منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   المواضيع الاسلامية (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=7)
-   -   حصار القسطنطينية وفتح جزر "المتوسط" (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=4023)

نوح 10-10-2009 09:13 PM

حصار القسطنطينية وفتح جزر "المتوسط"
 

برزت أعمال الفتوح عند العرب، في البحر، زمن خلافة معاوية بن أبي سفيان. إذ قاموا بترتيب الروابط والحفظة على طول الساحل. وباشروا بإعداد المراكب العظيمة التي كانت تبنى في الموانىء البحرية التي عرفتها طرابلس وحيفا والإسكندرية، معتمدين على الأخشاب اللبنانية.



ويبدو أنه وضعت خطة لغزو القسطنطينية، كانت تقضي بتعاون الأسطول البحري مع الجيش البري، ويؤكد المؤرخون على وصول المراكب الحربيّة للعرب إلى شواطئ القسطنطينية عام 44ه/664م، وقبل وصول جيوشهم، وأن معاوية أرسل ثلاثمائة مركب ثقيلة، عليها أسلحة الحصار من المنجنيقات، تحمل الواحدة ألف رجل، وخمسمائة مركب خفيفة تحمل الواحدة مائة رجل، وقد استطاع هذا الأسطول تحرير السواحل في طريقه إلى القسطنطينيّة، حيث استمر محاصراً لها زهاء سبع سنوات تقريباً. ومما يذكره المؤرخون أن العرب استطاعوا فتح جميع الجزر التي كان الروم يسيطرون عليها في البحر المتوسط. وساعدهم ذلك على إخضاع أجزاء كثيرة من سواحل آسيا الصغرى، خصوصاً ما يقع منها في الطريق إلى القسطنطينيّة.



والواقع أن العرب، إلى عهد خلافة معاوية، كانوا قد أحكموا سيطرتهم على جزيرة قبرص وحدها. ثم فتحت رودس سنة 53ه/672م على يد الصحابي المجاهد جنادة بن أبي أميّة. وقد أنزل فيها معاوية المسلمين، ورتب لهم العطاء، وأصبحت قاعدة هامة لهم مثل قبرص. وقد توجه جنادة بعد ذلك لفتح سائر الجزر في البحر المتوسط مثل أرواد وأقريطش (كريت)، فتم له ما أراد. كما غزا جزيرة صقليّة. وبقي العرب في هذه الجزر سبع سنوات قبل أن ينسحبوا منها ويفكوا الحصار عن القسطنطينيّة بموجب عقد الهدنة الذي اضطر إليه معاوية والذي استمر نافذاً حتى بعد موته.



فتح ليبيا



إلى ذلك وجه العرب اهتمامهم في خلافة معاوية إلى فتح بلاد ليبيا الملاصقة لمصر من جهة الغرب، وكان يعرفها العرب بالمغرب وتمتد من برْقة إلى المحيط، كما تمتد جنوباً إلى بلاد السودان. وكان يسكن هذه البلاد جيل من الناس عرف بالبربر وهم أصل سكان إفريقيا كما يقول المؤرخون. وردّهم البعض إلى أجناس البحر الأبيض، بينما ردّهم آخرون إلى الأصل العربي السامي، الذي يعود إلى هجرات يمنيّة قديمة.



ويبدو أن عبدالله بن أبي سرْح والي مصر في خلافة عثمان بن عفان، هو أوّل المجاهدين في إفريقيا. وقد ساعده في ذلك البربر، كما جاءه مدد به أبناء الصحابة وبعض أفراد البيت الأموي. وتمكن عبدالله بن الزبير من قتل جرجير عظيم روم إفريقيا وأذلهم. وهذا ما جعل الخليفة عثمان، بعد عودته، يحتفل به في المدينة ويقرن اسمه باسم كبار المجاهدين.



وفي خلافة معاوية عادت غارات العرب على بلاد المغرب. وقد تقدم عقبة بن نافع للإقامة بصفة دائمة في نواحي برقة في الشمال وزويلة في الجنوب، منذ تمّ فتحهما على يد عمرو بن العاص. وقد أمر معاوية بإنشاء قاعدة للعسكر فيها تواجه خطط الاسترداد البيزنطيّة، وفي سنة 50 ه/ 679م ذهب عقبة على رأس عشرة آلاف مقاتل، ليخضع القبائل الثائرة ويعيد سيطرة العرب المسلمين على طرابلس الغرب وفزان وغدامس، وتوجه من هناك إلى جنوب إفريقيا.



وفي أحد الأودية البعيدة عن الساحل، اختطّ عقبة بن نافع القاعدة العسكرية بناءً لتوجيهات الخليفة معاوية، وسمّاها “القيروان”، فكانت مثل مدن الأمصار الأخرى تشتمل على الخطط، ودار الإمارة، والمسجد الذي يخلد اسمه حتى اليوم. وقد أصبح للعرب منذ ذلك الوقت معسكر متقدم في إفريقيا يقف مثل القلعة الحصينة، في مواجهة قبائل البربر المناوئة التي كانت متحصنة في جبال الأوراس.



واستمرت أعمال الفتوح العربية في إفريقيا بعد عزل عقبة وتولية أبي المهاجر. وجاء ذلك عقب عزل معاوية لعامله في مصر معاوية بن حديج وتعيين مسلمة بن مخلد سنة 51ه/671م.



وأقام أبو المهاجر في إفريقيا ولم يخرج منها، لا صيفاً ولا شتاء. وعمل على استمالة البربر الذين كانوا يواجهون عقبة، فأسلم كثيرون منهم. وهذا ما حفز أبا المهاجر وجعله يهاجم قرطاجنة ويحاصرها لمدة عامين سنة 59ه/678م، وكان له معها ملحمة عظمى. غير أن معاوية توقف عن مهاجمة الروم في السنة الأخيرة من حكمه، بسبب انشغاله بتوريث ابنه يزيد الخلافة من بعده، ولكن لم يتوقف البربر عن الدخول في الإسلام، وهذا ما مهّد لفتح المغرب بكامله فيما بعد.


الساعة الآن 01:05 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى