منتديات البوحسن - سنة الفيضة في الرقة

سنة الفيضة في الرقة

سنة 1929 تاريخ لايمكن نسيانه عند الفراتين في تلك السنة كان أشهر وأغزر فيضان للنهر إذ أنه بلغ عرض المجرى في بعض الاماكن حتى تسعة كيلو متر والبعض يسميها ( سنة الطامة

والبعض يسميها ( الطامة التالية ) وطبعاً كثيراً ماكان النهر يفيض ولكن أشهر فيضة هي هذه الفيضة ويعود سبب ذلك إلى ذوبان الثلوج في أوائل الربيع في هضبة أرمينيا حيث يتشكل نهر الفرات من التقاء نهري فرات صو ومراد صو ومروراً بتركيا حاملاً معه أيضاً ثلوج جبال طوروس الذائبة بفضل شمس الربيع‏

أتلفت المياه المزروعات وخربت الاراضي واقتلعت معها السيابيط غير آبهة بها وبأعواد السوس البسيطة التي كانت تبنى منها كان مجرى النهر في أشهر الشح لايتجاوز عن مائتي متر‏

حدثني الحاج مصطفى الفرج الخليل عن تلك السنة قائلاً « سنة الفيضة سنة مشهورة ومعروفة فهي حدث تاريخي مهم وحيث أنه كان عدد من يعرفون القراءة والكتابة قليل فلا نجد من يسجل الاحداث والتواريخ بل نحفظها من خلال بعض الاحداث المهمة التي تمر في حياتنا فنقول ولد فلان سنة الفيضة أو مات فلان سنة الثلجة الكبيرة بسنة الفيضة وصلت المي للجبل وأذكر حادثة لاتزال ببالي أنه مر جماعة من البدو في قرية كسرة عفنان ومعهم دواب وبعران ( جمع بعير ) وهجمت المي قبل مايوصلون للفرا فهربوا وتركوا الدواب والبعران على طعس عالي شمال القرية ( بين القرية وبين الفرا ) وأذكر أن الدواب شالهن الفيض بس البعران ظلن فوق الطعس والمي من حولهن من الاربع جهات لحوالي شهر وبعد ذلك سمينا الطعس ( طعس الاباعر ) .. منين جاي ؟ .. جاي من حوالي ( طعس الاباعر ) وين رايح ؟ .. رايح من عند طعس الاباعر »‏

ومن المعروف أن فيضان النهر يخلف تربة لحقية خصبة نصف بعلية مثل الذرة البيضاء وكانت في تلك الاثناء الذرة الصفراء غير معروفة وزراعتها قليلة الانتشار وإن وجدت تفضل عليها البيضاء لأنها كانت المادة الاساسية في صناعة الخبز ( خبز الذرة ) ويقول بعض من عاصر تلك الاحداث وأكل من خبز الذرة أنه أشهى وأحلى من خبزنا الذي نأكله الآن .‏

وبالرغم من المآسي التي يخلفها الفيضان إلا أنه له بعض المحاسن ومنها ارتفاع منسوب مياه النهر الذي يؤمن استخدام طريقة الري المستعملة آنذاك في السقاية وهي طريقة الدولاب والنصبة بواسطة الدلاء الجلدية وبعض حيوانات الجر ( كالثور ) مثلاً ظلت هذه الطريقة واستمرت في التطور إلا أن أصبحت المحركات الآلية تستخدم في أرواء المشاريع الكبرى‏