عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #14
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق قسطموني


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 210
[نفس امارة ثانية]
"مسألة دقيقة كتبتْ تنبيهاً لأحد اخواننا الذي لم يرَ تقصيره، نرسلها لكم علّها تنفعكم كذلك"
رأيت - في وقت ما - لدى عدد من الأولياء العظام - ممن نجوا من أوضار نفوسهم الامارة بالسوء مجاهدات نفسية، وشكايات منها. فكنت أحار في الأمر كثيراً، ولكن بعد مدة طويلة رأيت ان هناك نفساً امارة معنوية - غير دسائس النفس الأمارة الحقيقية - هي أشد عصياناً من الأولى واكثر نفوراً من الطاعة، واكثر ادامة للاخلاق الذميمة، هي النفس الثانية، وهي مزيج من الهوس والمشاعر والطبائع، وهي موغلة في الاعصاب والعروق، وهي الحصن الأخير الذي تحتمي به النفس الأمارة، وهي التي تتولى القيام بوظيفة النفس الأمارة السيئة السابقة - التي تزكّت منها- فتجعل المجاهدة تستمر الى نهاية العمر.
وأدركت حينها ان اولئك الأفذاذ الميامين ما كانوا يشكون من النفس الأمارة الحقيقية، بل من نفس امارة مجازية. ثم شاهدت ان الامام الرباني احمد الفاروقي السرهندي ايضاً يخبر عن هذه النفس المجازية.
ولما كانت حواس هذه النفس الامارة الثانية عديمة الشعور، عمياء لا تبصر، فلا تفهم أقوال العقل ولا تدرك نصائح القلب، ولا تعير لها سمعاً كي تنصلح وتدرك تقصيراتها، لذا لا ترتدع عن السيئات الا بلطمات التأديب وصفعاتها وبالآلام، أو بالتضحية التامة بحيث يضحي المرء بمشاعره وحواسه كلها للهدف الذي يصبو اليه فيترك انانيته كلياً، بل كل ما يملكه لذلك الهدف، كما تركه طلاب النور الخواص.
وفي هذا العصر العجيب، تتفق النفسان الأمارتان - الحقيقية والمجازية - معاً بتلقينات رهيبة،حتى تدفعا الانسان ليدخل في السيئات والآثام طوعاً وبرغبة منه، تلك السيئات التي ترتعد من شناعتها الكائنات.
حتى انني - في غضون دقيقة واحدة - وبضيق قليل جداً فوتُّ حسنة عظيمة جداً.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 211
وقد حدث ايضاً ضمن مجاهدة معنوية عظيمة خلال عشر دقائق، عندما كان احدهم وهو في صفي يخترق صفوف أعدائي ويشقهم شقاً كمن يرميهم بمدافع ثقيلة عظيمة. فتحيّنَت تلكما النفسان الامارتان فرصة الغفلة موقتاً، اذ شَعرتُ بميلٍ للتفوق وبأثرة مظلمة الى اقبح رياء وحسد بدلاً من الشكر والحمد العظيمين حيث قلت: "لِمَ لمْ ارم القذائف أنا؟"
فالف شكر وشكر للبارئ الكريم سبحانه ان رسائل النور ولاسيما رسائل "الاخلاص" ازالت كلياً دسائس كلتا النفسين وضمدت الجراحات التي ولدتاها، مثلما ازالت الحالات التي حدثت في دقيقة واحدة، وفي عشر دقائق ازالة تامة والحمد لله. فعرفت تقصيري - تلك المعرفة التي هي استغفار معنوي - ونجوت بفضله تعالى من العذاب والآلام المضمرة التي هي جزاء معجل لذلك الخطأ.
***

قلق ساور قلبي فجأة
ابينه لكم:
لقد شعرتُ وادركت ان اهل الضلالة لعجزهم عن صد السيوف الألماسية لرسائل النور يريدون زعزعة رابطة الطلاب الوثيقة مستفيدين من عروق واهية نابعة من اختلاف المشارب او المشاعر مستغلين متطلبات العيش ولوازمه والغفلة التي تخيم في الربيع. اياكم واياكم ان تجد الفرقة فرجة فيما بينكم. احذروا. فالانسان لا يخلو من خطأ. ان باب التوبة مفتوح. فاذا مادفعتكم النفس والشيطان الى الاعتراض على اخيكم وانتقاده على حق، قولوا:
اننا مكلفون بالتضحية بحياتنا وكرامتنا وسعادتنا الدنيوية في سبيل الحفاظ على التساند الذي هو الرابطة الوثقى لرسائل النور، فضلاً عن مثل هذه الامور الجزئية. فوظيفتنا التضحية بكل ما يمت بصلة بالدنيا والانانية لما تكسبنا رسائل النور من نتائج جليلة" وبهذا تُسكتون النفس الامارة. وان دار حول مسألة نقاش ونزاع، فشاوروا بعضكم بعضاً. لا تتشددوا، اوغلوا برفق، الناس ليسوا سواسية في


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 212
المشارب. ينبغي ان يتسامح بعضكم مع البعض الآخر في الوقت الحاضر.
سلامنا الى الاخوة جميعاً فرداً فرداً.
***

[لا تفسحوا المجال للانتقاد]
اخوتى الاعزاء الاوفياء!
حذار حذار.. لا تفسحوا المجال لانتقاد بعضكم البعض الآخر فيستغل أهل الضلالة اختلاف مشاربكم وعروقكم الضعيفة وحاجاتكم المعيشية. صونوا اراءكم من التشتت بإقامة الشورى الشرعية بينكم، اجعلوا دساتير رسالة الاخلاص نصب اعينكم دائماً. وبخلاف هذا فان اختلافاً طفيفاً في هذا الوقت يمكن ان يلحق اضراراً بليغة برسائل النور.
***

[ما الذي يمنعنا عن السياسة؟]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
لقد أتاني اليوم - صلاح الدين - ومسؤول من الامن - المباحث - يتعقبه، دخل عليّ من ورائه.
قلت لذلك الجاسوس الحكومي:
ان رسائل النور - ونحن الذين نتلقى الدرس منها درساً كاملاً - لن نجعلها اداةً للدنيا قاطبة ناهيك عن سياستها، ونحن لا نتدخل بدنيا اهل الدنيا، فمن البلاهة توقع الاضرار منا وذلك:
اولاً: ان القرآن الكريم قد منعنا من السياسة، لئلا تسقط في نظر اهل الدنيا الحقائق التي هي بنفاسة الالماس الى مستوى القطع الزجاجية التافهة.
ثانياً: ان الشفقة والضمير والحقيقة تمنعنا من السياسة. لانه لو كانت نسبة المنافقين الملحدين الذين يستحقون العقاب اثنين من عشرة، فهناك سبع أو ثمان من


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 213
الابرياء من أقاربهم وذويهم. وهناك الاطفال والعوائل والشيوخ والمرضى. فاذا نزلت المصيبة والبلاء فان اولئك الابرياء الثمانية سيسقطون في أتون المصيبة. ولربما سيلحق بالمنافقين الاثنين والملحدين ضرر طفيف. ولهذا فان ما في ماهية رسائل النور من الشفقة والرحمة والحق والحقيقة قد حالت دون الدخول في السياسة بوسائل الاخلال بالادارة والنظام فضلاً عن أن نتائجها مشكوك فيها.
ثالثاً: ان هذا الوطن وهذه الامة والحكومة - مهما كان شكلها - بحاجة ماسة الى رسائل النور. فينبغى لأعتى الملحدين منهم ان يميل الى دساتيرها المتسمة بالدين والحق ناهيك عن الخوف منها والعداء لها، اللهم الاّ اذا كانت خيانة فاضحة للامة والوطن والحاكمية الاسلامية. لأن هناك خمسة اسس ضرورية لانقاذ هذه الامة وهذا الوطن في حياتها الاجتماعية والسياسية ونجاتها من الفوضى والارهاب ومن المخاطر العظيمة:
الاول: الرحمة. الثاني: الاحترام. الثالث: الامن والثقة. الرابع: اجتناب المحرمات والتمييز بين الحرام والحلال. الخامس: الطاعة وترك التسيب.
وهكذا فرسائل النور عندما تنظر الى الحياة الاجتماعية تحقق هذه الاسس الخمسة وتثبّت بها ركائز النظام في البلاد.
ألا فليعلم الذين يتعرضون لرسائل النور، ان تعرضهم هذا انما هو عداء - في سبيل الفوضى والارهاب - للوطن والامة والنظام.
هذا ما قلته باختصار لذلك الجاسوس الحكومي. وقلت له: قل هذا لمن ارسلك هنا. وقل لهم ايضاً: ان الذي لم يراجع الحكومة لتأمين راحته طوال ثماني عشرة سنة.. والذي لا علم له بالحرب الدائرة التي قلبت العالم رأساً على عقب منذ احد عشر شهراً.. والذي يستغني عن ان يقبل ايجاد علاقة صداقة مع من يشغل مراتب رفيعة في الدولة. فالذي يتوجس خيفة من مثل هذا الرجل ويساوره الشكوك وكأنه سيتدخل بامور دنياهم ومن ثم مضايقته وشد الخناق عليه، ماذا يعني عمله هذا؟ وما المصلحة فيه؟ واى قانون يجيز هذا؟ حتى البلهاء يعرفون ان التعرض له جنون وبلاهة! قلنا له هذا، ثم غادرنا.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 214
[لا تنشغلو بلسعات البعوض]
اخواني الاعزاء
لا داعي الى درس وتوجيه جديد، اذ شاهدت بين رسائلكم رسائل "الاخلاص" - هذه المرة - فأحيلكم الى دروس تلك الرسائل. الاّ انني انبّه الى ما يأتي:
لما كان مسلكنا يستند الى الاخلاص، ومبنياً على الحقائق الايمانية فاننا مضطرون - وفق مسلكنا - الى عدم التدخل في أمور الحياة الاجتماعية والحياة الدنيوية، مالم نضطر اليها. وعلينا التجرد والابتعاد عن تلك الحالات التي تؤدي الى التنافس والتحيز والتنازع.
فأسفاً، وألف أسف، لأهل العلم ولأهل التقوى الضعفاء الذين يتعرضون - في الوقت الحاضر - الى هجوم ثعابين مرعبة، ثم يتحججون بهفوات جزئية شبيهة بلسع البعوض، فيعاونون بانتقاد بعضهم البعض تلك الثعابين الماردة، ويمدّون المنافقين الزنادقة باسباب لتدميرهم وتحطيمهم، بل يساعدونهم في هلاك انفسهم بايدي اولئك الخبثاء.
يذكر اخونا المخلص جداً حسن عاطف في رسالته: ان عالماً واعظاً شيخاً قد اتخذ طوراً يلحق الضرر برسائل النور حيث حاول التعرض لها بالتهوين من شخصي الضعيف، بحجة تركي لسنة نبوية (اطلاق اللحية) علماً ان ذلك الترك مبني على عذرين مهمين.
أولاً: ليعلم ذلك الشخص، واعلموا أنتم كذلك، انني خادم رسائل النور، ودلاّل ذلك الدكان. اما رسائل النور فهي تفسير حقيقي للقرآن الكريم وهي وثيقة الصلة به، ذلك الكتاب الجليل المرتبط بالعرش الاعظم، لذا لا تسري اخطائي وتقصيراتي الشخصية الى الرسائل...
ثانياً: بلّغوا ذلك العالم الواعظ عني السلام. فانني أقبل انتقاده لشخصي واعتراضه عليّ بتقدير وبرحابة صدر. وانتم بدوركم لا تسوقوا ذلك العالم الفاضل ولا امثاله من العلماء الى المناقشة والمناظرة. ولو حدث تعدّ وتجاوز علينا، فلا تقابلوه حتى بالدعاء عليهم. اذ ان ذلك المتجاوز أو المعترض ايا كان، هو أخونا من حيث


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 215
الايمان لأنه مؤمن. حتى لو عادانا، فلا نستطيع ان نعاديه بمثل عدائه، حسب ما يرشدنا اليه مسلكنا. لأن هناك اعداء شرسين وحيّات لاذعة ونحن لا نملك سوى النور، لا الصولجان. والنور لا يؤلم، بل يلاطف بضيائه، ولاسيما الذين هم ذوو علم فلا تثيروا غرورهم العلمي ان كانوا على غرور وانانية، بل استرشدوا ما استطعتم بدستور الآية الكريمة: (واذا مرّوا باللغو مرّوا كراماً) (الفرقان: 72).
ثم ان ذلك الشخص المحترم، كان داخلاً في دائرة رسائل النور، واشترك في استنساخ الرسائل، فهو اذن ضمن تلك الدائرة، فاصفحوا عنه حتى لو كان يحمل خطأ فكرياً.
فليس مثل هذا الشخص الفاضل من ذوي الدين والتقوى المنسوبين الى الطرق الصوفية بل حتى من المؤمنين المنسوبين الى فرق ضالة، لا ينبغي ان نثير معهم نزاعاً وخصاماً في هذا العصر العجيب، بل لا نجعل نقاط اختلاف ونزاع موضع نقاش مع المؤمنين بالله واليوم الآخر حتى لو كانوا من النصارى.
هذا ما يقتضيه هذا العصر العجيب، وما يقتضيه مسلكنا الذي نسلكه، وما تقتضيه خدمتنا المقدسة.
ولأجل الحيلولة دون ظهور عوائق اجتماعية وسياسية امام انتشار رسائل النور في العالم الاسلامي، ينبغي لطلاب رسائل النور اتخاذ سلوك المصالحة. اياكم واياكم ان تتعرضوا لصلاة الجماعة والجمعة 1 للعلماء، فلا تنتقدوا المشتركين فيها. أما قول الامام الرباني: "لا تدخلوا مواضع البدع" فالمقصود منه لا ثواب فيها، وليس معناه بطلان الصلاة، لأن قسماً من السلف الصالحين قد صلّوا خلف يزيد والوليد. ولكن اذا كان المرء يتعرض للكبائر في اثناء ذهابه الى المسجد وايابه منه، فالأولى ان يظل في معتكفه...
يذكر اخونا في رسالته عن اخواننا الجدد الشجعان الثابتين. فنحن نقبلهم بكل مهجنا وارواحنا. ولكن الداخلين في دائرة رسائل النور لأجل ان يقدروا شجاعتهم الشخصية حق قدرها يبذلون شجاعتهم في ثبات لا يتزعزع ومتانة لا تلين وترابط لا
_____________________
1 حيث كان الاذان والاقامة والخطبة بالتركية.



الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 216
ينفصم مع اخوانه. فيجب تحويل تلك الشجاعة الشخصية التي هي بحكم قطع زجاجية متكسرة الى الماس التضحية الصدّيقية الناشدة للحقيقة.
نعم ان اهم اساس في مسلكنا بعد الاخلاص التام هو الثبات والمتانة. وبهذه المتانة حدثت وقائع كثيرة اثبتت ان امثال هؤلاء الذين نذروا حياتهم في خدمة النور يقابل كل منهم مائة شخص، فالشخص الاعتيادي الذي لا يتجاوز عمره الثلاثين قد فاق أولياءً يتجاوزون الستين من العمر.
ثم ان شخصاً حتى لو كانت شجاعته حسنة. فانه بعد دخوله جماعة متساندة لا يستطيع ان يستعمل شجاعته تلك، حفاظاً على راحة جماعته وصيانةً لعدم زعزعتهم، فلابد من العمل وفق الحديث الشريف (سيروا على سير اضعفكم). 1 ويلزم عدم الخوض في مسائل النزاع، وعدم طرق مسائل القبعة والاذان واستعمال عناوين الدجال والسفياني مع الغرباء حيث يسبب هذا اتخاذ العلماء واهل السياسة تجاه رسائل النور موقف المجابهة والتعدي عليها. فالحذر هو الألزم.. والواجب ضبط النفس، حتى ان عدم الاخذ بالحذر ولو جزئياً يؤثر حتى هاهنا.
وان رسائل النور ليست دائرة واحدة بل لها طبقات كالدوائر المتداخلة. فهناك طبقة الاركان والمالكين والخواص والناشرين والطلاب والموالين وامثالها من الطبقات.
فمن لم يكن اهلاً للدخول في طبقة الاركان لا يطرد خارج الدائرة، بشرط عدم موالاته لتيار يخالف رسائل النور، والذي ليست له ميزات الخواص يمكن ان يكون طالباً بشرط عدم الدخول في مسلك مضاد، والذي يعمل بالبدعة يمكن ان يكون صديقاً بشرط عدم موالاته قلباً لها.
ولهذا لا تخرجوا احداً من جراء خطأ طفيف خارج الدائرة لئلا يلتحق بصف الاعداء. ولكن لا يُشرَك هؤلاء في التدابير الدقيقة التي يتخذها اركان رسائل النور ومالكوها.
***

_____________________
1 قال في المقاصد: لا اعرفه بهذا اللفظ، ولكن معناه في قوله صلى الله عليه وسلم: اقدر القوم بأضعفهم فإن فيهم الكبير والسقيم والبعيد وذاالحاجة. ورواه الشافعي في مسنده وكذا الترمذي وحسّنه، وابن ماجه والحاكم وقال: على شرط مسلم، وابن خزيمة وصححه (كشف الخفاء 1518 باختصار).



الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 217
[طلاب النور يفضلون الخدمة على القطبية]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
ان حادثتين وقعتا في اليومين السابقين اوردتا الى الخاطر مسائل عدة منها:
اولاها: يكتب اخونا صلاح الدين من آنقرة: لقد بدأوا بالتعدى على اهل الطرق الصوفية. وهناك اعتقالات في آنقرة وفي الشرق حول هذه المسألة. وطلاب رسائل النور محفوظون في كل جهة بالعناية الربانية، فاخلاصهم المتين وترابطهم الوثيق واخذهم بالحذر تديم عليهم تلك العناية الربانية.
ثانيها: يشكو الناس كلهم في هذه الايام من الضيق الذي ينتابهم، وكأن فساد الهواء المعنوي قد اورث مرضاً ضيقاً مادياً شاملاً. حتى سرى فيّ هذا المرض يوماً. وحيث ان رسائل النور دواء لكل ما ينتابنا، فان المنشغلين بها اما لا ينتابهم ذلك المرض او يمسهم مساً طفيفاً.
.......
رابعها: لقد شاهدت في بعض الرسائل المرسلة اوصافاً مفرطة بحق استاذهم، ونظرت الى نفسي ورأيتها لا تستحق حتى زكاة تلك الاوصاف، وليس من حقي امتلاكها. فقلت: ترى ما المصلحة والفائدة التي يحصل عليها اخواني هؤلاء الناشدون للحق في غلوهم في حسن الظن واستمرارهم عليه مع تنبيهاتي المستمرة لهم؟.
فخطر على القلب:
ان هؤلاء، وبلدتهم ولاية اسبارطة وحواليها يرون يُمن حسن ظنهم العظيم اقتداءً بالأولياء من امثال عثمان الخالدي وشكري طوبال، فلم يبالغوا اذن بالنظر من هذه الزاوية فقد شاهدوا حقيقة. ولكن كما ان الكشفيات تحتاج الى تأويل والرؤى الى تعبير، فالاحكام الخاصة اذا عممت يظهر خطأ في جهة. وكذلك هؤلاء. قد أعطوا الفائدة التي اسداها الشخص المعنوي لرسائل النور لهم ولبلدتهم الى احد ممثلي ذلك الشخص المعنوى وهو أخوكم هذا الذي دعوه الاستاذ. فعمموا حادثة تلك البلدة ونظروا اليها حادثة عامة فاظهروا غلواً في حسن الظن.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 218
السادس:
قبل حوالي ثلاثة أيام استمعت الى الكلمة الثانية والعشرين اثناء تصحيحها. ورأيت ان فيها: ذكراً كلياً، وفكراً واسعاً، وتهليلاً كثيراً، ودرساً ايمانياً قوياً، وحضوراً بلا غفلة، وحكمة سامية، وعبادة فكرية رفيعة وامثالها من الانوار وادركت الحكمة في قيام قسم من الطلاب بكتابة الرسائل أو قراءتها أو الاستماع اليها بنية العبادة. فباركت عملهم وصدّقتهم.
الحاصل: نبارك اخوتنا امثال الحافظ علي وخسرو الذين صدّقوني في دعواي التي كنت اقولها وهي:
ان طلاب رسائل النور الحقيقيين يرون خدمة الايمان فوق كل شئ، فحتى لو منحوا مرتبة القطبية يفضلون عليها خدمة الايمان حفاظاً على الاخلاص.
***

[مدرسة معنوية في البرزخ]
كنت اسمع ايام كنت طالباً من اناس موثوقين كلاماً نقلاً عن ائمة عظام وهو:
"ان طلاب العلوم الجادين الخالصين المحبين للعلم، الذين يتوفون في اثناء دراستهم للعلوم يكونون في البرزخ ايضاً في مدرسة معنوية وكأنهم في دراستهم السابقة. فينعم الله سبحانه عليهم وضعاً ملائماً لذلك العالم". كان هذا الكلام يدور كثيراً في ألسنة طلاب العلوم آنذاك.
ولما كان طلاب النور في الوقت الحاضر هم خلّص طلاب العلوم فإن وظيفة محمد زهدى وعاصم ولطفي وامثالهم من الطلاب المتوفين رحمهم الله مستمرة بلاشك لأجل اضافة حسناتٍ الى سجل اعمالهم باقلامهم المعنوية التي تعمل عملها ان شاء الله.
***


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 219
[لا تُطلب مقاصد دنيوية بالعبادة الفكرية]
ان رسائل النور لا تكون وسيلة قطعاً لكسب مصالح دنيوية، ولا تستغل ترساً لدفع اضرارها، لكونها عبادة فكرية ذات شأن وأهمية. فلا تطلب بها مقاصد دنيوية بالذات، اذ لو طلبت يفسد الاخلاص ويتغيّر شكل تلك العبادة الجليلة. ويكون المرء كالصبيان الذين يتترسون بجزء المصحف الذي يتلونه لدى عراكهم بعضهم ببعض. فالضرر الذي يصيب رأسه سيمس ذلك المصحف حتماً، لذا ينبغي الاّ يُترّس برسائل النور تجاه هؤلاء الخصوم العنيدين.
نعم، لقد نزلت صفعات تأديب بالذين يتعرضون لـرسائل النور ويعادونها، فهناك مئات الوقائع تثبت هذا، ولكن يجب الاّ تستعمل رسائل النور في انزال الصفعات بل لا تنزل بالنية والقصد لانه عمل مناف لسر الاخلاص والعبودية لله.
فنحن نكل أمر مَن ظلمنا الى ربنا الجليل الذي حمانا واستخدمنا في خدمة رسائل النور..
نعم! ان نتائج خارقة تخص الدنيا تترتب بكثرة على رسائل النور - كما هي في الأوراد المهمة - ولكن لا تُطلب هذه النتائج، وانما توهب. فلا تكون علّة للأمر قطعاً، وانما يمكن ان تكون لها فائدة. فلو حصلت نتيجة الطلب، كانت اذن علةً، مما يفسد الاخلاص ويبطل قسماً من تلك العبادة.....
نعم! ان مقاومة رسائل النور مقاومة غالبة للكثرة الكاثرة من المنكرين المعاندين، انما هي مما تحمله من سر الاخلاص.. ومن عدم كونها وسيلة لأي غرض كان.. ومن توجه نظرها مباشرة الى السعادة الأبدية.. ومن عدم تتبعها أي قصد كان سوى خدمة الايمان.. ومن عدم التفاتها الى الكشف والكرامات الشخصية التي يوليها بعض أهل الطرق أهمية.. ومن كونها تحصر وظيفتها في نشر أنوار الايمان وانقاذ ايمان المؤمنين، مما كسبته من سر وراثة النبوة التي هي شأن الصحابة الكرام الحاملين للولاية الكبرى .
نعم، ان ما تكسبه رسائل النور طلابها في هذا الزمان الرهيب من نتيجتين ثابتتين على وجه التحقيق جديرتان بالاهتمام. وهما تفوقان أي شئ آخر حتى لا تدعان حاجة الى النظر الى مقامات معنوية وأمور أخرى غيرها.


عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس