منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   المواضيع الاسلامية (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=7)
-   -   "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار” (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=2827)

نوح 04-01-2009 05:28 PM

"إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار”
 
يمثل المنافقون الفئة الأكثر خطراً على الإسلام وعلى المسلمين، كما كانوا الأكثر خطراً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أفرد لهم الحق تبارك وتعالى سورة تعرف باسمهم، كما ضرب لهم الأمثال في كثير من آيات الكتاب الحكيم لبيان صفاتهم وتصرفاتهم وأعمالهم ولتحذيرنا منهم ومن شرورهم، فهم يظهرون الإيمان والتسليم ويضمرون ويخفون حقيقتهم وشرهم وكيدهم ومكرهم السيئ.

مرضى القلوب

وحين يستعرض القرآن الكريم فئات المجتمع في أوائل سورة البقرة، ثاني سورة نطالعها في كتاب الله بعد سورة الفاتحة، وأطول سور القرآن، نجده يستعرض فئة المؤمنين في بضع آيات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة عدداً، فهم يمثلون فئة ذات معالم واضحة وصفات متميزة محددة بينة، ويلي ذلك استعراض فئة الذين كفروا وذلك في آيتين فقط، وذلك أيضاً لكونهم فئة واضحة المعالم، متميزة الصفات لا غموض فيها، ويلي ذلك عرض فئة خطيرة مريضة مرضاً لا شفاء له، ويزيدهم الله مرضا فوق مرضهم، فهم يقولون آمنا بالله وباليوم الآخر، ويقولون إننا مصلحون في الأرض، وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، والحقيقة انهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ويفسدون في الأرض ولا يصلحون، ويقولون للمؤمنين انهم معهم ومثلهم مؤمنون، ويظنون انهم يستهزئون بالمؤمنين، بينما الله سبحانه وتعالى مطلع على سرهم وعلانيتهم ويستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم وهم لا يشعرون بكيد الله لهم ومكره بهم.

ومن هذه الآيات البينات صنف فقهاء المسلمين الأمراض صنفين، فهناك مرض الأبدان الذي نعرفه جميعاً كالحمى والالتهابات والكسور وفشل الأجهزة وأمراض الكبد والقلب والرئتين.. إلخ، ثم مرض القلوب وهو التصنيف الذي وصل اليه الأطباء حديثاً.

ظلام مطبق

ومرض قلوب هؤلاء الناس يجعلهم في حيرة وتذبذب بين الحق والباطل، فهم للباطل أقرب وأوثق ارتباطاً، يخدعون أنفسهم ويكذبون على غيرهم، ولا يشعرون برقابة الله عليهم، ومهما أضاءت أمامهم أنوار الإيمان أظلمت قلوبهم وعميت عيونهم وتاهوا في ظلمات الضلال والفسق والكفر، وهذا أحد أمثالهم في كتاب الله “مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون” (البقرة: 17 18) فهذه أضواء الهدى تنير له ما حوله من آيات الله في كل شيء، ولكنه أعمى لا يرى، أصم لا يسمع، أبكم لا ينطق، فأضواء الهدى من حوله لا تلبث إلا يسيرا ويعم الظلام من حوله فهو في تخبط دائم في تلك الظلمات التي لا تنتهي رغم أنه يرى النور ويدرك أنه نور هداية.

هاربون من الحقيقة

ثم يتبع الحق تعالى ذلك المثل بمثل آخر لتلك الفئة الخطيرة المريضة “أو كصيب من السماء، فيه ظلمات ورعد وبرق، يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين” (البقرة: 19)، تتلبد السماء بالغيوم وتظلم الدنيا إظلاماً شديداً، وينهمر المطر من السماء سيولاً، ويتتابع الرعد الهادر بصوته ودويه الذي يحيط بهم من كل مكان، ويتوالى البرق المنذر بالصواعق المحرقة المدمرة لأي شيء تطوله، ويحيط بهم الموت من كل مكان، فماذا يفعلون، وكيف يدفعون عنهم الصواعق ويردون عن أنفسهم الموت؟ لا يملكون إلا أن يضعوا أصابعهم في آذانهم، فهل يغني عنهم ذلك؟

إن الحقيقة ماثلة محيطة بهم وهم كمن يضع رأسه في الرمال حتى لا يفترسه الوحش القاتل، ويعبر القرآن بلفظ (أصابعهم) كأنهم يحاولون وضع أصابعهم كلها في آذانهم حتى لا يسمعوا، وهل تسع الأذن غير إصبع واحد إن اتسعت له؟ ولكنه الرعب القاتل، والخوف المميت، انهم يرون في دعوة الحق هلاكهم وفي الإسلام موتهم وفناءهم، فيدفعونهما عنهم بسد آذانهم وأعراضهم ولكن الله متم نوره ومظهر دينه مهما فعلوا، “يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم. إن الله على كل شيء قدير” (البقرة: 20)، فنور الحق واضح يخطف الأبصار ولا يزيغ عنه أحد، ولكنهم مترددون في اتباعه والسير على هداه، يتبعونه لفترات قصيرة ولا يأخذون منه دافعاً للانطلاق قدما في طريق الهدى والإسلام.

إنهم في كل مكان وموقع في المجتمع، يثبطون الهم،، ويدعون إلى التخاذل والاستسلام والهروب، يملأ قلوبهم الخوف والرعب، وذلك انهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يؤمنون بالرسل ولا بالملائكة ولا بكتب الله المنزلة، فهم في حيرة وتردد وريب دائم لا يخرجون منه.

رعب قاتل

وقد حفلت سور كثيرة بوصفهم كما في سور التوبة، والأحزاب، ومحمد، والفتح، حيث يتكرر وصف ما يشعرون به من رعب قاتل عند ذكر القتال، ومثلهم في ذلك كمثل الذي جاءه الموت فيغشى عليه تائها عما حوله، يزيغ بصره وتدور عيناه في كل اتجاه، لا ينظر إلى شيء محدد ولا يرى شيئاً غير ما هو مقبل عليه من موت وعذاب لا قبل له به، وهذه الصورة وهذا المثل نراه في سورتي “الأحزاب” “ومحمد”، حيث يقول الحق تبارك وتعالى في سورة “الأحزاب”: “أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت، فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد، أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم” (19)، متلونون، متذبذبون بين الخوف الهائل وسلاطة اللسان وفحش القول حال انحسار الخوف عنهم، أما في سورة “محمد” فنرى موقفهم من الأمر بالقتال: “فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت” (20)، ويتبع القرآن الكريم ذلك بوصفهم حيث يسمعون القرآن دون تفكر أو تدبر لمعانيه وآياته المعجزة فلا يصل الى قلوبهم ولا يحرك مشاعرهم “أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها” (24)، فتخيل صورة القلب المغلق بأقفال عديدة لا ينفتح لاستقبال نور الحق والهدى.

أعداء الإسلام

هؤلاء هم العدو الحقيقي للإسلام وللمسلمين، فالكفر واضح العداء، رافض للدين، ولكن هؤلاء مسلمين في ظاهرهم وكلامهم وصلاتهم وإنفاقهم ولكنهم يضمرون الشر والكيد للدين، إنهم أناس عاديون، بل قد يكون ظاهرهم ومظهرهم جميلاً مرغوباً، وكلامهم مقبولاً معسولاً مقنعاً في بعض الأحيان، وانظر الى وصفهم في سورة “المنافقون”: “وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم. وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة، يحسبون كل صيحة عليهم، هم العدو فاحذرهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون” (4).

صورة تختلف تماماً عما نراه في أفلام السينما والمسلسلات التلفزيونية التي تتعرض للمنافقين، انهم كما يصفهم القرآن الكريم ذوو أجسام جميلة متناسقة، يلبسون أحدث الموديلات، وكل يوم بشكل ومظهر جديد (نيولوك) كما يمليه عليهم أعداء الإسلام والشيطان، فهم من حزبهم جميعاً، وإذا تكلموا يجذبك كلامهم لحلاوته ويشدك إلى الاستماع اليهم، كلام مرصوص منمق مجهز لهم تجهيزا من قبل سادتهم وآلهتهم وطواغيتهم، هل رأيت الأخشاب المتراصة بدقة وتنسيق ونظام لعمل الجدران أو الأرضيات (الباركيه مثلا)، خشب صامتة ميتة ولكن لها صورة جذابة، لا تتكلم بذاتها ولكنها تعكس الاصوات وتردها الى الاسماع كما هي دون تحريف أو تفكير، ذلك مثلهم الذي يجذب الأنظار والأسماع في حالة الأمن والأمان والاطمئنان، ولكن انظر اليهم إذا دعا داعي الجهاد، أو صدرت صيحة أو صرخة من مكان بعيد أو قريب، فإنهم يتملكهم الرعب والخوف وكأنهم هم وحدهم المقصودون بهذه الصيحة أو تلك، مرة أخرى سرعة في التلون والتحول من النقيض الى النقيض.

هؤلاء كما يقول الله عز وجل وهم كثير في المجتمع الإسلامي هم العدو الذي يجب علينا الحذر منه وعدم الاطمئنان أو الركون اليه بأي حال من الأحوال، أصواتهم عالية، وهروبهم سريع، وخوفهم عند داعي اللقاء عظيم “كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون” (الأنفال: 6).


جريدة الخليج

عبدالقادر حمود 04-05-2009 05:49 PM

رد: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار”
 
اللهم طهر قلوبنا من النفاق والرياء واصلح فساد قلوبنا يالله

نوح 04-06-2009 04:43 PM

رد: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار”
 
اللهم امين اللهم امين


الساعة الآن 03:14 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى