منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   المواضيع الاسلامية (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=7)
-   -   الإخلاص لله أهم دروس الهجرة المباركة (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=4316)

ساره 12-18-2009 11:37 AM

الإخلاص لله أهم دروس الهجرة المباركة
 
الإخلاص لله أهم دروس الهجرة المباركة

كلما اشتدت أزمات الأمة، وكادت الحيرة تعصف بأولي الألباب فيها عادت الأمة إلى سيرةِ نبيها العطرة تلتمس أسباب الهداية ومفاتيح الرشد، وتضع أيديها على الدروس النافعة في كل حدث، استنهاضا للهمم، وتزكية للعزائم، ودفعا لليأس، وتقوية للأمل والرجاء.


إن الإخلاص للّه تعالى في كل عملٍ هو أساس قبوله، ومحور صلاحه، وقد كانت الهجرة درسا بليغاً في ذلك، وكان التأكيد على الإخلاص فيها أشد، حتى اختصت الهجرة من بين سائر الأعمال الصالحة بأن ضُرِب بها المثل في ذلك.


فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن عُمر بْن الْخطّابِ رضي الله عنه قال: سمِعْتُ النّبِيّ- صلى الله عليه وسلم- يقُولُ: “يا أيها النّاسُ إِنّما الْأعْمالُ بِالنيّاتِ، وإِنّما لِكُل امْرِئٍ ما نوى، فمنْ كانتْ هِجْرتُهُ إِلى الله ورسُولِهِ فهِجْرتُهُ إِلى الله ورسُولِهِ، ومنْ هاجر إِلى دُنْيا يُصِيبُها أوْ امْرأةٍ يتزوّجُها فهِجْرتُهُ إِلى ما هاجر إِليْهِ”.


وكان المهاجرون الكرام - رضوان الله عليهم - على تمام العلم بذلك، وعلى كمال الإخلاصِ في هجرتهم، كما وصفتهم بذلك الآيات والأحاديث الكثيرة.


أجل، خرجوا يريدون وجه الله، لا ينتظرون أجراً ممن سواه وشهد لهم بذلك رب العزة جلّ وعلا، فقال: “لِلْفُقراءِ المُهاجِرِين الّذِين أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وأمْوالِهِمْ يبْتغُون فضْلا من الله ورِضْوانا وينصُرُون الله ورسُولهُ أُوْلئِك هُمُ الصّادِقُون” (الحشر: 8).


ولعل أعظم دروس الهجرة والتي لا تخفى عن أحد هي المحبة لبعضنا البعض ولوطننا ولديننا وللقيم والمبادئ والمثل العليا، فكلما كانت المحبة عنوانا نستهدي بها كلما كانت الألفة والانتصارات أكبر.


وصدق الرسول العربي الكريم حين قال : “لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.


فلنجعل من هذه الذكرى المباركة فرصة طيبة لأن يراجع كل منا نفسه أين أخطأ بحق نفسه أولاً وبحق أسرته وجاره ومن ثم بحق الوطن والأمة ويتراجع عن هذا الخطأ بكثير من الشجاعة والمحبة والإيثار وبذلك يكون قد أدى جزءا من الرسالة والتي هو مؤتمن عليها.


فبالمحبة يبنى الوطن ويزدهر، وبالمحبة نعرف أنفسنا ونسامح بعضنا وتسمو أنفسنا، فهجرة نبينا كانت نحو السمو والألق ونحو النور الإلهي ومكارم الأخلاق، وعلينا الاستفادة من وحي ذكراها الخالدة.


إحياء السنة


إن الإحياء الحقيقي للهجرة هو إحياء السنة، وإحياء ذكرى الهجرة، وتعليم ذلك لأبنائنا، وتعريفهم بالجهود المستفادة من الهجرة، واتباع خطى الحبيب المصطفى في أقواله، وأفعاله، وهجر الأشياء، والعادات السيئة إلى العبادات، والعادات الطيبة في حياتنا، واتباع أوامر المولى عز وجل والانتهاء عن نواهيه مثل : هجر السيئات إلى الحسنات، والمعاصي إلى الطاعات، والكبر إلى التواضع، والكذب إلى الصدق، والغيبة والنميمة إلى المصارحة والمكاشفة، والربا إلى التجارة الطيبة، والظلم إلى العدل، والكسل والإهمال، إلى النشاط والدقة، والتواكل إلى التوكل، وعقوق الوالدين إلى برهما، والخلافات الأسرية إلى المودة والرحمة، والرشوة إلى المال الحلال، والكره إلى الحب، والتخاصم إلى التصالح، وجحود النعم إلى الاعتراف بها، ومهاجمة الدين بحجة التمدن والرقي والتقدم إلى الدفاع عنه واحتضانه والتمسك به، فهو طوق النجاة في يوم لا ينفع فيه مال، ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، و... وأشياء كثيرة سيئة، لابد من هجرها واستبدالها بعبادات، وطاعات أخرى طيبة ومفيدة، ترضي الله، ورسوله، وتحيي ذكرى الهجرة النبوية الكريمة إحياء حقيقياً.


فالهجرة حدث غيّر مجرى التاريخ، إنها المنطلق العملي، والموقف الحاسم في تاريخ الإسلام، بكل ما تحقق بعدها من انتصارات ومنجزات.


إنها مرحلة انتقال من أرضٍ حجبت عنها أنوار النبوة، وغابت عنها شمس الهداية والمعرفة، فحسبوا الشرك دينا، وسفك الدماء شجاعة، وانتهاك الحرمات إقداما، ووأد البنات عفافاً وشرفاً، وخيّل لهم أنّ هذا هو السؤدد والرفعة والكمال، ومن لم يسلك طريقهم أجمعوا على محاربته والكيد له حتى يخوض في باطلهم ويمشي في ضلالهم.


إنها الهجرة النبوية الشريفة، التضحية الكبيرة من النبي صلى الله عليه وسلم ومن المهاجرين عندما تركوا الأرض والمال والأهل في سبيل العقيدة وحريتها والدفاع عنها، وقد قوبلت بتضحية صادقة من الأنصار لا مثيل لها في أي تاريخ.


إنه الإسلام


إن الجيل المسلم الذي تربى في مكة قبل الهجرة، ونظم شؤون دولته بعد الهجرة، فتح نصف العالم في نصف قرن، ووصل محرراً معلماً داعياً لأسمى مبادئ عرفتها الإنسانية حدود الصين شرقا وأعماق منغوليا وسيبيريا شمالا، وضواحي باريس غربا، وأعماق القارة الأفريقية جنوبا.


إنه الإسلام.. الدين الذي ارتضاه الله للبشرية.. الدين الذي ثبتت أركانه منذ الهجرة وما يزال إلى يومنا هذا يشغل العالم أجمع من أمريكا حتى اليابان، مرورا بأوروبا وانتهاء بجزر فيجي في شرق استراليا، أينما اتجهت وجدت مركزا إسلاميا، وأتباعا جددا، لصاحب ذكرى الهجرة من أبناء الدول الأجنبية.


يخطئ من يظن بأن الهجرة كانت مجرد هجرة جسد من مكانٍ إلى آخر، دون أن يعلم بأن الهجرة النبوية كانت هجرة عقول إلى عقول وهجرة فكر إلى فكر وهجرة قلوب إلى قلوب.


الهجرة تعني أن تتميز على الآخرين بتفعيل إسلامك فتكون لك خصوصية في سلامك وكلامك وشأنك كله.. الهجرة تعني التضحية.. الهجرة تعني الانتقال من عالم مظلم إلى عالم ممتلئ بالأنوار المشرقة.. الهجرة تعني الانطلاق إلى الفكر المستوي وهجر الفكر الهدّام القائم على جرف هار.. الهجرة أيضا أن تبقى في العالم الذي تعيش فيه، لكن دون أن تسمح للمعكّرات أن تبقى دون هجرة.. الهجرة معينٌ لا ينضب أبدا.


إنها الهجرة الحقيقية التي تفتح بابها في القرن الخامس عشر الهجري للعالم أجمع بمن فيهم المسلمون، ليستيقظوا من سباتهم ولينفضوا عنهم غبار الجاهلية.


ذكريات خالدة


إن للأمة الإسلامية ذكريات ومواقف سطرت في صفحة التاريخ بكلمات من نور تستحق من المسلمين الوقوف عليها للاقتباس من مشكاتها، وللتزود من معينها النمير، ليكون هذا الزاد وقودا ودافعا لها في انطلاقها الجديد على طريق الخير والبناء في صالح البشرية جمعاء.


إن كان يوم ميلاد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إيذانا من الله تعالى ببزوغ فجر دعوة الحق والهداية، فإن الهجرة الشريفة بيان بانتشار نورها خارج مكة المكرمة، ليعم أرجاء المعمورة...


في الهجرة النبوية الشريفة عبر وعظات كثيرة، يقتبس المسلم من نورها، ويهتدي بهداها، ويسير في حياته وفي دعوته على منهجها.


إذا قوي شأن الدين وقامت في المجتمع دعائمه ورسخت في الأفئدة عقيدته فإن كل ما كان قد ذهب في سبيله من مال وأرض ووطن يعود أقوى من ذي قبل محروسا بسياج من الكرامة والقوة والبصيرة.


“والّذِين هاجرُواْ فِي اللّهِ مِن بعْدِ ما ظُلِمُواْ لنُبوئنّهُمْ فِي الدنْيا حسنة ولأجْرُ الآخِرةِ أكْبرُ لوْ كانُواْ يعْلمُون”.


فإذا كانت الأمة قوية في عقيدتها متمسكة بأخلاقها، فإن سلطانها المادي يظل أكثر قوة وتماسكا وأرهب جانبا من العدو، وإذا كانت فقيرة في خلقها مضطربة في عقيدتها فإن بنيانها المادي يكون قائما على شفا جرف هار.


وقد تجد أمة تائهة في عقيدتها عن الحق، منحطة في أخلاقها إلى الحضيض، وهي مع ذلك تمتاز بالقوة والسلطان المادي، ولكن التاريخ يقول إن هذه الأمة تسير بسرعة نحو هاوية الانهيار، وإن كنا نحن لا نحس بذلك لقصر أعمارنا، ولكن التاريخ خير شاهد ودليل.


فيصل بين مرحلتين


إن الإسلام دين عالمي، فإذا لم يجد له مناخا وأرضا خصبة في بعض البلاد، فإنه سيجد ذلك في بلاد أخرى، ولذا يجب على أنصاره وحملته أن يسعوا في الأرض، ويبذلوا الغالي والنفيس في سبيل تبليغه إلى كل الناس، حتى يبرئوا ذممهم أمام الله. فرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما لم يجد الاستجابة في قومه وأهله، عرض هذا الدين على أقوام آخرين، لعله يجد عندهم النصرة والتأييد، وعندما رأى الله إكرام المدينة المنورة، بنور الهداية، ونشر الدعوة في أرجاء الأرض، شرح صدر أهلها الأنصار للإيمان، ورزقهم الكرم والحب والإيثار، لتكون المدينة المنورة مهبطا للوحي ومنطلقا للدعوة وعاصمة الإسلام الأولى.


“والّذِين تبوّؤُوا الدّار والْإِيمان مِن قبْلِهِمْ يُحِبون منْ هاجر إِليْهِمْ ولا يجِدُون فِي صُدُورِهِمْ حاجة ممّا أُوتُوا ويُؤْثِرُون على أنفُسِهِمْ ولوْ كان بِهِمْ خصاصةٌ ومن يُوق شُحّ نفْسِهِ فأُوْلئِك هُمُ الْمُفْلِحُون”. وهكذا تعتبر الهجرة النبوية فيصلا بين مرحلتين من مراحل الدعوة الإسلامية امتدت آثارها الخيرة لتشمل حياة المسلمين في كل عصر ومصر، كما أن آثارها شملت الإنسانية أيضا، لأن الحضارة الإسلامية التي قامت على أساس الحق والعدل والحرية والمساواة هي حضارة إنسانية، قدمت، وما زالت تقدم للبشرية أسمى القواعد الروحية والتشريعية الشاملة، التي تنظم حياة الفرد والأسرة والمجتمع، والتي تصلح لتنظيم حياة الإنسان كإنسان بغض النظر عن مكانه أو زمانه أو معتقداته.


إقامة الدولة


إن الهجرة كانت إيذاناً بإقامة دولة الإسلام، القائمة على الحب والأخوة والعدل والمساواة، والإسلام نظام رباني كامل يشمل العقيدة والعبادة، والسياسة والاقتصاد والاجتماع والفكر، والجندية والرياضة وغيرها، دون أن يخل بجانب منها لحساب جانب آخر، وعندما نقلب صفحات السيرة العطرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم نجد أنه يتخذ للنجاح كل أسبابه وعُدده، فنراه يحيط خبر هجرته بكل سرية وكتمان، ولا يخبر بذلك إلا أقرب قريب له، ويعدّ للرحلة الزاد والراحلة المطلوبين، ويستأجر دليلاً يعرف مخارج الطرق ومداخلها بحيث يفوت على الرصد والطلب بغيتهم، ويكلف من أصحابه من يأتيه بخبر قريش، وغيرها من الأسباب المعنوية والمادية المطلوبة.


كل هذا ليُعلم أمته بأن النصر لا يأتي بالتمني والترجي، ولا تقول: ليت ولعل، ولكنه يأتي بإعداد العدة وتوطين النفس على طلب النصر.


“وأعِدواْ لهُم مّا اسْتطعْتُم من قُوّةٍ ومِن رباطِ الْخيْلِ تُرْهِبُون بِهِ عدْوّ اللّهِ وعدُوّكُمْ وآخرِين مِن دُونِهِمْ لا تعْلمُونهُمُ اللّهُ يعْلمُهُمْ”. ويرحم الله القائل :


وما نيل المطالب بالتمني


ولكن تؤخذ الدنيا غلابا


ومن لطائف استنباطات العلماء من قصة الهجرة، معنى دقيق يغيب عن بال كثير من الناس، وهو مدى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث يختصه بصحبته، ويؤمنه على سر هجرته، وفي ذلك دلالة على استخلافه صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه من بعده.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الرحمن”.


إن الهجرة لم تكن انتقالا ماديا من بلد إلى آخر فحسب، ولكنها كانت انتقالا معنويا من حال إلى حال، إذ نقلت الدعوة الإسلامية من حالة الضعف إلى القوة ومن حالة القلة إلى الكثرة، ومن حالة التفرقة إلى الوحدة، ومن حالة الجمود إلى الحركة.


فما أحوج المسلمين اليوم إلى هجرة إلى الله ورسوله: هجرة إلى الله بالتمسك بحبله المتين وتحكيم شرعه القويم، وهجرة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، باتباع سنته، والاقتداء بسيرته، فإن فعلوا ذلك فقد بدأوا السير في الطريق الصحيح، وبدأوا يأخذون بأسباب النصر، وما النصر إلا من عند الله.


نسأل الله تعالى أن يبارك لنا في عامنا الجديد وأن يغفر لنا ما فرطنا في العام المنصرم، وألا يحرمنا من فضله، بل نسأله تعالى المزيد، إنه أهل ذلك والقادر عليه.

هاجر 12-18-2009 12:36 PM

رد: الإخلاص لله أهم دروس الهجرة المباركة
 
في الهجرة النبوية الشريفة عبر وعظات كثيرة، يقتبس المسلم من نورها، ويهتدي بهداها، ويسير في حياته وفي دعوته على منهجها

ابوعبدالله 12-21-2009 02:21 AM

رد: الإخلاص لله أهم دروس الهجرة المباركة
 
http://abeermahmoud.jeeran.com/page%...-wonderful.gif

عبدالقادر حمود 11-23-2011 04:28 PM

رد: الإخلاص لله أهم دروس الهجرة المباركة
 
كلما اشتدت أزمات الأمة، وكادت الحيرة تعصف بأولي الألباب فيها عادت الأمة إلى سيرةِ نبيها العطرة تلتمس أسباب الهداية ومفاتيح الرشد، وتضع أيديها على الدروس النافعة في كل حدث، استنهاضا للهمم، وتزكية للعزائم، ودفعا لليأس، وتقوية للأمل والرجاء.

عبدالقادر حمود 11-14-2012 08:32 PM

رد: الإخلاص لله أهم دروس الهجرة المباركة
 
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سيدنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سيدنا مُحَمَّدٍ صَلاَةً تَكُونُ لَكَ رِضَاءً وَلِحَقِّهِ أَدَاءً وَأَعْطِهِ الْوَسِيلَةَ وَالْمَقَامَ الَّذِي وَعَدْتَهُ

admin 11-01-2013 01:16 PM

رد: الإخلاص لله أهم دروس الهجرة المباركة
 
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سيدنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سيدنا مُحَمَّدٍ صَلاَةً تَكُونُ لَكَ رِضَاءً وَلِحَقِّهِ أَدَاءً وَأَعْطِهِ الْوَسِيلَةَ وَالْمَقَامَ الَّذِي وَعَدْتَهُ


الساعة الآن 07:58 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى