رد: الاستغاثة
جزاكم الله خير الجزاء سادتي الكرام على حسن ظنكم وأستغفر الله من ذنوبي وتقصيري.
وهذا الموضوع كتبته في الأزهريين وأحببت نقله عسى الله أن ينفعني وأحبابنا وسائر المسلمين به بواسع فضله وفيض جوده .
الحديث الثاني
قال الإمام الحافـظ أبو بكر بن أبى شيبة فى (المصنّف) (6/356) برقم
(32002) (حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن مالك الدّار قال: وكان خازن عمر على الطعام قال:أصاب الناس قحط فى زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبى [ فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأُتِىَ الرجل فى المنام فقيل له: إئت عمر فأقرئه السلام وأخبره إنكم مسقون وقل له: عليك الكَيْس فأتى عمر فأخبره فبكى عمر ثم قال يا رب لا آلو إلاّ ما عجزت عنه).
ورواه الإمام البيهقى فى كتابه (دلائل النبوة) (7/47)
ففي الخبر فوائد منها :
1_ الاستغاثة بسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته عند نزول البلاء.
2_ عملهم بالرؤيا الصالحة لأنها لا تخالف الشرع.
اما من جهة صحة الخبر فقد صححه الحفاظ وعملت الأمة به على مر الدهور .
قال الحافظ ابن حجر فى "الفتح - 2/397" ما نصه:
(وروى بن أبى شيبة بإسناد صحيح من رواية أبى صالح السمّان عن مالك لدار - وكان خازن عمر - قال: أصاب الناس قحط فى زمن عمر فجاءَ رجل إلى قبر النبى [ فقال: يا رسول الله! استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل فى المنام فقيل له: أئت عمر... الحديث. وقد روى سيف فى «الفتوح» أن الذى رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزنى أحد الصحابة).انتهى كلام الحافظ ابن حجر بحروفه
وقال ابن كثير - البداية والنهاية - ثم دخلت سنة ثماني عشرة - طاعون عمواس وعام الرمادة - الجزء : ( 10 ) - رقم الصفحة : ( 73 )....- وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا : أبو نصر بن قتادة ، وأبو بكر الفارسي قالا : ، حدثنا : أبو عمر بن مطر ، حدثنا : إبراهيم بن علي الذهلي ، حدثنا : يحيى بن يحيى ، حدثنا : أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن مالك قال : أصاب الناس قحط في زمن عمر بن الخطاب فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إستسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال : إيت عمر فأقره مني السلام وأخبرهم أنهم مسقون ، وقل له عليك بالكيس الكيس ، فأتى الرجل فأخبر عمر فقال : يا رب ما آلوا إلاّ ما عجزت عنه ، وهذا إسناد صحيح ."انتهى كلام الحافظ ابن كثير .
وأما مالك الدار فهو كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة، الجزء السادس. >> [بقية حرف الميم]. >> القسم الثالث من كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ويمكنه أن يسمع منه ولم ينقل أنه سمع منه سواء كان رجلا أو مراهقا أو مميزا [ص:268]. >> الميم بعدها الألف :
" مالك بن عياض مولى عمر هو الذي يقال له مالك الدار، له إدراك، وسمع من أبي بكر الصديق وروى عن الشيخين ومعاذ وأبي عبيدة، روى عنه أبو صالح السمان وابناه عون وعبدالله ابنا مالك، وأخرج البخاري في التاريخ من طريق أبي صالح ذكوان عن مالك الدار أن عمر قال في قحوط المطر يا رب لا ءالو إلا ما عجزت عنه، وأخرجه ابن أبي خيثمة من هذا الوجه مطولا قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق الله لأمتك فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له ائت عمر فقل له إنكم مستسقون فعليك الكفين قال فبكى عمر وقال يا رب ما ءالوا إلا ما عجزت عنه، وروينا في فوائد داود بن عمرو الضبي جمع البغوي من طريق عبدالرحمن بن سعيد ابن يربوع المخزومي عن مالك الدار قال دعاني عمر بن الخطاب يوما فإذا عنده صرة من ذهب فيها أربعمائة دينار فقال اذهب بهذه إلى أبي عبيدة فذكر قصته، وذكر ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين في أهل المدينة قال: روى عن أبي بكر وعمر وكان معروفا، وقال أبو عبيدة : ولاه عمر كيلة عيال عمر فلما قدم عثمان ولاه القسم فسمى مالك الدار، وقال إسماعيل القاضي عن علي بن المديني: كان مالك الدار خازنا لعمر" انتهى كلام الحافظ ابن حجر.
وقال الحافظ الخليلي - الإرشاد في معرفة علماء الحديث - ( مالك الدار مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه تابعي ، قديم ، متفق عليه ، أثنى عليه التابعون )انتهى كلامه
فإذا أثنى عليه التابعون فلا تحفل إذا قدح فيه المعتدون في آخر الزمان. فهذا مالك الدار ثقة معروف روى عنه أربعة رجال وهم أبو صالح السمان وابناه عون وعبد الله ابنا مالك وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي . ويكفي في توثيقه تولية عمر وعثمان له بأمر المال، فإن ذلك لابد فيه من الضبط والعدالة بلا ريب فكيف وقد أثنى عليه التابعون .
ومعنى قول الحافظ في الإصابة : " له إدراك". أي أنه مخضرم وقد اختلف في هذه الطبقة هل هم من الصحابة أم التابعين؟ ورجح الحافظ ابن حجر أنهم من كبار التابعين كما في شرح النخبة.
فائدة:
من غرائب دعاوى العلم في آخر الزمان ما ذكره بعض المعاصرين من أن الحديث ضعيف وذلك لجهالة الرجل الذي في المتن .
ومعلوم عند كل طالب علم أن العبرة برجال السند وليس فيهم أي مجهول ، ولله الحمد .وأما إبهام ذكر اسم الرجل الذي في المتن فلا يضر أصلاً لأن العبرة برجال السند .
وللفائدة فقط فهذا الرجل إما من الصحابة وهو بلال بن الحارث المزني كما نقل الحافظ ابن حجر عن سيف في الفتوح أو أنه صحابي آخر غير بلال المزني رضي الله عنه أو أنه من كبار التابعين .وعلى أي تقدير فالعبرة واضحة وهي أنه من أفضل القرون وأقره مالك الدار وعمر بن الخطاب رضي الله عنه ،وليس فعله من الشرك في شيء لأنه ليس بقصد العبادة ،ولا باعتقاد أنه شريك لله في شيء من الأفعال .والله الموفق
يتبع