منتديات البوحسن

منتديات البوحسن (http://www.albwhsn.net/vb//index.php)
-   الرد على شبهات المخالفين (http://www.albwhsn.net/vb//forumdisplay.php?f=120)
-   -   تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد ) (http://www.albwhsn.net/vb//showthread.php?t=3938)

فاروق العطاف 09-23-2009 07:58 AM

تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكل عام وأنتم بخير وعافية
وأحمد الله أن يسر لي الوقت للمشاركة معكم
وأحب أن أدلكم على هذه الرسالة جزى الله كاتبها وناشرها خير الجزاء.
http://www.isalep.com/showthread.php?t=11804
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه

شاذلي 09-23-2009 09:26 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 


بمناسبة العشر الأواخر من هذا شهر الصيام المعظم لعام 1430/هـ
أنقل لكم هذه الهدية . وفيها ذكر الؤلف وفقه الله دلائل عظيمة تبين كثير من الأخطاء التي وقع فيها الوهابية هداهم الله .وكانت بأسلوب هادىء وبحث مقنع وأدلة ساطعة .وأسأل الله أن يتقبل من كاتبها وأن ينفع بذلك.وإليكم الرسالة رأيتها في منتدى الأصلين.


وحدة الأمة لا تناقض التوحيد


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. امابعد:
قد أمر الله تعالى هذه الأمة بالاعتصام ،والترابط ،والعدل ،وصدق الأخوة فقال تعالى ((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا))وقال تعالى ((إنما المؤمنون إخوة)) وقال سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)) وقال تعالى ((وإذا قلتم فاعدلوا))ولا شك أن في وحدة الأمة وتعاونها على المعروف؛ رفعة لها ،وكبت لأعداءها الشامتين بفرقتها ،تلك الفرقة التي تذكيها السياسات الظالمة،والمصالح الدنيئة .ولما كان من أهم أسباب الفرقة تصور مسائل في الاعتقاد على غير وجهها الصحيح إما تقليداً أو عصبية أو لمصالح دنيوية ؛رأيت أن أكتب للمخلصين فقط ممن يهمهم رضا الله جل جلاله ،ويسرهم ما يقوي التلاحم بين الأمة المسلمة ،مكتوباً أتكلم فيه عن بعض المسائل في توحيد الله جل وعلا أبيّن بها الحق براءة للذمة وإنارة لمن أراد الحق بدليله ،ليعلم القارىء النبيل أن وحدة الأمة لا تناقض التوحيد الحقيقي كما قد يتوهم بعض المسلمين . وأسأل الله أن يوفق من يقرأه بصدق وإنصاف وأن يهدينا جميعاً لما يرضيه ،والله حسبي وعليه توكلي ولاحول ولا قوة إلا به جل جلاله. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه.

مقدمة

عند البحث في الاعتقاد تبحث مسائل مهمة ومنها مسألة الإيمان بالله تعالى
وتندرج تحته مسائل وأهمها أربع مسائل وهي :مسألة وجود الله تعالى ،ومبحث في صفات الله تعالى ،ومبحث في أفعال الله تعالى ،ومبحث في وجوب إفراد الله بالعبادة .
هذا هو الواضح الجلي في كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد حصلت أخطاء في تقرير بعض مسائل الاعتقاد ترتب عليها آثار غير محمودة. وسأبحثها بإذن الله تعالى بأدلتها التي يرضخ لها كل مؤمن مقصوده رضا الله جل جلاله وحده لا شريك له.

بعض مسائل الاعتقاد :

يرى بعض المسلمين الأراء التالية :
الدعوى الأولى :أن المشركين كانوا معترفين بتوحيد الربوبية فلم يكونوا يعارضون فيه .!
الدعوى الثانية :أن الرسل عليهم الصلاة والسلام لم يرسلوا لتحقيق توحيد الربوبية وإنما أرسلوا لتحقيق توحيد العبادة .!وأنهم لم يدعوا الناس لتوحيد الربوبية وذلك لأن هذا القسم من التوحيد معترف به عند المشركين.![1]
وسأبين إن شاء الله تعالى بعض المسائل التي حصل فيها الخطأ ،وهي :
المسألة الأولى :الخلط بين مفهوم مسألة الإيمان بوجود الله تعالى ،ومسألة توحيد الله بأفعاله وهو ما يسمى بتوحيد الربوبية .
المسألة الثانية :هي تصور وجود من يعتقد أن الله لاشريك له في أي فعل من الأفعال في الكون إيجاداً وإمداداً وغير مستقل عن الله في ذلك ومع ذلك يعبده من دون الله تعالى .!
المسألة الثالثة :وقفة مع اعتقادهم بأن دعوة الرسل عليهم السلام هي دعوة هؤلاء العباد الذين لم يشركوا في شيء من أفعال الله تعالى ومع ذلك يعبدون غير الله جل جلاله.!وهو ما يبحث تحت مسمى توحيد العبادة .ولا شك أن الرسل عليهم السلام دعوا الناس إلى إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له وإنما الغلط هو في تصور وقوع ما ذكرته في المسألة الثانية ،وكذلك الغلط في كون الرسل
عليهم السلام انحصرت دعوتهم في هذا القسم .
المسألة الرابعة:أنواع من العوالم التي خلقها الله تعالى ومنها حياة الروح وأحوالها.
المسألة الخامسة :الغلط في عدم التفريق بين مسألة اعتقاد السببية واعتقاد الإيجاد .
المسألة السادسة:مسألة التمييز بين أنواع الاستغاثة .
يتبع إن شاء الله

شاذلي 09-23-2009 09:27 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 

وسأبدأ بعون الله تعالى في مناقشة هذه المسائل :
المسألة الأولى :وهي الخلط بين مسألة الإيمان بوجود الله تعالى ومسألة توحيد الربوبية
فسأبين أولاً مسألة الإيمان بوجودالله تعالى .فلم ينكر وجوده إلا القليل من الناس كالدهرية الذين قال الله تعالى عنهم في كتابه الكريم ((وقالوا ما هي إلاحياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر )) وكالملحدين الماديين الذين يقولون :لا إله والحياة مادة.وكذلك فرعون الذي قال الله تعالى في شأنه((فكذب وعصى *ثم أدبر يسعى فحشر فنادى *فقال أنا ربكم الأعلى )) وقال ((ماعلمت لكم من إله غيري)) فجحد وجود الله جل جلاله وأدعى أنه الرب رغم أنه يعلم في قرارة نفسه أنه كاذب كما قال تعالى ((وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ..) ولا شك أن القرآن الكريم ذكر هذا النوع من أنواع الكفر وتناول تفنيده بالحجج المستفيضة والأساليب المفيدة التي تبناها الدعاة من المسلمين وعلى رأسهم الرسل عليهم السلام ثم من سار على نهجهم من دعاة المسلمين .واستفاد منها علماء الإسلام في دعوة الملحدين الماركسيين ونحوهم في زماننا .وإن كان هذا النوع من الكفر هو أقل في الوقوع من غيره إلا أن هذا لا يعني عدم دخوله في دعوة الرسل عليهم السلام أو عدم تناول القرآن الكريم له . فالإيمان بوجود الله مسألة لوحدها ،ومن ينكر وجود الله لابد أن ينكر أفعاله ،إذا كيف يفعل وهو سبحانه عدم في اعتقادهم .!
المسألة الثانية : توحيد الربوبية :هو إفراد الله تعالى بأفعاله . ومن الأمثلة على أفعاله الخلق والرزق والتدبير والتصرف في المخلوقات ونحو ذلك من أفعاله. فأغلب أهل الشرك يؤمنون بوجود الله تعالى وهذا بخلاف من ينكر وجود المولى عز وجل ،ولكنهم يكفرون ببعض أفعاله كما سيتضح الآن إن شاء الله تعالى.فهنا لابد أن نعلم أن أهل الشرك أقروا لله تعالى ببعض أفعاله جل جلاله كما ما ورد في بعض الآيات ولكنهم لم يفردوه بذلك ومن الآيات الدالة على إقرارهم ببعض أفعال الله قول الله تعالى{قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون *سيقولون لله قل أفلا تذكرون *قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم *سيقولون لله قل أفلا تتقون ...}وهي من سورة المؤمنون من آية 84 إلى 87ونحوها من الآيات الدالة على اعتراف الكفار ببعض أفعال الله تعالى .وهذا أمر لاشك فيه.
وأما دعوى أنهم أفردوا الله تعالى بالأفعال وأنهم أقروا بتوحيد الربوبية ولم يقع الكفر فيه ولذلك لم تتركز دعوة الرسل عليه .!
فهذا الكلام باطل بلا ريب لسببين:
السبب الأول:أن النصوص الشرعية دلت دلالة واضحة أنهم كانوا يشركون في ذلك ويعتقدون في آلهتهم أنهم شركاء لله تعالى في بعض الأفعال .
السبب الثاني:أن النصوص الشرعية الكثيرة قد دلت دلالة قاطعة على أنهم كفروا ببعض أفعال الله تعالى ولذا فلا يصح مايدعيه بعض المسلمين من أن الكفار لم يشركوا في توحيد الربوبية .وسأبدأ في بيان ذلك بحول الله وقوته .
أما وقوعهم في شرك الربوبية فيدل عليه الأدلة التالية:
1ـ بإكمال الآيات السابقة حيث قال الله تعالى {قل من بيده ملكوت كل
شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون *سيقولون لله قل فأنى تسحرون *بل أتينهم بالحق وإنهم لكاذبون *ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كلُ إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون *عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون}وهذه الآيات من سورة المؤمنون من آية 88ـ إلى 92فإن الآيات الكريمة بيّنت أنهم مقرون لله تعالى بهذه الأفعال المذكورة ولكن وضّحت شركهم في ذلك حيث ذكر الله تعالى أنهم كاذبون في دعواهم أن لله ولد سبحانه ،وكذلك دعواهم أن معه إله فقال تعالى ((وما كان معه من إله إذن لذهب كل إله بما خلق ))فلولا أنهم يعتقدون أن الإله متصرف كشريك لله تعالى لما ذكر لهم هذه الحجج فلوكان معه إله ـ كما يزعم الكفار ـ لانفرد كل إله بخلقه الذين خلقهم ،ولحصل النزاع وطلب العلو فيما بينهم ولما انتظم الوجود. فلولا أنهم يعتقدون وجود شركاء لله سبحانه في ذلك لما كان هناك أي وجه لذكر الاستدلال ،ولكان جوابهم أننا لم ندّعي لهم أي فعل يشاركون الله فيه؛بل قلنا أن الله لاشريك له في ذلك .فيكون إيراد ذلك عليهم من العبث الذي ينزه الله جل جلاله عنه.فالتلازم بين عبادتهم للأصنام وبين اعتقاد أنها شريكة لله تعالى في شيء من الإيجاد والتدبير غير منفك .ولذا فكما علمنا من القرآن الكريم أن الكفار مقرون بنسبة بعض الأفعال لله تعالى ،كذلك نعلم من دلائل آيات القرآن الكريم أن الله تعالى أورد الآيات الدالة على أنهم لا يفردونه وحده بل يدّعون أن معه شركاء في ذلك.وسيأتي المزيد من الأدلة إن شاء الله تعالى.
2ـ ومن الآيات الدالة على وجود الشرك في توحيد الربوبية قوله تعالى {إنما تعبدون من دون الله أوثاناً وتخلقون إفكاً إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه
ترجعون }وهذه الآية تبين أنهم يعتقدون أن الهتهم ترزق ،إذ لا يصلح أن يقال لمن يعتقد أن الرزق بيد الله وحده لا شريك له ،وأن الآلهة ليست إلا للعبادة فقط دون وجود شرك في توحيد الربوبية ! { إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً فابتغوا عند الله الرزق} لأن رد ذلك سيكون واضحاً إذ سيقولون :نحن نعلم أن الله هو المالك للرزق وحده وأن الآلهة لا تملكه فأصبحت الدعوة إلى ذلك من العبث .والله منزه عن ذلك .فدل بالجمع بين هذه الآيات وبين الآيات الأخرى التي يقرون بأن الله يرزق أنهم يعتقدون أن آلهتهم شركاء في ذلك ،لأنها تملك ذلك كما أن الله يملك ذلك في اعتقادهم الكفري.فهم لايجحدون كون الله يملك الرزق ،ولكنهم لا يفردونه بذلك بل يعتقدون أن له شركاء في ذلك.وهذا واضح جلي بأدنى تدبر .
فأين توحيد الربوبية الذين يقال أنهم وحدوا الله به؟!
3ـ ومن الآيات أيضاً الدالة على وجود الشرك في توحيد الربوبية قول الله تعالى {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا}سورة مريم 81فالآية ظاهرة الدلالة في أنهم عبدوا آلهتهم لأنهم يعتقدون أنها تحقق لهم العز والنصر ،وهذا فعل من أفعال الربوبية .ولذا عبدوهم رجاء هذا العز .فكيف يقال أن الكفار لم يشركوا في الربوبية ؟!
4ـ ومنها قول الله تعالى {أليس الله بكاف عبده ويخوِّفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فماله من هاد ،ومن يهد الله فماله من مُضلٍّ أليس الله بعزيز ذي انتقام }ووجه الاستدلال بالآية أنها تصّرح بأن المشركين يخّوفون الرسول صلى الله عليه وسلم بآلهتهم لاعتقادهم أن لها القدرة على الضر والنفع ،قال الإمام البغوي في تفسيره للآية :وذلك أنهم خّوفوا النبي صلى الله عليه وسلم معرة معاداة الأوثان ،وقالوا لتكفن عن شتم آلهتنا أو ليصيبنك منهم خبل أو جنون . انتهى كلام البغوي انظرتفسير البغوي 4/69
فكلامهم صريح بقدرة آلهتهم على الإضرار وذلك فعل من أفعال الربوبية الذي أشركوا فيه .
5ـ ومن الأدلة قول الله تعالى {إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون (54) من دونه فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون (55) }قال ابن جرير الطبري في تفسيره : وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قول قوم هود : أنهم قالوا له، إذ نصح لهم ودعاهم إلى توحيد الله وتصديقه، وخلع الأوثان والبراءة منها: لا نترك عبادة آلهتنا، وما نقول إلا أن الذي حملك على ذمها والنهي عن عبادتها ، أنه أصابك منها خبل من جنون . انتهى كلامه رحمه الله . إذن فهم يعتقدون أن لها القدرة على أن تصيبه بالمرض والجنون وهذا شرك بالله في الربوبية لأنه لا يضر ،ولا ينفع حقيقة إلا الله جل جلاله. وهذا فيه تذكير بأنهم أشركوا في الربوبية ،ولم يوحّدوا كما يظن بعض المسلمين.
6ـ وكانوا يجعلون النجوم شركاء لله ومنها الشعرى قال تعالى {وأنه هو رب الشعرى } قال ابن جرير :يقول تعالى ذكره: وأن ربك يا محمد هو رب الشعري، يعني بالشعرى: النجم الذي يسمى هذا الاسم، وهو نجم كان بعض أهل الجاهلية يعبده من دون الله.وقال الألوسي في تفسيره لهذه الآية : ومن العرب من كان يعّظمها ويعتقد تأثيرها[1] في العالم ويزعمون أنها تقطع السماء عرضاً ،وسائر النجوم تقطعها طولاً ،ويتكلمون على المغيبات عند طلوعها ففي قوله تعالى : { وأنه هو رب } إشارة إلى نفي تأثيرها .انتهى كلام الألوسي .وقال القطان في تفسيره: {وأنه هو رب الشعرى } وقد نص بشكل خاص بأنه رب الشعرى اليمانية ( ألمع نجم في كوكبة الكلب الأكبر ، وألمع ما يرى من نجوم السماء ) - لأن بعض العرب كانوا يعبدونها . وكان قدماء المصريين يعبدونها أيضا ، لأن ظهورها في جهة الشرق نحو منتصف شهر تموز قبل شروق الشمس - يتفق مع زمن الفيضان في مصر الوسطى ، وهو أهم حادث في العام ، وابتداء عام جديد .انتهى وهذا واضح فيما ذكرت من اعتقادهم مشاركتها لله في أفعاله ويعبدونها أيضاً.
السبب الثاني ـ الدال على بطلان اعتقاد أنهم وحدوا في الربوبية : إنكارهم لبعض أفعال الله تعالى:
فقد جاءت النصوص الكثيرة التي بيّنت أنهم أنكروا البعث وهو فعل من أفعال الرب جل وعلا وإنكارهم لكل أفعال الله تعالى التي بعد البعث من باب أولى كالحشر ونشر الصحف ،والجزاء والحساب ،وغير ذلك من أفعاله جل جلاله فجميع هذه الأفعال لله تعالى يكفرون بها ،فهم إذن لم يُقّروا لله بأفعاله بل كفروا بها كما قال الله تعالى {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا ..}وقال تعالى ((وضرب لنا مثلاُ ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ))قال العاص بن وائل وقد فت عظماً قد أرم [ يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا ]؟!قال ((نعم ويدخلك النار)) وقوله تعالى {بل قالوا مثل ما قال الأوّلون *قالوا أءذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أءنا لمبعوثون *لقد وعدنا نحن وءاباؤناهذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين}المؤمنون 80ـ 83وقوله تعالى{أءذا كنا عظاماً نخرة ...)وفي سورة الواقعة وسورة ق وغيرها كثير .
فعذاب القبر ،والبعث ،والنشور ونشر الصحف ووزن الأعمال ،والعرض ،والتعذيب بالنار والإنعام بالجنة كلها ينكرونها بلا شك .وهي من أفعال الله تعالى. فكيف يقال أنهم موحدون توحيد الربوبية ؟!
ومن الأدلة :على كفرهم في توحيد الربوبية مارواه الإمام البخاري والإمام مسلم عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال : ( هل تدرون ماذا قال ربكم؟ ) ، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ( قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب) . ولهما من حديث ابن عباس بمعناه وهي سبب نزول قول الله تعالى { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون }.وعليه تعلم أنهم يعتقدون أن الأنواء ترزقهم الغيث فأين هذا من الشهادة لهم بأنهم أفردوا الله بأفعاله؟!
ومن الأدلة كذلك اعتقادهم أن التمائم تدفع الضر لا على وجه السببية بل على جهة الاستقلال أو الشراكة لله تعالى. أما دليل ذلك: فقوله صلى الله عليه وسلم (( من تعلق تميمة فقد أشرك) ، ولابن أبي حاتم عن حذيفة أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى فقطعه، وتلا قوله: ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) .ولا وجه لصرف ذلك إلى الشرك الأصغر إلا ظن من يدّعون السلفية أن الكفار وحدوا الله في أفعاله ،وهذا باطل ،بل هم مشركون في ذلك الشرك الأكبر .ولذا فالنصوص الشرعية تبقى على ظاهرها حتى يرد ما يصرفها عن ظاهرها من أدلة أخرى . قال ابن قتيبة في غريب الحديث :التميمة خرزة كانت الجاهلية تعلقها في العنق ،وفي العضد تتوقى بها وتظن أنها تدفع عن المرء العاهات ،وكان بعضهم يظن أنها تدفع المنية حيناً. ويدلك على ذلك قول الشاعر [ من الطويل ]
إذا مات لم تفلح مزينة بعده * فنوطي عليه يا مزين التمائما. انتهى كلامه


وقال ابن الأثير الجزري رحمه الله :إنما جعلها شركاً لأنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم ،فطلبوا دفع الأذى من غير الله تعالى الذي هو دافعه .قال :فكان المعنى في هذا إن علقها معتقداً أنها تضر وتنفع كشريك لله فهو شرك مخرج من الملة . انتهى
وقال الإمام ابن عبدالبر وهذا كله تحذير ومنع مما كان أهل الجاهلية يصنعون من تعليق ضالتمائم والقلائد يظنون أنها تقيهم وتصرف البلاء عنهم وذلك لا يصرفه إلا الله عز وجل وهو المعافي والمبتلي لا شريك له فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عما كانوا يصنعون من ذلك في جاهليتهم .أ ـ هـ من كتاب التمهيد17/ 161
قال الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني عن الطيرة : وإنما جعل ذلك شركاً لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعاً أو يدفع ضراً فكأنهم أشركوه مع الله تعالى . انتهى من فتح الباري10/213
وجاء في الملل والنحل للشهرستاني ج2ص248قال :كان قصي بن كلاب يقول :أرباً واحداً أم ألف رب :أدين إذا تقسمت الأمور
تركت اللات والعزى جميعاً :كذلك يفعل الرجل الصبور .
وقيل هي لزيد بن عمرو بن نفيل . فتأمل في قوله أم ألف رباً فستجد أنهم يعتقدون التصرف والتدبير والعبادة لأرباب لالرب واحد .
يتبع إن شاء الله


[1] التأثير عند العلماء هو الإيجاد فتنبه لذلك.

شاذلي 09-23-2009 09:27 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 

المبحث الثالث: قولهم بأن مدار دعوة الرسل عليهم السلام هي دعوة هؤلاء العباد الذين لم يشركوا في شيء من أفعال الله تعالى ومع ذلك يعبدون غير الله جل جلاله.!
قد تبين الخطأفي فهم مسألة توحيد الربوبية ،وكذلك الخطأ في دعوى الإنفكاك بين اعتقاد الربوبية والإلهية .وبسبب الخطأ في التصور في تلك المسألتين قالوا أن الرسل إنما كان مدار دعوتهم على توحيد الإلهية لأن الكفار قد وحدوا في الربوبية .!وهذا باطل بلا ريب فإن دعوة الرسل تعرف من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .ومن تأمل وجد أن الله تعالى قد بين لهم أصول الاعتقاد كلها ومنها توحيده في أفعاله ،وصفاته ،واستحقاقه للعبادة وحده لا شريك له. ورد على من أدعى أن لله ولدا ككفار قريش الذين زعموا أن الملائكة بنات الله ،والنصارى الذين قالوا عيسى ابن الله ونحوهم وهذا مبحثه في توحيد الأسماء والصفات.ولم يكن له كفواً ولا شبيهاً ولا نظيراً ولا شريكاً في صفاته .كما أنه لا ند له في أفعاله.نجد ذلك في العديد من النصوص الشرعية ،ومنهاسورة الإخلاص التي يحفظها أكثر عوام المسلمين فضلاً عن غيرهم .
فمن قرأ القرآن الكريم والسنة الشريفة،علم علم اليقين أن دعوة الرسل عليهم السلام تكلمت عن إثبات وجود الله تعالى كقصة سيدنا موسى عليه السلام مع فرعون وكالكلام عن الدهرية ،كما أن القرآن الكريم والسنة المشرفة وضحت انفراد الله بالأفعال التي تحدث في الكون من الخلق ،والرزق ،والبعث وغيرها مما يدخل في توحيد الربوبية.
كما ردت النصوص على من يعبد مع الله آلهة أخرى من الأصنام وغيرها حيث اعتقدوا أنها تملك نوعاً أو أنواعاً من التصرف والتدبير في الكون كشركاء لله أو استقلالاً عن الله .فدعوة الرسل عليهم السلام شملت جميع هذه الأنواع حسب حال المدعوين فشملت :(إثبات وجود الله تعالى،وتوحيده في اسماءه وصفاته،وتوحيده في ربوبيته ،ووجوب إفراده بالعبادة ).
يتبع إن شاء الله



شاذلي 09-23-2009 09:28 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
المبحث الرابع:من أنواع العوالم التي خلقها الله عز وجل.

إن الله ـ عز وجل ـ خلق عوالم مختلفة دالة على عظيم قدرته ،لكل عالم خصائصه التي تختلف عن العالم الأخر .
والعالم :هو كل ماسوى الله جل جلاله أي أنه مخلوقاته عز وجل .وهي على أقسام فمنها عوالم ظاهرة للأعيان :كعالم الإنسان ،والنبات ،والحيوان ونحوها .
ومنها عوالم خفية عن الأعيان كعالم الجن والملائكة وأحوال الأرواح :
فالجن مخلوقات خلقها الله من مارج من نار ،وهذا النوع من مخلوقات الله تعالى لها خصائص قد يجهلها كثير من الناس حتى أن بعض الفلاسفة ينكر وجودها ،لعدم إحاطتهم بشيء من علم هذه العوالم . فلها خصائصها التي تختلف بها عن عالم الإنسان ونحوه من المخلوقات.ولذا فلا يصح قياسها عليه إلا من بعض الوجوه.بل إن منها من يجرى من ابن آدام مجرى الدم في العروق ،ومنهامن يأكل معه إذا لم يذكر اسم الله تعالى رغم أنه لايراه ولا يحس بذلك .بل لا يحس بنقص الطعام.!
والملائكة :هي مخلوقات خلقت من النور.ولها خصائصها العجيبة
وفيها من عجائب خلق الله ما يعجز الإنسان عن وصفه ،وما يذهل عقله .
فماذا تقول عن مخلوقات بعضها له ستمائة جناح ،وبطرف جناحه يحمل القرى الظالمة كقرى قوم لوط على طرف جناحه إلى السماء ثم يخسف بهم الأرض فإذا هي تمور بهم .وماذا تقول إذا علمت أن جناحين من جناحيه بسطهما في السماء الدنيا فسدا الأفق ؟وماذا تقول إذا علمت أن السماء لها أطيط من كثرة الملائكة عليهم السلام حتى أن ما من موضع شبر إلا وفيه ملك ساجد لله تعالى .وماذا تقول إذا علمت أن بعضهم عظيم الهيئة حتى أن من شحمة أذنه إلى كتفه مسيرة سبعمائة عام.بل ما تقول إذا علمت أنهم معك ملازمون لك يقيدون أقوالك وأفعالك وأنت لا تراهم ولا تشعر بهم.بل ما ذا تقول إذا علمت أن لهم لمّة بالقلوب كما أن للشيطان لمّة .فهذا بعض خلق الله تعالى.
وهناك عالم الروح: والروح :جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك ينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها .قاله الإمام الرازي وأيده ابن القيم في كتاب الروح ص229قال تعالى ((ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيم من العلم إلا قليلا ))فهي شيء من أمر الله جل جلاله لها أسرارها وعالمها لا ينكر ذلك إلا جاهل .ومن قرأ في التنويم المغناطيسي ،أو في تعلق الأرواح وتصرفاتها في الكون بإذن الله تعالى لعلم أنها عالم عجيب له خصائصه. كماقال رسول الله صلى الله عليه وسلم((الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف،وما تناكر منها اختلف ))رواه مسلم
ولها أحوال في تعلقها ببدن الإنسان وهي على ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى:أن يكون الأصل هو البدن والروح تابعة له وهذا في الحياة الدنيا. فلو تأملت حال النائم واطلاعه على أمور مستقبلية يراها في منامه وتلاقي روحه بأناس قد ماتوا من أزمنة مديدة أو بأحياء يسأل عن أخبارهم أو يرى ما يكون بشارة له أو إنذاراً له إلى غير ذلك من أحوال حياة الروح . وفي كتاب أهوال القبور لابن رجب والروح لابن القيم وشرح الصدرو للسيوطي والتذكرة للقرطبي ،والمنامات لابن أبي الدنيا ونحوها نفائس عظيمة تتكلم عن هذه الحياة.
الحالة الثانية:الحياة البرزخية :وهي أن الروح هي الأصل والبدن تابع لها وقد يفنى البدن عادة وقد لا يفنى كأجساد الأنبياء فإنها لا تفنى قطعاً ،وأجسام الشهداء ونحوهم .وللروح في هذا العالم حياة عجيبة لا ينكرها إلا جاهل فإن الناس أعداء ما جهلوا.والروح المؤمنة على حال أقوى من الحالة الأولى .
الحالة الثالثة:يوم القيامة :فهما يجتمعان ولا يفترقان والحياة لهما جميعاً.
الخلاصة:أن كل عالم من هذه العوالم لها خصائص تخصه ،ولا يصح قياس بعضها على بعض ،فخصائص عالم الجن ليست كعالم الملائكة وليست أحوال الملائكة كأحوال البشر وليست حياة الروح وعالمها ونفوذها كحياة وخصائص الجسد، فلكل عالم من هذه العوالم خصائص تخصه ؛علمها من علمها ؛وجهلها من جهلها. ولا يعني الجهل بها عدم وجود هذه الخصائص في هذه العوالم .
وبعض الناس ينكر ذلك ويقيس كل عالم على العالم الآخر وهذا جهل عظيم.ولو تأمل الإنسان في مسألة العين الحاسدة وتسببها في مرض المحسود أو هلاكه ،من غير سلاح ولا مباشرة ولا تلامس وإنما فقط بتوقان النفس الحاسدة لشيء أعجبها في المحسود .أو تأمل في المصروع بمس أو سحر ونحوهما كيف يحصل له من الأمور والتغيرات .فمن تأمل في كل ذلك لعلم أن الأمور لا تجرى كلها على نسق واحد بل كل عالم له أحواله وتصرفاته .وكل ذلك دال على عظيم قدرة الله تعالى وسعة ملكه.وكم أعجب ممن يؤمن بالعين وتأثيرها، والسحر وأثره، والمس وضرره، ثم ينكر أحوال وتصرفات الأرواح ،بل ويجعل الأرواح كلها على نسق واحد، رغم أن المسلم يعلم تفاوتها في قوتها ،فليست أرواح الأنبياء والأولياء ونحوهم كأرواح عامة الصالحين فضلاً عن أرواح الفاسقين أو أرواح الكافرين .
وإنما قدمت بهذا المبحث بسب إنكار بعض الناس لبعض أحوال الأرواح المؤمنة ،وما يجريه الله من خصائص تخصها .
يتبع إن شاء الله

شاذلي 09-23-2009 09:29 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
المبحث الخامس:الغلط في عدم التفريق بين مسألة اعتقاد السببية و اعتقادالإيجاد .

أولاً: قال الشيخ المرشد عبدالقادر عيسى رحمه الله تعالى :لابد للمؤمن في جميع أحواله أن تكون له نظرتان:
ـ نظرية توحيدية لله تعالى، بأنه وحده مسبب الأسباب، والفاعل المطلق في هذا الكون، المنفردُ بالإِيجادوالإِمداد، ولا يجوز للعبد أن يشرك معه أحداً من خلقه، مهما علا قدره أو سمت رتبتهمن نبي أو ولي.
ـ ونظرة للأسباب التي أثبتها الله تعالى بحكمته، حيث جعل لكل شيءسبباً.
فالمؤمن يتخذ الأسباب ولكنه لا يعتمد عليها ولا يعتقد بتأثيرهاالاستقلالي، فإِذا نظر العبد إِلى السبب واعتقد بتأثيره المستقل عن الله تعالى فقدأشرك، لأنه جعل الإِله الواحد آلهة متعددين. وإِذا نظر للمسبِّب وأهمل اتخاذالأسباب، فقد خالف سنة الله الذي جعل لكل شيء سبباً. والكمال هو النظر بالعينينمعاً، فنشهد المسبِّبَ ولا نهمل السبب. انتهى كلامه رحمه الله تعالى .[1]
ثانياً:من المعروف أن توحيد الألوهية :هو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له.
وهذا لا ينازع فيه أحد من المسلمين فلا يوجد على وجه الأرض رجل مسلم يزعم جواز صرف شيء من العبادة لغير الله تعالى .
إذن فماهو مناط الشرك عند من قال بكفر المستغيثين بالأنبياء والأولياء؟
بقراءة كتبهم ، والرسائل ،ثم التاريخ ،ثم الحوارت يتبين أنهم جعلوا مناط الشرك
بالله تعالى في مسألة الاستغاثة هو عدم القدرة على النفع ،فمن استغاث بمن لايقدر فقد أشرك بالله تعالى.
وسبب هذا الغلط هو توهمهم أن الحجج التي ساقها الله تعالى في مناقشة الكفار بعدم قدرة آلهتهم على التصرف تدل على أن عدم قدرتها هو مناط الشرك بالله تعالى .مع أن المقصود إنما هو إقامة الحجة على أنها لا تملك النفع والضركما يتوهمون ،بل المالك لذلك هو الله وحده لا شريك له ،وأنها لا تستحق أن تعبد مع الله تعالى كما يفعلون .وليس المقصود أن عدم قدرتها هو سبب الإشراك ،وإلا لكان مقتضى ذلك أنها لو كانت تقدر لكان جعلهم شركاء لله تعالى جائزاً.وهذا باطل بلا ريب للأسباب التالية:
السبب الأول :أن هؤلاء الناس يجّوزون الاستغاثة بمن يقدر ولا تكون من الشرك ،مع أن التعلق بالقادر وإمكان اعتقاد الشرك به أقوى ،وذلك لأن الله قادر جل جلاله ،والمستغاث به من الخلق قادر فهناك تصور اشتراك بينهما ، بخلاف من لايقدر فلا يمكن أن يعتقد أنه شريك لله تعالى ،لأنه لايقدر والله يقدر، فأي شراكة بين من يقدر ومن لايقدر ؟!
فلو كانت شبهتهم هي في إمكان وقوع الشرك في الاستغاثة بالمخلوق الذي يقدر لكان أقوى شبهة من توهم الشرك بمن لايقدر !.
السبب الثاني:بالنظر في النصوص الشرعية تجد أن هناك استغاثات بمن لم يقدر ولم توجب الشرك بل غاية ما في الأمر أنهم ظنوا فيه القدرة على الإغاثة وأخطأوا في هذا الاجتهاد مع اعتقادهم أنه مجرد سبب فقط،كما حصل في الاستغاثة بسيدنا آدام عليه السلام في أرض المحشر وغيره من الأنبياء ليشفعوا ،ولم يستطع أن يشفع لهم عليه السلام بل إنه سيعتذر ويرسلهم إلى غيره من الأنبياء عليهم السلام حتى يشفع من يقدر وهو سيدنا خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم .
وهكذا يقال في المستغيثين بالأنبياء والأولياء في الحياة البرزخية في قبورهم فإن المستغيث إن أخطأ في ظنه أنهم سبب في الإغاثة ،كما أخطأ الناس في ظنهم أن سيدنا آدام قادر على الإغاثة ؛فلا يعني الوقوع في الشرك قطعاً وهذا واضح جداً.
السبب الثالث:أن الشرع الشريف جعل مناط الشرك هو اعتقاد الندية لله تعالى كما قال جل وعلا ((ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب
الله ))ومعلوم أن الكاف في قوله (كحب)هي كاف التسوية والتشريك ومعلوم أن الند هو النظير المساوي كما بينه أئمة اللغة .ولم يجعل مناط الشرك هو عدم القدرة . فقد يعتقدون شريكاً له في شيء من أفعاله ،وقد يعتقدون شريكاً لله في صفاته ،وقد يعتقدون شريكاً له في استحقاق العبادة . أماعدم القدرة فليست من أفعاله ولا من صفاته فأين تصورالشراكة في ذلك؟!
السبب الرابع :أن الشرع الشريف لم يجعل عدم القدرة مناط للشرك ،بل على العكس تماماً فإن الشارع الحكيم قد احتج بعدم القدرة على وهاء شبهة الإشراك فقال تعالى ((أيشركون مالايخلق شيئاً وهم يخلقون *ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون )) فحجهم المولى جل وعلا بأن الذي لايقدر لا يصلح حتى مجرد الاشتباه بكونه نداً لله تعالى .ومفهوم عكس ذلك أن من يقدر قد يتعلق به الجهلة والضلال فيجعلونه نداً لله تعالى .
فظن أصحاب هذا القول أن عدم القدرة هو سبب الشرك غير صحيح .


مطلب في تحقيق مناط الشرك في الدين الإسلامي:
إذا تبين ضعف شبهة هؤلاء الأخوة من أهل القبلة ،في أن مناط الشرك هو عدم قدرة الأموات على النفع فوجب إيضاح مناط الشرك كما جاء في الشرع .
ومناط الشرك هو :اعتقاد أن لله ـ سبحانه وتعالى ـ نداً في أفعاله أو صفاته أو في استحقاق العبادة .ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى ((ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله ))ومعلوم أن الكاف في قوله (كحب)هي كاف التسوية والتشريك ومعلوم أن الند هو النظير المساوي كما بينه أئمة اللغة .ولم يجعل مناط الشرك هو عدم القدرة .
وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الذنب أعظم فقال((أن تجعل لله نداً وهو خلقك ))
وقال الكفار لأوثانهم يوم القيامة ((تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين)) فاعتقادهم المساوة بين الله جل جلاله ومعبوداتهم هومناط الشرك سواء كان ذلك في أفعاله ،أو صفاته أو في اعتقادأن غيره يستحق العبادة سبحانه، وهذا لم يقع من المسلمين كما سأبينه إن شاء الله تعالى .
مطلب في تحقيق أن المسلمين لم يقعوا في الشرك بالأنبياءوالأولياء:
وهذا معلوم من قواعد الإسلام بلا ريب وذلك للموانع التالية:
المانع الأول:الأصل أنهم على دين الإسلام ومحققون لشهادة أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك معلوم بصريح ألفاظهم :في الأذان ،وفي الأوراد ،وفي أذكار دبر الصلاة ،وفي التلبية في الحج وفي الصلاة حين يرددون في كل ركعة (إياك نعبد وإياك نستعين ) وفي غير ذلك من الشرائع التي يؤمنون بها ويعملون بها مع علمهم بأن معناها أنه لا معبود بحق إلا الله ولا ينكر ذلك إلا مكابر.
الثاني:أن من يستغيث بالأنبياء والأولياء بعد موتهم لايعتقد إلا أنهم أسباب فقط وليسوا بأنداد لله تعالى ولا شركاء له لا في أفعاله ولا في صفاته ولا في العبادة.
فكيف نلزمه بما لايعتقد ونتهمه بأنه واقع في الشرك المخرج من الملة وهو يعلم في قرارة نفسه أنه لايعتقد بشريك لله تعالى وإنما يعتقد أن الله سن في الكون سنة الأسباب وجبل الناس على الأخذ بها،وأن ما يفعله هو السعي في الأسباب لا أكثر من ذلك وعلى ضوء ذلك يتصرف .
الثالث:أنهم يعتقدون أنها أسباب عادية يغلب عادة نفعها بإذن الله تعالى ولا يعتقدون أنها أسباب مستقلة عن الله تعالى بشيء لا في شيء صغير ولا كبير، بل الخالق للنفع هو الله جل جلاله ،وإنما الاستغاثة بالأنبياء والأولياء هو من باب الأخذ بالأسباب وهم من أقوى الأسباب .فإذا شاء الله تعالى أعطى للمستغيث النفع وإن شاء لم يعطه.والغالب أن ينفع بذلك تفضل منه سبحانه جل شأنه.
المانع الرابع:أنه لا وجه لأن يقال أنهم يعبدون الأنبياء أو الأولياء بحجة أنهم يستغيثون بهم!وذلك للأسباب التالية :
السبب الأول:أن الاستغاثة لن تكون شركاً إلا في صورتين :
الصورة الأولى :صورة مردها إلى توحيد الربوبية:وهو توحيد الله بأفعاله والتي منها الخلق والرزق والتدبير .والشرك هنا إما باعتقاد الاستقلال عن الله مطلقاً أو بالشراكة لله جل جلاله.
فإذا كان المستغيث يعتقد أن المستغاث به شريك لله في التدبير أو في شيء من أفعاله جل جلاله فقد أشرك سواء كانت الاستغاثة به في الحياة الدنيا أو في الحياة البرزخية في قبره.وكذلك لو كان يعتقد أنه مستقل عن الله تعالى في تدبير أي شيء من أمور الكون وأن الله لادخل له في ذلك كاعتقاد الدهرية في الدهر ،والماديين في المادة ،والفلاسفة في الأسباب ونحو ذلك .
كذلك إذا اعتقد أن السبب ينفع نفعاً مستقلاً عن الله تعالى لكن بقوة أودعها الله فيه وليس بخلق الله لذلك فهي أيضاً عقيدة ضالة وقع فيها المعتزلة .
وكل هذه الصور الثلاث لا يعتقدها أهل السنة ممن يستغيث بالأنبياء والأولياء ممن قد ينفع الله بهم إذا أراد جل جلاله. فلا وجه للقول بأنهم وقعوا في الشرك .رغم أن الكثير ممن يفعل الاستغاثة يفعلها بقصد التوسل مع اعتقاده أن النفع والضر بيد الله وحده لا شريك له وإنما يفعل هذه الاستغاثة كما يفعل سائر الأسباب .
الصورة الثانية:مردها إلى توحيد العبادة:وهو إفراد الله بأعمال العباد.وهو تحقيق معنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله جل جلاله.
ومعلوم أن الاستغاثة عمل من الأعمال الظاهرة التي يعملها الإنسان بلسانه والأعمال في الشريعة مردها إلى النية وذلك لحديث ((إنما الأعمال بالنيات )) فإذا كانت صورة الاستغاثة بالحي الحاضر في ألفاظها هي نفسها حين يُستغاث بها الأنبياء والأولياء في حياتهم البرزخية ،فلماذا يقال أن هذا يستغيث بهم عبادة لهم وأن الآخر يستغيث بهم بدون قصد العبادة ؟!وهل هذا إلا محض تحكم .!فإن قيل لأن الأصل في المسلم السلامة وهو من أهل لا إله إلاالله .وهو إنما يستغيث بالحي من باب السببية فقط لاعبادة للمستغاث به .
فيقال وأهل السنة كذلك يصرحون بذلك أيضاً ويقولون أن الأنبياء والأولياء مجرد أسباب لا نقصد أن نعبدهم بهذه الاستغاثة .والأصل فيهم السلامة والإسلام .فلماذا الكيل بمكيالين ؟!
فإن قيل أن الاستغاثة بالحي لأنه يستطيع أن ينفع وفق العادة ؟فأقول :إذن لم يعد النقاش في دائرة الشرك المخرج من الملة بل أصبحنا نتكلم عن دائرة نفع الأسباب أو عدم نفعها ،وجدوى الأسباب أو عدم جدواها ،وهذا لاعلاقة له بالشرك .فيبقى إثبات نفع الاستغاثة بالأموات كأسباب فقط هو مجال النقاش بين المسلمين ولم يعد هناك مجال لتصور موحد يناقش من وقع في الإشراك،! بل أصبح ذلك من الظلم الواضح المستبين .
وسأنقل عنهم كلامهم في ذلك إن شاء الله تعالى الذي يؤكد ما أقول.
ويدل على أنهم لا يريدون عبادتهم، تصريحهم بأنه لا معبود بحق إلا الله تعالى وترديدهم للشهادتين بلفظ قاطع الدلالة على اعتقادهم في كثير من العبادات؛ بل وصلاتهم ،وصيامهم ،وحجهم ،وعمرتهم ،وزكاتهم ،وكثرة صلاتهم على النبي صلى الله عليهم وسلم ،وكثرة ترديدهم لذكر (لا إله إلا الله )بل هو من الأوراد الأساسية عند أصحاب الطرق الصوفية .فكيف يقال :أنهم يعبدون غير الله تعالى وكيف يقال أنهم واقعون في الشرك المخرج من الملة ؟!!
تنبيه:يدّعي أناس أن الزائرين لقبور الأنبياء أو الأولياء يطلبون منهم الرزق أو الشفاء أو نحو ذلك وهذا شرك لأنه لايقدر على ذلك إلا الله تعالى .!
فأقول :هم يعتقدون أنهم أحياء في قبورهم حياة برزخية فيريدون من الأنبياء أو الأولياء أن يشفعوا لهم عند الله تعالى بمعنى أن يدعوا الله أن يرزقهم ،وهكذا تجده عند الطلب من الأحياء في الحياة الأولى حيث أنهم يشكون عليهم الفقر أو المرض يرجون منهم التسبب في الشفاء أو الغنى وإن كان الشافي والمعطي حقيقة هو الله جل جلاله ،وكم سمعت من الأحياء من يشكو ما به من الأمراض لغير الأطباء وهو يرجو شفاعتهم بالدعاء له أو الرقية أو نحو ذلك من الأسباب ،مع علمه أن الشافي حقيقة هو الله فليس الطبيب ولا الراقي ولا الشافع ؛هو الشافي وإنما جبل الناس على تعاطي الأسباب .
ولذا فإن هذا لا يُعّد من الشرك لأن مثل هذه الألفاظ مشتركة في الإطلاق فقد تطلب من الله وقد تطلب من المخلوق كما سبق بيانه بل أزيد ذلك بأمثلة واضحة.
مثال :قال الله تعالى { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم ...}والرزق هنا هو على وجه السببية لا على وجه الاستقلال فلو سألت الأبناء من يجلب هذه الأرزاق إلى بيتكم ؟لقالوا والدنا أو ذكروا غيره من المخلوقين ومعلوم أن ذلك من باب السببية لا من باب الإيجاد . لأن الرازق حقيقة هو الله . فإِذا لاحظنا المسبب في معرض التوحيد، أدركنا قوله تعالى: {إنَّ اللهَ هوَ الرَّزَّاقُ ذو القوَّةِ المتِينُ} [الذاريات: 58]. وإِذا لاحظنا السبب وقلنا: إِن فلاناً يُرزَقُ أولاده من كسبهِ، لا نكون بذلك قد أشركنا .ولو قلنا أن الملك يرزق رعيته أو يعولهم لا نكون بذلك قد أشركنا .
لكن لو كان الملك لم يرزق الرعية أصلاً أي لم يكن سبباً في ذلك ،أو كان الوالد عاجزاً ولم يسعى في أن يرزق أولاده فإن قولنا أنه هو الذي يرزقهم هذه الأرزاق التي يقتاتون عليها لا يكون شركاً ،بل أقصاه أن ذلك غير صحيح لأنه لم يكن سبباً في ذلك بل السبب هم الجيران أو جمعية خيرية أو نحو ذلك .
والمقصود بالرزق هنا هو التسبب فقط لا الإيجاد ـ وكذلك الأمر بالنسبة للإِنعام، ففي معرض التوحيد قوله تعالى: {وما بِكُم مِنْ نِعمَةٍ فَمِنَ اللهِ} [النحل: 53]. لأنه المنعم الحقيقي وحده . وفي معرض الجمع بين ملاحظة المسبِّب والسبب قوله تعالى: {وإذْ تَقولُ للذي أَنْعَمَ اللهُ عليهِ وأنْعَمْتَ عليه...} [الأحزاب: 37]. فليس الرسول صلى الله عليه وسلم شريكاً لله في عطائه، وإِنما سيقت النعم لزيد بن حارثة رضي الله عنه بسببه صلى الله عليه وسلم .
ـ وكذلك بالنسبة للاستعانة، إِذا نظرنا للمسبب قلنا: "إِذا استعنْتَ فاستعن بالله". وإِذا نظرنا للسبب قلنا: {وتعاونوا على البرِّ والتقوى} وهو عام فيشمل التعاون بالأرواح والأبدان والأموال وغير ذلك من صور التعاون على البر والتقوى .{لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها}.لكن إذا كان النبي أو الولي لا يستطيع التسبب في رزق هذا العبد فلا يعني أن هذا المستغيث به يعبده كما أنه أيضاً إذا كان يستطيع أن يتسبب في إيصال الرزق له لا يعني أنه يعبده.لأنه أصلاً ما قصد عبادته قط ،سواء كان مستطيعاً لنفعه أو غير مستطيع . إلا إذا كانت الاستغاثة بالطبيب حين يقول المريض: أغثني ادركني عالجني انقذني ارحمني سبب للشرك المخرج من الملة .فإذا كانوا لايقولون بذلك بل يجوّزونه .
فأقول :إن الشرك ليس مناطه عدم القدرة كما وضحت ذلك في المبحث الأول بل مناطه ما ذكرته في المبحث الثالث فإذا تحقق أنهم يتلفظون بذلك في الاستغاثة فلا يعني أنهم وقعوا في الشرك إلا إذا قصدوا بذلك عبادة الميت أو اعتقدوا أنه شريك لله تعالى في شيء من أفعاله كالرزق والشفاء وغيرها من الأفعال .واما إذا اعتقدوا كونه سبباً فقط والشافي حقيقة والرازق حقيقة هو الله فلا يخلو الأمر من احتمالين:
إما أن ينفع الله بهذه الاستغاثة وهذا احتمال ،وإما أن لا يتحقق النفع المطلوب .
وسواء تحقق ذلك أم لم يتحقق فإنه لايدل على الوقوع في الشرك وسواء كان هناك فائدة ترجى في هذا السبب أولا فائدة في ذلك فإنه ليس مناطاً للوقوع في الشرك شرعاً ،لأن مناط الشرك ليس هو القدرة ولا عدم القدرة وقد سبق تفصيل ذلك .
فإن حصل من بعض العوام أو حتى العلماء مثل تلك الألفاظ المستبعدة فلا وجه لتكفيرهم بذلك لأنهم لايعتقدون فيهم إلا مجرد السببية فقط .ومن المعلوم أن السبب مهما اعتقد الإنسان عظمته في النفع بإذن الله فإنه لا يصل إلى الشرك الأكبر إلا في حالة اعتقاد أنه شريك لله تعالى أو مستقل بذلك التصرف عن الله تعالى .أو نوى الإنسان عبادته بالاستغاثة .وكل هذه الاحتمالات مستبعدة جداً على المسلمين لما وقر في قلوبهم من أنه لامعبود بحق إلا الله وحده لا شريك له .وكذلك لما وقر في قلوبهم في مسألة السببية التي سبق ذكرها.


[1]من كتابه حقائق عن التصوف .وقد كان الشيخ عبدالقادر عيسى هو مرشد الطريقة الشاذلية في بلاد الشام وتوفي سنة 1412للهجرة.

شاذلي 09-23-2009 09:30 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
المبحث الخامس:الغلط في عدم التفريق بين مسألة اعتقاد السببية و اعتقادالإيجاد .

أولاً: قال الشيخ المرشد عبدالقادر عيسى رحمه الله تعالى :لابد للمؤمن في جميع أحواله أن تكون له نظرتان:
ـ نظرية توحيدية لله تعالى، بأنه وحده مسبب الأسباب، والفاعل المطلق في هذا الكون، المنفردُ بالإِيجادوالإِمداد، ولا يجوز للعبد أن يشرك معه أحداً من خلقه، مهما علا قدره أو سمت رتبتهمن نبي أو ولي.
ـ ونظرة للأسباب التي أثبتها الله تعالى بحكمته، حيث جعل لكل شيءسبباً.
فالمؤمن يتخذ الأسباب ولكنه لا يعتمد عليها ولا يعتقد بتأثيرهاالاستقلالي، فإِذا نظر العبد إِلى السبب واعتقد بتأثيره المستقل عن الله تعالى فقدأشرك، لأنه جعل الإِله الواحد آلهة متعددين. وإِذا نظر للمسبِّب وأهمل اتخاذالأسباب، فقد خالف سنة الله الذي جعل لكل شيء سبباً. والكمال هو النظر بالعينينمعاً، فنشهد المسبِّبَ ولا نهمل السبب. انتهى كلامه رحمه الله تعالى .[1]
ثانياً:من المعروف أن توحيد الألوهية :هو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له.
وهذا لا ينازع فيه أحد من المسلمين فلا يوجد على وجه الأرض رجل مسلم يزعم جواز صرف شيء من العبادة لغير الله تعالى .
إذن فماهو مناط الشرك عند من قال بكفر المستغيثين بالأنبياء والأولياء؟
بقراءة كتبهم ، والرسائل ،ثم التاريخ ،ثم الحوارت يتبين أنهم جعلوا مناط الشرك
بالله تعالى في مسألة الاستغاثة هو عدم القدرة على النفع ،فمن استغاث بمن لايقدر فقد أشرك بالله تعالى.
وسبب هذا الغلط هو توهمهم أن الحجج التي ساقها الله تعالى في مناقشة الكفار بعدم قدرة آلهتهم على التصرف تدل على أن عدم قدرتها هو مناط الشرك بالله تعالى .مع أن المقصود إنما هو إقامة الحجة على أنها لا تملك النفع والضركما يتوهمون ،بل المالك لذلك هو الله وحده لا شريك له ،وأنها لا تستحق أن تعبد مع الله تعالى كما يفعلون .وليس المقصود أن عدم قدرتها هو سبب الإشراك ،وإلا لكان مقتضى ذلك أنها لو كانت تقدر لكان جعلهم شركاء لله تعالى جائزاً.وهذا باطل بلا ريب للأسباب التالية:
السبب الأول :أن هؤلاء الناس يجّوزون الاستغاثة بمن يقدر ولا تكون من الشرك ،مع أن التعلق بالقادر وإمكان اعتقاد الشرك به أقوى ،وذلك لأن الله قادر جل جلاله ،والمستغاث به من الخلق قادر فهناك تصور اشتراك بينهما ، بخلاف من لايقدر فلا يمكن أن يعتقد أنه شريك لله تعالى ،لأنه لايقدر والله يقدر، فأي شراكة بين من يقدر ومن لايقدر ؟!
فلو كانت شبهتهم هي في إمكان وقوع الشرك في الاستغاثة بالمخلوق الذي يقدر لكان أقوى شبهة من توهم الشرك بمن لايقدر !.
السبب الثاني:بالنظر في النصوص الشرعية تجد أن هناك استغاثات بمن لم يقدر ولم توجب الشرك بل غاية ما في الأمر أنهم ظنوا فيه القدرة على الإغاثة وأخطأوا في هذا الاجتهاد مع اعتقادهم أنه مجرد سبب فقط،كما حصل في الاستغاثة بسيدنا آدام عليه السلام في أرض المحشر وغيره من الأنبياء ليشفعوا ،ولم يستطع أن يشفع لهم عليه السلام بل إنه سيعتذر ويرسلهم إلى غيره من الأنبياء عليهم السلام حتى يشفع من يقدر وهو سيدنا خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم .
وهكذا يقال في المستغيثين بالأنبياء والأولياء في الحياة البرزخية في قبورهم فإن المستغيث إن أخطأ في ظنه أنهم سبب في الإغاثة ،كما أخطأ الناس في ظنهم أن سيدنا آدام قادر على الإغاثة ؛فلا يعني الوقوع في الشرك قطعاً وهذا واضح جداً.
السبب الثالث:أن الشرع الشريف جعل مناط الشرك هو اعتقاد الندية لله تعالى كما قال جل وعلا ((ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب
الله ))ومعلوم أن الكاف في قوله (كحب)هي كاف التسوية والتشريك ومعلوم أن الند هو النظير المساوي كما بينه أئمة اللغة .ولم يجعل مناط الشرك هو عدم القدرة . فقد يعتقدون شريكاً له في شيء من أفعاله ،وقد يعتقدون شريكاً لله في صفاته ،وقد يعتقدون شريكاً له في استحقاق العبادة . أماعدم القدرة فليست من أفعاله ولا من صفاته فأين تصورالشراكة في ذلك؟!
السبب الرابع :أن الشرع الشريف لم يجعل عدم القدرة مناط للشرك ،بل على العكس تماماً فإن الشارع الحكيم قد احتج بعدم القدرة على وهاء شبهة الإشراك فقال تعالى ((أيشركون مالايخلق شيئاً وهم يخلقون *ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون )) فحجهم المولى جل وعلا بأن الذي لايقدر لا يصلح حتى مجرد الاشتباه بكونه نداً لله تعالى .ومفهوم عكس ذلك أن من يقدر قد يتعلق به الجهلة والضلال فيجعلونه نداً لله تعالى .
فظن أصحاب هذا القول أن عدم القدرة هو سبب الشرك غير صحيح .


مطلب في تحقيق مناط الشرك في الدين الإسلامي:
إذا تبين ضعف شبهة هؤلاء الأخوة من أهل القبلة ،في أن مناط الشرك هو عدم قدرة الأموات على النفع فوجب إيضاح مناط الشرك كما جاء في الشرع .
ومناط الشرك هو :اعتقاد أن لله ـ سبحانه وتعالى ـ نداً في أفعاله أو صفاته أو في استحقاق العبادة .ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى ((ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله ))ومعلوم أن الكاف في قوله (كحب)هي كاف التسوية والتشريك ومعلوم أن الند هو النظير المساوي كما بينه أئمة اللغة .ولم يجعل مناط الشرك هو عدم القدرة .
وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الذنب أعظم فقال((أن تجعل لله نداً وهو خلقك ))
وقال الكفار لأوثانهم يوم القيامة ((تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين)) فاعتقادهم المساوة بين الله جل جلاله ومعبوداتهم هومناط الشرك سواء كان ذلك في أفعاله ،أو صفاته أو في اعتقادأن غيره يستحق العبادة سبحانه، وهذا لم يقع من المسلمين كما سأبينه إن شاء الله تعالى .
مطلب في تحقيق أن المسلمين لم يقعوا في الشرك بالأنبياءوالأولياء:
وهذا معلوم من قواعد الإسلام بلا ريب وذلك للموانع التالية:
المانع الأول:الأصل أنهم على دين الإسلام ومحققون لشهادة أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك معلوم بصريح ألفاظهم :في الأذان ،وفي الأوراد ،وفي أذكار دبر الصلاة ،وفي التلبية في الحج وفي الصلاة حين يرددون في كل ركعة (إياك نعبد وإياك نستعين ) وفي غير ذلك من الشرائع التي يؤمنون بها ويعملون بها مع علمهم بأن معناها أنه لا معبود بحق إلا الله ولا ينكر ذلك إلا مكابر.
الثاني:أن من يستغيث بالأنبياء والأولياء بعد موتهم لايعتقد إلا أنهم أسباب فقط وليسوا بأنداد لله تعالى ولا شركاء له لا في أفعاله ولا في صفاته ولا في العبادة.
فكيف نلزمه بما لايعتقد ونتهمه بأنه واقع في الشرك المخرج من الملة وهو يعلم في قرارة نفسه أنه لايعتقد بشريك لله تعالى وإنما يعتقد أن الله سن في الكون سنة الأسباب وجبل الناس على الأخذ بها،وأن ما يفعله هو السعي في الأسباب لا أكثر من ذلك وعلى ضوء ذلك يتصرف .
الثالث:أنهم يعتقدون أنها أسباب عادية يغلب عادة نفعها بإذن الله تعالى ولا يعتقدون أنها أسباب مستقلة عن الله تعالى بشيء لا في شيء صغير ولا كبير، بل الخالق للنفع هو الله جل جلاله ،وإنما الاستغاثة بالأنبياء والأولياء هو من باب الأخذ بالأسباب وهم من أقوى الأسباب .فإذا شاء الله تعالى أعطى للمستغيث النفع وإن شاء لم يعطه.والغالب أن ينفع بذلك تفضل منه سبحانه جل شأنه.
المانع الرابع:أنه لا وجه لأن يقال أنهم يعبدون الأنبياء أو الأولياء بحجة أنهم يستغيثون بهم!وذلك للأسباب التالية :
السبب الأول:أن الاستغاثة لن تكون شركاً إلا في صورتين :
الصورة الأولى :صورة مردها إلى توحيد الربوبية:وهو توحيد الله بأفعاله والتي منها الخلق والرزق والتدبير .والشرك هنا إما باعتقاد الاستقلال عن الله مطلقاً أو بالشراكة لله جل جلاله.
فإذا كان المستغيث يعتقد أن المستغاث به شريك لله في التدبير أو في شيء من أفعاله جل جلاله فقد أشرك سواء كانت الاستغاثة به في الحياة الدنيا أو في الحياة البرزخية في قبره.وكذلك لو كان يعتقد أنه مستقل عن الله تعالى في تدبير أي شيء من أمور الكون وأن الله لادخل له في ذلك كاعتقاد الدهرية في الدهر ،والماديين في المادة ،والفلاسفة في الأسباب ونحو ذلك .
كذلك إذا اعتقد أن السبب ينفع نفعاً مستقلاً عن الله تعالى لكن بقوة أودعها الله فيه وليس بخلق الله لذلك فهي أيضاً عقيدة ضالة وقع فيها المعتزلة .
وكل هذه الصور الثلاث لا يعتقدها أهل السنة ممن يستغيث بالأنبياء والأولياء ممن قد ينفع الله بهم إذا أراد جل جلاله. فلا وجه للقول بأنهم وقعوا في الشرك .رغم أن الكثير ممن يفعل الاستغاثة يفعلها بقصد التوسل مع اعتقاده أن النفع والضر بيد الله وحده لا شريك له وإنما يفعل هذه الاستغاثة كما يفعل سائر الأسباب .
الصورة الثانية:مردها إلى توحيد العبادة:وهو إفراد الله بأعمال العباد.وهو تحقيق معنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله جل جلاله.
ومعلوم أن الاستغاثة عمل من الأعمال الظاهرة التي يعملها الإنسان بلسانه والأعمال في الشريعة مردها إلى النية وذلك لحديث ((إنما الأعمال بالنيات )) فإذا كانت صورة الاستغاثة بالحي الحاضر في ألفاظها هي نفسها حين يُستغاث بها الأنبياء والأولياء في حياتهم البرزخية ،فلماذا يقال أن هذا يستغيث بهم عبادة لهم وأن الآخر يستغيث بهم بدون قصد العبادة ؟!وهل هذا إلا محض تحكم .!فإن قيل لأن الأصل في المسلم السلامة وهو من أهل لا إله إلاالله .وهو إنما يستغيث بالحي من باب السببية فقط لاعبادة للمستغاث به .
فيقال وأهل السنة كذلك يصرحون بذلك أيضاً ويقولون أن الأنبياء والأولياء مجرد أسباب لا نقصد أن نعبدهم بهذه الاستغاثة .والأصل فيهم السلامة والإسلام .فلماذا الكيل بمكيالين ؟!
فإن قيل أن الاستغاثة بالحي لأنه يستطيع أن ينفع وفق العادة ؟فأقول :إذن لم يعد النقاش في دائرة الشرك المخرج من الملة بل أصبحنا نتكلم عن دائرة نفع الأسباب أو عدم نفعها ،وجدوى الأسباب أو عدم جدواها ،وهذا لاعلاقة له بالشرك .فيبقى إثبات نفع الاستغاثة بالأموات كأسباب فقط هو مجال النقاش بين المسلمين ولم يعد هناك مجال لتصور موحد يناقش من وقع في الإشراك،! بل أصبح ذلك من الظلم الواضح المستبين .
وسأنقل عنهم كلامهم في ذلك إن شاء الله تعالى الذي يؤكد ما أقول.
ويدل على أنهم لا يريدون عبادتهم، تصريحهم بأنه لا معبود بحق إلا الله تعالى وترديدهم للشهادتين بلفظ قاطع الدلالة على اعتقادهم في كثير من العبادات؛ بل وصلاتهم ،وصيامهم ،وحجهم ،وعمرتهم ،وزكاتهم ،وكثرة صلاتهم على النبي صلى الله عليهم وسلم ،وكثرة ترديدهم لذكر (لا إله إلا الله )بل هو من الأوراد الأساسية عند أصحاب الطرق الصوفية .فكيف يقال :أنهم يعبدون غير الله تعالى وكيف يقال أنهم واقعون في الشرك المخرج من الملة ؟!!
تنبيه:يدّعي أناس أن الزائرين لقبور الأنبياء أو الأولياء يطلبون منهم الرزق أو الشفاء أو نحو ذلك وهذا شرك لأنه لايقدر على ذلك إلا الله تعالى .!
فأقول :هم يعتقدون أنهم أحياء في قبورهم حياة برزخية فيريدون من الأنبياء أو الأولياء أن يشفعوا لهم عند الله تعالى بمعنى أن يدعوا الله أن يرزقهم ،وهكذا تجده عند الطلب من الأحياء في الحياة الأولى حيث أنهم يشكون عليهم الفقر أو المرض يرجون منهم التسبب في الشفاء أو الغنى وإن كان الشافي والمعطي حقيقة هو الله جل جلاله ،وكم سمعت من الأحياء من يشكو ما به من الأمراض لغير الأطباء وهو يرجو شفاعتهم بالدعاء له أو الرقية أو نحو ذلك من الأسباب ،مع علمه أن الشافي حقيقة هو الله فليس الطبيب ولا الراقي ولا الشافع ؛هو الشافي وإنما جبل الناس على تعاطي الأسباب .
ولذا فإن هذا لا يُعّد من الشرك لأن مثل هذه الألفاظ مشتركة في الإطلاق فقد تطلب من الله وقد تطلب من المخلوق كما سبق بيانه بل أزيد ذلك بأمثلة واضحة.
مثال :قال الله تعالى { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم ...}والرزق هنا هو على وجه السببية لا على وجه الاستقلال فلو سألت الأبناء من يجلب هذه الأرزاق إلى بيتكم ؟لقالوا والدنا أو ذكروا غيره من المخلوقين ومعلوم أن ذلك من باب السببية لا من باب الإيجاد . لأن الرازق حقيقة هو الله . فإِذا لاحظنا المسبب في معرض التوحيد، أدركنا قوله تعالى: {إنَّ اللهَ هوَ الرَّزَّاقُ ذو القوَّةِ المتِينُ} [الذاريات: 58]. وإِذا لاحظنا السبب وقلنا: إِن فلاناً يُرزَقُ أولاده من كسبهِ، لا نكون بذلك قد أشركنا .ولو قلنا أن الملك يرزق رعيته أو يعولهم لا نكون بذلك قد أشركنا .
لكن لو كان الملك لم يرزق الرعية أصلاً أي لم يكن سبباً في ذلك ،أو كان الوالد عاجزاً ولم يسعى في أن يرزق أولاده فإن قولنا أنه هو الذي يرزقهم هذه الأرزاق التي يقتاتون عليها لا يكون شركاً ،بل أقصاه أن ذلك غير صحيح لأنه لم يكن سبباً في ذلك بل السبب هم الجيران أو جمعية خيرية أو نحو ذلك .
والمقصود بالرزق هنا هو التسبب فقط لا الإيجاد ـ وكذلك الأمر بالنسبة للإِنعام، ففي معرض التوحيد قوله تعالى: {وما بِكُم مِنْ نِعمَةٍ فَمِنَ اللهِ} [النحل: 53]. لأنه المنعم الحقيقي وحده . وفي معرض الجمع بين ملاحظة المسبِّب والسبب قوله تعالى: {وإذْ تَقولُ للذي أَنْعَمَ اللهُ عليهِ وأنْعَمْتَ عليه...} [الأحزاب: 37]. فليس الرسول صلى الله عليه وسلم شريكاً لله في عطائه، وإِنما سيقت النعم لزيد بن حارثة رضي الله عنه بسببه صلى الله عليه وسلم .
ـ وكذلك بالنسبة للاستعانة، إِذا نظرنا للمسبب قلنا: "إِذا استعنْتَ فاستعن بالله". وإِذا نظرنا للسبب قلنا: {وتعاونوا على البرِّ والتقوى} وهو عام فيشمل التعاون بالأرواح والأبدان والأموال وغير ذلك من صور التعاون على البر والتقوى .{لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها}.لكن إذا كان النبي أو الولي لا يستطيع التسبب في رزق هذا العبد فلا يعني أن هذا المستغيث به يعبده كما أنه أيضاً إذا كان يستطيع أن يتسبب في إيصال الرزق له لا يعني أنه يعبده.لأنه أصلاً ما قصد عبادته قط ،سواء كان مستطيعاً لنفعه أو غير مستطيع . إلا إذا كانت الاستغاثة بالطبيب حين يقول المريض: أغثني ادركني عالجني انقذني ارحمني سبب للشرك المخرج من الملة .فإذا كانوا لايقولون بذلك بل يجوّزونه .
فأقول :إن الشرك ليس مناطه عدم القدرة كما وضحت ذلك في المبحث الأول بل مناطه ما ذكرته في المبحث الثالث فإذا تحقق أنهم يتلفظون بذلك في الاستغاثة فلا يعني أنهم وقعوا في الشرك إلا إذا قصدوا بذلك عبادة الميت أو اعتقدوا أنه شريك لله تعالى في شيء من أفعاله كالرزق والشفاء وغيرها من الأفعال .واما إذا اعتقدوا كونه سبباً فقط والشافي حقيقة والرازق حقيقة هو الله فلا يخلو الأمر من احتمالين:
إما أن ينفع الله بهذه الاستغاثة وهذا احتمال ،وإما أن لا يتحقق النفع المطلوب .
وسواء تحقق ذلك أم لم يتحقق فإنه لايدل على الوقوع في الشرك وسواء كان هناك فائدة ترجى في هذا السبب أولا فائدة في ذلك فإنه ليس مناطاً للوقوع في الشرك شرعاً ،لأن مناط الشرك ليس هو القدرة ولا عدم القدرة وقد سبق تفصيل ذلك .
فإن حصل من بعض العوام أو حتى العلماء مثل تلك الألفاظ المستبعدة فلا وجه لتكفيرهم بذلك لأنهم لايعتقدون فيهم إلا مجرد السببية فقط .ومن المعلوم أن السبب مهما اعتقد الإنسان عظمته في النفع بإذن الله فإنه لا يصل إلى الشرك الأكبر إلا في حالة اعتقاد أنه شريك لله تعالى أو مستقل بذلك التصرف عن الله تعالى .أو نوى الإنسان عبادته بالاستغاثة .وكل هذه الاحتمالات مستبعدة جداً على المسلمين لما وقر في قلوبهم من أنه لامعبود بحق إلا الله وحده لا شريك له .وكذلك لما وقر في قلوبهم في مسألة السببية التي سبق ذكرها.


[1]من كتابه حقائق عن التصوف .وقد كان الشيخ عبدالقادر عيسى هو مرشد الطريقة الشاذلية في بلاد الشام وتوفي سنة 1412للهجرة.

شاذلي 09-23-2009 09:31 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
تنبيه :يستدل من يكفر المسلمين في مسألة الاستغاثة بقوله تعالى الذي يحكيه عن حال الكفار أنهم يقولون عن أصنامهم ((هؤلاء شفعاؤنا عند الله)) على أن تعلق كفار قريش بكونهم جعلوا الملائكة والأنبياء شفعاء كما أن المسلمين جعلوا الأنبياء والأولياء شفعاء .وهذا باطل لبطلان التصور الذي نتج عنه فساد الحكم .
فأما الآية فيأخذ حكمها بمعرفة ثلاثة أشياء:

الشيء الأول :يعلم حكمها بتمام معناها وتمام معناها يكون بذكر الآية كاملة غير مجتزئة عن سباقها وسياقها .
الشيء الثاني:بضم النصوص الأخرى في هذا المعنى ـ أي معنى الشفاعة ـ.
الشيء الثالث: ذكر أقوال العلماء في تفسير ذلك فلها تفسير محفوظ عن علماء الأمة رحمهم الله تعالى.
فأما الآية :فتمامها بذكر ما قبلها وبعدها حيث قال الله تعالى{ويعبدون من دون الله ما لا يضر هم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون } قال الإمام البغوي في تفسيره :ومعنى الآية: أتخبرون الله أن له شريكاً، أو عنده شفيعاً بغير إذنه، ولا يعلم الله لنفسه شريكاً؟! { في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون } انتهى كلام البغوي.
وجاء في تفسير القرطبي في تفسيرها (قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض) ..أي أتخبرون الله أن له شريكاً في ملكه أو شفيعاً بغير إذنه، والله لا يعلم لنفسه شريكاً في السموات ولا في الأرض، لأنه لا شريك له فلذلك لا يعلمه.نظيره قوله: { أم تنبئونه بما لا يعلم في الارض } [ الرعد: 33 ] ثم نزه نفسه وقدسها عن الشرك فقال:{ سبحانه وتعالى عما يشركون } أي هو أعظم من أن يكون له شريك . انتهى من تفسير القرطبي.
وجاء في هذا المعنى آيات أخرى: فمنها قوله تعالى {ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} قال الإمام الرازي في تفسيرها: ذكر المفسرون في هذه الآية قولين أحدهما : أن الذين يدعون من دونه الملائكة وعيسى وعزيراً ، والمعنى أن الملائكة وعيسى وعزيراً لا يشفعون إلا لمن شهد بالحق .. فأنزل الله هذه الآية يقول لا يقدر هؤلاء أن يشفعوا لأحد ثم استثنى فقال : { إلا من شهد بالحق } والمعنى على هذا القول هؤلاء لا يشفعون إلا لمن شهد بالحق.
والقول الثاني : أن الذين يدعون من دونه كل معبود من دون الله ، وقوله { إلا من شهد بالحق } الملائكة وعيسى وعزير ، والمعنى أن الأشياء التي عبدها الكفار لا يملكون الشفاعة إلا من شهد بالحق ، وهم الملائكة وعيسى وعزير فإن لهم شفاعة عند الله ومنزلة ، ومعنى من شهد بالحق من شهد أنه لا إله إلا الله .انتهى كلامه
ولا شك أن الكفار يعاندون في ذلك ويعتقدون أن لله أنداداً في الملك والتصرف والتدبير وإن كان هو أعلاها عزوجل ثم يعبدونها والعبادة لا يجوز أن تصرف إلا لله تعالى .
إذن تلخص مما سبق مسائل : فمنها:

1ـ أن المشركين عبدوا غير الله واعتقدوا أنهم شركاء لله في التصرف وفي استحقاق العبادة .
2ـ أن شفاعة الأنبياء والملائكة لا يمنع منها إلا الكفر وإلا فإن الله أذن أن يشفعوا للمؤمنين فقال تعالى{ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } والمعنى أن الملائكة وعيسى وعزيراً لا يشفعون إلا لمن شهد بالحق، و الذين شهدوا بالحق هم أهل لاإله إلا الله ولذا قال مقاتل: يعنى بالتوحيد من بنى آدم ، فذلك قوله : { وهم يعلمون } أن الله واحداً لاشريك له ، فشفاعتهم لهؤلاء .
3ـ أن الشفاعة على قسمين :

القسم الأول :شفاعة على وجه السببية دون مجاوزةلكونه سبب فقط لا ينفع ولا يضر إلا بإذن الله ،فهذه لا شرك فيها أبداً .

القسم الثاني :اعتقاد أن لهم شيء من خصائص الربوبية فيعتقد أنهم شركاء لله في ملكه من تدبير أو شفاعة أو غيرها من ما يملكه أويعبدهم بأي عبادة ويجعل عبادتهم شفاعة له عند الله جل جلاله . فهذا شرك مخرج من الملة وعليه ينزل قوله تعالى ﴿ ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قل أتنبئون الله بما لايعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون﴾ ففي اعقيدتهم عدة أشياء متلازمة :
[أنهم يعبدونهم من دون الله ]،[ويكذبون على الله فيدعون أنهم شفعاء لهم عنده ] [ثم بيّن أنهم مشركون بالله ]فقال ((سبحانه وتعالى عما يشركون)) فهذه ثلاثة أشياء.
قال أهل التفسير ومنهم الإمام القرطبي ((قل أتنبئون الله بما لايعلم في السماوات ولا في الأرض)) أي أتخبرون الله أن له شريك في ملكه أو شفيع بغير إذنه والله لا يعلم لنفسه شريكاً في السماوات ولا في الأرض لأنه لا شريك له فلذلك لا يعلمه. أ ـ هـ
وكثير ممن يستدل بالآية على تكفير المستغيثين يورد الآية مجتزئة عن سياقها وسباقها فيورد منها ((وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ)) ولا يذكر ما قبل ذلك ولا ما بعده مما يوضح معنى الآية .
والمشركون يعتقدون فيها بعض ما يعتقدونه في الله وبناء عليه عبدوها كآلهة أخرى تشارك الله تعالى بعض خصائصه ولذا فهم يقولون (( أجعل الألهة إلهاً واحدا)).وقال تعالى في بيان مقالهم يوم القيامة ( تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ) فتأمل في قوله نسويكم برب العالمين . وتأمل فيما ذكرته من نصوص في المبحث الأول الدالة على الشرك في الربوبية ولذلك عبدوهم.

شاذلي 09-23-2009 09:32 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
المبحث السادس
أدلتهم على أن الأنبياء والأولياء أحياء في قبورهم حياة برزخية كاملة :
التوسل بالأنبياء والأولياء قائم على اعتقاد أنهم أحياء في قبورهم حياة أكثر كمالاً من الحياة الدنيا ،وأنهم يسمعون من يطلب منهم الإعانة ،وأنهم مجرد أسباب فقط ولكنهم من الأسباب النافعة بإذن الله تعالى .
ولذا فلابد أن نبحث أولاً في تحقيق الأدلة الدالة على دعوى أنهم أحياء حياة برزخية ،وأنهم يسمعون .فنبدأ بذكر بعض أدلتهم على ذلك.
1ـ روىالإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديثابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : وقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قليب بدر فقال:هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ ثم قال: أنهمالآن يسمعون ما أقول.
2ـ وفيرواية في الصحيح ( البخاري) : أنالنبي صلىالله عليه واله وسلم جعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم : يا فلان بنفلان ، ويا فلان بن فلان ، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فأنا قد وجدنا ما وعدناربنا حقا ، فهلوجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فقال عمر : يا رسول الله ما تكلم من أجسادلا أرواح لها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : والذي نفس محمد بيده ماأنتم بأسمع لما أقولمنهم.
3ـ عنابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال رسولالله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن لله تعالى ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عنأمتي السلام ) رواه الحاكم في المستدرك ( 2421)وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الحافظالذهبي ، وفي فيض القدير ( 2(479): رواه أحمد في المسند والنسائي وابن حبان والحاكم ، قالالهيثمي : رجالهرجال الصحيح ، وقال الحافظالعراقي : الحديث متفق عليه دون قوله سياحين.
4ـ عنأبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما من أحد يسلم علي إلا ردالله إلي روحي حتى أرد عليهالسلام ) رواهأبو داود وغيره وصححه النووي في رياض الصالحين وفي الأذكار ، وقال الحافظ ابن حجر : رجاله ثقات ، كما في فيضالقدير .
وقال الإمامالسخاوي – يرحمه الله – بعد سرده الأدلة على عرض الأعمالعليه صلى الله عليه وسلم من صلاة و غيرها مانصه:
( يؤخذ من هذه الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلمحي على الدوام وذلك أنه محال عادة أن يخلوالوجود كله من واحد يسلم عليه في ليل أونهار، ونحن نؤمن و نصدق بأنه صلى الله عليه وسلم حي يرزق في قبره ، وإن جسدهالشريف لا تأكله الأرض و الإجماع على هذا ،وزاد بعض العلماء ، الشهداء و المؤذنين، وقدصح أنه كشف عن غير واحد من العلماء و الشهداء فوجدوهم لم تتغير أجسامهموالأنبياء أفضل من الشهداءجزماً)انتهى.
5ـ عنأبيهريرة – رضي الله تعالى عنه – قال : قالرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم((والذي نفس أبيالقاسم بيده لينزلن عيسى بن مريم غماماً مقسطا وحكماً عدلاً ،فليكسرن الصليب و يقتلن الخنزير و ليصلحن ذات البين وليذهبن الشحناء و ليعرضنالمال فلا يقبلهأحد ، ثم لئن قام على قبري فقال يا محمد لأجبته )) قال الحافظالهيثمي في مجمع الزوائد ( 8/211) : ( هو في الصحيحباختصار رواه أبو يعلى ورجالهرجال الصحيح).
6ـ فيحديث أبي هريرة والسيدة عائشة وبريدة واللفظله عند مسلم وغيره كما في تلخيص الحبير ( 2 / 137(أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يقولإذا ذهب إلى المقابر : ( السلام عليكمأهلالديار من المؤمنين والمسلمين ،وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، أسال اللهلناولكم العافية.)يقول ابن القيم: (فإن السلام على من لا يشعرولايعلم بالمسلم محال، وقد علم النبي (صلىالله عليه وسلم) أمته إذا زاروا القبور أنيقولوا: سلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين،وإنا إن شاء الله بكملاحقون، يرحم اللهالمستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية) وهذا السلام والخطاب والنداء الموجود يسمع، ويخاطب،ويعقل، ويرد،وإن لم يسمع المسلم الرد، وإذاصلى قريبا منهم شاهدوه، وعلموا صلاته، وغبطوه علىذلك) انتهى كلام ابن القيم كما في كتابه الروح.
7ـ قالالحافظ السيوطي (الحاوي 2/421): روى الحافظابن عبد البر في الاستذكار و التمهيد من حديث ابن عباسقال : قال رسول الله : (( مامن أحد يمر على قبرأخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلِّم عليه إلا عرفه ورد عليهالسلام )) صححه الحافظ أبو محمد بن عبد الحق الأشبيلي. (وهو إمامفي العلل ومعرفة الحديثكما في تذكرة الحفاظللذهبي )(و أشار إلى صحة الحديث
صاحب "عون المعبود " (3/370)
8ـ ومنهاحديث الرجل الذي ضرب خباءه ليلاًعلى قبرفسمع من القبر قراءة ( تبارك الذي بيده الملك ) إلى آخرها ، فلما أصبحذكرذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال(هي المانعة هي المنجية ) . أخرجهالترمذي (280 ) وحسنه السيوطي.
9ـ (( حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض على أعمالكم ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شر استغفرت لكم )) .قال الحافظ العراقي في (طرح التثريب ) ( 3 / 297) : إسناده جيد.وقال الهيثمي في ( مجمع الزوائد) (9/24) : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح . اهـ .وصححه السيوطي في الخصائص (2 / 281 ) ، وفي تخريج الشفا.انتهى

شاذلي 09-23-2009 09:32 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 

إذا علمنا بهذه الأدلة الواضحة على سماع الأموات للأحياء فماهي الحجج التي يحتج بها من ينكر سماعهم ؟
احتج من ينكر سماع الأموات للأحياء بقوله تعالى { وما أنت بمسمع من في القبور }قالوا (فسماع الأصوات من خواص الأحياء فإذا مات الإنسان ذهب سمعه فلا يدرك أصوات أهل الدنيا ولا يسمع حديثهم )قال تعالى {وما أنت بمسمع من في القبور }فأكد تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههم بالموتى ) انتهى وبهذا استدلوا على أن الأموات لا يسمعون الأحياء مطلقاً .وقالوا إن كل هذه النصوص الواردة في سماع الأحياء للأموات هي خاصة لاعامة ،فيقتصر فيها على خصوص السبب.
الجواب: أجاب العلماء بالتالي:
1ـ لابد من إيراد الآية بتمامها بسياقها وسباقها حتى يتضح معناها فلا يجوز إيرادها مبتورة عن الكلام السابق والاحق لها فالآية كاملة هي {وما يستوي الأعمى والبصير * ولا الظلمات ولا النور * ولا الظل ولا الحرور * وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور * إن أنت إلا نذير }.فهذا تمام الآية ثم ننظر في معناها من خلال التفسير.
2ـ قال ابن جرير في تفسيره:يقول تعالى ذكره:(وما يستوي الأعمى) عن دين الله الذي ابتعث به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم(والبصير) الذي قد أبصر فيه رشده؛ فاتبع محمداً وصدقه وقبل عن الله ما ابتعثه به(ولا الظلمات) يقول: وما تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان(ولا الظل) قيل: ولا الجنة(ولا الحرور) قيل: النار، كأن معناه عندهم: وما تستوي الجنة والنار، والحرور بمنزلة السموم، وهي الرياح الحارة.
وقوله( وما يستوي الأحياء ولا الأموات ) يقول: وما يستوي الأحياء القلوب بالإيمان بالله ورسوله، ومعرفة تنزيل الله، والأموات القلوب لغلبة الكفر عليها، حتى صارت لا تعقل عن الله أمره ونهيه، ولا تعرف الهدى من الضلال، وكل هذه أمثال ضربها الله للمؤمن والإيمان، والكافر والكفر.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ثم أسنده عن عدد من الصحابة والتابعين.انتهى من تفسير الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى.
فإذن ليس في الآية ما يستدل به على أن أهل البرزخ لا يسمعون أهل الدنيا لأن الآية مُنصبة على معنى أخر وهو موت القلوب بالكفر والعياذ بالله.
وقال ابن جرير:في تفسير قوله تعالى ( أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس ) قال: الهدى الذي هداه الله به ونور له، هذا مثل ضربه الله لهذا المؤمن الذي يبصر دينه، وهذا الكافر الأعمى فجعل المؤمن حيا وجعل الكافر ميتا ميت القلب( أومن كان ميتا فأحييناه ) قال: هديناه إلى الإسلام كمن مثله في الظلمات أعمى القلب وهو في الظلمات، أهذا وهذا سواء؟.انتهى من تفسير شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري.
وقال ابن كثير: وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين وهم الأحياء، وللكافرين وهم الأموات، كقوله تعالى: { أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها }. انتهى وقال: وقوله: {إن الله يسمع من يشاء } أي: يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها { وما أنت بمسمع من في القبور} أي:كما لا ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم، وهم كفار بالهداية والدعوة إليها، كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لا حيلة لك فيهم، ولا تستطيع هدايتهم.انتهى كلام ابن كثير بحروفه.فالمقصود هو سمع الهداية لا السمع الحسي .
3ـ أننا نعلم بالضرورة أن الكفار الذين كان يدعوهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسمعون سمعاً حسياً ولم يكن بسمعهم أي عائق يمنعهم من سماع كلام النبي صلى الله عليه وسلم ،ولذلك فليس وجه الشبه بين من في القبور وبين الكفار هو السمع الحسي بل هو سمع الاستجابة والهداية فقط ،فكما أن الميت لا يستجيب لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام لأنه انتقل من دار التكليف إلى دار الجزاء فكذلك الكفّار لا يستجيبون ولا يهتدون إلى الإسلام.فالمقصود في الآيات هو سمع الهداية والاستجابة وليس السمع الحسي لأن السمع الحسي للكفار وللأموات ثابت بأدلة كثيرة.
4ـ إذا علمنا أن الآية التي استدلوا بها إنما هي في سمع الهداية لا السمع الحسي علمنا يقيناً لا شك فيه أنها لا تعارض الأدلة الكثيرة الدالة على سماع الأموات للأحياء والتي سقنا بعضاً منها .
5ـ أما دعوى أن جميع تلك الأدلة هي أدلة خاصة لأنها تعارض هذه الآية .
فجواب ذلك :أنه قد سبق بيان أنه لا تعارض بينها ،وأن الآية ليس لها علاقة بالمسألة .والأدلة على عمومها في الدلالة على سماع الأموات للأحياء لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ،والأصل هو بقاء العام على عمومه حتى يرد ما يخصصه ولا يوجد له مخصص يخصصه.
شبهة:قال المانعون :أن الميت في دار جزاء لا دار تكليف فلا يمكن أن يعاون الحي في شيء لأنه لا تكليف عليه في البرزخ؟
الجواب:أن ذلك من باب النعيم والثواب لا من باب التكليف ،كما أن أصحاب الجنة يسبحون لله تعالى من باب التنعم لا من باب التكليف ،وكما أن الأنبياء يصلون في قبورهم كما في قصة الإسراء وكما أنهم نفعوا النبي صلى الله عليه وسلم وأمته بما أشاروا عليه في قصة موسى عليه السلام في تخفيف الصلاة.
فإذن ليس معاونتهم للحي من باب التكليف ،بل هم يفعلونه كما يفعلون سائر الخير من باب التنعم لا التكليف .

شاذلي 09-23-2009 09:33 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
المبحث السابع
النقل عن بعض العلماء في مسألة سماع الأموات وحياتهم
1ـ قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه أهوال القبور وأحوال أهلها على النشور:خرج النسائي وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر خروج الروح وقال في روح المؤمن ((فيؤتى به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحاً به من أحدكم بغائبه يقدم عليه فيسألون ما فعل فلان ؟وما فعل فلان ؟فيقولون دعوه فإنه كان في غم الدنيا .فإذا قال :أما أتاكم ؟!!قالوا ذُهب به إلى أمه الهاوية )) قال محقق الكتاب أخرجه النسائي في المجتبى 4/8 والكبرى 1959وأبودواد 2389وابن حبان في صحيحه 3014والحاكم في مستدركه 1/504 والبيهقي في إثبات عذاب القبر .والحديث قال عنه الحافظ العراقي إسناده جيد وقال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 4/396ـ370إسناده صحيح ومن قبله الحاكم قال:إسناده صحيح.انتهى كلام المحقق ص61
وفي هذا دليل على أن المؤمن حي حياة الأرواح وأنها تتزاور وتكلم بعضها وتحس بغيرها.
2ـ مطرف بن الشخير رضي الله عنه .قال ابن رجب في أهوال القبور ما نصه(وبإسناد صحيح عن أبي التياح قال كان مطرف يبدو فإذا كان يوم الجمعة أدلج فأقبل حتى إذا كان عند المقابر هوّم على فرسه فرأى أهل القبور قال:تعلمون عندكم يوم الجمعة ؟قالوا:نعم ،ونعلم ما تقول الطير .قال قلت :وما تقول الطير ؟قالوا:يقولون :سلام سلام يوم صالح.انتهى رواه عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد وابو نعيم في الحلية .وهو صريح في حياة الأموات حياة برزخية وبعلمهم بالأحياء ومخاطبتهم لهم بل يعلمون حتى كلام الطير فضلاً عن الإنسان .وقد صححه الحافظ ابن رجب كما في أهوال القبور ص166 ولم يكن أمر مستنكر عند السلف.
3ـ قال ابن القيم في كتابه "الروح" ( ص5-ومابعدها)المسألة الأولى: وهي هل تعرف الأمواتزيارة الأحياء وسلامهم أم لا؟قال ابن عبد البر ثبت عن النبي أنه قال ما منمسلم يمر على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتىيرد عليه السلام فهذا نص في أنه يعرفه بعينه ويرد عليه السلاموفي الصحيحين عنهمن وجوه متعددة أنه أمر بقتلى بدر فألقوا في قليب ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهمبأسمائهم يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني وجدتما وعدني ربى حقا فقال له عمر يا رسول الله ما تخاطب من أقوام قد جيفوا فقال والذيبعثنى بالحق ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون جوابا.وثبتعنه صلى الله وآله وسلم أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنهوقد شرع النبي لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام منيخاطبونه فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل ولولا ذلكلكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجمادوالسلف مجمعونعلى هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشربه..
...إلى أن قال بن القيم :"ويكفي فيهذا تسمية المسلم عليهم زائرا ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائرا فإن المزورإن لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال زاره هذا هو المعقول من الزيارة عند جميعالأمم وكذلك السلام عليهم أيضا فإن السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محالوقد علم النبي أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا سلام عليكم أهل الديار من المؤمنينوالمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخريننسأل الله لنا ولكم العافية.
وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطبويعقل ويردو إن لم يسمع المسلم الرد وإذا صلى الرجل قريبا منهم شاهدوه وعلموا صلاتهوغبطوه على ذلك"ا.هـ
" وسئل الشيح تقي الدين ابن تيمية رحمه الله كما في مجموعالفتاوى 4/273 هل يتكلم الميت في قبره أم لا؟
فقال: يتكلم وقد يسمع أيضا من كلمه كما ثبت في الصحيح عن النبى أنه قالإنهم يسمعون قرع نعالهم وثبت عنه في الصحيح أن الميت يسأل في قبره فيقال له من ربكوما دينك ومن نبيك فيثبت الله المؤمن بالقول الثابت فيقول الله ربى والاسلام دينىومحمد نبيي ويقال له ما تقول في هذا الرجل الذى بعث فيكم فيقول المؤمن هو عبد اللهورسوله جاءنا بالبينات والهدى فآمنا به واتبعناه وهذا تأويل قوله تعالى يثبت اللهالذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة وقد صح عن النبى أنها نزلتفي عذاب القبر....إلخ "ا.هـ
وقال الإمام ابنمفلح في الفروع: (2/235)
"ويسمع الميت الكلام ولأحمد من حديث سفيان عمن سمعأنسا عنه مرفوعا إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات فإن كان خيرااستبشروا وإن كان غير ذلك قالوا اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا وروا أبوداود الطيالسي في مسنده عن جابر مرفوعا وهو ضعيف قال أحمد يعرف زائره يوم الجمعةبعد الفجر قبل طلوع الشمس وفي الغنية يعرفه كل وقت وهذا الوقت آكد وأطلق أبو محمدالبربهاري من متقدمي أصحابنا أنه يعرفه.
إلى أن قال :...قال شيخنا - أي الإمام ابن تيمية- استفاضت الآثار بمعرفته بأحوال أهله وأصحابه في الدنيا وأن ذلك يعرض عليه وجاءتالآثار بأنه يرى أيضا وبأنه يدري بما يفعل عنده ويسر بما كان حسنا ويتألم بما كانقبيحا وكان أبو الدرداء يقول اللهم إني أعوذ بك أن أعمل عملا أخزى به عند عبداللهبن رواحة وهو ابن عمه ولما دفن عمر عند عائشة كانت تستتر منه وتقول إنما كان أبيوزوجي وأما عمر فأجنبي تعني أنه يراها"ا.هـ
وقال البهوتي في كتابه : "كشاف القناع عن متن الإقناع" (2/165 (
"ويسمع الميت الكلامبدليل حديث السلام على أهل المقابر قال الشيخ تقي الدين واستفاضت الآثار بمعرفةالميت بأحوال أهله وأصحابه في الدنيا وإن ذلك يعرض عليه وجاءت الآثار بأنه يرى أيضاوبأنه يدري بما فعل عنده ويسر بما كان حسنا ويتألم بما كان قبيحا وكان أبو الدرداءيقول اللهم إني أعوذ بك أن أعمل عملا أجزى به عند عبد الرحمن بن رواحة وكان ابن عمهولما دفن عمر عند عائشة كانت تستتر منه وتقول إنما كان أبي وزوجي فأما عمرفأجنبي.ويعرف الميت زائره يوم الجمعة قبل طلوع الشمس قاله أحمد وفي الغنيةيعرفه كل وقت وهذا الوقت آكد وينتفع بالخير ويتأذى بالمنكر عنده"ا.هـ

شاذلي 09-23-2009 09:34 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
المبحث الثامن:الأدلة الشرعية على جواز الاستغاثة بهم :

1ـ : عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه : " أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي (صلى الله عليه وسلم ) فقال: ادع الله أن يعافيني قال: إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك، قال: فادعه، قال : فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتُقضى لِي اللهم فشفعه في "[1]
رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم وابن خزيمة في صحيحه
والطبراني وابن السني .وصححه الطبراني وابن خزيمة والترمذي والحاكم ووافقه الذهبي. وانظر صحيح الجامع 1/275ولااعتراض على صحته وإنما تأول المانعون معناه على أنه توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وليس بالنبي صلى الله عليه وسلم .ومن تأمل في الحديث وجد أنه علمه أن يقول :((واتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمةيامحمد إني توجهت بك إلى ربي )) فلم يقل بدعاء نبيك وإنما قال بنبيك ثم استغاث بالرسول صلى الله عليه وسلم فقال ((يا محمد إني توجهت بك إلى ربي )) ولم يقل توجهت بدعاءك. وهذا واضح بأدنى تأمل.
ولذلك فالعمل بهذا الحديث جائز بلا ريب ،ولا فرق بين كونه في زمن النبي
صلى الله عليه وسلم أو بعد زمنه فإن النبي صلى الله عليه وسلم وجيه عند الله
تعالى وله المنزلة العظيمة ولا فرق بين التوجه به إلى الله سواء في زمنه أو بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
ويزيد استحباب العمل به في كل حاجة من الحاجات ماجاء من ألفاظ للحديث مؤكدة لمشروعية ذلك حيث قال ابن أبي خيثمة في تاريخه ( كما في قاعدة في التوسل لابن تيمية ص106 ) .حدثنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا حماد بن سلمة ، أنا أبو جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة ، عن عثمان بن حنيف رضي الله تعالى عنه أن رجلاً أعمى أتى النبي عليه الصلاة والسلام فقال : إني أصبت في بصري فادع الله لي قال : ((اذهب فتوضأ وصل ركعتين ، ثم قل : اللهم إني أسألك واتوجه إليك بنبيي محمد نبي الرحمة يا محمد إني أستشفع بك على ربي في رد بصري ، اللهم فشفعني في نفسي وشفع نبيي في رد بصري ، وإن كانت
حاجة فافعل مثل ذلك )) . اهـ .
وهذا سند غاية في الصحة .وحماد بن سلمة ، ثقة ، حافظ علم .وزيادة الثقة مقبولة مالم تقع منافية أو فيها نوعمخالفة لرواية الأوثق ، وقوله: (وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك) لاتنافي أصل الحديث أو تخالفه بل توافقه تماماً ، لأن الأصل العموم واستعمال الحديث في أي وقت .وهذه الزيادة من باب التأكيد على هذا الأصل فقط، وليست كل زيادة للثقة يضعف بها الحديث ولذا قال الإمام الحافظ أبو حاتم ابن حبان على زيادة تفرد بها حماد بن سلمة كما في كتاب الثقات لابن حبان (8/1) ما نصه :هذه اللفظة … تفرد بها حماد بن سلمة وهو ثقة مأمون ، وزياد الألفاظ عندنا مقبولة عن الثقات، إذ جائز أن يحضر جماعة شيخاً في سماع شيء ثم يخفى على أحدهم بعض الشيء ويحفظه من هومثله أو دونه في الإتقان .اهـ.وهو كلام رصين ينبغي تعقله .كما قال الشيخ محمود سعيد في كتاب رفع المنارة.
ولمزيد الفائدة فسأذكر قصة وردت في معجم الطبراني تفيد أيضاً في المسألة وإن كان الاقتصار على المرفوع يكفي في دعاء الحاجات لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولكن أذكرهاللفائدة فقط .
2ـ قال الطبراني في المعجم الصغير ( 1 / 184 ) :حدثنا طاهر بن عيسى بن قيرس المقري المصري التميمي ، حدثنا أصبغ بن الفرج، حدثنا عبد الله بن وهب عن شعيب بن سعيد المكي، عن روح بن القاسم ، عن أبي جعفر الخطمي المدني ، عن أبي أمامة ابن سهل ابن حنيف ، عن عمه عثمان بن حنيف :[أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له، فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته ، فلقى عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه ، فقال له عثمان بن حنيف اءت الميضاة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل :اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك (ربي) جل وعز فيقضي لي حاجتي ، وتذكر حاجتك. ورح إليّ حتى أروح معك. فانطلق الرجل فصنع ما قاله عثمان [بن حنيف] ،ثم أتى باب عثمان رضي الله عنه فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال : حاجتك ؟ فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له : ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة ، وقال : ما كانت لك من حاجة فأتنا ، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقى عثمان بن حنيف ، فقال له : جزاك الله خيراً ، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلى حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (أفتصبر ؟)، فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام ايت الميضأة فتوضأ ، ثم صل ركعتين ، ثم ادع بهذه الدعوات . قال عثمان ابن حنيف : (( فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرر قط )) .لم يروه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد أبو سعيد المكي وهو ثقة، وهو الذي يحدث عنه أحمد (ابن أحمد) بن شبيب عن أبيه عن يونس بن يزيد الأبلي .
وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر لخطمي واسمه عمير ابن يزيد وهو ثقة تفرد به عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة ، والحديث صحيح . انتهى كلام الطبراني .
أخرجه من هذا الوجه الطبراني في الكبير ( 9/ 17 ) ، وفي الدعاء (2/1288) ، والبيهقي في دلائل النبوة ( 6 /167 – 168 ) .
3ـ روى البخاري في صحيحه ( الفتح : 2 / 494 ) :عن أنس : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقنا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا )) . قال فيسقون.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح ( 2 / 497 ) :(( ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة، وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقه )) . اهـ .
وفعل الصحابة رضي الله عنهم يفهم منه جواز تعدد وسائل التوسل ولا يفهم منه تحريم أحدها ،بل هو واضح في التنوع لا في التضاد وتوسلهم بالمفضول مع وجود الفاضل إنما يستفاد منه جواز العمل بالوسيلة الأدنى مع وجود الوسيلة الأعلى ولا يفهم منه تحريم الأعلى إلا بدليل أخر ينص على المنع ولا يوجد في ذلك أي دليل ،وكان لديهم وسيلة أعظم وهي الاقتصار على التوسل بأسماء الله وصفاته العظمى ،ومع ذلك توسل الصحابة بالعباس رضي الله عنه فلو كان التوسل بالمفضول يدل على تحريم التوسل بالفاضل لكان توسلهم بالعباس يدل على تحريم التوسل بأسماء الله وصفاته وهو مالم يقله أحد فدل على أن التوسل بالعباس أو بالأسماء والصفات أو بالنبي صلى الله عليه وسلم إنما يدل على تنوع الوسائل لا على تحريم أحدها.ومعلوم أن علي أفضل من العباس رضي الله عنهما وكلاهما من آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ،ورغم ذلك عدلوا عن الفاضل إلى المفضول وهذا لا يدل على التحريم .وإن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( إنا نتوسل إليك بعم نبينا )) لا يخرج عن كونه توسلاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد قال العباس في دعائه : (( وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك )) فتوسل عمر بالعباس رضى الله عنهما فيه إرضاء للنبي (صلى الله عليه وسلم) والإقتداء به في إكرام عمِّه واتخاذه وسيلة لقرابته .وحرص الصحابة أن يكون التوسل بعم النبي صلى الله عليه وسلم دال على أن ذلك لمكانة النبي صلى الله عليه وسلم وممن فهم أن التوسل بالعباس هو توسلٌ به أى بذاته لا بدعائه فقط حسان ابن ثابت الصحابى الجليل رضي الله عنه حيث قال :
سألَ الأنام وقد تتابع جدبنا فسقي الغمام بغرة العباس
عم النبي وصنو والده الذي ورث النبي بذاك دون الناس
أحيا الإله به البلاد فأصبحت مخضرة الأجناب بعد اليأس
وصحابي آخر وهو عباس بن عتبة بن أبي لهب فقال :
بعمي سقى الله الحجاز وأهله عشية يستسقى بشيبته عمر
توجه بالعباس في الجدب راغباً إليه فما رامَ حتى أتى المطر
ومنَّا رسول الله فينا تراثه فهل فوق هذا للمفاخر مفتخر
فالأبيات السابقة تصرح بأنَّ التوسل كان بالعباس رضي الله عنه أي بذاته لا بدعائه فقط ،وإلا ففي الصحابة غيره ممن هو مستجاب الدعوة كسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وسعيد بن زيد وغيرهما .
4ـ ثبت عن السلف الصالح التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته :قال ابن أبي شيبة في "المصنف" (12/31-32) :حدثنا أبو معاوية عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن مالك الدار ، قال : وكان خازن عمر على الطعام ، قال :(أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأتى الرجل في المنام فقيل له : ائت عمر فاقرئه السلام وأخبره أنكم مسقيون ، وقل له : عليك الكيس، عليك الكيس، فأتى عمر فأخبره فبكى عمر ثم قال: يا رب لا آلو إلا ما عجزت عنه ))
وأخرجه من هذا الوجه ابن أبي خيثمة كما في "الإصابة" (3/484)، والبيهقي في "الدلائل" (7/47)) والخليلي في "الإرشاد" (1/313-314) ، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (2/464) .
وقال الحافظ في "الفتح" (2/459) : وقد روى سيف في الفتوح أن
الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة. اهـ .
وقد صححه الحافظان ابن كثير في "البداية والنهاية" (7/101) ، وابن حجر في "الفتح " (2/495) وقال ابن كثير في جامع المسانيد – مسند عمر – (1/223) : إسناده جيد قوي . اهـ .
5ـ قال الطبراني في المعجم الكبير (24/352 حديث) رقم (871) :حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة ، ثنا روح بن صلاح ، ثنا سفيان الثوري ، عن عاصم الأحول ، عن أنس بن مالك قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب دخل عليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجلس عند رأسها فقال :((رحمك الله يا أمي كنت أمي بعد أمي ، تجوعين وتشبعيني وتعرين وتكسيني وتمنعين نفسك طيباً وتطعميني، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة ))، ثم أمر أن تغسل ثلاثاً ، فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم خلع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فألبسها إياه وكفنها ببرد فوقه، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود يحفرون، فحفروا قبرها، فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وأخرج ترابه بيده ، فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه ثم قال : (( الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ، ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين )) ، وكبر عليها أربعاً وأدخلوها اللحد هو والعباس ، وأبو بكر الصديق رضي الله عنهما .
ورواه من هذا الوجه الطبراني في الأوسط ( 1 / 152) ، ومن طريقه أبونعيم في الحلية ( 3 / 121 ) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية ( 1 / 268 )
وهو حديث حسن .قال الهيثمي في مجمع الزوائد ( 9 / 257 ) : رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وفيه روح بن صلاح وثقة ابن حبان ، والحاكم ، وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح . اهـ .
6ـ قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده (كشف الأستار: 1/397 ):
حدثنا يوسف بن موسى ، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن سفيان عن عبد الله بن السائب ، عن زاذان ، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(( حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض على أعمالكم ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شرٍ استغفرت لكم )) .
قال الحافظ العراقي في (طرح التثريب ) ( 3 / 297) : إسناده جيد.وقال الهيثمي في ( مجمع الزوائد) (9/24) : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح . اهـ .وصححه السيوطي في الخصائص (2 / 281 ) ، وفي تخريج الشفا وهو كما قال .

7ـ قال ابن ماجه في سننه ( 1 / 256 ) : حدثنا محمد بن سعيد بن يزيد بن إبراهيم التستري، ثنا الفضل بن الموفق أبو الجهم، ثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعة وخرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك ، فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك ) .
ورواه أحمد في المسند (3/21) عن يزيد بن هارون ، وابن خزيمة في التوحيد (17، 18) عن ابن فضيل بن غزوان وأبي خالد الأحمر .
والطبراني في الدعاء (2/990 ) وابن السني في عمل اليوم والليلة(ص40) كلاهما عن عبد الله بن صالح العجلي .والبغوي في حديث علي بن الجعد (ل 262 نسختي) عن يحيى بن أبي كبير، ويزيد بن هارون، وأحمد بن منيع كما جاء في (مصباح الزجاجة) (1/99) عن يزيد بن هارون .والبيهقي في (الدعوات الكبير) (ص47) عن يحيى بن أبي كبير .
كلهم عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه به مرفوعاً .
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (10/211-212) عن وكيع وأبى نعيم الفضل بن دكين كما في (أمالي الأذكار) (1/273) .
كلاهما عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري موقوفاً عليه، وهذا وجه مرجوح كما سيأتي بيانه عن شاء الله .
وإسناد هذا الحديث من شرط الحسن ، وقد حسنه جمع من الحفاظ منهم الحافظ الدمياطي في المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح (ص471_472) ، والحافظ أبو الحسن المقدسي شيخ الحافظ المنذري كما في التريب والترهيب (3/273) .والحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (1/291) .والحافظ بن حجر العسقلاني في أمالي الأذكار (1/272) .وقال الحافظ البوصيري في مصباح الزجاجة (1/99) : لكن رواه ابن خزيمة في صحيحه، من طريق فضيل بن مرزوق، فهو صحيح عنده . اهـ .
فهؤلاء خمسة من الحفاظ ، رحمهم الله تعالى ، صححوا أو حسنوا الحديث وقولهم حقيق بالقبول.
وحق السائلين على الله هو تفضل من الله وإنعام وليس بواجب على الله تعالى وإنما هو بمحض فضله للسائلين .
8ـ قال الطبراني في المعجم الكبير (10/267) :
حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ، ثنا الحسن بن عمر بن شقيق ، ثنا
معروف بن حسان السمرقندي عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ،
عن عبد الله بن بريدة ، عن عبد الله بن مسعود ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد يا عباد الله احبسوا علي ، فإن لله في الأرض حاضراً سيحبسه عليكم )) .
ورواه من هذا الوجه أبو يعلى في مسنده (9/177) ، وابن السني في عمل اليوم والليلة(ص162) وأخرجه البزار في مسنده (كشف الأستار :4/33-34) :حدثنا موسى بن إسحاق ، ثنا منجاب بن الحارث ، ثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : "إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر ، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : أعينوا عباد الله" .قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/132) : رواه البزار ورجاله ثقات اهـ

شاذلي 09-23-2009 09:36 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
وقد عمل به أئمة المسلمين وجربوه :
ـ ففي المسائل ، وشعب الإيمان للبيهقي : قال عبد الله بن الإمام أحمد : سمعت أبي يقول: حججت خمس حجج منها اثنتين راكباً ، وثلاثة ماشياً ، أو ثنتين ماشياً وثلاثة راكباً ، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشياً فجعلت أقول : يا عباد الله دلونا على الطريق ، فلم أزل أقل ذلك حتى وقعت على الطريق ، أو كما قال أبي . اهـ .
- وبعد أن أخرج أبو القاسم الطبراني الحديث في معجمه الكبير (17/117) قال : وقد جرب ذلك .
- وقال الإمام النووي في الأذكار (ص133) بعد أن ذكر الحديث ما نصه:حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه انفلتت له دابة أظنها بغلةوكان يعرف هذا الحديث فقاله، فحبسها الله عليهم في الحال، وكنت أنا مرةً مع جماعة فانفلتت منا بهيمة وعجزوا عنها فقلته فوقفت في الحال يغير سوى هذا الكلام . اهـ .
9ـ قال أبو يعلى الموصلي في مسنده (4/132) :حدثنا عقبة ، حدثنا يونس ، حدثنا سليمان الأعمش ، عن أبي سفيان، عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( ليأتين على الناس زمان يخرج الجيش من جيوشهم فيقال : هل فيكم أحد صحب محمداً فتستنصرون به فتنصروا ؟ ثم يقال : هل فيكم من صحب محمداً فيقال : لا . فمن صحب أصحابه ؟ فيقال لا . فيقال من رأى من صحب أصحابه ؟ فلو سمعوا به من وراء البحر لأتوه )) .إسناده صحيح .
ورواه أبو يعلى في مسنده ( 4 / 200) بلفظ مقارب :حدثنا ابن نمير ، حدثنا محاضر ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" يبعث بعثٌ فيقال لهم : هل فيكم أحد صحب محمداً ؟ فيقال : نعم. فيلتمس فيوجد الرجل فيستفتح فيفتح عليهم . ثم يبعث بعث فيقال: هل فيكم من رأى أصحاب محمد ؟ قيلتمس فلا يوجد حتى لو كان من وراء البحر لأتيتموه . ثم يبقى قوم يقرؤن القرآن لا يدرون ما هو " .قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/18) :رواه أبو يعلى من طريقين ورجالهما رجال الصحيح . اهـ .
10ـ قال الطبراني في معجمه الكبير (1/292) :
حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه ، ثنا أبي ، ثنا عيسى بن يونس ، حدثني أبي عن أبيه ،عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد ، قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين ) ثم قال : وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، ثنا يحيى بن سعيد عن أبي إسحاق عن أمية بن خالد قال :( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين ) .
ثم رواه من طريق قيس بن الربيع ، عن أبي إسحاق ، عن المهلب بن أبي صفرة ، عن أمية بن خالد مرفوعاً نحوه .قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (10/262) : رواه الطبراني ورجال الرواية الأولى رجال الصحيح . اهـ .
11ـ قال الإمام أحمد في مسنده : (5/422) :
ثنا عبد الملك بن عمرو ، ثنا كثير بن زيد ، عن داود بن أبي صالح قال : أقبل مروان بن الحكم يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر فقال : أتدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ فقال: نعم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر،سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله )). وأخرجه من هذا الوجه الحاكم في المستدرك (4/515) وقال صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي .
فالزائر لا يأتي للأحجار والبقعة والقبر وإنما مقصوده من في القبر .ولذا قال أبو أيوب رضي الله عنه :نعم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر. فهذا هو فعل الصحابة الراسخون في العقيدة .
قال الحافظ الدارمي في سننه (1/43 – 44) : باب ما أكرم الله تعالى نبيه بعد موته :حدثنا أبو النعمان ، ثنا سعيد بن زيد ، ثنا عمرو بن مالك النكري، حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال :
12ـ (( قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة رضي الله عنها فقالت : انظروا إلى قبر النبي النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كواً لى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف قال: ففعلوا ، فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق )) .
إسناده صحيح رجاله رجال مسلم ما خلا عمرو بن مالك النكري ، وهو ثقة . والله تعالى أعلم .
انتهى ما أردت نقله من بعض أدلة المجيزين للاستغاثة كما في كتاب رفع المنارة وشفاء السقام وغيرهما .
وبه نعلم أنهم ليسوا أصحاب هوى فضلاً عن تبديعهم فضلاً عن رميهم بالخروج عن ملة الإسلام.!والرجوع إلى الحق فضيلة فنسأل الله للجميع الهداية والتوفيق .
يتبع إن شاء الله

[1] انظر الحديث في تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي (10 / 132 ، 133)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص 417) ، وابن ماجة في السنن ( 1 / 441 ) والبخاري في التاريخ الكبير ( 6 / 210 ) . والطبراني في المعجم الكبير ( 9 /19 ) ، وفي الدعاء أيضاً (2 / 1289 ) وفي المعجم الصغير (1/183) والحاكم في المستدرك ( 1 / 313 ، 519 ) والبيهقي في دلائل النبوة ( 6 / 166 ) ، وفي الدعوات الكبير .
وأحمد في المسند ( 4/ 138)، والبخاري في تاريخه (6/209) . (6/210) ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص209)، والطبراني في المعجم الكبير (1/17)، وفي الدعاء (2/1288)، والحاكم في المستدرك (1/526)، والبيهقي في دلائل النبوة (6/167 – 168) .

شاذلي 09-23-2009 09:37 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
وهنا أرفق بعض فتاوى العلماء للإطلاع والفائدة :
1ـ الشيخ علي جمعة ـ مفتي الديار المصرية ـ حفظه الله :سأل عن هذه المسألة فقال:الحمد لله وحدهوالصلاة والسلام على من لانبي بعده سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهبإحسان الى يوم الدين.
ينبغي أننقدم أصولاً ثلاثة تجب مراعاتها عند الكلام في هذه المسألة وأشباهها:
أولاً: الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم أن تحمل على الأوجه التي لا تتعارض مع أصلالتوحيد، ولا يجوز أن نبادر برميه بالكفر أو الشرك، فإن إسلامه قرينة قوية توجبعلينا ألا نحمل أفعاله على ما يقتضي الكفر، وتلك قاعدة عامة ينبغي على المسلمين مراعاتها،وقد عبر الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله تعالى عن ذلك بقوله: >>من صدر عنه مايحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجهاً ويحتمل الايمان من وجه نحمل امره على الايمان«،ولنضرب لذلك مثلاً قولياً وآخر فعلياً.
مثال الأقوال:فالمسلم يعتقد أن المسيح عليه السلام يحييالموتى ولكن بإذن الله، وهو غير قادر على ذلك بنفسه وانما بقوة الله له، والنصرانييعتقد أنه يحيي الموتى، ولكنه يعتقد أن ذلك بقوة ذاتية، وأنه هو الله، او ابن الله،او أحد أقانيم ثلاثة كما يعتقدون، وعلى هذا فإذا سمعنا مسلماً موحداً يقول: ( أنا أعتقد أنالمسيح يحيي الموتى) ـ ونفس تلك المقالة قالها آخر نصرني ـ فلا ينبغي أن نظن أنالمسلم تنّصر بهذه الكلمة، بل نحملها على المعنى اللائق بانتسابه للإسلام ولعقيدةالتوحيد.
مثال الأفعال:أن المسلم يعتقد أيضا أن العبادة لا يجوز صرفها الا لله وحده، والمشركيعتقد جواز صرفها لغير الله تعالى، فإذا رأينا مسلماً يصدر منه لغير الله ما يحتملالعبادة وغيرها وجب حمل فعله على مايناسب اعتقاده كمسلم ، لأن من ثبت له عقد الإسلامبيقين لم يزل عنه بالشك والاحتمال. ولذلك لما سجد معاذ بن جبل رضي الله عنه للنبيصلى الله عليه وآله وسلم ـ فيما رواه ابن ماجه وصححه ابن حبان ـ نهاه النبي صلى اللهعليه وآله وسلم عن ذلك، ولكنه لم يصف فعله هذا بالشرك أو الكفر، وبدهي أن معاذا رضيالله عنه ـ وهو أعلم الأمة بالحلال والحرام ـ لم يكن يجهل أن السجود عبادة وأنالعبادة لا يجوز صرفها لغير الله ، ولكن لما كان السجود يحتمل وجهاً آخر غير عبادةالمسجود له لم يجز حمله على العبادة إذا صدر من المسلم أو تكفيره بحال، وفي ذلكيقول الحافظ الذهبي:"الا ترى الصحابة من فرط حبهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلمقالوا:ألا نسجد لك؟ فقال ؟لا . فلوأذن لهم لسجدوا له سجود إجلال وتوقير لا سجودعبادة، كماقد سجد اخوة يوسف عليه السلام ليوسف. وكذلك القول في سجود المسلم لقبرالنبي صلى الله عليه وآله وسلم على سبيل التعظيم والتبجيل لا يكفر به أصلاً. بل يكونعاصيا، فليعرف أن هذا منهي عنه وكذلك الصلاة الى القبر" انتهى كلام الإمام الذهبي من معجم الشيوخ : (1/73)والإخلال بهذا الأصل الأصيل هو مسلك الخوارج، حيث وضح ابن عمر رضي اللهعنهما ان هذا هو مدخل ضلالتهم فقال: "إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوهاعلى المؤمنين"علقه البخاري في صحيحه ووصله ابن جرير الطبري في »تهذيب الآثار« بسندصحيح.
ثانيا: هناك فارق كبير وبون شاسع ما بين الوسيلة والشرك. فالوسيلةمأمور بها شرعاً كما في قوله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليهالوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون)(المائدة:35)، وأثنى سبحانه على من يتوسلونإليه في دعائهم فقال : (اولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقربويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا)(الإسراء:57). والوسيلة فياللغة: المنزلة، والوصلة، والقربة، فجماع معناها هو : التقرب الى الله تعالى بكل ماشرعه سبحانه ويدخل في ذلك تعظيم كل ما عظمه الله تعالى من الأمكنة والأزمنةوالأشخاص والأحوال، فيسعى المسلم مثلا للصلاة في المسجد الحرام والدعاء عند قبرالمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم والملتزم تعظيماً لما عظّمه الله سبحانه وتعالى منالاماكن، ويتحرى قيام ليلة القدر والدعاء في ساعة الإجابة يوم الجمعة وفي ثلث الليلالأخير تعظيماً لما عظمه الله من الأزمنة، ويتقرب الى الله تعالى بحب الأنبياءوالصالحين تعظيماً لمن عظمه الله من الاشخاص. ويتحرى الدعاء حال السفر وعند نزولالغيث وغير ذلك تعظيما لما عظمه الله من الاحوال.. وهكذا وكل ذلك داخل في قولهتعالى { ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}(الحج:32
اما الشركفهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله على الوجه الذي لا ينبغي الا لله تعالى،حتى لو كان ذلك بغرض التقرب الى الله كما قال تعالى { والذين اتخذوا من دونهاولياء مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} (الزمر: 3) وإنما قلنا ـ على الوجهالذي لا ينبغي الا لله تعالى ـ لإخراج كل ما خالف العبادة في مسماها وإن وافقها فيظاهر اسمها، فالدعاء قد يكون عبادة للمدعو كما في قوله تعالى(إن يدعون من دونه إلا إناثا) (النساء: 117) وقد لا يكون عبادة (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) النور: 63 .
والسؤال قد يكون عبادة للمسؤول كقوله تعالى(واسئلوا الله من فضله) (النور: 23)، وقد لا يكون عبادة للمسؤول كما في قوله تعالى (( للسائل والمحروم)) (المعارج: 25) والاستعانة قد تكون عبادة للمستعان به (إياك نعبدوإياك نستعين) (الفاتحة: 5)، وقال موسى لقومه ((استعينوا بالله واصبروا) (الاعراف: 128وقد لا تكون عبادة للمستعان به (واستعينوا بالصبر والصلاة)[1] (البقرة: 45) والحب قد يكون عبادةللمحبوب وقد لا يكون كما جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك في قوله: ((أحبواالله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي)) رواه الترمذيوصححه الحاكم.. [2]وهكذا، أي أن الشرك إنما يكون في التعظيم الذي هو كتعظيم الله تعالىكما قال تعالى: (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) (البقرة: 22) وكما قالسبحانه: (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشدّحباً لله) (البقرة: 165).وبذلك يتبين لنا فصل ما بين الوسيلة والشرك، فالوسيلة »نعظم فيها ما عظمه الله، أي أنها تعظيم بالله والتعظيم بالله تعظيم لله كما قالعزوجل: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) (الحج: 32)، اما الشرك: فهو تعظيم مع الله او تعظيم من دون الله، ولذلك كان سجود الملائكة لآدم عليه السلامإيمانا وتوحيداً وكان سجود المشركين للأوثان كفراً وشركاً مع كون المسجود له فيالحالتين مخلوقاً، لكن لما كان سجود الملائكة لآدم عليه السلام تعظيماً لما عظمه الله،كما أمر الله كان وسيلة مشروعة يستحق فاعلها الثواب، ولما كان سجود المشركينللأصنام تعظيماً كتعظيم الله كان شركاً مذموماً يستحق فاعله العقاب.
وعلى هذا الأصلفي الفرق بين الوسيلة والشرك بنى جماعة من أهل العلم قولهم بجوار الحلف بما هو معظمفي الشرع. كالنبي صلى الله عليه و آله وسلم، والاسلام و الكعبة ومنهم الامام احمدرحمه الله تعالى في احد قوليه، حيث أجاز الحلف بالنبي صلى الله عليه وآله وسلممعللا ذلك بأنه صلى الله عليه وآله وسلم أحد ركني الشهادة التي لا تتم إلا به، وذلكلأنه لا وجه فيه للمضاهاة بالله تعالى بل تعظيمه بتعظيم الله له، وحمل هؤلاء أحاديثالنهي عن الحلف بغير الله على ما كان من ذلك متضمنا للمضاهاة بالله بينما يرى جمهورالعلماء المنع من ذلك أخذاً بظاهر عموم النهي عن الحلف بغير الله.
وفي بيان مأخذالأولين وترجيحه يقول بن المنذر رحمه الله تعالى: (اختلف أهل العلم في معنى النهيعن الحلف بغير الله، فقالت طائفة: هو خاص بالأيمان التي كان أهل الجاهلية يحلفونلغير الله تعالى كاللات والعزى والأباء، فهذه يأثم الحالف بها ولا كفارة فيها، واماما كان يؤول إلى تعظيم الله كقوله: وحق النبي، والاسلام والحج والعمرة والهديوالصدقة والعتق ونحوها مما يراد به تعظيم الله والقربة إليه فليس داخلاً في النهي،وممن قال بذلك أبوعبيد وطائفة ممن لقيناه واحتجوا بما جاء عن الصحابة من إيجابهمعلى الحالف بالعتق والهدي، والصدقة ما أوجبوه مع كونهم رأوا النهي المذكور، فدل علىأن ذلك عندهم ليس على عمومه، اذ لو كان عاما لنهوا عن ذلك ولم يوجبوا فيه شيئا«. انتهى نقلاً عن فتح الباري للحافظ ابن حجر 11/535
1ـ فإذا ما حصل خلاف بعد ذلكفي بعض أنواع الوسيلة كالتوسل بالصالحين والدعاء عند قبورهم مثلاً .
2ـ أو حصل خطأ فيهامن بعض المسلمين فيما لم يشرع كونه وسيلة كالسجود للقبر أو الطواف به، فإنه لا يجوزأن ننقل هذا الخطأ أو ذلك الخلاف من دائرة الوسيلة إلى دائرة الشرك والكفر، لأننانكون بذلك قد خلطنا بين الأمور وجعلنا التعظيم بالله كالتعظيم مع الله، والله تعالىيقول: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين، ما لكم كيف تحكمون) (القلم: 36ـ35).
ثالثا: ان هناك فارقا ايضا ما بين كون الشيء سبباً، واعتقاده خالقاًومؤثراً بنفسه، تماماً كما مثلنا في الأصل الأول من اعتقاد المسلم أن المسيح عليهالسلام سبب في الخلق بإذن الله في مقابلة اعتقاد النصراني أنه يفعل ذلك بنفسه، فاذارأينا مسلماً يطلب أو يسأل أو يستعين أو يرجو نفعاً او ضراً من غير الله فإنه يجبعلينا قطعاً أن نحمل ما يصدر منه على ابتغاء السببية ،لا على التأثير والخلق، لمانعمله من اعتقاد كل مسلم أن النفع والضر الذاتيين إنما هما بيد الله وحده، وأن هناكمن المخلوقات ما ينفع أو يضر بإذن الله.
ويبقى الكلام بعد ذلك في صحة كون هذاالمخلوق أو ذلك سببا من عدمه.[3]
[1]وقوله تعالى ((وتعاونوا على البر والتقوى)) فإذا استعنت بمخلوق فلا يعني أنك تعبده.

[2] أي فإن حب الله هو عبادة لله تعالى ،وحب الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من المخلوقات ليس عبادة للرسول صلى الله عليه وسلم فمحبة الشيء لا تستلزم عبادته .

[3] وهذا طبعاً لا مدخل له في الشرك بعد أن فهمنا الفرق بين السببية والإيجاد.وفهمنا الفرق بين قصد العبادة وبدون قصد العبادة.

شاذلي 09-23-2009 09:37 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 

إذا تقررت هذه الأصول الثلاثة ؛فإنه يجب علينااستحضارها في الكلام على حكم الطواف بالقبور، فإذا علمنا :
1ـ أننا نتكلم في أفعال تصدرمن مسلمين.
2ـ وأن هؤلاء المسلمين يزورون هذه الأضرحة والقبور اعتقادا منهم بصلاحأهلها وقربهم من الله تعالى، وأن زيارة القبور عمل صالح يتقرب ويتوسل به المسلم الىالله تعالى.
3ـ وأن الكلام إنما هو في جواز بعض ما يصدر من هؤلاء المسلمين من عدمه،وأن في بعض أفعالهم خلافاً بين العلماء وفي بعضها خطأ محضا لا خلاف فيه ـ إذا علمناذلك كله :فإنه يتبين لنا بجلاء أنه لا مدخل للشرك ولا للكفر في الحكم على أفعال هؤلاء المسلمين في قليل ولا كثير أو من قبيل أو دبير، بل ما ثم إلا الخلاف في بعضالوسائل والخطأ المحض في بعضها الآخر من غير أن يستوجب شيئاً من ذلك تكفيرا لمن ثبتإسلامه بيقين.
وباستعراض أقوال أهل العلم في حكم الطواف بالقبور نراها دائرة بينالحرمة والكراهة، أي أن منهم من يرى في الطواف وسيلة محرمة يأثم فاعلها، ومنهم منيرى أنه يستحب للمسلم تركه ولكنه إن فعله فلا عقاب عليه، والقول بالكراهة هوالمعتمد عند السادة الحنابلة ـ كما في كشاف القناع لخاتمة محققيهم العلامةالبهوتي ـ والقول بالتحريم هو مذهب جمهور العلماء، وهو الذي عليه الفتوى.
امااقحام الشرك والكفر في هذه المسألة فلا وجه له، اللهم إلا على افتراض أن الطائف يعبد من في القبر[4]، أو يعتقد أنه يجلب الضر أو النفع بذاته[5]، أو يعتقد بأن الطواف بالقبر عبادة شرعها الله تعالى كما شرع الطواف بالبيت[6].. وكلها احتمالات ينأى أهل العلم عن حمل فعل المسلم عليها كما سبق، لأن فرض المسألة في المسلم الذي يطوف بالقبر لا في غير ذلك.[7]
ولا يجوز للمسلمين أن يشغلوا أنفسهم بمثل هذه المسائل ويجعلوها قضايا يحمل بعضهم فيها سيف الكلام على صاحبه،[8] فيكون جهاد في غير وعي،ويكون ذلك سبباً في تفريق الصفوف وبعثرة الجهود ويشغلنا عن بناء مجتمعاتنا ووحدةأمتنا، نسأل الله تعالى أن يجمع قلوب المسلمين على الكتاب والسنةوحسن التفهم للدين ومعرفة مراد الله تعالى من خلقه.انتهى كلام الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية وفقه الله.
[4] وهذا لايكون إلا إذا اعتقد أو ظن بأن مع الله إله غيره تصرف له العبادة .
[5] أي بالإيجاد لا السببية .
[6] لأنه لايوجد من يزعم ذلك أصلاً ،فإن وجد ذلك في يوم من الأيام فهو يكذب على الله تعالى لأنه لا يوجد في الكتاب والسنة ذلك ،بخلاف لو قاس ذلك على الطواف بالكعبة فقياسه باطل لأن علة الطواف بالكعبة تعبدية ، ولكن لا يكون حاله حال الأول الذي يدعي أن الله شرع ذلك .ففرق بين من يقيس على أمر مشروع حتى لو غلط في ذلك ومن يدعي أن الله شرع ذلك.
[7] والأصل في المسلم الإسلام بمقتضى لا إله إلا الله ولا نخرجه منه إلا بيقين.
[8] فالواجب أن تعطى المسألة حكمها الشرعي كما هو بلا مبالغة ولا تفريط.

شاذلي 09-23-2009 09:38 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 

2ـ قال الإمام يوسف الدجوي رحمه الله تعالى .(1287هـ - 1365 هـ)
كما في فتاوى الشّيخ يوسف الدّجوي" ط دار البصائر] 1/232]وقد عُزِيَ إلى مجلة الأزهر - العدد الثالث - المجلد الثاني - ربيع الأولسنة 1350 هـوهو مقال طويل قال في خلاصته ما نصه: (الخلاصة :أنه لا يكفر المستغيث إلا إذا اعتقد الخلق والإيجاد لغير الله تعالى ،والتّفرقة بين الأحياء والأموات لا معنى لها ، فإنه إن اعتقد الإيجاد لغير الله كفر، على خلاف للمعتزلة في خلق الأفعال ، وإن اعتقد التسبب والاكتساب لم يكفر.
وأنتتعلم أن غاية ما يعتقد الناس في الأموات ، هو أنهم متسببون ومكتسبون كالأحياء ، لاأنهم خالقون مُوجِودون كالإله ؛ إذ لا يعقل أن يعتقد فيهم الناس أكثر من الأحياء ،وهم لا يعتقدون في الأحياء إلا الكسب والتّسبّب ، فإذا كان هناك غلط فليكن فياعتقاد التّسبّب والاكتساب ؛ لأن هذا هو غاية ما يعتقده المؤمن في المخلوق كما قلنا، وإلا لم يكن مؤمنًا ، والغلط في ذلك ليس كفرًا ، ولا شركًا .
ولانزال نكرر على مسامعك أنه لا يعقل أن يعتقد في الميت أكثر مما يعتقد في الحي ،فيثبت الأفعال للحي على سبيل التّسبّب ، ويثبتها للميت على سبيل التأثير الذّاتيوالإيجاد الحقيقي ، فإنه لا شك أن هذا مما لا يعقل.فغايةأمر هذا المستغيث بالميت -بعد كل تنزل- أن يكون كمن يطلب العون من المُقعد غير عالمأنّه مقعد ، ومن يستطيع أن يقول إن ذلك شرك ؟! على أن التّسبّب مقدور للميت وفيإمكانه أن يكتسبه كالحي بالدعاء لنا ، فإن الأرواح تدعو لأقاربهم ، كما في الحديثالشريف إذا بلغهم عنهم ما يسوؤهم ، فيقولون((اللهم راجعبهم أو لا تميتهم حتى تهديهم))[1]

بل الأرواح يمكنها المعاونة بنفسهاكالأحياء ، ويمكنها أن تلهمك وترشدك كالملائكة ، إلى غير ذلك على ماشرحناه ،وكثيرًا ما انتفع الناس برؤيا الأرواح في المنام . ولعلّنا نعودإليه.انتهى
قال أيضًا الإمام يوسفالدّجوي رحمه الله تعالى:
ولا أدري كيف يُكَفِّرون بالاستغاثة ونحوها؛ فإنّ المستغيث إن كان طالبًا من الله بكرامة هذا الميّت لديه ، فالأمر واضح ، وإنكان طالبًا من الولي نفسه فإنّما يطلب منه على اعتقاد أنّ الله أعطاه قوّة روحانيّةتشبه قوّة الملائكة فهو يفعل بها بإذن الله ، فهل في ذلك تأليه له ؟! ولو فرضناجدلاً أنّنا مخطئون في ذلك ، لم يكن فيه شرك ولا كفر ، بل نكون كمن طلب من المقعدالمعونة معتقدًا أنّه صحيح غير مقعد ، مع أنّ عمل الأرواح ومواهب الأنبياءوالأولياء ثابتة في الدّلائل القطعيّة .
وصفوة القول أنّنا نقول :هؤلاء المستغيثون يعتقدون أنّ الله أعطى هؤلاء الأولياءمواهب لم يعطها لغيرهم ، وذلك جائز لا يمكنهم منعه . وهم يقولون : "إنّهم اعتقدوا فيهم الألوهيّة" ! مع أنّ ذلك لا يقول به أحد ،إلاَّ عند من أساء الظّن بالمسلمين ظلمًا وعنادًا . ولو فرضنا أنّ ذلك مشكوك فيه ،فهل يجوز التّكفير والقتل بمجرّد الشّك ؟!
فالاستغاثة مبنيّة عندنا على أنّالأنبياء والأولياء أحياءٌ في قبورهم كالشّهداءِ ، بل أعلى من الشّهداء ، ويمكنهمأن يدعو الله تعالى للمستغيث بهم ، بل يمكنهم أن يعاونوه بأنفسهم كما تعاونالملائكة بني آدم ،وللأرواح تصرّف كبير في البرزخ . وعلى ذلكدلائل كثيرة أطنب فيها ابن القيّم،[2] وهو من أئمّة هؤلاء ، وأثبت ابن تيميّةسماع الأموات وردّهم السّلام في فتاويه وغيرها ، مستندًا إلى الأحاديث الصّحيحة فيذلك ، وذكر سماع سعيد بن المسيب الأذان من قبرهrأيّام الحرّة في كتبه ، فإذا استغاث بهم كان كمن يستغيثبالحي سواء بسواءٍ ؛ لأنّهم عندنا أحياءٌ ، بل أعظم نفوذًا ، وأوسع تصرّفًا منالأحياءِ.
ولو تنزّلنا غاية التنزّل ، وفرضنا أنّنا مخطئون في ذلك ،لم يكن هناك وجه للتّكفير، وإنّما يقال للمستغيثين : إنّكمأخطأْتم في ذلك ،فإنّهم ليسوا أحياء ولا قادرين على ما سبقلنا.
فإذًا يكون الخلاف بيننا وبينهم مبنيًّا علىأنّ الأمواتَ يسمعون ويعقلون ويدعون، أم همكالجماد لا يستطيعون شيئًا من ذلك،فنحننقول بالأوّل، مستندين في ذلك إلى الكتاب والسّنّة ، والأخبار المتواترة عنكرامات الأولياء ، ومرائي الصّالحين ، وبركات النّبيrالّتي حصلت للمستغيثين به ، والاستشفاع به عند زيارتهr،وقد نصّت على ذلك كتب المذاهب الأربعة ، حتّى الحنابلة عند ذكر آداب الزّيارة لهr.انتهى
وبه أنهي ما أردت نقله من فتاويهم التي تدل على ماذهبوا إليه .

[1] قدمت في المبحث السادس والسابع أدلة كثيرة على حياتهم فراجعها.

[2] في كتاب الروح لابن القيم.

شاذلي 09-23-2009 09:39 AM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
الخاتمة
أرجو أن يكون هذا المكتوب باب خير للأمة ليعلموا أن الوحدة لا تناقض التوحيد لأنه لايوجد شرك أكبر عند إخواننا المسلمين وإنما هي نزغة عظيمة من نزاعات الشيطان فرقت الأمة وشتت جهودها وأضاعت الوقت في أوهام لا وجود لها.فقد تبّين لكل منصف صادق في غيرته على الدين والأمة أن إخواننا من المسلمين على التوحيد وحسن الاعتقاد في الله جل جلاله وحده لا شريك له.فأسأل الله أن يوفق المسلمين للتضامن والوحدة وتوحيد الجهود ضد الدعوات المعادية للدين ،وأن لا ينجح الشيطان في مزيد التحريش بين دعاة وعلماء الأمة فقد ضاع من الوقت الكثير ،والأجدر بنا أن نتوقف عن هذا التمزيق المفتعل بعد أن تبين الصبح لذي عينين .فكم من جهاد نُكّست أعلامه بسبب تصور أن إخواننا المسلمين يعبدون الأنبياء والأولياء ، كما يُعلم من نتائج الجهاد في الأفغان وغيرها ،فسقطت جهودهم بهذه الشبهة وكانت من الأسباب المهمة جداً في وقوع التناحر والشقاق.وكم من يتيم من أبناء المسلمين أُخر وقُدّم جاره بسب أنهم على غير اعتقاد بعض الجمعيات الخيرية!بل وكم تكلفُ هذه الشبهة المسؤولين عن الجمعيات ودور التكافل وغيرها من تحرى للأسر المستفيدة خشية أن يكونوا من عبّاد الأنبياء والأولياء كما فهموا !.وكم من مسجد لم يبنى مع شدة الحاجة إليه بسبب هذا النزعة ،وكم من أبناء بلد واحد ؛بل ومنزل واحد أحتد بينهم الشقاق ،والتنافر والقطيعة بسبب ذلك التصور الخاطىء .وكم من واجبات تركت في سبيل القيام بواجب حماية التوحيد وفق هذا المفهوم حسب ما كان يظن بعض المخلصين .فأسأل الله أن يوفقنا لرضاه،وأن يجمع كلمة المسلمين على العدل والإنصاف والتقوى وأن يبطل كيد من استغل هذه الأفكار في هدم وحدة المسلمين .واما بعض المسائل كالطواف لله تعالى حول القبور ،والذبح لله تعالى عند القبور لغرض إهداء الثواب للميت ،وكذلك البناء على القبور فكل هذه المسائل الفقهية يعلم حكمها من كتب الفقه في باب الجنائز في كتب المذاهب الأربعة ثم يكون الإنكار بعد معرفة الحكم الشرعي.وتعطى المسألة حجمها بلا تقصير ولا مبالغة .
هذا والله أعلى وأعلم .وسبحان ربك رب العزة عما يصفون ،وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
كتبه:الفقير إلى رحمة ربه الغني ،غيث بن عبدالله الغالبي
انتهى النقل
لتحميل الرسالة من هنا


http://www.gmrup.com/show.php/218052_.rar.html

عبدالقادر حمود 10-01-2009 01:51 PM

رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )
 
بارك الله بكم سيدي فاروق ونفع بكم ولا تحرمونا من اطلالتكم الطيبة المباركة


الساعة الآن 02:27 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى