1.رشحات البال لما في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأنوار : 2.حقائق و إشارات
.حقائق و إشارات :
للغفلة حيز كبير في حياة الإنسان لضعفه و انكساره أمام دواعي النفس و الهوى و الشيطان. و تزداد حبائلها إن لم يكن له في يومه حبل متين يشد به عضده و يهيأه للحضرة مهما كانت غفلته. و لخلافته عن الله تعالى شرف نيابة و مناط تكليف.فكيف يتخلص العبد من هذه الغفلة ؟ و تسمو روحه للري من مناهل الحضرة النبوية و حقائقها النورانية؟. ترى غالبية الأفكار التي انبثقت من الفكر الحر و العقل المعاشي أن الإنسان مجرد وجود همل أو حلقة و آداة أنتاج ، و في المناهج النفسية قواة مدركة و أحاسيس لا تستحق الكبت بل التنمية و التطوير.وهلم جرا. ولم يكن الإنسان في الوحي شيئامذكورا ، إلى أن تكرم الله عليه و أحب أن يعرف و يعبد فخلقه من نطفة أمشاج يبتليه فجعله سميعا بصيرا.!! و كان في وجوده عبد حامل للمنتقضات ، مستأثر ا عن باقي المخلوقات في أنانية فريدة معنى النيابة بأيجابياتها و سلبياتها. الخلافة عن الله معنى خاص ، و للعبد الغير المذكور وظيفة و تكليف ثم حمل للأمانة.للأنانية حضور خاص في الإنسان ، لكنها تتلاشى و تندثر بمجرد ما يقوم العبد بفعل الحمد ، حمد الله على نعمه ، ثم حمد لله أن جعل الله من الوحي بابا بل وسيلة إتصال الأرض بالسماء. أ.عبد يوحى إليه : أصبح الوحي مجرد كلمة ثراثية ، ليس لها وقع و لا معنى . تجد في التصانيف الأكاديمية كلمة الوحي رديف الصرع ، أو الأمراض العصابية ، أو الخيالات الوهمية المتعلقة بتلباتي و الباراسيكولوجيا لا غير. النبي مجرد رجل عاش و مات اختلط عليه الوهم بالواقع و الخيال بالحقيقة ، فكانت كلماته غامضة عن رب يعبد و شريعة تنزل وأقوام سذج تتبع. في حين الوحي أمر عظيم و ليس بالهين. و في صراعات الأجيال المؤمنة ، تجد بعض طوائف من المسلمين عن حسن نية ، أن تعظيم و تقديس جناب النبوة و تعظيمها و تسييدها شرك و فعل مشين ، صرح أحد الفاعلين في الحركات الأسلامية ، أن محمد صلى الله عليه وسلم رسول قد خلت من قبله الرسل ، و أن لكل زمان رجال ، الرجل اختنق بسبب تدخل لأحد المشاركين مستشهدا بالكلمة المشهورة لأحد المستشرقين ، لو كام محمد نضيف صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا لحل مشاكل العالم وهو يحتسي كاسا من القهوة! ، أختنق غفر الله لنا و له ، وهو في أحدى مشاركاته في مجلة يسارية مغربية يصف من يرى محمد صلى الله عليه وسلم يقظة مخبول و مجنون يستحق دخول المارستان ؟ و في فكره التجديدي يضع علامات استفهام حول حضور مميز للمجددين ، ويصفها بالخرافات ، ويدعو لمجتمع المؤسسات ، و قراءة لثراثنا التربوي و التاريخي بمعايير عقلية ؟ عندما أقر أ في كتاب الله قوله تعالى : ( و النجم إذا هوى ، ما ضل صاحبكم و ماغوى ، و ما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، علمه شديد القوى ، ذو مرة و استوى ، وهو بالأفق الأعلى ، ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى،ما كذب الفؤاد ما رأى ) النجم آ 1 إلى 11. ما ذا أفهم ؟ و ماذا أتلقى من حقائق ؟ يقول الشيخ عبد السلام في فقرة من فقرا كتابه محنة العقل المسلم حول معنى الوحي : (ما هو الوحي ؟ جذبت عناية الله السابقة عبده محمدا صلى الله عليه وسلم إلى ميقات نزول الوحي عليه، لما بلغ الأربعين من عمره حبب إليه الاعتزال والتحنث (وهو التعبد). فكان يخرج إلى غار حراء الليالي ذوات العدد يتزود لذلك. روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن الوحي فاجأه في الغار. فجاء الملك جبريل عليه السلام فقال له : اقرأ. قال صلى الله عليه وسلم : "فقلت ما أنا بقارئ". فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد". ثم غطه الثانية والثالثة. ثم قال له : ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم﴾ (سورة العلق، الآيات : 1-5). قالت عائشة رضي الله عنها : "فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده. فقال لخديجة : زملوني، زملوني ! حتى ذهب عنه الروع. فقال لخديجة -وأخبرها الخبر- لقد خشيت على نفسي ! "فقالت خديحة : كلا ! أبشر ! فوالله لا يخزيك الله أبدا ! إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق". فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي -وهو ابن عم خديجة أخي أبيها- وكان امرء تنصر في الجاهلية. وكان يكتب الكتاب العبراني. فكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي. فقالت خديجة : يا ابن عم ! اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة : يا ابن أخي ! ما ذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى. فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى. يا ليتني فيها جدعا ! ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أو مخرجي هم ؟ ! " قال : نعم ! لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي. وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا". هكذا نزل الوحي على رجل ما كان له علم بالناموس الذي ينزله الله على من يشاء من عباده. ما كان يعلم، فلذلك فزع من رؤية رجل غريب يخاطبه ويغطه (أي يضمه بشدة) ويطلب إليه أمرا ليس له به عهد وهو الأمي. لم يكن فيلسوفا متطلعا إلى ميتافيزيقا. لا ولا قارئا مثقفا مطلعا على تاريخ الأنبياء. إنما كان رجلا منصرفا إلى شأنه في تجارته وأسرته وقرابته كما ينصرف الناس، حتى استيقظت الفطرة في قلبه. فرفع بصر قلبه إلى الأفق الأعلى، إلى أفق السؤال المفتقر. فجاءه الجواب الخاص الذي ينزله الله على صفوة خلقه، وهم رسله وأنبياؤه عليهم السلام. سردنا كيف نزل الوحي. وليس الكيف والحدث جوابا عن عنوان هذه الفقرة الذي يطلب تفسير ماهية الوحي. ما هو الوحي ؟ يستطيع كل أن يجيب بما عنده من تخرص أو استنتاج أو تعريف لغوي. فالمحلل النفسي المستشرق يستجمع آلات صناعته ليستدل على أن الرجل كان صادقا في الإخبار عن الحدث. لكنه، مثل غيره ممن يعانون من الذهان وانفصام الشخصية خاطبته أشباح هلوساته. وقال المعاصر الذي كذب وتولى بعد أن فكر وقدر وعبس وبسر : ﴿إن هذا إلا سحر يوثر، إن هذا إلا قول البشر﴾. وقال آخرون ممن صموا عن سماع النداء : مجنون، كذاب، أفاك. وقال اللغوي : الوحي الإشارة السريعة. وقال الله عز وجل : ﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أويرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء. إنه علي حكيم﴾ (سورة الشورى، الآية : 48). فالوحي كلام يكلم الله به عباده المصطفين إما للاهتداء في حد ذواتهم، فتلك النبوءة، وإما يصطفيهم سبحانه لحمل رسالته لمن يشاء من خلقه، وتلك رسالة الرسل عليهم السلام، وقوامها النبوءة. يوحي سبحانه إلى أنبيائه ورسله بالكلام القدسي كما أوحى إلى موسى عليه السلام، أو يرسل أمينه على وحيه جبريل عليه السلام فيوحي بإذنه ما يشاء. ويوحي سبحانه إلى عامة المستجيبين للرسل بواسطة الرسل عليهم السلام كما قال تعالى : ﴿وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة﴾ (سورة الأنبياء، الآية : 72). ويوحي إلهاما كما قال عز وجل عن النحل : ﴿وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا﴾ (سورة النحل، الآيتان : 68-69). ويوحي سبحانه إلى عمار السماوات من الملائكة كما قال عز وجل : ﴿وأوحى في كل سماء أمرها﴾ (سورة فصلت، الآية : 11). ويوحي إلى الملائكة أمره العزيز في المواقف الخاصة كما أوحى إليهم سبحانه في واقعة بدر : ﴿إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا، سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب. فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان﴾ (سورة الأنفال، الآية : 12). وأوحى سبحانه إلهاما إلى أم موسى عناية منه سبحانه بوليدها السعيد : ﴿وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني. إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين﴾ (سورة القصص، الآية : 6). ويوحي سبحانه ببشرى في المنام للسعداء من المومنين كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوحي ارتفع من بعده وبقيت لأمته المبشرات وهي جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. فاجأه الوحي صلى الله عليه وسلم وأفزعه، لأنه لم يكن ينتظر الحدث الجلل. كما قال الله عز وجل يخاطبه فيما بعد : ﴿وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك﴾ (سورة القصص، الآية : 86) وقوله عز من قائل : ﴿ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان. ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا﴾ (سورة الشورى، الآية : 49). جاءه الوحي صلى الله عليه وسلم. كلمه ربه بواسطة الملك الكريم. وأمره بالقراءة إذ القراءة مفتاح العلم. وعلمه الجواب الإجمالي عن السؤال الفطري الذي يلح على القلوب السليمة وتعمى عنه وتجهله وتتجاهله الفطر المريضة. ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق﴾ (سورة العلق، الآيتان : 1-2). في أول جملة كلم بها الحق سبحانه خاتم أنبيائه وتاج رسله، جاء الجواب بأن الله هو الخالق لا الأصنام، ولا الأبوان، ولا الطبيعة، ولا السلحفاة الماكرة في جزر الجلاباجوس تكيف أعضاءها لتتلاءم خلقتها مع البيئة المحيطة. وفي ثاني جملة إخبار بأصل خلق الإنسان في أحشاء ظلمة البطن، علقة ثم خلقا بعد خلق حتى يستوي الجسم ويخرج إلى الوجود الخارجي لغزا على نفسه إلا أن تتداركه العناية الإلاهية فيصغي. وحمل صلى الله عليه وسلم الرسالة إلى العالمين مبدأها الأول معرفة الخالق وتوحيده وعبادته. جاءت الرسالة إلى الأرض لينشأ لها دعاة وحملة ينصرون الرسول ويجاهدون إلى جنبه. واختار العلي الحكيم سبحانه أمة أمية فارغة من كل علم، قليلة البضاعة من مكتسبات الحضارة، قبائل متفرقة تظهر إحدى معجزات الرسول المبعوث في جمع كلمتها، جاهلة سرعان ما تتعلم لتكون بعد فترة وجيزة أستاذة العالم. كانت العرب في جاهليتها تعبد أصناما، لكل قبيلة وفخذ وأسرة صنمها المفضل. يصنع المتواضعون آلهتهم من خشب منحوت أو حجر منصوب أو خبز يأكلونه عند الحاجة. ويستورد عسلية القوم أصنامهم من الشام وأطراف الشام المتحضرة المتقنة للفنون الهانستية التي احتلت بثقافتها تخوم بلاد العرب منذ غزوات الإسكندر المقدوني. وحي يتلى على قوم أميين بهرتهم بلاغته، وأعجزهم بيانه وهم بلغاء العرب وفصحاؤها، فكان الوحي وإعجازه وتحديه الذي لم يرفعه منهم رافع أظهر المعجزات. ومعجزات أخرى كثيرة ظهرت تأييدا إلهيا على يد الرسول كما تظهر على أيدي رسل الله عليهم سلام الله. وحي يحمله رجل عرف بالأمانة والصدق والشرف. ومعجزات خارقات مثل شق القمر. وقوم أميون قريبون من الفطرة مجردون من الحمولة الحضارية الثقيلة التي تغلف الإنسان في أردان مادته ومصنوعاته ومنحوتاته الصنمية الحجرية أو الفكرية الفلسفية. قوم مع ذلك لبعضهم على بعض سيادة، وامتيازات ورئاسات ومصالح. وعودي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوتل. ونهض معه النهضة العظيمة التي نقرأها في السيرة قوم سمعوا واستجابوا. وصحب الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مراحل جهاده. في الأحداث الكبرى مثل مسراه ومعرجه الشريف حين ناجاه ربه سبحانه منه إليه. وفي غزواته الحاسمة مثل بدر وأحد والفتح وحنين والعسرة. وصحبه الوحي صلى الله عليه وسلم يفصل له ولأمته ما فرض الله عليها وما أحل وما حرم. ويبشر وينذر. كان الوحي في مكة لمدة ثلاث عشرة سنة يركز انتباه المؤمنين والمؤمنات على التوحيد وعلى الآخرة. ثم كان جل ما تناوله بعد ذلك الحث على الجهاد، وضرب الأمثال بصبر الرسل وجهادهم، وتوجيه المسلمين في المواقف التي يحار فيها الرأي، وأحكام التشريع. لم يقص الوحي العقل المعاشي المدبر للشؤون الحياتية. بل نصبه أميرا في مجالاته المشتركة بين البشر عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار في مسألة تأبير النخل : "أنتم أعلم بأمور دنياكم". ولم يعتقل الوحي العقل المدبر المبتكر اليقظ المتفاعل مع الأحداث يعرف الضار من النافع، والأليق من المخطئ. لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه ويستطلع رأيهم ويتوسط في خلافاتهم فيما يرجع للرأى والحرب والرحلة والمنزل والقسمة. مستهديا هو وهم بالوحي واقفين عند نصه وروحه، مجتهدين في التطبيق حسب الاستطاعة والمقدار الموفي بالغرض، وحسب الزمان والمكان. وتنوعت طرق نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة يشاهدون ويعيشون مع الوحي والموحى إليه في وقائع يومية تأكدوا فيها من صدق الصادق الأمين وازدادوا إيمانا على إيمان. قال تعالى : ﴿وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا. فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون. وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون﴾ (سورة التوبة، الآية : 126). كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم الهيبة العظيمة في قلوب أصحابه رضي الله عنهم. بشريته واصلة بينه وبينهم، يشاركهم في المطعم والملبس والمسكن والسراء والضراء والمرض والصحة والفقر والغنى. وكان الوحي واصلا بينه وبين القدس. كان الواسطة صلى الله عليه وسلم. وتلك نموذجيته التي أخبر عنها قوله تعالى : ﴿قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد﴾ (سورة الكهف، الآية : 105). وتلتقي البشرية المحمدية مع الوحي، فيسأله الصحابي الحارث بن هشام : "يار سول الله ! كيف يأتيك الوحي ؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني. فأعي ما يقول". ومرات زارهم الأمين جبريل عليه السلام على صورة دحية رجل يعرفونه، فيحسبون أنه من يعرفون، حتى يخبرهم صلى الله عليه وسلم أنه جبريل جاءهم يعلمهم دينهم. كانوا يعرفون من تغير بشريته صلى الله عليه وسلم متى ينزل عليه الوحي. فيقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه : "كان نبي الله إذا أنزل عليه كرب وتربد له وجهه". وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي "غمض عينيه، وتربد وجهه". كان الوحي حدثا يوميا وأمرا معروفا وظاهرة مألوفة.). مقتبس عن كتاب محنة العقل المسلم بين سيادة الوحي و سيطرة الهوى، الشيخ عبد السلام ياسين. قال الله تعالى يخاطب حبيبه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ﴾ [2]. روح من الله إلى رسول الله. نور محمول إلينا، باق بين ظهرانينا. به فقط يستنير لنا المنهاج، الصراط المستقيم، صراط الله الذي له ما في السماوات من غيب نؤمن به، وما في الأرض من حقائق محرقة تصطلي الأمة بنارها. والله ورسوله الملجأ. فأين نذهب؟ كل المذاهب الضالة جربت فينا ففتكت بنا. ونور الله بين أيدينا. يا للهلكة! هلكة من يتحدث عن محمد العبقري بطل القومية. قال تعالى يخاطب أمثال هؤلاء: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [3]. عبد يوحى إليه. والوحي والرسالة مناط الإيمان كله. لذلك يركز وَثنيو القومية وأساتذتهم من المستشرقين هجومهم على الوحي والرسالة ليتعتعوا المسلمين عن يقينهم بأن الرسول مبعوث مأمور من لدن خالق الأرض والسماء، خالق الإنسان ومصيره من الدنيا للآخرة. وبنعوت خبيثة كالعبقرية والبطولة يحاولون أن يمحوا وجه العبد الذي فزع لما باغته الوحي ورأى جبريل، ثم استأنس، ثم تلقى القرآن، ثم دعا قومه، ثم أوذي في الله فصبر، ثم ربى وجاهد، وهدى الله به العالم إلى يوم القيامة. عبد لا يشرع من عنده، وإن خطط فتطبيقا للوحي يصحبه التوفيق الإلهي. وإن حمل السلاح فاستجابة للأمر الإلهي. وإن قال فبالله، وإن تحرك فبإذنه، وإن غضب فله، وإن أحب ففيه. عبد رباني إلهي. عبد يوحى إليه. كان القرآن ينزل طريا مواكبا للمسيرة التاريخية موجها لها. هو العلم، وهو المنهاج، وهو البرنامج، وهو النور الهادي إلى صراط الله. وكانت نظرة العبد الرسول صلى الله عليه وسلم ونظرة أصحابه مجتمعة لا تشتت فيها. لم يكن القرآن تراثا يحتل حيزا من الفكر ورفوفا من المكتبة، بل كان هو الفهم، وهو العلم، وهو الحياة. كان تناقض صارخ بين أحوال الجاهلية وبين ما يدعو إليه القرآن. فنهض أهل القرآن. خرقوا كل سياج يصد عن سبيل الله. حطموا المنكر وغيروا الواقع حتى يستقيم على ما يأمر به الله. كانت وحدة مشخصة في العبد الصادق الرسول، ممثلة في كلمة الله الموحى بها، ماثلة في جماعة هي جيل القرآن كما يقول سيد قطب رحمه الله. لم تكن الحياة أشتاتا ونتفا في سلوك أهل القرآن. الحياة والموت، الدنيا والآخرة، العابد والمعبود، كانت جميعا يلفها في عقيدة التوحيد والرسالة والملائكة والبعث والقدر شرعة واحدة. يسير بها في صراط الله منهاج واحد. لم تكن العاطفة في واد والعقل تائها في التحليل الفلسفي. كان الإنسان جميعا. نحن أشتات اليوم. فمعنى اتباعنا المنهاج النبوي أن نجتمع عقلا وعاطفة، ماضيا وحاضرا ومصيرا، دينا ودنيا وآخرة، أفرادا على بينة من هويتهم وعبوديتهم لله ومسؤوليتهم أمامه، وجماعة على بينة من مصيرها التاريخي فيها استعداد وقدرة على الجهاد. بالقرآن انكشف لجيل القرآن ما في النفس البشرية والكيان البشري الكلي من أسرار كانت غامضة حتى علمهم إياها الوحي. وبه ارتفع عن أعينهم التناقض الظاهر العقلاني بين الإنسان والإنسان، بين الإنسان والجماعة، بين البشر والكون. بالقرآن ابتنيت نفوس مؤمنة، ومجتمع مؤمن، وحركة في العالم إيمانية. بالقرآن عرف أهل القرآن الله عز وجل، وبه استناروا في سلوكهم النفسي ومعراجهم الروحي في معارج الإيمان. وبالقرآن كانوا القوة التي حطمت باطل الشرك، وبه أقاموا العدل.) من كتاب القرآن و النبوة ، نفس المؤلف. و لعل القارئ يجد نوعا من الإستغراب حول هذه المعاني ، وما علاقتها بالوحي ؟ لعلنا نجهل في ضمائرنا ، و لا تتحسسه عقولنا معنى الوحي ، و للوحي حضور ماثل أمامنا عبر الأزمان لا تكذبه الحقائق التاريخية و لا العلمية . فإن كنا عاجزين عن إدراك ما نحن فيه من النعمة ، نعمة أن أرسل الله ألينا أحب خلقه صلى الله عليه وسلم يوحي لإليه ليعلمنا ؟ فكيف سنتعلم منه كيف نصلي عليه صلى الله عليه و سلم.؟ من كلمة من ؟ من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا ! صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهل عند الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يصلي علينا الله عشرا ؟ هل كلنا حقا ؟. في اشارة من ، دعوة الى البحث و التقصي ، سرعان ما تكتشف أن صلاتنا مجرد لقلقة لسان ، و رغم ذالك فهي رحمة ، حاشاه صلى الله عليه وسلم أن يغفل عنك و أنت مغفل ساه تفكر في الضيعة ، و الرحلة ، و الجاه ، و أنت تصلي عليه صلى الله عليه و سلم ، وهو برغم ذالك بك رؤوف رحيم.! تجد في كتاب دلائل الخيرات كلمة ، هي بحق مفتاح لأدراك الصلاة ، عبارة نيابة عنا ؟ نسال الله تعالى أن يرحمنا آمين. |
رد: 1.رشحات البال لما في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأنوار : 2.حقائق و إشارات
جزاك الله خيرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
|
الساعة الآن 10:04 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |