عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-2012
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,200
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني

(أخذ علينا العهد من رسول الله صلى الله عليه سلم)أن نواظب على صلاة التوبة كلما نذنب ذنباً وإن تكرر ذلك الذنب في كل يوم سبعين مرة أو أكثر، وذلك لأن التنصل من الذنوب مقدم على كل طاعة كالوضوء للصلاة، وقد واظبت على هذه الصلاة أول بلوغي مدة سنتين حتى كنت أعد ذنوبي عندي في دفتر فلما كثرت ذنوبي وزادت عن الحصر عجزت عن الصلاة عند كل ذنب، فيا سعادة من مات من المذنبين صغيراً ويا شقاوة من طال عمره منهم.


واعلم أنه تعالى وإن كان {حب التوابين ويحب المتطهرين} يعني المتطهرين بالتوبة أو بالماء أو بالتراب، فهو لمن لم يتب لعدم ذنبه أحب إليه تعالى كالأنبياء والملائكة، لأنهم ليس لهم ذنوب حقيقة يتوبون منها، وما قال الله تعالى {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}إلا جبرا لخلل من نفذت فيه الأقدار وتكررت عليه المعاصي، وطلب الإقالة منها فلم يقل كما أشعر به: قوله التوابين: أي من تكرر منهم التوبة بتكرر الذنب فافهم.


وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: إنما كان صلى الله عليه وسلم يقول: (إني لأتوب وأستغفر الله في اليوم كذا وكذا مرة) تشريعاً لأمته ليستنوا به، وإلا فاعتقادنا أنه صلى الله عليه وسلم لا ذنب له في نفس الأمر، إنما هو ذنب تقديري.


ولا يخفى أن التوبة من جملة المقامات المستصحبة للعبد إلى الممات لقوله تعالى {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} فلا يستغني عنها مؤمن، ولو ارتفعت درجته حتى يدخل الجنة، فتنقضي حضرة اسمه تعالى التواب لزوال التكليف، وقد يكون حكم التواب في الجنة كحكمه قبل وجود التكاليف، فيكون تواباً بالقوة لا بالفعل حقيقة.


واعلم أن من فضائل الصلاة أن العبد إذا وقف بين يدي الله عز وجل نادماً مستغفراً لا يرده الله إلا مقبول التوبة التي هي الرجوع إلى كشف الحجاب بعد أن كان محجوباً حتى وقع في الذنب، فإذا رفع حجابه وجد الله تعالى فاعلاً دون العبد إلا بقدر نسبة التكليف فقط، وهناك يخف ندمه ضرورة قهرا عليه، ولو أراد أن يندم كما كان في حال الحجاب لا يصح له وثم مقام رفيع ومقام أرفع، ولولا أن في شدة الندم تعظيم أوامر الله تعالى وتعظيم الوقوع في المخالفات لكانت شدة الندم إلى الشرك أقرب، وذلك لأنه يؤذن بترجيح كونه فاعلاً دون الحق، فمن رحمة الله تعالى بالعبد أن حبسه في مقام شركة نفسيه مع الله تعالى في الفعل حتى يحكم ذلك المقام قبل أن ينقله إلى ما فوقه.


فإن قيل: إن الأكابر من الأنبياء بكوا حتى نبت العشب من دموعهم. وبكى آدم حتى صارت دموعه بركة ماء يشرب منها الدواب والهوام نحو ثمنين سنة كما ورد، وهؤلاء لا يتصور في حقهم أنهم يرون شركة نفوسهم في الفعل مع الله تعالى إلا بقدر نسبة الفعل إليهم لأجل التكاليف، وذلك القدر ضعيف جداً لا يبكون لأجله الدم ولا الدموع الكثيرة، وهذا الأمر هو بالأصالة للأنبياء، لأن النبوة تأخذ بدايتها من بعد منتهى الولاية.


فالجواب: إن بكاء كل داعٍ إلى الله تعالى إنما هو تشريع لقومه، فيجري الله تعالى عليه صورة الندم حتى لا يسأل يوم القيامة عن تفريطه في شيء من أحوال قومه التي كلفه الله تعالى ببيانها لهم، ولا عن بيان كيفية خروجهم من ذنوبهم إذا وقعوا فيها، ويحتمل أن يكون بكاء الأكابر من باب الفتوة على قومهم فحملوا عنهم ببكائهم ذلك البكاء الذي كانوا مأمورين به بعد وقوعهم في الذنوب، فكانت تلك البركة التي نشأت من بكاء آدم عليه السلام هي دموع بنيه التي كانت متفرقة فيهم ودفعها عنهم، وهذا ما ظهر لي في هذا الوقت من الجواب عن الأكابر، فعلم أن أحداً لا يستغني عن الاستغفار سواء كشف له الحجاب أو لم يكشف فإنه إن شهد له مدخلاً في شركة الفعل فالواجب عليه سؤال المغفرة وإن لم يشهد له مدخلا فيه فالواجب عليه أيضا سؤال المغفرة قياماً بواجب نسبة التكليف إليه كما قال أبونا آدم عليه الصلاة والسلام مع معرفته بما الأمر عليه من القضاء المبرم الذي لا مرد له {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تفغر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.


فلا يخلو حال المستغفر من أحد أمرين: إما تحقيق الذنب، وإما للتشريع ويكون ندمه صورة، فتأمل ذلك وحرره، والله يتولى هداك.


- روى الترمذي وقال حديث حسن واللفظ له وابن ماجه بإسناد ضعيف مرفوعا: (من كانت له حاجة إلى الله أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء وليصل ركعتين ثم ليثن على الله تعالى، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين) .


وروى الترمذي وقال حديث حسن والنسائي واللفظ له وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين: (أن أعمى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله ادع الله تعالى أن يكشف لي عن بصري، قال أو أدعك قال: يا رسول الله إنه قد شق علي ذهاب بصري، قال: فانطلق فتوضأ، ثم صلِّ ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه إلى ربي بك أن يكشف لي عن بصري، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي).

فال عثمان بن حنيف: فرجع وقد كشف الله تعالى عن بصره.

وفي رواية للطبراني فقال: عثمان بن حنيف، فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط.


وروى الحاكم مرفوعا: (اثنتا عشرة ركعةً تصليهن من ليلٍ أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين، فإذا تشهدت في آخر صلاتك فأثن على الله عز وجل وصليِ على النبي صلى الله عليه وسلم، واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات، وقل يا أيها الكافرون سبع مرات، لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير عشر مرات، ثم قل: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، واسمك الأعظم، وجدك الأعلى، وكلماتك التامة، ثم سل حاجتك، ثم ارفع رأسك، ثم سلم يميناً وشمالاً ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيجابون) .
قال أحمد بن حرب قد جربته فوجدته حقا.

وقال إبراهيم بن علي الديلي نبنبن قد جربته فوجدته حقا.


وقال الحاكم قال لنا أبو زكريا: وقد جربته فوجدته حقا. قال الحافظ المنذري: والاعتماد في مثل هذا على التجربة لا على الإسناد. والله تعالى أعلم." اهـ

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس