منتديات البوحسن - الأكلة شامية والخاطبة غبية

الأكلة شامية والخاطبة غبية

صحوت في أحد الأيام على صوت الهاتف وهو يرن بإلحاح واستمرار بالرغم من أننيتأخرت في الرد. وفوجئت بإحدى صديقاتي تكلمني بنبرة حزينة متهكمة، قالت لي : تصورييا أختي قبل قليل اتصلت بي إحدى السيدات وفاجأتني بسؤال غريب. قلت لها: ما هوالسؤال؟
قالت صديقتي: إن هذه المرأة سألتني هل عندك أرز بالبازلاء؟ ولما استغربتهذا السؤال أعادته علي بكل جدية... وهنا استوقفت صديقتي وسألتها بدوري: وهل افتتحتمطعماً مؤخراً وأنا لا أدري؟ فاحتدت وقالت:إنني لا أمزح، بل لو تدرين إلى أي دركنزل مجتمعنا وبالتالي نساؤنا. قلت وأنا بغاية الشوق لمعرفة نهاية القصة: وماذا جرىبعد ذلك؟
قالت: كانت هذه المرأة تقصد هل عندي بنت للخطبة بيضاء ذات عينينخضراوين؟ تصوري هذا التعبير عن بناتنا(أرز بالبازلاء)!! فانفجرتُ ضاحكةً وقلت لها: لا بد أن هذه المرأة تمزح وإلا فما وجه الشبه بين البنات وهذه الأكلة الشاميةالعريقة؟ ولو فرضنا أننا وضعنا فوق هذه الأكلة الصنوبر واللوز المحمصين كيف سيكونلونها؟ وهل تقبل أن يكون شكل عيون بناتنا كروياً صغيراً كشكل البازلاء؟!
إنه فيرأيي تشبيه غبي لامرأة غبية وقد سمعت أشياء أكثر غرابة الآن وبعد انتشار الفضائياتفي العالم العربي عامةً انتشار النار في الهشيم أصبح الشباب لا يعجبهم إلا الفتاةالتي تشبه الفنانة الفلانية أو المذيعة العلانية علماً بأن هذه الفنانة أو تلك خضعتلعدة عمليات تجميل لتصبح مقبولة وفي الوقت الذي تكون فيه البنت الجميلة حقاً هي ذاتالخلق والدين، يبحث معظم الشباب لاهثين عن الفتاة اللعوب لأنها في تصورهم سوفتسعدهم بعد الزواج ولكن هيهات..... فهذا النوع من البنات لم تتلقّ التربية الكافيةفي بيتها إما لعدم وجود الأم القدوة أو يكون الأب لصاً مهذباً فتكون محدثة النعمةوبالتالي فهي لا تشبع ولا يعجبها شيء لأن الفتاة الحرة فقط والمتربية تربية سليمةهي التي تتكيف مع ظروف زوجها مادياً ومعنوياً مهما تقلبت الأيام. وهكذا فقد انقلبالمجتمع العربي كله إلى مقلد للغربيين الذين يبحثون عن القشور وينسون المضمون،يريدونها شقراء فاقع لونها تسر الناظرين ولربما أصبحت دمية لكثرة الألوان والماكياجوالتفنن في الأزياء وينسون أن يطلبوا الدين والأخلاق كما أمرنا ديننا ورسولناالمصطفي صلى الله عليه وسلم عندما قال: (تنكح المرأة لأربع، لجمالها ولمالهاولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك). أي أنه ليس من الخطأ أن يطلبالإنسان الجمال أو المال أو الحسب ولكن صاحبة الدين الحقيقية تكون قد أمسكت بزمامالأمور الأربعة لأنها ستحافظ على زوجها وبيتها وأولادها وسمعتها فهي كما قال الحبيبصلى الله عليه وسلم:(الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة). وقد أخبرتنيإحدى الصديقات أن خاطبة طلبت منها قياس طول ابنتها لأنها تريدها طويلة!!!
لقدأصبحنا مثل بني إسرائيل، أعجزوا نبيهم فأعجزهم الله مثلما يحصل الآن من طلبات أهلالبنات من مهور فلكية وبنفس الوقت فإن أم العريس يكون ابنها لا يملك سوى شهادةالكفاءة وتطلب بنتاً جامعية وأهل البنت يطلبون عريساً جاهزاً، بيت وسيارة ومصنعومزرعة وما إلى ذلك، فهذا هو التعجيز بحد ذاته.
وقبل أن يقف الناس في الصلاة خمسمرات بين يدي الله ليتذكروا أنهم أي (أهل العريس وأهل العروس) أنهم يطلبون المستحيلويخربون مجتمعاً بأيديهم لأن الخطبة أصبحت حرباً سجالاً والشاطر هو الذي ينتصربرأيهم بالزواج من بنت صفراء فاقعة اللون عيونها عدسات لاصقة وشعرها مصبوغ وبالتاليهذه الشقراء قبضت مهراً فلكياً ليقفوا بعد أيام قليلة في المحاكم لدعاوى طلاق ماأنزل الله بها من سلطان لأنهم لم يحكموا الشريعة وإنما تحكمت بهم أهواؤهم ونسوا ماقاله الرسول صلى الله عليه وسلم:( إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلواتكن فتنة في الأرض وفساد عريض وبلفظ آخر وفساد كبير).
الزواج يا إخوتي لخيرالمجتمع وقوته وتوثيق عراه لا لخراب البيوت والحروب بين الأهل، فاختاروا الكفء منالطرفين ديناً وعلماً وأخلاقاً قبل أن يكون تجارةً وشكلاً، ولنترفع عن التشبيهاتالسوقية لبناتنا والمهور الفاحشة فليست هؤلاء البنات جواري تباع في سوق النخاسة،إنهن جواهر مصانة لا تقدر بثمن والذي لا يقدر المرأة بعيد عن الله ورسوله وهو الذيصلى الله عليه وسلم قال:(رفقاً بالقوارير.... لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلالئيم). إنهن قوارير أي أرق شيء في العين وأشبه بالبللور ولسن أرز بالبازلاء أيتهاالجاهلات من النساء.

سهاد قنواتي