"ولكن يخشى على العبد أن تستر عنه رتبة العبودية بإشراق أنوار الربوبية فيشم رائحة التعالي على الأكوان، فينقص منه العرفان.
يرى الجمال في نفسه، واللطف في أحواله، وأسرار الربوبية تتجلَّى منه له في الآفاق، يرى جميع أسماء الربوبية ظاهرة وهو مظهرها، فلا يكمل وينجو إلا بمعرفة أسماء الألوهية.
وألطف الكائنات المسخرة بسر الخلافة في الإنسان هي الفواكه؛ فهي هيِّنةٌ ليِّنةٌ جميلةٌ، ملذِّذة، ثم الحبوب، ولكنها محتاجة إلى الطحن والخبز.
وقد تتعاصى على الإنسان بعض المعادن، فجعل لها النار والمطرقة حتى تلين وتخضع، فكما أن لله ناراً يدخل فيها من عصاه، فلخليفته نار يدخل فيها من المعادن ما تعاصى!!. فالربوبية ظاهرة في الإنسان ، وقد طاوعته الأكوان، ويخشى عليه أن يقول: أنا ، لي، أو عندي، أومني، أول إليّ .... (1) .
وقد قال لي الإمام أبو العزائم - رضي الله عنه -:
"احذر أن تشهد نفسك في الأكوان،ولكن اشهد نفسك مع الله واسع الإحسان". وقد أشار القرآن إلى بيان حضرة الربوبية فقال: { قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}(2) .
ونبَّه على وسعة حضرة الألوهية ، فقال: { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّه }(3) " اهـ145
اقتباس:==================== الحاشية =================== .
(1) : : كما هو ملاحظ في طغيان إنسان يومنا وجبروته، وظنه بنفسه أنه ملك الكون ببعض اكتشافات سمَّاها ظلماً" اختراعات" إنما هي في الحقيقة اكتشافات قدَّر الله لها أوقاتاً تظهر فيها بأسبابها وفق إرادته سبحانه، لكن "فرعون" ابن آدم وهي نفسه يأبى إلا أن يتمرَّد على فطرته التي خلقه الله عليها، ونسي عبوديته لله بمجرَّد سطوته على = = بعض أسباب الكون، فصاح لسان حاله – وإن لم يفصح بلسان مقاله - :"أنا ربكم الأعلى" فوقع في المحذور الذي كان سبب بلائه وشقائه، فانقلبت اكتشافاته التي سماها "اختراعات" انقلبت في غالبها وبالاً وشقاء عليه، كما أخبر سبحانه وتعالى بقوله: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} سورة الروم – الآية 41. فأذاق الله البشرية نتيجة استكبارها وتكبرها، وتجبُّرها، وغرورها وطغيانها وفسادها بعضاً من العذاب كما رأينا من قبل، وما زلنا نرى اليوم في أيام الناس هذه من أوبئة وأمراض ، وجوائح، ومصائب، وفيضانات، ورياح هوجاء، وثقب في طبقة "الأوزون" ....إلخ ، وما خفي كان أعظم..... كل ذلك نتيجة هذا الغرور والطغيان، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان.فـ: {يا حسرة على العباد}.
(2) : سورة الكهف - الآية 109.
(3) : سورة لقمان الآية 27." اهـ
(يتبع إن شاء الله تعالى مع: معرفة الله وتوحيده.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات