عرض مشاركة واحدة
قديم 01-21-2009
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: لا تكرهوا الفتن .....فإن فيها حصاد المنافقين

آيات بيِّنات من كتاب الله عز وجل تحذر المسلمين من أن يعرضوا عن الانتصار لإخوانهم المسلمين عندما يحيق بهم البلاء وعندما تدور عليهم رحى الظلم ، يحذر الله عز وجل المسلمين من أن يعرضوا عن إخوانهم هؤلاء ثم يتجهوا بالدعم والانتصار لأعداء الله سبحانه وتعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [المجادلة: من الآية22]،
وها أنا أتلو عليكم نص الحكم مأخوذاً من صريح كتاب الله وصريح سنة رسول الله وصريح ما أجمعت عليه الأمة فاسمعوا أيها الإخوة ولن أتزيد من عندي كلمة واحدة في هذا الأمر:
هذا هو حكم الشريعة الإسلامية فيما ينبغي أن تكون عليه علاقة المسلمين مع إسرائيل وفي الموقف الذي يجب عليهم أن يجددوا مع إخوانهم أن يجددوا مع إخوانهم المحاصرين والمقاتلين بيد العدو الإسرائيلي في غزة، في الموقف الذي ينبغي أن يتخذوه من هذا العدوان:
أولاً: يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) [الممتحنة: من الآية1]، ويقول عز وجل: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [المجادلة: من الآية22]، ويقول: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة:9]، وعليه فقد تم إجماع المسلمين على أنه تحرم على المسلمين موالاة العدو الإسرائيلي ويحرم مد يد أي نوعٍ من أنواع التعاون معهم بما في ذلك إقامة العلاقات الدبلوماسية، ولم نجد فيما قرره علماء المسلمين منذ صدر الإسلام في باب الجهاد أي خرق لهذا الإجماع، وكيف يجرؤ مسلم عالم بكتاب الله على خرق بيانه المحكم القاطع.

ثانياً: يقول الله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ) [النساء: من الآية75]، ويقول: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات:10]، قال المفسرون المراد بالإصلاح رد غائلة البغي عنهم. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم وغيره: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله) . وعليه فقد تم إجماع المسلمين على أنه يجب على كل مسلم تقديم العون الممكن لإخوانهم الذين يقعون في أي نوعٍ من أنواع الضيم لاسيما ذاك الذي يتمثل في اعتداء أعداء الله على حياتهم وأوطانهم وسائر حقوقهم وهذا يعني أنه يجب على المسلمين جميعاً اليوم العمل بكل السبل الممكنة على رد غائلة العدوان الهمجي الضاري الذي يمارسه الطغيان الإسرائيلي دون توقف على إخواننا في غزة كما يجب عليهم العمل على رفع الحصار المضروب عليهم وفتح سائر المعابر المغلقة في وجوههم.
إن تجاهل المسلمين لهذا الواجب الإلهي الذي يصرح به كتاب الله عز وجل وإن إصرار أولئك الذين يتحدونه ويقررون المضي في مخالفته تقرباً من الطغاة الذين أعلنوا الحرب على الله وعلى عباده المؤمنين ينذر بغضب رباني وشيك وصدق الله القائل: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: من الآية63].
عباد الله أنا لست أخشى من خلال هذا الطغيان المستشري الذي ترون أو الذي تسمعون، هذا الطغيان الذي لعل التاريخ الغابر لم يشهد له مثيلاً قط، هذا الطغيان الذي يتجه بالإفساد إلى الحرث والنسل ويتجه للقضاء على الحياة الآمنة البريئة المطمئنة دون حساب ودون توقف، نعم أنا لا أخشى على الإسلام من هذا الطغيان قط، لاشك أن هذا الطغيان سيعود وباله عليه ولاشك أن لله عز وجل في عباده سنناً تدل على أن الباطل له جولة ولكن جولته ستعود عليه بالوبال (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) [الرعد: من الآية17]، وإنما المراد بما ينفع الناس الحق الذي نزله الله سبحانه وتعالى على عباده في مختلف كتبه التي أنزلها عن طريق الرسل والأنبياء ،ولكن الذي أخشاه أن يتحول الحكم والأمر، أن يتحول العز الذي متع الله عز وجل هذه الأمة به إلى الآخرين، الذي أخشاه أن يحيق بنا قول الله عز وجل: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [محمد: من الآية38]، الذي أخشاه أن يحيق بنا قول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة: من الآية54]، هذا هو الذي أخشاه.
عباد الله هل رأيتم في المجتمعات الإسلامية بَعُدَتْ أو قَرُبَتْ سواء كانت من المجتمعات الإسلامية أو التائهة الضالة أو الملحدة من لا يُقَدِّسُ الوحدة! من لا يعلم أن القوة إنما تنبع من مشرق الوحدة! وأن الضعف والهوان إنما يتبدى من مغرب الوحدة، من التفرق وأسبابه! إنكم لترون عندما تلتفتون إلى العالم الإسلامي والعربي بل إلى العوالم الأخرى إنكم لتجدون كيف أن المجتمعات كلها تنشد الوحدة وتتحرر من التفرق إلا مجتمعنا الإسلامي الذي دعاه الله سبحانه وتعالى إلى الاتفاق، هذا المجتمع الذي ناداه بيان الله قائلاً: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: من الآية103]، هذا المجتمع يُدْعَى إلى الوحدة فينبذها ويعشق التفرق والخصام، هذه الظاهرة هي الظاهرة المخيفة، أما الإسلام فالإسلام منصور في كل عهد وفي كل وقت ولكن الله عز وجل يُقَيِّضُ له في كل عصر جنودَه المخلصين له.
إنني أخشى، وهذا هو الذي يقضُّ المضجع وهذا هو الذي يخيف، أخشى أن يستلب الله عز وجل من هذه الأمة عز حضارتها ومجدها وسؤددها ثم يعطي الأمانة لأمم أخرى.
........................................
العلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس