عرض مشاركة واحدة
قديم 04-21-2009
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,200
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: رفع البأس بذكر صالحات من مدينة فاس

السيدة آمنة بنت القاضي بن أبي العافية رضي الله عنها (من القرن العاشر)

هي خديمة سيدي أبي الحسن علي الصنهاجي وضجيعته شيخ سيدي عبد الرحمن المجذوب رضي الله عنهم، الولية الجليلة العلية القدر الحفيلة السيد آمنة بنت الفقيه القاضي أبي العباس أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن أبي العافية المكناسي رحمه الله.
كان أبوها على معرفة عظيمة بالفقه المالكي وتولى القضاء بمكناسة الزيتون وكان قد أخذ عن العلامة أبي عبد الله محمد ابن غازي رحمه الله وغيره. توفي بمدينة فاس المحروسة عام 955 هـ ودفن بإزاء قبر شيخه ابن غازي رحمة الله عليهما.

كانت رحمة الله عليها من الأولياء وخاصة الأصفياء أخذت عن الشيخ الصالح المجذوب السائح الملامتي أبي الحسن سيدي علي بن أحمد بن علي الصنهاجي ثم الفاسي المعروف بالدوار مع أنه كان يكره اللقب به ..

ولد رحمه الله بصنهاجة وخرج منها صغيرا ثم دخل فاس بعد مدة ولقي الشيخ العارف بالله سيدي إبراهيم ابن علي أفحام الزرهوني وورث منه حاله فكان من عباد الله الصالحين يخبر بالمغيبات ويكاشف كثيرا ممن يلقاه، لا سلتفت إلى مدح ولا إلى ذم، يدخل ديار ملوك بني مرين فيتلقاه النساء والولدان فيقبلون يديه وقدميه فلا يلتفت إلى أحد ويدفعون إليه الحوائج الرفيعة والذخائر النفيسة ويلبسه السلطان من أشرف لباسه فإذا خرج تصدق بجميع ذلك..
ومن كراماته أنه مر مرة بدار فألقى يده تحت عتبة الباب العليا وجعل يصيح: يا أهل الدار اخرجوا، فلما خرجوا كلهم ولم يبق بها أحد منهم أزال يده فسقط الحائط وسلموا جميعا، وشوهد رضي اله عنه عند الكعبة أعزها الله تعالى مرارا.. أخذ عنه العارف بالله سيدي عبد الرحمن المجذوب وخديمته السيدة آمنة المترجمة هنا، وكانت وفاته في آخر العشرة الخامسة من القرن العاشر ودفن خارج باب الفتوح من فاس، وحضر الناس جميعا حتى السلطان والفقهاء وغيرهم جنازته رحمة الله عليه.

وكانت السيدة آمنة بنت القاضي بن أبي العافية هي التي تخدمه وتتبعه ولا تفارقها آنية الزيت إذا أتاها وجدها عندها ليريقها على نفسه لأنه كان يحب ذلك. وكان أهله يعيبون عليها خدمتها له فكان يقول: إنه ما جيء بأولاد ابن القاضي كلهم من مدينة مكناسة إلى فاس إلا لأجلها.
وعجبا لأمر عائلتها مع علم والدها أن من معالم التربية الروحية خدمة المشايخ التي تعد برهانا واضحا على ثبوت رأسمال السلوك في قلب المؤمن والمؤمنة الذي يتلخص في التفاني في محبة الشيخ واعتباره ممثلا لجناب الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ومثالا حيا لسنته وحاله.
فالمحبة في أحد التعاريف الصوفية : خوف ترك الحرمة مع إقامة الخدمة. انظر الرسالة القشيرية.

ومرة سجن أهلها ابنتهم سيدتنا آمنة في غرفة وجعلوا عليها قيد الحديد فلم يشعروا إلا به واقفا في وسط الدار ينادي: يا آمنة، فلما ناداها قالت: نعم يا سيدي، فقال لها اهبطي، فإذا بالقيد قد سقط من رجليها، وإذا بها قد خرجت إليه وهو ينظرون، والغرفة على حالها مسدودة، فمن يومئذ سلموا لهما حالهما.

وكانت يوما قد طبخ أهلها دجاجا وأعطوها سهمها فقالت: لو أن كليبة سيدي، لكلبة كانت له، لأعطيتها سهمي هذا. فإذا بالكليبة معها مادة فمها فناولتها إياه.
وهو تعبير جلي عن المحبة في نهاياتها التحقيقية. يقول الحارث المحاسبي رضي الله عنه: المحبة ميلك إلى الشيء بكليتك ثم إيثارك له على نفسك وروحك ومالك ثم موافقتك له سرا وجهرا ثم علمك يتقصيرك في حبه. انظر الرسالة القشيرية.

وكانت من أهل الخطوة وهم قوم تطوى لهم الأرض طيا كما وقع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في واقعة الإسراء إلى بيت الله المقدس. فما جاز أن يكون معجزة في حق نبي جاز أن يكون كرامة للولي إلا معجزة القرآن والوحي فلا يختص بها إلا من كان في مقام النبوة والولي لا يدعي النبوة.. فالإسراء وطي الأرض كما كانت معجزة من معجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد صحت كرامة لعدد لا يحصى من الأولياء نساءا ورجالا.
ومن كراماتها في هذا الشأن أنها كانت تصيح أحيانا في فراشها جريحة أو نحو ذلك من أثر حضور في الجهاد.

وقد شهد لها الشيخ سيدي عبد الرحمن المجذوب رضي الله عنه بالخصوصية فإنه كان يقول: مات سيدي فورثته أنا وأختي آمنة، للذكر مثل حظ الأنثيين هـ.
ولما ماتت قال: الآن حصل لي إرث أبي كاملا، يعني لكونه ورث منها ما بقي من سر شيخه المذكور.

وكانت قد تزوجت. تزوجها ولد عمها الفاضل الخير أبو زكرياء يحيى ابن قاسم بن علي بن أبي العافية المكناسي، وصداقها مؤرخ بخامس شوال عام 911 هـ.

ولما حضرتها الوفاة أخرجت من كان معها في البيت وقالت لهم:
إن سيدي آت ليحضر خروج روحي، ثم ماتت.
وكانت وفاتها فيما قيل في حدود الستين وتسعمائة.
وقال في الابتهاج : توفيت بعد والدها بنحو سبع سنين عن نحو ثمان وسبعين سنة، قال: فيكون مولدها تقريبا سنة خمس وثمانين من التاسعة ووفاتها سنة ثلاث وستين من العاشرة، والله أعلم هـ .
وضريحها بروضة شيخها أبي الحسن المذكور وراء ظهره، نبه على ذلك في تحفة أهل الصديقية وغيرها.

رحمها الله رحمة واسعة ونفعنا ببركاتها آمين .. .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس