ومضات من حياة العارف بالله عمر البوشي
 

ومضات من حياة العارف بالله عمر البوشي ...للباحث كوكة




في إطار التأريخ لمدينة حلب الشهباء زماناً ومكاناً وإنساناً يطلعُ علينا الباحث الشيخ ربيع حسن كوكة بكتاب جديد بعنوان ( ومضات من حياة العارف بالله عمر معروف البوشي ).

يكشف الباحث من خلاله مسيرة حياة شخصية حلبية جليلة كان لها الأثر الطيب في المجتمع إنها شخصية البوشي.‏

ويبيّن الباحث السبب الذي دعاه لتأليف هذا الكتاب فيقول في التمهيد له:‏

إن الكتابة في ترجمة عَلم من أعلام مدينة حلب في العصر الحديث وتحديداً في القرن الرابع عشر الهجري أمرٌ يجذب عناية المهتمين بتاريخ هذه المدينة العظيمة التي ما برحت تخرِّج الأكابر.‏

ولكن إذا كان هذا العَلم من الشخصيات التي اكتفت باطِّلاع الله تعالى على أحوالها، وانجمعت في حياتها على الناس تنصحُ وتُعلِّمُ، وترشدُ وتقوِّمُ، بعيداً عن الأضواء وبهارجها، والوظائف ومغرياتها؛ أقول إن كان هذا حال الشخصية التي يُترجمُ لها فإن المرء سوف يكون أكثر سروراً إن تجنَّب الحديث عنها، لأنه بذلك يُبعِدُ نفسَهُ عن عناء البحث الحثيث، والتنقيب طويل الأمد.‏

وإذا كانت هذه الشخصيات موغلةً في هضم ذواتها، مُتعمِّدةً إخفاء حسناتها، فإن أحداً ممن عاصروها لن يحمل في ذاكرته شيئاً يُذكر عن ترجماتها، إلا ما يبقى في ذاكرة المحبين من المواقف العفوية، أو الخوارق الإجبارية التي لا يمكن نسيانها بالنسبة لهم.‏

لقد قرأتُ في عدَّة كُتب صدرت في الآونة الأخيرة عن علماء مدينة حلب وشخصياتها التي كان لها أثر سواءٌ في العصور الماضية أو في العصر القريب، فوجدتها زاخرة بتلك الشخصيات غير أنها مُغفلةٌ لعددٍ كبيرٍ قد يساوي العدد المذكور أو يزيد عليه، فشعرتُ بالغيرة على أولئك الأعلام، كيف لا يذكرهم من تصدَّر للتأريخ؟ ورحتُ أتَّصل ببعض من ألَّف في هذا المجال وأبيِّن لهم أنهم أغفلوا الكثير من أهل الفضل والجلال، فكان بعضهم يَعِدُ بإصدارِ كتابٍ يَسْتَدْرِكُ فيه ما فات، وبعضهم يعتذر مُبيِّناً أن منهجه هو ذكر أشخاص معينين دون غيرهم، وبدأ الوقتُ بعد ذلك يمرّ، وبدأت الشخصيات شيئاً فشيئاً تغوص في مُحيط النسيان، فانبَعَثَتْ في النَّفسِ إرادةُ إنصافهم فأخذتُ في جمع معلوماتٍ عنهم، لأذكّر ببعضِ فضلهم، ونُبْلِهِم، وأعلَميَّتهم.‏

يتكون الكتاب من مقدمة تحدَّث فيها الباحث عن فائدة الوقوف على تراجم وسير الأعلام. ثم تمهيد يبيّن من خلاله الباحث أسباب التأليف، ثم يسير بنا لبيان ملامح العصر الذي عاش فيه الشيخ عمر معروف البوشي.‏

في الفصل الأول من الكتاب يتحدث الباحث عن حياة المترجم له، وأطوار تقلباتها.‏

وفي الفصل الثاني من الكتاب يذكر الباحث لمحات من حياة بعض أعلام عائلة المترجم له، وفي الفصل الثالث يتحدَّث عن تلامذة المترجم له. ثم يختم كتابه بخاتمة لطيفةٍ وقد شطَّر فيها أبيات الإمام الشافعي فقال:‏

أحبُّ الصالحين ولست منهم ‏

أحدثُ عن مناقبهم جماعه‏

وأتغنى بسيرتهم طروباً‏

لعلي أن أنال بهم شفاعه‏

وأكره من تجارته المعاصي‏

وأمقت من له الضرُّ صناعه‏

وأطلب من مضيعِ النفسِ بعداً‏

وإن كنَّا سواء في البضاعه‏

‏

الحقيقة أن هذا الكتاب يسلط الضوء على مساحةٍ زمانية ومكانية وإنسانية كاد معظم الناس نسيانها، كتاب تأريخيٌ جاد يُضمُّ إلى جهود التأريخ لمدينتنا العظيمة حلب الشهباء، وهو جُهدٌ يستحق الباحث الشكر والثناء عليه.‏