منتديات البوحسن - العلم طريق الإيمان

عندما سئل الإمام الشافعي رضي الله عنه عن الدليل على وجود الله قال: ورقة التوت، تأكلها الدودة فتخرجها حريراً، ويأكلها الغزال فيخرجها مسكاً، وتأكلها النحلة فتخرجها عسلاً، وتأكلها الشاة فتخرجها لبناً، ويأكلها الحمار فيخرجها بعراً، فمن الذي نوع الأشياء والأصل واحد؟

وعن ضرورات حفظ الدين كمقصد عام من مقاصد الشريعة أن يفيد الإنسان من حقائق العلم الدالة على قدرة الخالق ووحدانيته، وأن يستقرئ من هذه الحقائق الجزئية حقيقة القصد الإلهي، التي تؤكد أهمية الغاية والهدف من وراء خلق الكائنات مقصداً لقوله تعالى: “أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون” (سورة المؤمنون:115)

وعلى سبيل المثال، إذا بحثنا في جسم الإنسان بأجهزته المختلفة نجد العديد من التوافقات المذهلة والتنظيمات العجيبة، التي تؤكد أن الإنسان لم ينشأ نتيجة صدفة عمياء، أو يتطور من جماد وحيوان بفعل قوى الطبيعة المزعومة، بل هو من صنع قوة عاقلة تملك القدرة المطلقة على التدبير والتخطيط، ومن أمثلة التوافقات والتنظيمات المعجزة في جسم الإنسان نستعرض ما يلي:

1 خلايا الجسم دائمة الانقسام للعمل على نمو الجسم، أو لتعويض ما يفقد أو يموت من هذه الخلايا، أما الخلايا العصبية فهي لا تنقسم لأنها لو انقسمت فستتلاشى جميع معالم الذاكرة في الخلايا العصبية للمخ .

2- عند حدوث جرح في الجسم يندفع الدم من الأوعية الدموية المجروحة، ولكن لا يلبث أن يتجلط عند مكان الجرح ليوقف استمرار النزيف، ولولا هذا التجلط لظل النزيف مستمراً حتى الموت .

3- تعتبر عضلات الرحم عند الأنثى أقوى عضلات الإنسان للحاجة إليها في دفع الجنين، عندما يأذن الله بخروجه من بطن أمه، وتلي عضلات الرحم عضلات القلب التي لا بد أن تكون قوية لتتحمل العمل ليلاً ونهاراً، وتدفع الدم باستمرار إلى الأوعية الدموية لمدة قد تطول في بعض الأحيان لأكثر من مئة عام .

4- المعدة في الإنسان أشبه بمصنع كيميائي أعده الخالق الواحد سبحانه وتعالى لكي يعمل ذاتياً “أوتوماتيكياً”، وينتج مواد كيميائية أكثر مما ينتجه أي معمل ابتكره الإنسان . فالمعدة تقوم تلقائياً بتحليل ما يتناوله الإنسان من أطعمة على اختلاف أنواعها، وتقوم بمعالجتها وتجهيزها من جديد، وتتولى فرزها وتصنيفها وتوريدها بصورة مستمرة ومنتظمة إلى كل خلية من بلايين الخلايا حسب احتياجات هذه الخلايا وتخصصاتها لتكوين العظام أو الأظفار أو الشعر أو اللحم أو الأسنان أو الأنسجة أو غيرها . وتحتوي المعدة على جهاز كيميائي مناعي أو دفاعي لمهاجمة الجراثيم والميكروبات المعادية، كما يحول دون أن تهضم نفسها . وهناك الكثير من التنظيمات الأخرى الرائعة .

5- الأذن البشرية عضو معقد بالغ الحساسية، يقوم بتحليل الأمواج الصوتية ونقلها إلى المخ في صورة تيار كهربي يسري في العصب السمعي إلى مركز خاص في المخ، فيحس الإنسان بسماع الصوت . وقد خلق الله الأذن البشرية وجعل استجابتها محدودة بمدى معين من الذبذبات وذلك لكي ينعم الإنسان بالهدوء ولا يسمع الموجات الأقل أو الأكبر من هذا المدى . ولو استجابت الأذن لكل الذبذبات الصوتية الموجودة حولها لعاش الإنسان في ضجيج لا ينقطع .

وما يقال عن الخلايا والعضلات والدم والمعدة والأذن، يقال عن العين واللسان والأنف والجلد والحنجرة، وغيرها من ملايين التنظيمات والتوافقات الموجودة في كل الكائنات النباتية والحيوانية، مما يدل على أن جميع هذه المخلوقات خلقت منذ البداية على نحو من التصميم الدقيق المقصود، الذي لا يدع مجالا للصدفة أو الاحتمال . فالله وحده هو الخالق العليم الذي تصح منه الأفعال ابتداء، وهو الذي أبدع كل شيء في هذا الكون على أعلى درجة من الدقة والنظام والكمال، وصدق الله العظيم حيث يقول: “هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه” (سورة لقمان: 11)