منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   القسم العام (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=27)
-   -   كاشغر «حجر اليشم» على طريق الحرير (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=5474)

عبدالقادر حمود 08-30-2010 07:38 PM

كاشغر «حجر اليشم» على طريق الحرير
 
حواضر الإسلام.. تمسكت بهويتها الإسلامية رغم القمع الصيني
كاشغر «حجر اليشم» على طريق الحرير

http://www.alittihad.ae/assets/image...a-na-16801.jpg
من المصدر ©سوق الأحد الأسبوعي

د. أحمد الصاوي

كاشغر الواقعة اليوم في إقليم «شينجيانج» الصيني أبعد حاضرة إسلامية عن بلاد العرب باتجاه الشرق، رغم المحن والنوائب التي حلت بها، فإنها ما برحت تعبر عن مجدها الغابر ووجهها الإسلامي بلسان أعجمي تختلط فيه المفردات العربية باللغة الإيغورية التركية وبالكلمات الصينية من دون التخلي عن الحرف العربي كلما غفلت عنهم عيون السلطات الصينية. و»كاشغر» كلمة صينية تعني «حجر اليشم»، وذلك لشهرة المدينة منذ القدم بصناعة الأدوات والحلي من هذا الحجر الكريم، وقد استوطنتها عناصر من قبائل الترك الجوابة قبل أكثر من ألفي عام، ولذا عرفت قديما بأنها أهم مدن «التركستان الشرقية»، ولكن بعد اجتياح القوات الشيوعية الصينية للإقليم في عام 1949م. عرفت المنطقة إدارياً باسم «شينجيانج» أي المستعمرة ولكن السكان يرفضون هذه التسمية.

اكتسبت «كاشغر» أهميتها من موقعها الحيوي على طريق الحرير الذي كان يربط بين الصين وغربي آسيا وأوروبا فهي تقع على عتبة الصين من جهة الغرب قبيل جبال «كونلون» الشاهقة ومن ثم كان التجار المتجهون من الصين إلى الغرب يستريحون بها ويتزودون بالمؤن قبل تسلق الجبال أما القادمون من الغرب فقد كانت كاشغر أول ما يصادفهم عقب نزولهم فيقيمون بها لالتقاط أنفاسهم ولتلقي العلاج الطبي. وتدريجياً تحولت لمركز تجاري شهير بفضل المهارة التجارية لسكانها من الأتراك وملتقى في ذات الوقت للثقافات المعروفة في آسيا. وتشير الأدبيات الصينية القديمة إليها كمدينة أجنبية سماها الرحالة الصيني «تشانغ تشيان» «سولة» عندما زارها وهو في طريقه إلى الخليج العربي في رحلة استكشافية حوالي عام 128 ق. م. بينما وصل إليه الإغريق في عام 150م.

معركة «جخنده»




أما المسلمون فقد وصلوا كاشغر حوالي عام 96 للهجرة «715م» تحت قيادة الفاتح «قتيبة بن مسلم الباهلي» في محاولة لتأمين الفتوحات التي بدأها قبل عشر سنوات بإقرار الحكم الإسلامي في بلاد ما وراء النهر أو ما يعرف بالتركستان الغربي.
وحسب المصادر التاريخية فإن قتيبة تحرك من سمرقند قاصداً السيطرة على إقليم فرغانة وتجمعت قبائل الترك لخوض المعركة الحاسمة ضد العرب في «جخنده» وبعد معارك دامية انتصرت قوات قتيبة، ولكن مشاركة قوات تركية قادمة من كاشغر في المعركة جعلت المسلمين يسعون لإخضاعها لتأمين فتوحاتهم، وهكذا وصلت الجيوش العربية لتفتح كاشغر وبعد معركة دامية أعلن الملك التركي خضوعه للخليفة الوليد بن عبد الملك وأصبحت دولة «قول ترك» في كاشغر تدين بالولاء لدولة الإسلام وأخذ الإسلام بالانتشار في هذه الأصقاع الشرقية بفضل حركة التجارة وبلا أعمال حربية ولعبت كاشغر دوراً محورياً في هذا التحول التاريخي. وكانت الخطوة الحاسمة في الانتشار العميم للإسلام اعتناق حاكم كاشغر السلطان»ستوق بغرا خان» الدين الحنيف وإقراره ديانة رسمية لدولة الأتراك المعروفة بالقراخانيين في عام 353 للهجرة «964م». ومن وقتها حملت الحاضرة القاصية بالشرق مشعل حضارة الإسلام في كل المناطق المجاورة.

وفيما بين القرنين 11 و12 للميلاد كانت كاشغر قاعدة لمنطقة إسلامية تمتد منها غرباً إلى جيسمار شرقاً وتمددت في القرنين التاليين لتشمل مناطق أورومتشي في غرب الصين حتى أن الرحالة الإيطالي ماركوبولو سجل عندما زارها في عام 1271م. أنها مدينة سكانها من المسلمين وان تجارها تركوا آثارهم في كل ركن من أركان العالم.

وكاشغر اليوم مدينة رئيسية بإقليم شينجيانج ذي الحكم الذاتي لأقلية الإويغور ولا يتجاوز عدد السكان بها 400 ألف نسمة معظمهم يتحدث اللغة القومية للأقلية المسلمة التركية وتجمع المدينة بين طابعها التقليدي المتمثل في أحيائها القديمة وطابع المدن الحديثة الصاعدة بالصين.

وبالرغم من تطور وسائل النقل فإن كاشغر ما زالت تقوم بدورها القديم كمحطة تجارية إذ تعد اليوم أكبر مركز يقصده تجار غرب ووسط آسيا لعرض سلعهم المحلية ولشراء منتجات كاشغر وما يجاورها من أقاليم الصين.

محطة تجارية

وبهذه المدينة حوالي 20 سوقاً منها أسواق عامة وأخرى متخصصة مثل تلك التي تعرض منتجات الريف من المحاصيل الزراعية والمواشي والمنتجات التقليدية للقوميات الإسلامية. وأهم هذه الأسواق «سوق التجارة الدولية» الذي يقصده تجار من دول الكومنولث الروسي وتركيا وباكستان وتباع فيه الطنافس الجدارية والسكاكين والأحجار الكريمة والمنتجات اليشمية وشالات حريرية ومنتجات نحاسية تركية فضلاً عن الأدوات الموسيقية الوترية الشائعة الاستخدام بين الشعوب التركية. وتعرف السوق القديمة باسم «سوق الأحد»، حيث كانت تعقد في أيام الآحاد ولكن السلطات الصينية سمحت بأن تعقد طوال أيام الأسبوع بدءاً من عام 1992م.

وفي كاشغر عدد من المساجد القديمة وبعضها شيدت قاعات الصلاة فيه بالأخشاب لتجنب تأثير الزلازل ويبقى مسجد «عيدكاه» أهم هذه المساجد وأضخمها وأقيم عام 1442م.

كاشغر مدينتان متجاورتان

تبدو كاشغر اليوم كمدينتين متجاورتين إحداهما حديثة تماماً تشابه في تكوينها المعماري المدن الصينية الصاعدة بشوارعها الفسيحة ومصانعها المنتشرة على محيطها الخارجي أما الأخرى فهي المدينة القديمة بشوارعها الضيقة وأزقتها المرصوفة بمربعات من البازلت الأسود, ونظراً للكثافة السكانية العالية بهذا القسم من المدينة تقام حجرات على مستوى ثان علوي ويتم الوصول إليها عبر جسور خشبية تمر فوق الأزقة الضيقة وتنتشر أغصان أشجار الكروم في المساحات الضيقة الفاصلة بين المنازل صانعة ما يشبه المظلة النباتية ليحتمي بها المارة والسكان من شمس الصيف. وغالباً ما يفصل بين المنازل المتلاصقة باحات تستخدم للعب الأطفال وأحياناً أخرى للطهو، أما المنازل من الداخل فتضم دوماً قاعة استقبال كبيرة للضيوف ولا يسمح للزوار بالدخول إلى أماكن الإقامة حيث النساء.


الساعة الآن 10:58 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى