منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   القسم العام (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=27)
-   -   لا يصلح العطار ما أفسد الدهر (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=636)

نوح 09-01-2008 02:53 PM

لا يصلح العطار ما أفسد الدهر
 
لا يصلح العطار ما أفسد الدهر

محمد راتب الحلاق

مازالت اللغة العربية مستهدفة من أعداء الأمة ، نظراً لأهميتها في الربط بين الجماهير العربية من

المحيط إلى الخليج ، ولأنها أداة التواصل من شنقيط إلى بغداد ، ومن حلب إلى المكلا . وما يشهده القطر العربي السوري من فعاليات متنوعة لتمكين اللغة العربية والاهتمام بها جاء نتيجة الوعي بالمؤامرة التي تعرضت لها منذ الدعوات المشبوهة لاستخدام اللغة المحكية في التخاطب والآداب والمعاملات ، واستخدام الأحرف اللاتينية في الكتابة ، تمهيداً ليوم سيأتي لا يفهم فيه اليمني على الشامي ولا المغربي على العراقي ... وبذلك تحدث القطيعة الثقافية بعد القطيعة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، والثقافة العربية الواحدة ، كما لا ينكر ذلك إلا معاند ، تشكل أهم مقومات الهوية العربية الواحدة . لكن فعاليات تمكين اللغة العربية في وادٍ ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية في وادٍ آخر مختلف تماماً ، هذه الوسائل التي تعاني بالأساس من أزمة حادة في الشكل والمضمون ، أدت إلى تطفيش المواطن العربي لتتلقفه وسائل أخرى أعفت نفسها من القيم ، وجعلت من الربح المادي هدفا رئيساًً لها ، بغض النظر عن أية ارتباطات مشبوهة لا ندعي أننا نملك أدلة ملموسة عليها ، وإن كانت كل الدلائل تؤكد أن شيئاً ما يدور في كواليس تلك الوسائل.... كل ما يمكننا قوله أن استراتيجية هذه المحطات تصب في نهاية المطاف ، من حيث تدري أو لا تدري ، في طاحونة أعداء الأمة ... . ولتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها ، ولتحقيق أكبر قدر من الربح ، عملت هذه الوسائل في سبيل زيادة عدد مستقبليها إلى أقصى حد ممكن ، لاسيما من الفئات العمرية الشابة ، عن طريق مخاطبة الغرائز ، وإغراء المراهقين وتشجيعهم على الاتصال الدائم والمستمر بها ، للمشاركة في المسابقات التافهة والساذجة من عيار ( أخضر في السوق أحمر في الدار ... والتتمة يعرفها كثير من القراء ؟؟!! ) ، أو لطلب الأغاني ( إياها ) ، وإهدائها للأصدقاء والصديقات بعبارات هابطة ، تعد نوعاً من المراودة عن النفس ، يدور بها شريط في أسفل الشاشة ؟! .... وزيادة في الشطارة ، ونكاية بمخلفات الماضي من العواجيز والمتزمتين أمثالنا ، طلبت تلك المحطات من مذيعاتها ، ربات الصون والعفاف ، إظهار ما يمكنهن إظهاره من مواهب الدلع والميوعة ، في الصوت والحركات ، ليطمع الذين في قلوبهم مرض ؟ وقلوب المراهقين والشباب مريضة بهذا النوع من المرض ( الجميل ) بطبيعة الحال ؟!!. وعندما وجد الإعلام العربي الرسمي نفسه يصيح في واد ، تفتقت أذهان بعضهم عن وصفات لتطويره والارتقاء بأدائه ؟! تقوم على تقليد المحطات إياها ، والتخفف من الرصانة والوقار ، المطلوب أحياناً ، وأول ما تم التخفف منه تمثل في اللغة العربية السليمة ؟! فراحت أخواتنا المذيعات ، وفقهن الله ورعاهن ، يستخدمن اللهجة المحكية ، على الطالع والنازل ، وفي الحوارات والبرامج كافة ، بما فيها الحوارات الفكرية والسياسية، بحجة رفع الكلفة مع المتلقي والتواصل الحميم معه ..... ولسان الحال يقول : أما كفانا تقطيب حواجب ؟؟!!! في خلط مقصود بين لغة الخطاب الإعلامي ووجوه المذيعات وحواجبهن ، واستغلال مشبوه للملل من الإطلالة المزمنة لبعض الوجوه ، التي حفظها المتلقي عن ظهر قلب ، لأنها رافقته من أيام طفولته ، وترافق اليوم أطفاله ، ومن يدري فربما رافقت أحفاده ( ؟؟!! ) ، أما ما تعرضت له هذه الوجوه من توضيب وإعادة تأهيل ، عبر العدسات اللاصقة الملونة وحقن السيليكون وبقية إجراءات الصيانة والترميم التي خضعت لها للتدليس والتمويه ... فلن ينفع في شيء ، ولا يصلح العطار ما أفسد الدهر ؟!. وقضية التواصل حق أريد به باطل ، لأن استخدام اللهجة المحكية المحلية لن يحقق ذلك ، اللهم إلا إذا كان إعلامنا الميمون موجهاً إلى سكان الحواري المحيطة بمبنى البث ، بعد أن استغنى ، جبر الله عثراته وأقاله من كبواته ، عن الأخوة في الخرطوم وحضرموت والدار البيضاء والمنامة .... ؟! فإذا كان الأمر كذلك فما مبرر القنوات الفضائية إذن ، وما فائدة مخاطبة الجمهور عن طريق الأقمار الصناعية ، طالما أن المسافة بين الإعلام وجمهوره لا تزيد عن شلفة عصا ؟!! . وحتى لا يكون كلامي تنظيراً ثقيلاً على قلوب بعضهم أدعوهم للاستماع إلى الفضائية المغربية أو الجزائرية أو اليمنية مثلاً ، أو أية قناة فضائية أخرى انتهجت الإستراتيجية نفسها ، وليقولوا لنا بعد ذلك كم فهموا من الحوارات التي سمعوها ، وكم بلغ حجم التواصل مع اللهجة المحكية المستخدمة في تلك الفضائيات ، وليسألوا أخوتنا في تلك الأقطار عن حجم التواصل مع لهجتنا المحكية المحلية ، بل فليسألوا المتلقين في بعض محافظات القطر عن ذلك التواصل ، طالما أن اللهجة المستخدمة في إعلامنا هي لهجة دمشق أو ما يشبهها (حسب قدرة المذيعات والمذيعين على تقليدها ) ؟!. ولا يمكن لعاقل أن يزعم أن اللهجة المحكية المحلية قادرة على مضارعة اللغة العربية السليمة في حمل الأفكار، وفي التعبير عن الآراء ، وهاهي الفضائيات التي نحاول أن نقلدها في أسوأ ما عندها ، تلجأ إلى اللغة العربية السليمة ، حين يتعلق الأمر بالأخبار والتحليلات والبرامج الجادة ... التي تريد إيصالها إلى المواطن العربي ، في الوطن العربي الكبير ، في اعتراف منها بقصور اللهجة المحكية وعجزها . وفي الحالات جميعاً أقول : إن اللغة المحكية هي لغة الإعلام المحلي القاصر , ولغة الإعلامي العاجز ، قد نقبلها من بعض شرائح المستمعين المشاركين في بعض البرامج التفاعلية , ولكنها غير مقبولة مطلقاً من الإعلامي المحترف ولا من المحاورين المثقفين والمفكرين والسياسيين ، أما إن أصبح ذلك سياسة مرسومة فدليل على وجود خلل ما في مكان ما ، أهون ما يقال فيه أنه يخالف توجيه السيد الرئيس للعناية باللغة العربية وتمكينها والتمكن منها ، وهذا التمكن من اللغة العربية ينبغي أن يكون الشرط الأول من الشروط المطلوب توفرها في الإعلامي العربي ، يليه شرط الثقافة المتجددة ، ثم تأتي الصفات الجسدية بعد ذلك


الساعة الآن 07:23 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى