القُدُّوسُ جَلَّ جلالُه
"هو: المنـزَّه في قُدُس عزِّه عن كل ما تحيط به العقول، أو يصوره الخيال، أو تحوم حوله الأفكار (1) .
ومعنى تسبح الله وتنـزيهه، وتقديسه: كلها ترجع إلى علوِّ جناب الحق، وكلُّ ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك (2) .
واعلم أن الواجب عليك: أن تنـزِّهه على قدرك، أما تنـزيه الحق فلا يعرفه إلا الحق.
قال الإمام أبو العزائم نفعنا الله به:" إن قوماً يعشقون الدُّروس، وقوماً يهيمون بملاذ النفوس، وقوماً يفرُّون إلى القدُّوس، ولا يدخل حضرة القُدُّوس أرباب النفوس".
وقد روي إن بعض العارفين أخذ في تسبيح الحضرة وتنـزيهها، فسمع الوارد الإلهي في قلبه يقول له: أنا منـزَّه عن تنـزيهك، لأن التنـزيه صفتي أزلاً وأبداً، ولا يمكنك تنـزيه الحضرة على ما هي عليه، ولكن طهِّر نفسك من نقصها حتى تدخل في الوادي المقدَّس فيتجلَّى لك "القُدُّوس".
وإذا أردت أن تنال الحظوة القدسية فامح من جوهر نفسك الصفات الحيوانية، والرزائل الإبليسية، والقبائح الشهوانية، واجعل قلبك نقياً صفيّاً متجهاً بكليتة إلى القدوس، حتى تواجه بما لا عينٌ رأت ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وذلك بأن تتذكر حضرة الأرواح، حيث كانت في مواجهة الفتاح، قبل قيود الأشباح، وعند ذلك تشعر بأن كل علم أخذته بحدود الكون، ووصلت إليه بفكرك وخيالك وظنك مع إثبات وجودك الباطل، كان ذلك العلم انتقالاً من كون إلى كون، والعبرة بالعلم المأخوذ عن المكوِّن تتلقَّاه روحٌ استنارت بنور "القُدُّوس" .
اقتباس:====================== الحاشية ===================
(1) : قال حجة الإسلام الغزالي: ولست أقول منـزه عن العيوب والنقائص، فإن ذكر ذلك يكاد يقرب من ترك الأدب، فليس من الأدب أن يقول القائل: ملك البلد ليس بحائك ولا حجام، فإن نفي الوجود يكاد يوهم إمكان الوجود، وفي ذلك الإيهام نقص . انظر: المقصد الأسنى 68.
(2) : وأشار بعضهم إلى أن الأليق أن يقال: المنـزّه عن كل كمال لا يليق به، لأن العبارة الأولى بعيدة من الأدب، كما لا يقال: الملك ليس بجزار." اهـ 4/268
(يتبع إن شاء الله تعالى..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات