"فالسعادة كلها لمن ألقى سلاح،وتحقَّق بالضعف لمولاه، ومات على الحق لا يتحوَّل.
قال بعض العارفين: ذكرت الله اياماً فصحَّت لي جلالة واحدة كانت سرَّ وصولي وبلاغ مأمولي".
فإذا قلت: " لا إله إلا الله". فتأكَّد بعين اليقين أنَّه لا قويَّ إلا الله، ولا دافع إلا الله، وهكذا جميع معاني أسماء الله الحسنى، فتكاشف بالأسرار، وتغرق في الأنوار.
واعلم أن الدعاء ؛ إما أن تكون طالباً به قُرباً ووصولاً وتوبةً. أو تكون طالباً به معونة دنيوية لكمال جسمك، وراحة قلبك من الهم.
فالأول: هو أشرف المطالب. ويليه الثاني ، لأنه الوسيلة للأول.
فإذا طلبت طلباً دنيوياً لا تطلبه لحظِّك بل اطلبه لتستعين به على دينك، فيتحوَّل بسبب النية من دنيا إلى أخرى.
واعلم أن الدعاء محقَّق الإجابة (1) .
قال سبحانه وتعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } (2) . ولكن قد يؤجِّل النفاذ لوقت معلوم لحكمة عالية، أو تُدَّخر الإجابةإلى الدار الآخرة، لأنه حكيم رحيم، يختار لعبده الخير كله (3)." اهـ137
اقتباس:==================== الحاشية ====================
(1) : وقد قال سيدي عبد الوهاب الشعراني رضي الله تعالى عنه ونفعنا به وبالصالحين في الدارين:" (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نحسن ظننا في ربنا، وأنه يجيب دعاءنا ولا نترك الدعاء أبدا استنادا إلى السوابق، فإن في ذلك تعطيلا للأوامر الشرعية، ولو تأمل العبد وجد نفس دعائه من الأمور السوابق، ونحن نعلم من ربنا جل وعلا أنه يحب من عبده إظهار الفاقة والحاجة، ويثيب عبده على ذلك سواء أعطاه أو منعه، وأكثر من يخل بهذا العمل العهد من سلك الطريق بغير شيخ، فيترك الوسائل كلها ويقول: إن كان سبق لي قضاء هذه الحاجة فلا حاجة للدعاء، وإن لم يقسم لي قضاء تلك الحاجة فلا فائدة في الدعاء، وقد مكثت أنا في هذا المقام نحو شهر ثم أنقذني الله منه على يد شيخي الشيخ محمد الشناوي رحمه الله، وفي القرآن العظيم: {قُلْ مَايَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ }. فأخبر أن العبد من أدبه مع الله أن يدعوه في كل شدة ولا يعول على السوابق، فإن العبد لا يعلمها نفيا ولا إثباتا، وقد دعت الأكابر من الأنبياء والأولياء ربهم سبحانه وتعالى ولم ينظروا إلى السوابق. { فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ }; والله يتولى هداك.
(2) : سورة غافر – الآية 60.
(3) : وقد ورد في هذا الباب أحاديث كثيرة منها ما رواه الترمذي في الباب الثامن والأربعين من سننه " أحاديث شتى من أبواب الدعوات" . الحديث رقم 3747 - بسنده عَن أبي هُرَيْرَةَ قالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو الله بِدُعَاءٍ إلاّ اسْتُجِيبَ لَهُ. فإِمّا أنْ يُعَجّلَ لَهُ في الدّنْيَا، وإِمّا أَنْ يُدّخَرَ لَهُ في الاَخِرَةِ، وَإِمّا أنْ يُكَفّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا. مَا لَمْ يَدْعُ بإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أوْ يَسْتَعْجِلْ. قالُوا يَا رَسُولَ الله وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ؟ قالَ يَقُولُ دَعَوْتُ رَبّي فَمَا اسْتَجَابَ لِي".
قال في "فتح الباري": وفي هذا الحديث أدب من آداب الدعاء، وهو أن العبد عليه أن يلازم الطلب ولا ييأس من الإجابة لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار، حتى قال بعض السلف:" لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة"، وكأنه أشار إلى حديث ابن عمر رفعه " من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة " الحديث أخرجه الترمذي بسند لين وصححه الحاكم فوهم، قال الداودي: " يخشى على من خالف وقال قد دعوت فلم يستجب لي أن يحرم الإجابة وما قام مقامها من الادخار والتكفير" انتهى.
وقال ابن الجوزي: أعلم أن دعاء المؤمن لا يرد، غير أنه قد يكون الأولى له تأخير الإجابة أو يعوض بما هو أولى له عاجلا أو آجلا، فينبغي للمؤمن أن لا يترك الطلب من ربه فإنه متعبد بالدعاء كما هو متعبد بالتسليم والتفويض. والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم." اهـ
(يتبع إن شاء الله تعالى مع "الحقُّ واحد، والخلق واحد .... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات