منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   القسم العام (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=27)
-   -   شاعر فاتح (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=6910)

عبدالقادر حمود 10-16-2011 01:11 PM

شاعر فاتح
 

يعرف الشعراء عادة بأنهم قوم كلام لا غير، فلا يبرعون إلا في قول الشعر، وأنهم في كل واد يهيمون، وفي أحسن الأحوال، مدَّاحون، وفي رواية منافقون، ولا شك في أن في ذلك تجنياً كبيراً على الشعر، قبل الشعراء، وإن كان بعض الشعراء قد اتخذوا من الشعر وسيلة للتكسب، أو للوصول إلى الجاه، ونيل الحظوة، فإن ذلك لا ينفي أن من الشعر ما يكتب بماء العيون، لحكمته ووظيفته السامية التي لعبها في المجتمع.

وإن كان منهم من أراق ماء وجهه فمدح ليكسب قوته، أو يتبوأ منصباً، فإن منهم من أوقف حرباً بشعره، كزهير بن أبي سلمى، وإن منهم من حمّل شعره رسالات سامية، فدافع عن هويته ورسالة أمته ودينه وكان ناطقاً إعلامياً، كحسان بن ثابت، ومنهم من خاض المعارك كعبد الله بن رواحة، ومنهم من كان أول من نبذ التمييز العنصري، كعنترة العبسي، ومنهم من كان فارساً، فَشارك في المعارك، والفتوحات، فها هو أسامة بن منقذ الأديب والشاعر والفارس الذي لا يشق له غبار، يحارب على الجبهات، فيشترك مع عماد الدين الزنكي في عدة معارك، ومع نور الدين نفسه في المعارك، وكان أهمها الهجوم على عسقلان في فلسطين والهجوم على حارم عام (551)هـ، ومع شهاب الدين صاحب حماة في الهجوم على قلعة أفاميا، وفي فترات الاستراحة من المعارك ينازل الأسود والنمور التي كانت تعيش في الغابات المجاورة، فكان يقتلها وحده ويجرها وراء جواده ويدخل بها قلعة شيزر في حماة فيتطلع إليه أهلها بإكبار وإعجاب.

وقد كتب عن بقائه على قيد الحياة إلى أن بلغ من الكبر عتياً (88 سنة م - 92 هـ) على الرغم من تعرضه لمختلف الأخطار في المعارك التي خاضها، فقال: لا يظنن ظانّ أن الموت يقدمه ركوب الخطر، أو يؤخره شدة الحذر، ففي بقائي أوضح معتبر، فكم لاقيت الفرسان وقتلت الأسود وضربت بالسيوف وطعنت بالرماح وجرحت بالسهام، وأنا من الأجل في حصن حصين إلى أن بلغت تمام التسعين.

وأسامة من أسماء الأسد، وقد نظم ابن منقذ شعراً جميلاً:

يا لائمـــي انظــر إلى قمـــر

في الأرض في وجناتـــه شفَقُ

وبخـــده وَرْد إذا نظـــــرت

عــَيني إليــه تَنـاثَــــر الـورقُ

ومن شعر أسامة بن منقذ الشيزري:

أزور قــبرك مشـــتاقـاً فيحــجبـني

ما هـيلَ فوقَـك من تُــربٍ وأحْجَــارِ

فـأنثْنَيَ، ودُمــوعي مِن جَـوَى كَـبِدي

تَفيضُ، فــاعجب لماءٍ فاضَ من نَارِ







إسماعيل ديب


الساعة الآن 08:43 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى