" وقد أشار رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى أنَّ الاسم الأعظم في آخر سورة الحشر (1) ، وأول سورة الحديد (2) ، وهذا دليلٌ على أن مجموعة تلك الآيات فيها أسماء إذا انكشفت عرفتك الذات العلية، ومتى عرفتها استجاب لك الحق لأن السبب في عدم الإجابة جهلك بمن تدعوه، وعدم أدبك معه، كالرجل الذي يصلي من غير وضوء، فلو صلى طول حياته لا يقبل منه، والأسماء التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أول سورة الحديد قوله تعالى: { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }(3) .
ثم قال: ( يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }(4) .
فعرف العبد أنه: الأول قبل كل شيء، والأشياء بمدده ظهرت (5) ، وأنه الآخر الباقي بعد كل شيء. وأنه: الباطن عن كل العوالم، وسرّه لا ينشر، وأنه عليم بطوايا النفوس، وأنه: معنا كما يليق بجنابه، لأنه "قُدُّوس" .
ومن فهم تلك المعاني وأنها للذات العلية، وناداه وهو متحقِّقٌ بأوصاف العبودية، فقد عرف الاسم الأعظم في حق نفسه." اهـ
اقتباس:============================ الحاشية =================================
(1) : أخرج الديلمي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسم الله الأعظم في ستة آيات من آخر سورة الحشر". وهي قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }.
(2) : أخرج ابن النجار في تاريخ بغداد بسند ضعيف عن ابراء بن عازب قال: قلت لعلي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين أسألك بالله ورسوله إلا خصصتني بأعظم ما خصك به رسول الله صلى الله عليه وسلم واختصه به جبريل، وأرسله به الرحمن، فقال: إذا أردت أن تدعو الله باسمه الأعظم فاقرأ من أول سورة الحديد إلى آخر ست آيات منها {عليم بذات الصدور} وآخر سورة الحشر يعني أربع آيات، ثم ارفع يديك فقل: يا من هو هكذا أسألك بحق هذه الأسماء أن تصلي على محمد وأن تفعل بي كذا وكذا مما تريد، فوالله الذي لا إله غيره لتنقلبن بحاجتك إن شاء الله.وهي قوله تعالى: { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} .
(3) : سورة الحديد – الآية 3.
(4) : سورة الحديد – الآية 4.
(5) : وقد قال سيدي ابن عطاء الله – رضي الله عنه - في حكمه: "نعمتان ما خرج موجود عنهما ، ولا بد لكل مكوَّن منهما : نعمة الإيجاد ، ونعمة الإمداد" . يعني : أنه لا بد لك مكوَّن _ بفتح الواو المشددة _ ؛ أي موجود ، من نعمتين لا يخرج عنهما : الأولى: نعمة الإيجاد ؛ أي نعمة هي إيجاد الله إياه بعد العدم السابق ، والثانية: نعمة هي إمداد بالمنافع التي تقتضي بقاء صورته وهيكله إلى أجل مسمى . فهو المنعم ابتداءً ودواماً .ثم قال:" أنعم عليك أولاً بالإيجاد ، وثانياً بتوالي الإمداد" .وقد وجه الكلام في هذه الحكمة على طريق الخطاب ؛ ليستحضرهما الإنسان في نفسه ، ويعلم أن الإمداد متواصل لا يتخلله انقطاع ، فيعرف من نفسه الفاقة الذاتية." اهـ
(يتبع إن شاء الله تعالى ..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات