مشــــاهد العارفيــــن
"من العارفين من أشهده الله رحمته التي وسعت الأشياء، وتجلى له العطف الشامل لأهل الأرض والسماء، فهو يرحم الديدان في طوايا الأرض فيعطيها الأرزاق.
ويعطف على الجنين في الأحشاء فيصوره كيف يشاء، ويعطف الدابة على ولدها حناناً منه وكرما، ويقبل التوبة عن عباده ويبدل سيئاتهم حسنات.
فمن كاشفه الله بسر رحمته فقال:" يا أرحم الراحمين" قال له الحق :" إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك بوجهه، ما ذا تريد؟. كما ورد في بعض الاثار (1) .
ومنهم: من كاشفه الله بسر الألوهية، وتجلَّى له اسمه الجامع لكل الأسرار العلية، فذلك هو الفرد الجامع، والنور الساطع، لأن حضرة الألوهية حضرة الكمالات الذاتية، التي ينفعل لها كل موجود في البرية.
والواصل إلى تلك الحضرة يكون قلبه مع الحق، وجسمه مع الخلقن يعامل الله في المخلوقات ، وغض الطرف عن العورات.
قال الأستاذ الجنيد (2) رضي الله عنه:
"إن لي ثلاثين سنة أعامل الحق بالأقوال والأعمال، والخلق يظنون أني أعاملهم، وهم بحالي جهَّال".
فمن عرف الله فهو السعيد، يرى الذلَّ لله هو العزّ الدائم، والفقر لله هو الغنى والغنائم. يرى الموت عن حظه هو الحياة، يرى الضعف هو أكبر جاه تسطع له أنوار العزة، وتلوح له سطوة الجبروت، فيفر من العوالم إلى الحي الذي لا يموت، فإن قال: " يا الله!" لبَّاه وحيَّاه.
قال الإمام أبو العزائم – رضي الله عنه وأرضاه -:
" إن سرَّ الاسم الأعظم في الاضطرار، وشهود الافتقار". قال تعالى: { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء } (3) .
فاخلع من قلبك كل شيء ترتكن عليه، وأقبل بالاضطرار إليه، وشاهد أنك الغريق في بحر الأهوال وأنه" المغيث" المنقذ من الوبال." اهـ96
اقتباس:========================= الحاشية ====================
(1) : عن أبي أمامة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إنَّ لِلَّهِ تَعالى مَلَكاً مُوَكَّلاً بِمَنْ يَقُولُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، فَمَنْ قالها ثلاثاً قالَ لَهُ المَلَكُ: إنَّ أرْحَمَ الرَّاحِمينَ قَدْ أقْبَلَ عَلَيْكَ فَسَلْ".رواه أبو داود والترمذي ، وقال: هذا حديث حسن صحيح وابن ماجه (3828) ، والنسائي في الكبرى. وقال السخاوي بعد تخريجه من طرق: هذا حديث حسن أخرجه أحمد في مسنده، وأبو داود الطيالسي، والبخاري في الأدب المفرد، ورواه الدارقطني في الأفراد من طريق أخرى... الفتوحات الربانية 7/191
(2) : هو الجنيد بن محمد ، أبو القاسم الخزاز ، وكان أبوه يبيع الزجاج ، فلذلك كان يقال له : القواريري ، أصله من نهاوند، ومولده ومنشؤه بالعراق ، وكان فقيهاً ، تفقه على أبي ثور ، وكان يفتي في حلقته ، وصحب السري السقطي ، والحارث المحاسبي ، ومحمد بن علي القصاب البغدادي ، وغيرهم ، وهو من أئمة القوم وسادتهم ، مقبول على جميع الألسنة. توفي سنة سبع وتسعين ومائتين ، يوم السبت (وقيل توفي في آخر ساعة من يوم الجمعة، ودفن يوم السبت ) رضي الله عنه ونفعنا به وبأمثاله في الدارين .(انظر طبقات السلمي 155 ومابعدها ، وحلية الأولياء 10/255، طبقات الشعراني 1/98، المنتظم 6/105 ) .
(3) : سورة النمل – الآية 62." اهـ96
(يتبع إن شاء الله تعالى مع: "وقد وردت أدعية كثيرة.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات