منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   المواضيع الاسلامية (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=7)
-   -   سورة يوسف كانت آية كبرى تحمل التثبيت لقلب النبي (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=6871)

عبدالقادر حمود 09-30-2011 07:20 AM

سورة يوسف كانت آية كبرى تحمل التثبيت لقلب النبي
 
تضمنت لوحة تعبيرية كاملة وموحدة
سورة يوسف كانت آية كبرى تحمل التثبيت لقلب النبي



لقد مثلت سورة يوسف عليه السلام نسقاً فريداً بين سور القرآن الكريم وآياته، ذلك أن أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام قد تفرقت مشاهد ومجريات حياتهم وقصصهم فى غير سورة من القرآن الكريم، بينما أتت هذه السورة الكريمة لتحمل لنا لوحة تعبيرية كاملة وموحدة لنبي الله يوسف عليه السلام، وتعد هذه السورة إحدى سور القرآن المكي، وعدد آياتها إحدى عشرة آية ومائة، وقد ورد فى سبب نزولها أن اليهود أرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مكة من يسأله عن نبي كان في الشام أخرج ابنه إلى مصر فبكى عليه حتى ابيضت عيناه من الحزن، فأنزل الله تعالى عليه سورة يوسف محكمة كمافي التوراة، بل كانت في القرآن أدق قصصاً وأحكم تفصيلاً «لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ «.

مظاهر قصصية

وفي الوقت ذاته حملت هذه السورة مظاهر قصصية متعددة تسري عن نفس النبي صلى الله عليه وسلم ما يعاني ويكابد من عنت ومشقة من أهله وقومة في قبول رسالته والصد عن دعوته، فكانت آية كبرى تحمل التثبيت لقلب النبى صلى الله عليه وسلم وفؤاده.




فأهل مكة كانوا من أهل النبي صلى الله عليه وسلم وذوي قربته ومع هذا كانوا أشد الناس تكذيباً لدعوته وإنكاراً لرسالته، وقد فعلوا ذلك حسداً من عند أنفسهم وما تخفي صدورهم أكبر فذكر الله تعالى لرسوله هذه القصة الكريمة ليبين له أن إخوة يوسف عليه السلام دفعهم شدة الحسد والغيرة إلى إيذائه والمكر له، ومع هذا أتم الله عليه نعمته وأعلى ذكره ورفع قدره ومكنه من إخوته وجعلهم تحت رايته ووفق رأيه ومشورته، فمثل هذه الواقعة إذا ما عقلها أولوا الألباب والنهي كانت زجراً لهم عما يحسدون الناس عليه من فضل الله ونعمته.
وعد الله لنبيه

أضف إلى ذلك أن يوسف عليه السلام قد قص على أبيه يعقوب رؤيته فعبرها له بقوله «وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

وقد أنجز الله وعده لنبيه يوسف عليه السلام كما تذكر بعض الروايات بعد ثمانين سنة ،وقد وعدالله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالنصر والظفر على أعدائه فإذا ما تأخر ذلك الموعود به حيناً من الدهر فليتمسك بحبل الله وليزدد ثقة ويقيناً في أن الحق سبحانه منجز لنبيه ورسوله ماوعد»ومن أصدق من الله قيلا»ِ.كذلك نلمح في مجريات الأحداث في هذه السورة أن أخوة يوسف قد بالغوا فى إبطال أمره بيد أن العلي الأعلى الذى وعده بإظهار أمره نصراً وتمكيناً،قد أنفذ قدره فأبطل تدبير إخوته ورد كيدهم وأحبط عملهم، فكذلك الأمر بالنسبة لمحمد صلى الله عليه وسلم، إذ ضمن الحق سبحانه وتعالى له إظهار دينه وإعلاء كلمته فلم يضره كيد الكائدين من مشركي قريش لإبطال أمره والقضاء على دينه ورسالته «إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ

«وإذا كان علماء الإسلام قد ذكروا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فإننا نقول :إن هذه القصة بما حوته من دلالات وعبر تجعل النفوس المؤمنة ترنو في كل أمرها لرحمة الله ليستبشر بها كل مكلوم فيوقن أنه لا ياس مع الحياة مهما طال الزمان واشتدت المعاناة، فمن مخاض الألم يولد الأمل، ومن دياجير الظلام يتألق مرتدياً ثوب البهاء نور الصباح، وتسطع الشمس مسبحة لباريها في كبد السماء.ولا غرابة فإن يعقوب عليه السلام، عندما ابتلي بفقد يوسف لم ييأس من رحمة الله، بل قال» إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ

وقال«فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المستعان على ما تصفون» والصبر الجميل هو الذى يتنزه فى جوهره ومضمونه عن الشكوى والجزع ، إذ كيف يشكو المخلوق خالقه لمخلوقات وعباده.والصبر الجميل له أمارات وعلامات يتمايز بها عن غيره من أنواع الصبر منها:

أن يعلم الإنسان أن منزل البلاء هو الله تعالى، وأنه سبحانه حكيم لايجهل، وعالم لايغفل، وعليم لا ينسى، ورحيم لا يطغى، فكل ما صدر عنه سبحانه هو فى حقيقته يسير وفق حكمة وغاية، وعلى الإنسان أن ينطق بلسان حاله ومقاله «رضينا بحكمه ثقة فى حكمته»

منزل البلاء

أن يعرف الإنسان أن منزل البلاء هو الله سبحانه، وهو سبحانه كذلك مالك الملك والملكوت فكيف يعترض الإنسان على مالك تصرف فيما ملك.

كذلك تعلمنا سورة يوسف عليه السلام الأدب والنبل في الخصومة والعداوة .فامرأة العزيز قد أرادت بيوسف شراً ومع هذا لم يخصها بالذكر عند إعلانه لبراءة نفسه بل قال لرسول الملك» ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ الَّلاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ.» فذكرهن دون أن يخص تلك المرأة بعينها ليبرهن بذلك على موضعية الرسالة والبعد عن شخصنة الأمور،وأن العداوة ينبغى ألا تتحول إلى نار تلفح صاحبها بلظى الشماتة والتشفى. ولذلك ورد أن امرأة جاءت بزوجها إلى القاضي وادعت عليه بمهرها فأمر القاضي بأن يكشف عن وجهها حتى يتمكن الشهود من إقامة الشهادة لها أو عليها، بيد أن نبل الزوج وغيرة الإيمان فى قلبه دعته أن يقول لا حاجة إلى ذلك فإني مقر بصدقها في دعواها، ويتوالى النبل والإحسان فتقول الزوجة لزوجها إذا ما أكرمتني بصنيعك هذا اشهدك أنني أبرأتك من كل حق لي عليك.والواقعة السابقة من نبي الله يوسف عليه السلام تعبر فى مكنونها عن خلق النبوة الكريم الذي يؤثر الصفح على العقوبة، والعفو على المؤاخذة، والإحسان على المنع والعذاب ،وهذا ما عبر عنه يوسف عليه السلام عندما قال لإخوته «لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ «وعبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لأهل مكة، وقد ملكه الله تعالى رقابهم «ماتظنون أني فاعل بكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم، قال اذهبوا فأنتم الطلقاء».

د. محمد عبد الرحيم البيومي

كلية الشريعة والقانون - جامعة الإمارات




حسن مختار 10-31-2011 12:55 AM

رد: سورة يوسف كانت آية كبرى تحمل التثبيت لقلب النبي
 
بارك الله لكم

عبدالقادر حمود 11-03-2011 07:39 AM

رد: سورة يوسف كانت آية كبرى تحمل التثبيت لقلب النبي
 
وبكم اخي الكريم مرحبا

فراج يعقوب 05-19-2013 06:16 PM

رد: سورة يوسف كانت آية كبرى تحمل التثبيت لقلب النبي
 
جزاك الله خيرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

عبدالقادر حمود 06-11-2013 12:51 PM

رد: سورة يوسف كانت آية كبرى تحمل التثبيت لقلب النبي
 
حياكم الله


الساعة الآن 12:38 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى