"وقد روي أن الخليفة المأمون عند وفاته قال: دعوني أمرِّغ وجهي على الأرض، ذُلاًّ لملك الملوك عساه يعطف على عبده المملوك!. وقال: " يا من لا يزول ملكه! ارحم من زال ملكه!".
وقد ورد في الأثر: أن الملك العادل ظل الله في الأرض يأوي إليه كل محتاج (1) .
فمن رأى الملك العادل، تجلَّى له الملك الكبير، الذي هو على كل شيء قدير.
وليس الملك في وسعة الدار والأملاك، ونفاذ الكلمة ، ولكن الملك في أن تملك نفسك وهواك ، وتوقف جوارحك في حدود الشريعة...
.
وقد قال بعض الملوك لرجل من الصالحين: ادعُ الله لي!.
فقال: أسأل الله أن يسهِّل لك رغيفاً تأكله، ويهوِّن عليك خروج الفضلات، ويدفع عنك مضارَّ العفونات.
فقال له الملك: ادعُ الله دعوةً أعظم من هذه، فإن ذلك ميسَّرٌ لجميع الناس.
فقال له: من أعطاه الله القوت، وسلَّمه من الأمراض، فهو في أكبر النعم، ولكن أيها الملك ! إن لم تكن معترفاً بقدر هذه الدعوة، فإن الله سيريك آية تجعلك تعترف بشكر المنعم!.
فلمَّا تناول الطعام والشراب انحبس فيه البول والغائط، فشعر الملك بألمٍ شديد، فاستحضر الأطباء وأسعفوه بكل وسائل العلاج، فلم يفده، فقال: أحضروا لي الرجل الصالح الذي وعظني . فأحضروه. فقال: ادعُ الله أن يفرِّج عني ما نزل بي، فقد أشرفت على الهلاك.
فقال له: أيها الملك! إذا كنتَ عاجزاً عن دفع الضرِّ عن نفسك، وجلبِ الخير لها، كيف تدفع عن غيرك، أو تجلب الخير لها؟. إن الدَّافع النافع هو الله، يستوي عنده الملك والمملوك.
فقال الرجل: " اللهمَّ فرِّج عنه ليكون آيةً دالَّةً على قدرتك" ؛ ففرَّج الله وشفاه.
الدُّعـــــــاءُ
" إلهي يا ملك العوالم، يا صاحب العزِّ الدائم، ذلَّت لعظمتك رقاب الجبابرة، وارتعدت لهيبتك أرواح الكروبيين (2) ، تجلَّ لنا بسرِّ اسمك الملك، وأمدَّنا بلطائفه حتى نملك نفوسنا، ونعدل في جوارحنا، ونتصرَّف بأمرك في كل الشئون، يا من أمره إذا أراد شيئاً قال: كن؛ فيكون. وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".
اقتباس:========================= الحاشية ======================
(1) : قال العلامة المناوي في فيض القدير الجزء الرابع الحديث رقم:4820 - (السلطان ظل الرحمن في الأرض يأوي إليه كل مظلوم من عباده فإن عدل كان له الأجر وعلى الرعية الشكر وإن جار وحاف وظلم كان عليه الإصر وعلى الرعية الصبر) قال ابن عربي: من أسرار العالم أنه ما من شيء يحدث إلا وله ظل يسجد للّه ليقوم بعبادة ربه على كل حال سواء كان ذلك الأمر الحادث مطيعاً أو عاصياً فإن كان من أهل الموافقة كان هو وظله سواء وإن كان مخالفاً أناب ظله منابه في طاعة اللّه {وللّه يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والأصال} والسلطان ظل اللّه في الأرض إذ كان ظهوره بجميع صور الأسماء الإلهية التي لها أثر في عالم الدنيا والعرش ظل اللّه في الأرض في الآخرة فالظلالات أبداً تابعة للصور المنبعثة عنها حساً ومعنى فالحسي قاصر لا يقوى قوى الظل المعنوي للصورة المعنوية لأنه يستدعي نوراً مقيماً لما في الحس من التقييد والضيق ولهذا نبهنا على الظلّ المعنوي بما جاء في الشرع من أن السلطان ظل اللّه فقد بان أن بالظلالات عمرت الأماكن وقد تضمن الحديث من وجوب طاعة الأئمة في غير معصية والإيواء إليهم وبيان ما على السلطان من حياطة رعيته ولهذا قال يأوي إليه كل مظلوم ليمتنع بعز سلطانه من التظلم ويرفع من ظلامته ببرد ظله
" تنبيه": عدُّوا من أخلاق العارفين مخاطبة ظلمة السلاطين باللين بأن يشهد أحدهم أن يد القدرة الإلهية هي الآخذة بناصية ذلك الظالم إلى ذلك الجور وأن الحاكم الظالم كالمجبور على فعله من بعض الوجوه وكصاحب الفالج لا يستطيع تسكين رعدته.والحديث ذكره في مسند الفردوس بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(2) : عن أَبي العالية، أَنه قال: الكَروبيُّون: سادَةُ الملائكةِ، منهم جبريلُ ومِـيكائيلُ وإِسرافيل، هم الـمُقَرَّبُونَ؛ وأَنشد شَمِرٌ لأُمَيَّة: "كَرُوبِـيَّةٌ منهم رُكُوعٌ وسُجَّدُ". ويقال لكل حيوانٍ وَثِـيقِ الـمَفاصِلِ: إِنه لَـمُكْرَبُ الخَلْقِ إِذا كان شَديدَ القُوى، والأَول أَشبه؛ وقال في اللسان: والملائكة الكَرُوبِـيُّونَ: أَقْرَبُ الملائكة إِلى حَمَلَةِ العَرْش. انظر: لسان العرب : مادة مادة كرب."اهـ 4/266
(يتبع إن شاء الله تعالى مع: القُدُّوسُ جَلَّ جلالُه..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات