الخطوط الخارجية بالفرشاة في المساحات الكبيرة وكان طلاء المينا نصف الشفاف يتكون من ذائب الرصاص ثم يلون بالاكاسيد المعدنية بالاخضر من أكسيد الحديد والاصفر من حامض الانتيمون والأبيض من اكسيد القصدير أما لون المينا الزرقاء والتي لعبت دوراً هاماً في زخرفة القناديل فكانت تصنع من مسحوق اللازورد مع زجاج لالون له .‏

ويقال أول من أنار الجوامع بالفوانيس في رمضان عند صلاة التراويح عمر بن الخطاب وفي رواية أخرى ان أول من استخدمه هم سكان القاهرة عند استقبالهم للمعز لدين الله الفاطمي في الخامس من رمضان سنة 258 ه¯ وهم حاملو المشاعل والمصابيح.‏

كما تورد كتب التاريخ انه في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي حرم خروج الحرائر ليلا فإذا جاء شهر رمضان سمح لهن شرط ان يتقدمهن صبي صغير يحمل فانوسا مضاء وليفسح لهن الطريق المارة .‏

ثم استعمل الفانوس لانارة الشوارع والازقة والحواري وسمي القائم على تعميره بالزيت او الكاز وتعليقه بالدومري ثم حمله الناس وخاصة النساء عند تنقلهم اثناء الليل حتى لايصطدم بهم الرجال كما فرض حمله من قبل الرجال في القرن الثامن عشر والتاسع عشر لذات الغاية ومن يسير في الشوارع ليلاً.‏

وبدون حمل الفانوس كان الضابطية أي الدرك او الشرطة تأخذه وتسجنه في السراي لانه يشك بأنه من أرباب السوابق او سيقدم على عمل يخالف القانون وظلت الفوانيس مستخدمة حتى عهد قريب الى ظهور الطاقة الكهربائية ويستخدم لليوم في بعض القرى او عند انقطاع التيار الكهربائي.‏

وللحاجة الماسة لاستخدامه كما التيار الكهربائي اليوم دخل ضمن الموروث الشعبي فيقولون عن الشخص المبذر الذي يهدر الطاقة لا فانوس وشمعة ,لا على العتمة جمعة ويقولون المنحوس منحوس ولو عقلو على رقبتو فانوس.‏