علي بن الحسين . . أخلاق بيت النبوة
في رحاب التابعين
علي بن الحسين . . أخلاق بيت النبوة
هو منار القانتين زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وذكر ابن كثير في “البداية والنهاية” أنه علي الأصغر بن الحسين، وأما علي الأكبر بن الحسين فقتل مع أبيه في كربلاء، وقد كُني بأبي الحسين، ويعد من الطبقة الثانية من التابعين، ولد بالمدينة المنورة ومات فيها، وعُرف عنه أنه كان عابداً وفياً زاهداً جواداً .
ويشير أبو نعيم الأصبهاني في كتاب “حلية الأولياء” إلى أن زين العابدين علي بن الحسين كان يجمع خصالاً عدة منها التواضع الشديد، حيث جاءه نفر فأثنوا عليه فقال: “ما أكذبكم وما أجرأكم على الله، نحن من صالحي قومنا وبحسبنا أن نكون من صالحي قومنا” . كما كان يتمتع بالحلم والعفو عمن أساء إليه، وفي ذلك يذكر أنه كان بينه وبين حسن بن حسن بعض الخلاف، فجاء حسن بن حسن إلى علي بن الحسين وهو مع أصحابه في المسجد فما ترك شيئاً من الكلام القبيح إلا قاله له، وعلي ساكت فانصرف حسن، فلما كان في الليل أتاه في منزله فقرع عليه بابه فخرج إليه فقال له علي: “يا أخي إن كنت صادقاً في ما قلت لي غفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك، السلام عليكم” وولى، فتبعه حسن والتزمه من خلفه وبكى حتى رثي له، ثم قال: لا جرم لا عدت في أمر تكرهه، فقال علي: “وأنت في حل مما قلت لي” .
صدقات الليل
قال أبو نعيم الأصبهاني في “حلية الأولياء” إن علي بن الحسين لطالما اتصف بالورع في عبادته والخشية الشديدة من الله، فكان إذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة فيقال له: مالك؟ فيقول: “ما تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي” . وقال فيه الزهري وفقاً لما ورد في “سير أعلام النبلاء” للذهبي: “ما رأيت قرشياً أورع منه ولا أفضل” .
وأشار ابن كثير في “البداية والنهاية” إلى أن علياً كان كثير إخراج الصدقات خاصة في الليل، وكان له قول مأثور في ذلك فيقول: “صدقة الليل تطفئ غضب الرب، وتنور القلب والقبر، وتكشف عن العبد ظلمه يوم القيامة” . وقال محمد بن إسحاق من أعلام المحدثين: كان ناس بالمدينة يعيشون لا يدرون من أين يعيشون، ومن يعطيهم؟ فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك فعرفوا أنه هو الذي كان يأتيهم في الليل بما يأتيهم به، ولما مات وجدوا في ظهره وكتفيه أثر حمل الجراب إلى بيوت الأرامل والمساكين في الليل، وقيل: إنه كان يعول مئة أهل بيت بالمدينة ولا يدرون بذلك حتى مات .
وفي ما يتعلق بحبه الشديد للعلم أورد الذهبي في “سير أعلام النبلاء” أن علياً كان إذا دخل المسجد يتجه إلى الجلوس في حلقة زيد بن أسلم، فقال له نافع بن جبير بن مطعم: “غفر الله لك أنت سيد الناس تأتي لتجلس مع هذا العبد الأسود”، فقال له علي بن الحسين: “إنما يجلس الرجل حيث ينتفع، وإن العلم يطلب حيث كان” .
“هذا ابن فاطمة”
وذكر الأصبهاني في “الحلية” موقفاً لعلي بن الحسين مع هشام بن عبد الملك قائلاً: روي أن هشام بن عبد الملك حج في خلافة أخيه الوليد فطاف بالبيت، فلما أراد أن يستلم الحجر لم يتمكن حتى نصب له منبر فاستلم وجلس عليه، وقام أهل الشام حوله، فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين فلما دنا من الحجر ليستلمه تنحى عنه الناس إجلالاً له وهيبة واحتراماً وهو في بزة حسنة وشكل مليح، فقال أهل الشام لهشام: من هذا؟ فقال: لا أعرفه استنقاصاً به، لئلا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق وكان حاضراً: أنا أعرفه فقالوا: ومن هو؟ فأشار الفرزدق يقول: هذا الذي تَعرِف البطحاءُ وطأتَه . . والبَيْتُ يَعْرِفه والحِل والحرمُ، هذا ابنُ فاطمةٍ إن كنتَ جاهله . . بجده أنبياءُ الله قد خُتِموا . فغضب هشام من ذلك وأمر بحبس الفرزدق، فلما بلغ ذلك علي بن الحسين بعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم فلم يقبلها، وقال: إنما قلت ما قلت لله ونصرة للحق وقياماً بحق رسول الله في ذريته، ولست أعتاض عن ذلك بشيء، فأرسل إليه علي بن الحسين يقول: “قد علم الله صدق نيتك في ذلك وأقسمت عليك بالله لتقبلنها” فتقبلها منه .
وذكر الذهبي في “السير” أن ابن الحسين ترك العديد من الأقوال المأثورة منها قوله: “سادة الناس في الدنيا الأسخياء الأتقياء، وفي الآخرة أهل الدين وأهل الفضل والعلم والأتقياء، لأن العلماء ورثة الأنبياء” . وقال أيضاً: “إن قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وآخرون عبدوه رغبة فتلك عبادة التجار، وآخرون عبدوه محبة وشكراً فتلك عبادة الأحرار الأخيار” .
http://www.alkhaleej.ae/portal/63924...9b3dd48d2.aspx
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات