أسباب السعادة
"روي أن رجلاً في زمن سيدنا موسى - على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام - وقع في مخالفة فقال الحقُّ سبحانه لسيدنا موسى:" لأسلِّطنَّ عليه بلائي".
فصعد الرجل على الجبل وقال: "يا ربَّاه! أنا أنا، وأنت أنت". فعفا عنه الحق، وأكرمه. وأدخله في رياض الرضا ونعمه، وكان ذلك هو الاسم الأعظم في حقِّه، ولبَّاه ربه لحسن صدقه ، فكأنه قال: "أنا العبد وصفتي العيب، وأنت الموصوف بالكمال، العالم بالغيب، لا تضرُّك المعاصي، ولا تنفعك الطاعات. أنا الفقير وأنت الغني".
فمن تحقق بهذه المعاني وقال للحق:أنا أنا، وأنت أنت. أجابه الحق في الحال ولبَّاه في السؤال.
ومن العجيب : أن الأسماء الحسنى عربية، وكلامنا عربي، والأدعية المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عربية، فلا يصح العدول عنها إلى الأسماء السريانية، أو العبرانية، لأن معانيها غير مفهومة، وربما كانت مطوية على معاني غير شرعية، فيقع العبد في البلية.
ولا يجوز الذكر بها إلا بالتلقي من أستاذ عالمٍ تقيّ، واصل. أما أخذها من الكتب فلا يجوز له، لأن أسماء الله - تعالى - فيها كل الحقائق وفيها الكنـز لكلِّ صادق (1) . "اهـ106
اقتباس:====================== الحاشية ====================
(1) واستكمالاً للبحث نقول: ذهب كثير من الصالحين بحسن النية والترخص إلى أن اسم الله الأعظم وارد في غير اللغة العربية، ثم لكل لغة بركتها ، وأسرارها كما في قوله تعالى: { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} . وقوله تعالى: { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ }. وهو استدلال فيه مقال طويل، ثم لمجرد الإحاطة والتثقيف نثبت هنا بعض هذه النقول إن صحَّت نسبتها – ولا نظنُّ ذلك -:
نقل الشيخ السباعي في رسالته ؛ أن اسم الله الأعظم هو هذه الكلمات:" أهم سقك، حلع، يص، طرن". وهذه هي مجموعة الحروف المعروفة بالنورانية. من حيث إنها فواتح السور القرآنية، ولكن لا دليل عليها من الكتاب أو السنة.
ونقلوا عن سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه وأرضاه وعنا به في ورد البسملة : أن اسم الله الأعظم هو:"طهور، بدعق، محببه، صوره، محببه، سقفاطيس، بطد، زهج، واح، سقاطيم، أحون، قاف، أدم، حمَّ، هاء، آمين". وهي ألفاظ ساذجة ليس لها دليل علمي قط!، على أنها أو منها أو فيها الاسم الأعظم!.
ونقلوا عن سيدي أبي الحسن الشاذلي – رضي الله عنه وأرضاه وعنا به – ما جاء في (دائرته) المعروفة، وإن كان أكثر أشياخنا – ونحن معهم – ينكر نسبتها إليه جميعاً، لا محالة.
ونقلوا عن الإمام الدسوقي – رضي الله عنه وأرضاه وعنا به – في أحزابه قوله " بهيا بهيات"، أو " كدكد، كردد، كردد، ده ده". إلى آخره ، وشأنها شأن المنسوب إلى سيدي الشيخ الجيلاني تماماً، ونستغفر الله تعالى.
أما ما قد يجده الذاكر بهذه الألفاظ من آثار مختلفة فهي: إما من ألاعيب الشيطان، أو من أثر حسن النية، أو من صدق التوجه القلبي، أومحض الصدفة العابرة".
ونقلوا عن بعض الأولياء - رضي الله عنهم - أن الاسم الأعظم " لمقفنجل" أو " أهطم فشذ". كما نقلوا عن غير هؤلاء أنه:" آهيا شراهيا، أدوناي، أصباءوت، آل شداي" كما نقلوا كذلك عن بعضهم ما يسمى:"التهاطيل السبعة" 0000إلخ.
أما لفظ: "آه" و "هو"، فليس من الأعجمية في شيء، وللإمام الرازي في تفسير الفاتحة بحث عظيم للفظ:"هو" يرجع إليه، ولبعض الشاذلية كلامٌ في" آه" وهنا لا بد من ملاحظة أمرين غاية في الأهمية:
أولاً: أنه ليس في جميع لغات الأرض أشرف لغة من العربية ، ولا أسمى، ولا أحب إلى الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم. ويكفيها مجداً وشرفاً وقدساً أن نزل بها القرآن الكريم، وأنها لغة خاتم النبيين، وهي لغة أهل الجنة، معنى هذا أن فيها الأسرار والأنوار والبركات والغيوب، ما لا يمكن أن يكون في غيرها من اللغات الأخرى على الإطلاق، بلا نزاع، ذلك كله بالإضافة إلى خصيصة سمو البيان والبلاغة، وأبَّهة التركيب، وإعجاز الأداء، وخلود المعنى، وإشراق الحرف واللفظ، وحلاوة الجملة، والديباجة، وإحاطة المضامين والمفاهيم، وحسبك ما جاء من أنها اللغة التي سوف يحدِّث الله بها عباده في الجنة.
ثانياً: إنه لم يأت في لفظ آية أو معناها، ولا في صحيح أو ضعيف من نص حديث نبوي ، أو قول صحابي أو تابعي، أو معنى حديث، تفضيل عبادة الله أو ذكره، والابتهال إليه بغير اللغة العربية، أو أن في غيرها أية ميزة عليها، فاللجوء إلى غيرها إذن استدبار للأفضل، وتعلق بالأدنى، وسقوط على الشبه والمحاذير، في مقام لا يرتبط العبد فيه بغير الأسمى والأسنى، ليرتقي في معارج القرب إلى حضرات الأنس والمدد الإلهي.
وحسبك الخلاف بين علمائنا – رضي الله عنهم – في حكم جواز قراءة الفاتحة بغير العربية في الصلاة، وهل تجزيء أم لا؟. بل هل تصح بها الصلاة أم لا؟. وهو بحث طويل متشعب يرجع إليه في كتب الفقه والأصول.
إذن: فليس من الجائز – فيما نعتقد ونحرر – الالتفات إلى التعبد بهذه الألفاظ إلا في حالتين:" عند الاقتضاء الهام": الأولى: عند التأكد من تمام المطابقة الترجمة وصحة المعنى، حتى لا يكون اللفظ شركاً، أو كفراً، او معصية، أو من أسماء الملائكة الأعلياء كما يزعمون، أو أسماء الجن، أو ألفاظ السحر، أوعبثاً يحاسب عليه، فنحن إنما نعبد الله ونذكره، لا نعبد الملائكة ولا الجان، فنكفر أو نشرك ، ولا ندري.
الثانية: تكون القراءة لمجرد تحصيل البركة من هذه اللغة العجمية على فرض أن فيها روائح بركة، إضافة إلى بركة اللغة العربية، ثم تيمناً بالقدوة وحسن الظن بالأشياخ فقط، إذا صحت نسبة هذه الألفاظ إليهم، - ولا نظنُّ ذلك، ولا نجادل من يظنّ - فالذي دسّوه زوراً على أولياء الله كثير في كل جانب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. انتهى ما ذكره نصاً سيدي البركة الشيخ محمد زكي إبراهيم في رسالته القيمة "في رياض الاسم الأعظم" صفحة 34 وما بعدها، فانظرها. "اهـ 106
(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الكون في رقيٍّ على الدوام .... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات