إعلان الجنرال غورو قائد جيش الشرق العام والمندوب السامي للجمهورية الفرنسية في سوريا إلى أهالي سوريا
ألقي بالطائرات فوق دمشق وحلب وحمص وحماة يوم 20 تموز (يوليو) 1920
أيها السوريون،
في هذه الساعة التي تقذفكم فيها حكومتكم إلى القتال، وتستهدف بلادكم أخطار الحرب وويلاتها، أوجه إليكم الخطاب لأقول لكم السبب الذي من أجله ستقتتلون: قيل لكم أن فرنسا ترغب في استعماركم وأنها تريد استعبادكم، وما ذلك إلا إفك مبين!
إن فرنسا قبلت الانتداب الذي عهد به إليها مؤتمر السلم على سوريا. وهي ترغب، بل ترى من واجباتها أن تقوم بهذا الانتداب. لكنها، مراعاة لماضيها المجيد، ترمي من القيام بالانتداب إلى مصلحة البلاد وإسعادها مع تأمين استقلال أهالي سوريا الذي سبق الاعتراف به بصورة جهارية.
إنها تريد أن تمدكم بمساعدة الفنيين الفرنسويين لتحسن تنظيم المصالح العمومية وتقدم لكم الأموال لاستثمار ثروة البلاد. وستحترم فرنسا الحرية على اختلاف أنواعها، لا سيما حرية الضمير، فإنها تضمنها للجميع دون استثناء، على أنها لا تسمح لطائفة من الطوائف أن تتعدى على حقوق غيرها. وهي عازمة على أن تدع الموظفين الوطنيين يزاولون أشغالهم، بشرط ألا يعملوا بسلطتهم ضدها، فيخونون بذلك العهود والمواثيق المقطوعة.
هذا ولا يخفى عليكم أيها السوريون أن حكومة دمشق، التي تديرها أقلية متطرفة، قد تجاوزت كل الحدود باتباعها السياسة الأكثر عداء للفرنسيين، فأبت على جيشهم التصرف بالخط الحديدي الممتد بين رياق وحلب، مع أن هذه الجيوش ما برحت منذ أشهر طويلة تقاتل الأتراك دفاعاً عن سوريا. وقد أجازت إلى المنطقة الغربية عصابات عديدة، قدمت لها الضباط والأسلحة والذخائر لتقتيل سكان القرى الآمنين. وقد منعت تداول العملة السورية الجديدة وتصدير الحبوب، وأقامت بين دمشق والساحل حواجز اقتصادية كان من شأنها أن ألحقت بكم أجسم الأضرار. وأخيراً تابعت سياستها الخرقاء، ففرضت عليكم ضرائب كثيرة أثقلت عواتقكم، وأمرتكم بالتجنيد الإجباري، لا دفاعاً عن استقلالكم وحقوقكم، إذ لا شيء يهددها، وإنما خدمة لمصالح سياسيين أكثرهم غريب عن أوطانكم.
ولقد صبرت فرنسا إلى الآن، لأن الصبر من شيم القوي، على أنه لكل اصطبار حد ينتهي عنده. فقد بلغت حكومة دمشق من قبل حكومة الجمهورية الفرنسوية اقتراحات عادلة معقولة، إذا تم قبولها كان ضامناً لحفظ السلام. ومن هذه الاقتراحات إلغاء الخدمة العسكرية الإجبارية. فإذا جارت حكومة دمشق بعض المتهورين كأن تأبى مصافحة اليد التي تمدها إليها فرنسا وتقرر الحرب، كانت مسؤولة عنها.
على أني ما زلت آملاً بأن السوريين الأذكياء المتنورين سوف لا يرضون بأن يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة والدمار دفاعاً عن الأقلية الأثيمة المسيطرة عليهم، ويقيني أنكم سوف لا تدعون أبناءكم يستهدفون لفتكات المعدات الحربية الحديثة الهائلة من برية وجوية، سعياً وراء الحصول على نتيجة واحدة هي المحافظة على الخدمة العسكرية الإجبارية، مهما تجسمت أضرارها، وإبقاء الضرائب الباهظة وكافة التكاليف الساحقة التي ترزحون تحت وقرها.
وإني، عملاً بما يوحيه إلي الشعور الإنساني الذي يدفع كل الفرنسويين بلا استثناء إلى الشفقة، فقد صممت النية على أن لا أستعمل الطيارات لمقاتلة الأهالي العزل، مشترطاً في ذلك ألا يذبح فرنسوي ولا مسيحي واحد، فإن المذابح إن هي حدثت تتلوها انتقامات مريعة بواسطة الطيارات. وسيمتنع عن الاشتراك في تلك الحرب وينضم إلينا جميع الذين تخفق في صدورهم عواطف وطنية حرة صادقة، ويرغبون في راحة بلادهم وإنماء ثروتها، فهؤلاء هم الذين أناشدهم باسم فرنسا وسوريا. فلينهضوا ويتحدوا، معتصمين بحقوقهم على الفئة المتغلبة التي لا قوة لها إلا بضعفهم، وليثقوا بنبالة المبادئ والإخلاص والنزاهة التي اتصفت بها فرنسا الكريمة النشيطة نصيرة التمدن والحضارة. وليبادروا آمنين مطمئنين إلى أحبائهم الفرنسويين كما تسارع إليهم اللبنانيون البواسل وكثيرون غيرهم.
فلتحيى سوريا سيدة حرة! فلتحيى فرنسا!
الجنرال غورو
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات