عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2013
  #39
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

كتاب الصوم
التعريف به :
- الصوم لغة : الإمساك مطلقا بدليل قوله تعالى : { إني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم إنسيا } ( 1 )
وشرعا : الإمساك عن المفطر بنية مخصوصة طيلة نهار ( 2 ) قابل للصوم ( 3 )
_________
( 1 ) مريم : 26
( 2 ) من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ويحب على الأحوط إمساك جزء من الليل بعد الغروب ليتحقق استكمال النهار . وكذا قال الفقهاء بضرورة الاحتياط بالإمساك عن الطعام وغيره من المفطرات قبل طلوع الفجر لقاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
( 3 ) لأن ثمة أياما يحرم فيها الصوم سيلي ذكرها




أقسام الصوم
أولا - الصوم المفروض وهو نوعان :
- 1 - فرض أصالة : وهو صوم شهر رمضان وصوم القضاء عنه
- 2 - فرض عرضا : وهو الصوم المنذور وصوم الكفارات والصوم الذي يقوم مقام دماء الحج
ثانيا - الصوم المسنون : بعضه ثبت بدليل خاص كالتسعة الأولى من ذي الحجة وبعضه طلب بأدلة الترغيب بالصوم دون تعيين
ثالثا - الصوم المكروه
رابعا - الصوم المحرم


القسم الأول : الصوم المفروض ( صوم رمضان ) ( 1 )
دليل صوم رمضان :
- من الكتاب قوله تعالى : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه } ( 2 )
ومن السنة : ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما كما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان ) ( 3 )
وإجماع الأمة
ويكفر جاحد وجوب صوم رمضان إلا إن كان قريب العهد بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء . ومن تركه غير جاحد وجوبه من غير عذر حبس ومنع من الطعام والشراب نهارا لتحصل له صورة الصوم
_________
( 1 ) سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها ويذهبها أو لمصادفة مشروعيته وقت الرمضاء أي شدة الحر
( 2 ) البقرة : 185
( 3 ) البخاري ج 1 / كتاب الإيمان باب 1 / 8




ثبوت شهر رمضان :

- يجب صوم رمضان بأحد أمور أربعة :
- 1 - يجب - بصورة عامة - لاستكمال شعبان ثلاثين يوما
- 2 - يجب في من رأى هلال رمضان ولو كان فاسقأ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا رأيتموه ( 1 ) فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم ( 2 ) عليكم فاقدروا له ) ( 3 ) وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ) ( 4 )
- 3 - يجب بحق من أخبر برؤية الهلال من قبل من يثق به أو من قبل من يعتقد صدقه ولو كان امرأة أو صبيا عاقلا أو فاسقا وإن لم يقبل الحاكم شهادته فإن صام ثم بان أنه من رمضان أجزأه لأنه نوى الصوم بظن وصادفه فأشبه البينة
- 4 - يجب بحق من لم يره بإخبار عدل عند الحاكم وتثبت رؤيته عند الحاكم بشهادة عدل واحد حر ذكر مكلف لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : " تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه و سلم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصومه " ( 5 ) ولأنه إيجاب عبادة فقبل من واحد احتياطا للفرض
وأما هلال بقية الأشهر فلا بد لإثباته من عدلين فلا يقبل في هلال الفطر - هلال شوال - إلا شاهدان لأنه إسقاط فرض فاعتبر فيه العدد احتياطا للفرض فمن رأى هلال شوال وحده لزمه الفطر ويفطر سرا لئلا يتعرض للتهمة في دينه
وإذا رئي ببلد لزم من وافق مطلعهم مطلعه ( 6 ) والدليل على عدم وجوب الصوم إن اختلفت المطالع ما روى كريب " أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال : فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر الهلال فقال : متى رأيتم الهلال ؟ فقلت : رأيناه ليلة الجمعة . فقال أنت رأيته ؟ فقلت : نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية . فقال : لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه . فقلت : أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا هكذا أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم " ( 7 ) . ولو شك في اتفاق المطالع لم يلزم الصوم الذين لم يروا لأن الأصل عدم الوجوب ولأن الصوم إنما يجب بالرؤية للحديث ولم تثبت الرؤية في حق هؤلاء لعدم ثبوت قربهم من بلد الرؤية
وإذا رأوا الهلال بالنهار فهو لليلة المستقبلة سواء رأوه قبل الزوال أو بعده لما روى أبو وائل قال : " جاءنا كتاب عمر - رضي الله عنه - ونحن بخانقين أن الأهلة بعضها أكبر من بعض فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى تمسوا إلا أن يشهد رجلان مسلمان أنهما أهلاه بالأمس عشية " ( 8 )
ولو سافر من بلد إلى آخر ووجدهم مفطرين أو صائمين لزمته موافقتهم سواء في أول الشهر أو في آخره
وإذا اشتبه رمضان على أسير أو حبيس وجب عليه الاجتهاد ثم الصوم فإن استمر الإشكال عليه ولم يعلم أنه صادف رمضان أم لا فصومه مجزئ وكذلك إن وافق صومه رمضان أو وافق صومه ما بعد رمضان . أما إن صادف صومه ما قبل رمضان فينظر : إن أدرك رمضان بعد بيان الحال لزمه صومه بلا خلاف لتمكنه منه في وقته وإن لم يبن الحال إلا بعد مضى رمضان وجب القضاء . أما إن صام بغير اجتهاد ووافق رمضان لم يجزئ بلا خلاف
_________
( 1 ) المراد رؤية بعضكم
( 2 ) غم عليكم : أي حال بينكم وبينه غيم
( 3 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 5 / 1801
( 4 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 11 / 1810
( 5 ) أبو داود ج 2 / كتاب الصوم باب 14 / 2342
( 6 ) يقصد بذلك كون البلدين على خط طول واحد فإذا رئي بأحدهما لزم الصوم البلد الآخر ولو لم يروه
( 7 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 5 / 28
( 8 ) البيهقي ج 4 / ص 213 . وخانقين : بلدة في العراق قريبة من بغداد




شروط وجوب صوم رمضان :
- 1 - الإسلام : فلا يجب على الكافر الأصل وجوب مطالبة ويجب على المرتد وجوب مطالبة بأن نقول له : ارجع إلى الإسلام ثم صم ولا يصح منه في ردته لكن بعد عودته للإسلام يجب عليه قضاء ما فاته فترة الردة بخلاف الكافر الأصلي إذا أسلم فليس عليه أن يقضي ما فاته خلال فترة كفره لأنه لم يكن واجبا عليه آنذاك وجوب مطالبة ولحديث رواه عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : ( أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ) ( 1 )
- 2 - العقل : فلا يجب الصوم على المجنون ولا المغمى عليه ولا السكران سواء كان متعديا بجنونه أو إغمائه أو سكره أم لا لما روى على بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( رفع القلم ( 2 ) عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل ) ( 3 ) . ويجب القضاء في حالة التعدي بالجنون والسكر أما في حالة الإغماء فيجب القضاء ولو لم يكن متعديا لقوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } ( 4 ) والإغماء مرضن ويخالف الجنون فإنه نقص وكل من زال عقله بمرض أو بشرب دواء شربه لحاجة أو بعذر آخر لزمه قضاء الصوم
- 3 - البلوغ : فلا يجب الصوم على الصبي المميز لكن صومه صحيح ويؤمر به لسبع إن أطاقه ويضرب على تركه لعشر قياسا على الصلاة
- 4 - الإطاقة : ويقصد بذلك القدرة على الصوم بلا مشقة
_________
( 1 ) مسلم ج ا / كتاب الإيمان باب 54 / 192
( 2 ) معنى رفع القلم : امتناع التكليف لا أنه رفع بعد وضعه
( 3 ) أبو داود ج 4 / كتاب الحدود باب 16 / 4406
( 4 ) البقرة : 184


شروط صحة الصوم ( 1 ) :

- أولا : النية : لما روى عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله : ( إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى ) ( 2 ) ولأنه عبادة محضة فلم يصح من غير نية كالصلاة
وتجب النية لكل يوم لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة فلو نوى من أول ليلة في رمضان صوم جميعه لم يجزئ إلا عن أول يوم لكن يسن له ذلك ليصح صوم النهار الذي نسيها فيه على مذهب الإمام مالك ( 3 ) كما يسن له أن ينوي أول النهار الذي نسيها فيه ليصح صومه على مذهب الإمام أبو حنيفة ( 4 ) هذا إن نوى عندئذ تقليده فإذا لم ينو التقليد كان متلبسا بعبادة فاسدة وهذا حرام . وإن نسى النية في ليلة من الليالي ولم يقلد المذاهب الأخرى وجب عليه قضاء ذلك اليوم
محل النية : محل النية القلب وتكون بأن يستحضر حقيقة الصوم التي هي الإمساك عن المفطر جميع النهار بقلبه ولا تكفي النية باللسان دون القلب لكن يندب النطق بها ليساعد اللسان القلب
ولو نوى الصوم وهو في الصلاة أو في حالة الجماع أو في أثناء الأكل صحت نيته . ويشترط في نية صوم الفرض أمران :
- 1 - التبييت : فلا بد من إيقاع النية ليلا بدليل قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي روته حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم : ( من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له ) ( 5 ) . ويصح التبييت في أي جزء من الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر أما إن قارنت النية الفجر فلا يصح صومه وعليه القضاء . ولا يضر الأكل والشرب والجماع بعد النية وكذا الجنون والسكر والإغماء والنوم
وإذا شك قبل الغروب هل وقعت نيته قبل الفجر أم بعده لم يصح للتردد بالنية أما لو شك هل طلع الفجر أم لا بعد أن كان ناويا فيصح ذلك وأما لو شك بعد الغروب هل نوى أم لا ولم يتذكر فلا يؤثر لمشقة إعادة الصوم ( 6 )
ولو عقب النية بقوله : إن شاء الله بقلبه أو بلسانه فإن قصد التبرك أو وقوع الصوم وبقاء الحياة إلى تمامه بمشيئة الله تعالى لم يضره وإن قصد تعليقه والشك لم يصح صومه ومثله ما لو قال : أصوم غدا إن شاء فلان أو إن نشطت لم يصح صومه لعدم الجزم
- 2 - التعيين : فلا يصح الصيام دون تعيين نوع الفرض هل هو كفارة ( 7 ) أو نذر ( 8 ) أو أداء أو قضاء عن رمضان لقوله صلى الله عليه و سلم ( وإنما لامرئ ما نوى ) فهذا ظاهر في اشتراط التعيين
وإذا كان على المرء قضاء اليوم الأول من رمضان فصام ونوى قضاء اليوم الثاني فلا يجزئ وكذا لو كان عليه قضاء يوم من رمضان سنة فنوى قضاءه من صوم أخرى غلطا لا يجزئه وإن كان لو أطلق نيته عن واجبه في الموضعين أجزأه
وينبغي أن تكون النية جازمة فلو نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد إن كان من رمضان وإلا فهو مفطر أو متطوع فكان منه لم يجزئه صوم ذلك اليوم عن رمضان إلا إذا ظن كونه منه حين نوى وذلك بقول من يثق به لأن غلبة الظن هنا كاليقين كما في أوقات الصلوات فتصح النية المبنية عليه
وأقل النية في صوم رمضان : نويت صوم رمضان أو نويت الصوم عن رمضان فلا تجب نية الغد ولا أداء ولا إضافة لله تعالى ولا تعيين السنة
وأكملها : نويت صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة إيمانا واحتسابا لله تعالى
أما نية صوم النفل فلا يشترط فيها التبييت ( 9 ) بل تجزئه النية قبل الزوال بشرط انتفاء المفطرات قبلها لما ورد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : " دخل علي النبي صلى الله عليه و سلم ذات يوم فقال : ( هل عندكم شيء ؟ ) فقلنا : لا . قال : ( فإني إذن صائم ) . ثم أتانا يوما آخر فقلنا : يا رسول الله أهدي لنا حيس ( 10 ) . فقال : ( أرينيه فلقد أصبحت صائما فأكل ) " ( 11 )
وكذا لا يجب التعيين فتصح نية النفل بقصد القلب ما معناه : نويت صوم غد لله تعالى
إلا أن يكون صوما مرتبا كصوم عرفة وعاشوراء وأيام البيض وستة من شوال وغيرها فيشترط في صومها التعيين لتحصيل ثوابها المعين أما الصوم فصحيح وإن لم يعين
_________
( 1 ) مطلقا سواء كان الصوم مفروضا أو مسنونا
( 2 ) مسلم ج 3 / كتاب الإمارة باب 45 / 155
( 3 ) عند الإمام مالك تكفي نية صوم جميع الشهر في أول ليلة منه
( 4 ) يصح صوم رمضان عنده بنيته إلى قبل الزوال كل يوم
( 5 ) النسائي ج 4 / ص 196
( 6 ) بخلاف الصلاة فعليه الإعادة إذا شك بعد السلام بالنية
( 7 ) دون تعيين الكفارة عن يمين أو ظهار
( 8 ) دون تعيين نوع النذر : تبرر أو لجاج
( 9 ) أما في صوم الصبي رمضان فيجب تبيت النية رغم أن صومه يقع نفلا
( 10 ) الحيس : هو طعام يتخذ من تمر وسمن وغيرهما
( 11 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 32 / 170


- ثانيا - الإمساك عن الجماع عمدا ( 1 ) وإن لم ينزل والإمساك عن الاستمناء : أما الجاهل المعذور بجهله والمكره فالجماع غير مفطر في حقهما وكذا الجماع ناسيا للصوم فهو كالأكل ناسيا لا يفطر لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر فإنما هو رزق رزقه الله ) ( 2 ) فالنص هنا على الأكل والشرب ويقاس عليه الجماع وسائر المفطرات
ويفطر بخروج المني من مباشرة ولو لم يجامع لذلك حرمت المباشرة إن حركت شهوة لخوف الإنزال أما الإنزال بلا مباشرة فلا يفطر
_________
( 1 ) العمد : هو فعل الشيء مختارا مع علمه بالتحريم
( 2 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 26 / 721


- ثالثا - الإمساك عن الاستقاءة ( 1 ) : والاستقاءة مفطرة ولو تيقن عدم رجوع شيء إلى جوفه ولا يضر تقيؤه بغير اختيار مهما كثر بشرط ألا يبلع منه شيئا فإذا ابتلع شيئا باختياره أفطر وعليه القضاء لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدا فليقض ) ( 2 )
أما إن كان ناسيا أنه صائم واستقاء فلا يفطر وكذا لو كان جاهلا معذورا في جهله أو كان مكرها فلا يفطر
_________
( 1 ) الاستقاءة : التقيؤ عمدا
( 2 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 25 / 720


- رابعا - الإمساك عن وصول عين إلى ما يسمى جوفا هن منفذ مفتوح :
فأما العين : فيدخل فيها دخان اللفائف ( 1 ) والتنباك ( 2 ) فيفطران الصائم لأن لهما أثرا يشاهد في باطن العود وكذلك ابتلاع ما لا يؤكل في العادة كقطع النقد والتراب والحصاة والحشيش والحديد والخيط
ويستثنى من العين المفطرة الريح والطعم ولو وجد ذاك الطعم في الفم
كما يستثنى وصول ذباب أو بعوض أو غبار طريق أو غربلة دقيق إلى الجوف لعسر التحرز منه وكدا لو خرجت مقعدة المبسور فأعادها فلا يضر لعذره وكذا لو بقي طعام بين أسنانه فجرى به ريقه حتى دخل جوفه من غير قصد لم يضر إن عجز عن تمييزه ومجه أما النخامة فإذا خرجت إلى مخرج الخاء ثم ابتلعها فإنه يفطر . وكذا لا يضر وصول الريق الخالص الطاهر من معدنه ( 3 ) إلى جوفه بخلاف غير الخالص وغير الطاهر كالمختلط بدم فإنه يفطر إلا أنه يعفى عنه بحق من ابتلي بنزف اللثة وبخلاف الخارج من غير معدنه كما لو جمعه على شفتيه ثم بلعه فهذا يضر أما إذا خرج على لسانه ثم ابتلعه فلا يفطر . وكذا لو سبق ماء المضمضة أو الاستنشاق شريطة عدم المبالغة فيهما أو سبق ماء غسل مطلوب - ولو مندوبا كغسل الجمعة - إلى الجوف فلا يضر لتولده من مأمور به أما إذا سبق الماء إلى الجوف نتيجة المبالغة فإنه يفطر لأن المبالغة منهي عنها في الصوم لما روى لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال : " قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال : ( أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ) " ( 4 ) . وكذا ماء الغسلة الرابعة في الوضوء وإن لم يبالغ فإنه مفطر إن سبق إلى الجوف أما إذا سبق الماء إلى الجوف نتيجة المبالغة في غسل النجاسة ( 5 ) فلا يفطر لأن إزالة النجاسة واجبة وأما ماء الغسل غير المطلوب كغسل التبرد والنظافة فسبقه إلى الجوف مفطر وأما الماء الذي يضعه الصائم على فمه للتبرد أو لدفع عطش فلا يضر سبقه لشدة الحاجة إليه وكذا الأكل والشرب ناسيا للصوم لا يفطر لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ) ( 6 )
ولا يضر الأكل والشرب مكرها بل يبقى الصيام صحيحا بخلاف ما لو فعل ذلك جاهلا كونه مفطرا فإنه يفطر إلا إذا كان الجاهل معذورا لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم ( إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) ( 7 )
وإن تبين للصائم يقينا طلوع الفجر وهو لم يزل يأكل وجب عليه إعادة صوم ذاك اليوم ولو طلع الفجر وفي فمه طعام فليلفظه فإن فعل صح صومه وإن ابتلعه أفطر فلو لفظه في الحال فسبق منه شيء إلى جوفه بغير اختياره فلا يفطر
وأما الجوف : فيشمل جوف الإنسان كله فلو أدخلت المرأة إصبعها في فرجها أثناء الاستنجاء أو الغسل ولو بقصد النظافة ولو بمقدار رأس الإصبع فإنها تفطر . ومثله حك الأذن من داخلها بشيء صلب أما بالإصبع فلا يفطر ما لم تصل إلى الصماخ . والقطرة في الأذن والأنف تفطر أما في العين فلا ولو وجد طعمها في حلقه لأن العين ليس بمنفذ مفتوح . وكذا الحقنة والتحميلة فإنهما تفطران سواء كانتا في قبل أو دبر . أما لو أدخلت في الفرج قطعة قطن عليها دواء أثناء الإفطار بحيث تتجاوز ما يظهر أثناء قضاء الحاجة فإذا بقيت إلى ما بعد الفجر فلا تفطر ومثله موانع الحمل الآلية لا تضر بالصوم ما وضعت في الإفطار
وأما المنفذ المفتوح : فإما أن يكون مفتوحا أصالة مثل الأذن والفم والأنف والشرج أو مفتوحا بواسطة جرح مثل المأمومة ( 8 ) لذا لا يضر وصول الكحل من العين أو الدهن أو ماء الغسل من تشرب مسام البشرة وكذا الحقن العضلية والوريدية لا تفطر بكل أنواعها ولو كانت للتغذية
_________
( 1 ) السجائر
( 2 ) النرجيلة [ أي التبغ الذي يوضع فيها . دار الحديث ]
( 3 ) الغدة التي تفرزه
( 4 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 69 / 788
( 5 ) كإزالة الدم من الفم أو الأنف
( 6 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 33 / 171
( 7 ) ابن ماجة ج 1 / كتاب الطلاق باب 16 / 2045
( 8 ) المأمومة : جراحة في الرأس بحيث تبلغ أم الدماغ



- خامسا - الإسلام : ويقصد بذلك الإسلام الحالي فلا يصح صوم المرتد الذي كان مسلما لأن شرط العمل النية وشرط النية الإسلام

- سادسا - النقاء من الحيض والنفاس : فلا يصح الصوم من الحائض والنفساء بل يحرم عليهما بالإجماع . وإذا نقيت من الحيض أو النفاس قبل الفجر صح صومها ولو لم تغتسل طيلة النهار حتى أذان المغرب وكذا من احتلم أثناء النهار أو أصبح جنبا يصح صومه ولو لم يغتسل روت عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصومه " ( 1 ) . أما إذا نقيت من الحيض أو النفاس بعد الفجر ولو بقليل لم يصح صوم ذاك النهار إلا أنه يسن لها الإمساك عن المفطرات تتمة اليوم وعليها القضاء
وأما لو حاضت بعد أذان المغرب ولو بقليل فيصح صوم يومها وليس عليها إعادته
_________
( 1 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 25 / 1830

- سابعا - العقل جميع النهار : فلو طرأ الجنون ولو لحظة أثناء النهار ما صح صوم ذاك اليوم بخلاف الإغماء والسكر فإن صومه صحيح ما لم يستغرقا النهار جميعه فإن أفاق ولو لحظة من النهار صح صومه . أما النوم فلا يضر ولو استغرق جميع النهار ما نوى قبل نومه

(1/537)

- ثامنا - صلاحية الوقت للصوم : فلا يصح صوم الأيام التي حرم الصوم فيها والتي سيأتي تفصيلها في قسم الصوم المحرم

(1/538)

حالات الإفطار في رمضان

(1/539)

حكم الفطر في كل من حالتي المرض والسفر :

(1/540)

- 1 - في المرض : يجوز الفطر بشكل عام وإذا كان المرض مطبقا جاز له ترك النية وأما إن كان يحم وقتا دون وقت فإن كان محموما وقت الشروع جاز له ترك النية وإلا فعليه أن ينوي فإن عاد المرض واحتاج إلى الإفطار أفطر
ويختلف حكم الإفطار في المرض باختلاف شدة المرض :
( 1 ) إن تحقق أن الصوم يؤدي إلى ضرر يبيح التيمم ( 1 ) أو إلى هلاك فيحرم عليه الصوم ويجب الإفطار فإذا استمر صائما حتى مات مات عاصيا لمخالفة قول الله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ( 2 ) وقوله تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } ( 3 ) "
( 2 ) إن خاف أو توهم من الصوم ضررا يبيح التيمم كره له الصوم وجاز له الفطر
( 3 ) وإن كان مريضا مرضا خفيفا بحيث لا تحصل له بالصوم مشقة تبيح التيمم كمصاب بصداع أو ألم سن أو أذن . . . لم يجز له الفطر ويجب الصوم ما لم يخف الزيادة . ولمن غلب عليه الجوع والعطش بحكم مهنته كالحصادين والعمال في الطريق . . . حكم المريض صوما وفطرا
- 2 - في السفر : يجوز الفطر للمسافر سفر قصير مباح قبل الفجر سواء خاف مشقة شديدة أم لم يخف
وسفر القصر : هو السفر المبيح لقصر الصلاة وهو ما كان لمسافة واحد وثمانين كيلو مترا فما فوق ولا عبرة لوسيلة النقل
والمباح : ما لم يكن لمعصية أو بمعصية
وقولنا قبل الفجر يخرج به ما لو طرأ السفر على الصوم فلا يجوز الفطر بخلاف المريض . والأدلة على جواز الفطر في الحالة المذكورة : قوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } ( 4 ) . وما روت عائشة رضي الله عنها " أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صلى الله عليه و سلم أأصوم في السفر ؟ فقال : ( إن شئت فصم وإن شئت فأفطر ) " ( 5 ) . وعن أنس رضي الله عنه قال : " كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم " ( 6 )
ولو نوى الصيام في الليل ثم سافر ولا يعلم هل سافر قبل الفجر أو بعده فليس له الفطر لأنه يشك في مبيح الفطر ولا يباح له بالشك
والجواز بالإفطار في هذه الحالات طيلة مدة غيابه إن كانت مدة مكوثه في البلدة التي سافر إليها ثلاثة أيام أو أقل أما إن كانت مدة إقامته أربعة أيام أو أكثر عدا يومي الدخول والخروج فيعتبر مقيما وعليه أن يصوم من أول يوم وصل فيه إلى بلد المقصد . أما إن كان يديم السفر كالسائق فلا يباح له الفطر لأنه يؤدي إلى إسقاط الوجوب كلية
وبصورة عامة : الصوم في السفر أفضل من الفطر إن لم يتضرر به لأن فيه تعجيلا لبراءة الذمة وعدم إخلاء الوقت من العبادة . أما إذا تضرر به فالفطر أفضل بدليل ما رواه جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه . فقال : ( ما هذا ؟ ) قالوا : صائم . فقال : ( ليس من البر الصوم في السفر ) " ( 7 ) . وإن غلب على ظنه تلف نفس أو عضو أو منفعة بسبب الصوم حرم عليه . ويقول الغزالي : ولو لم يتضرر من الصوم في الحال لكن يخشى منه الضرر في المستقبل فالفطر أفضل
وإذا زال سبب جواز الفطر بالشفاء أو الإقامة أثناء النهار ولم يكن الشخص مبيتا نية الصوم فيسن له الإمساك أما إذا كان مبيتا النية فيجب عليه الاستمرار بالصوم
وفيما يلي تفصيل حالات الفطر في رمضان مع حكم كل منها وما يجب على المفطر من قضاء وفدية :
_________
( 1 ) يقصد بذلك خوفه أن يؤدي الصوم إلى مرض أو ازدياد مرض أو بقائه أو ذهاب منفعة عضو
( 2 ) البقرة : 195
( 3 ) النساء : 29
( 4 ) البقرة : 184
( 5 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 33 / 1841
( 6 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 36 / 1845
( 7 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 35 / 1844

(1/541)

أولا - حالة وجوب الفطر مع وجوب القضاء :

(1/542)

- وهي حالة الحائض والنفساء والدليل على ذلك ما ورد عن عائشة رضى الله عنها قالت : كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة " ( 1 ) فوجب القضاء على الحائض بالخبر وقيس علها النفساء لأنها في معناها . فإن طهرتا في أثناء النهار استحب لهما أن تمسكا بقية النهار ولا يجب كالصبي إذا بلغ والمجنون إذا أفاق
_________
( 1 ) مسلم ج ا / كتاب الحيض باب 35 / 1844

(1/543)

ثانيا - الإفطار الجائز والموجب للقضاء والفدية ( 1 ) :

(1/544)

- 1 - الحامل والمرضع ( 2 ) إن خافتا على الولد فقط فأفطرتا
- 2 - من أفطر لإنقاذ حيوان أو إنسان مشرف على الهلاك خوفا عليه فقط
- 3 - من أخر القضاء إلى رمضان آخر من غير عذر ( 3 ) . وتتكرر الفدية بتكرر السنين وإذا مات الشخص بعد أن أتى عليه رمضان آخر ولم يقض ما عليه من رمضان السابق بدون عذر فيجب على الوارث أن يخرج فديتين فدية عن قضاء اليوم وفدية عن تأخير قضائه فإذا صام عنه تسقط فدية القضاء وتبقى فدية التأخير
_________
( 1 ) سيرد بيان ماهية الفدية بعد سرد حالات الإفطار وما يجب فيها
( 2 ) ولو كانت مستأجرة
( 3 ) خرج بذلك ما لو استمر مريضا أو مسافرا حتى أتى رمضان آخر أو من أخر القضاء لنسيان أو جهل حرمة التأخير ولو لم يكن معذورا بجهله

(1/545)

ثالثا - الإفطار الموجب للفدية دون القضاء :

(1/546)

- 1 - الشيخ الهرم ( 1 ) والمريض مرضا لا يرجى برؤه إن عجز كل منهما عن الصوم بحيث لو صام لحقته مشقة لا تحتمل عادة أو مرض يبيح التيمم لقول ابن عباس رضي الله عنهما في شرح قوله تعالى : { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين . . . } " هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا " ( 2 ) . وروى البيهقي : " أن أنسا رضي الله عنه ضعف عاما قبل موته فأفطر وأمر أهله أن يطعموا مكان كل يوم مسكينا " ( 3 )
فهؤلاء يفطرون ويخرجون فدية عن كل يوم أفطروا فيه ولا يجوز إخراجها قبل رمضان وإنما تخرج بعد دخول ليلة ذلك اليوم
أما إن أصبح الهرم أو المريض قادرا على الصوم فلا يجب عليه قضاء ما أفطره . لكن يجب عليه الصوم منذ أن أصبح قادرا عليه
- 2 - من مات وعليه صوم فائت من رمضان أو غيره ففي حكمه تفصيل :
( 1 ) إن فاته الصيام لعذر ولم يتمكن من القضاء لاستمرار العذر كأن مرض واستمر المرض إلى أن مات فلا إثم عليه فيما فات وليس على الوارث الفدية
( 2 ) إن فاته الصيام لعذر إلا أنه تمكن من القضاء ولكن مات قبل أن يقض أو فاته الصيام بلا عذر ولم يتمكن من القضاء أو فاته الصيام بلا عذر وتمكن من القضاء ففي هذه الحالات الثلاث يجب على الوارث إخراج فدية عن كل يوم صيام فائت عن الميت من تركته وتنتقل الفدية من ذمة الميت إلى ذمة الوارث فإن لم تكن للميت تركة جاز للولي بل وللأجنبي أيضا ولو من غير إذن إخراج الفدية عن الميت من ماله الخاص لأنه من قبيل وفاء الدين عن غيره وهو صحيح . فإن لم يف أحد عنه فتبقى الفدية معلقة بذمة الميت فإن شاء الله غفرها وعفا عنه برحمته
أما مسألة الصوم عن الميت لقضاء دينه ففي الأقوى من مذهبي الشافعي رضي الله عنه هنا أنه يسن أن يصوم عن الميت قريبه أو من أذن له الوارث أو الميت بأجرة أو بدون أجرة لحديث عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : " جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها ؟ قال : ( أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها ؟ ) قالت : نعم . قال : ( فصومي عن أمك ) " ( 4 ) . ولأنه عبادة تجب بإفسادها الكفارة فجاز أن يقضى عنه بعد الموت كالحج
_________
( 1 ) من بلغ الثمانين أو السبعين أو أقل فالهرم يختلف باختلاف الأشخاص
( 2 ) البخاري ج 4 / كتاب التفسير / البقرة باب 27 / 4235
( 3 ) البيهقي ج 4 / ص 271
( 4 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 27 / 156

(1/547)

رابعا - الإفطار الموجب للقضاء دون الفدية :

(1/548)

- 1 - قضاء على التراخي :
( 1 ) المريض مرضا يرجى برؤه
( 2 ) المسافر سفرا طويلا
( 3 ) الحامل والمرضع إن خافتا على أنفسهما فقط أو على أنفسهما والولد
( 4 ) فن أفطر خوفا على نفسه لإنقاذ حيوان مشرف على الهلاك أو أفطر خوفا على نفسه وعلى الحيوان أو الإنسان الذي أنقذه
( 5 ) من أخر القضاء إلى رمضان آخر بسبب استمرار العذر
وقد تقدم أن الحائض والنفساء يجب عليهما كما الفطر مع وجوب القضاء والقضاء بحقهما على التراخي أيضا
ويستحب أن يقضى ما عليه متتابعا لما روى أبو هريرة رض الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من كان عليه صوم رمضان فليسرده ولا يقطعه ) ( 1 )
- 2 - قضاء على الفور :
( 1 ) المتعدي بفطره
( 2 ) المرتد إذا أسلم
( 3 ) المجنون والسكران والمغمى عليه المتعدون بذلك
( 4 ) من ترك تبييت النية عمدا أو سهوا ولم يقلد
( 5 ) من أصبح يوم الشك ( 2 ) مفطرا ثم ثبت أنه من رمضان
_________
( 1 ) البيهقي ج 4 / ص 259
( 2 ) يوم الشك : هو يرم الثلاثين من شعبان إن غمت ليلته وشك الناس هل هو من شعبان أو من رمضان

(1/549)

خامسا - الإفطار غير الموجب للقضاء ولا الفدية :

(1/550)

- الصبي إذا بلغ والمجنون غير المتعدى بجنونه إذا أفاق ( 1 ) والكافر الأصلي إذا أسلم لأن هؤلاء ليسوا مكلفين أصلا لأن كلا منهم فاقد لشرط من شرائط الوجوب فالأول البلوغ والثاني العقل والثالث الإسلام على أنه يسن لهم جميعا الإمساك حال زوال المانع ولا يجب فإن لم يمسكوا استحب لهم ألا يأكلوا بحضور من لا يعرف أحوالهم لكيلا يعرضوا أنفسهم للتهمة في دينهم ومثلهم في هذا الحائض والنفساء إذا طهرتا في النهار
_________
( 1 ) أما المرتد إذا جن فعليه القضاء إذا عاد إلى الإسلام وعاد إليه المقل لأنه لا يستفيد من الرخص

(1/551)

سادسا - الإفطار المحرم الموجب للقضاء والكفارة ( 1 ) الكبرى :

(1/552)

- وهو إفطار من وطئ في الفرج في نهار رمضان عامدا مختارا وهو مكلف بالصوم عالم بالتحريم وكان قد نوى من الليل . وهو آثم بهذا الوطء لأجل الصوم
ولا تجب الكفارة على الموطوء ذكرا كان الموطوء أو أنثى ولو كان الموطوء متسببا بالوطء أو مطاوعا . ولا تجب على الواطئ ناسيا للصوم أو مكرها أو جاهلا للتحريم معذورا بجهله كأن كان قريب عهد بالإسلام أو ناشئا بعيدا عن العلماء أما إن كان جاهلا وجوب الكفارة فقط فتبقى واجبة عليه . ولا بحب كذلك على من كان مفطرا في رمضان لعذر كمرض أو سفر وجامع في النهار ولا على من أفطر عمدا بالأكل والشرب ثم وطئ لأن جماعه كان وهو مفطر . ماهية الكفارة الكبرى :
هي عتق رقبة مؤمنة سواء كانت ذكرا أو أنثى سليمة من العيوب المخلة بالعمل أو الكسب . فإن لم يجد إما لفقدانها أو لعدم الاستطاعة على دفع ثمنها فعليه صيام شهرين متتابعين فضلا عن قضاء اليوم الذي وجبت الكفارة لفطره فلو أفطر يوما ولو بعذر كسفر أو مرض انقطع التتابع ووجب الاستئناف ولو كان الإفطار في اليوم الأخير من الشهرين . أما إذا لم يستطع الصيام أو التتابع فإطعام ستين مسكينا ممن لا تلزمه نفقتهم ولا يجزئ عن ذلك أن يطبخ ويدعو ستين مسكينا على غداء أو عشاء وإنما يجب التمليك أي تمليك كل واحد منهم مدا ( 2 ) من غالب قوت البلد ولا يصح أن يعطي مسكينا واحدا ستين مدا في يوم واحد لكن يصح إعطاء المسكين نفسه ستين مدا ستين يوما في كل يوم مد . فإن عجز عن الكفارة بأنواعها الثلاثة استقرت في ذمته لأنها بسبب منه
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : هلكت يا رسول الله . قال : ( وما أهلكك ؟ ) قال : وقعت على امرأتي في رمضان . قال : ( هل تجد ما تعتق رقبة ؟ ) قال : لا . قال : ( فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ ) قال : لا . قال : ( فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا ؟ ) قال : لا . قال : ثم جلس . فأتي النبي صلى الله عليه و سلم بعرق ( 3 ) فيه تمر فقال : ( تصدق بهذا ) . قال : أفقر منا ؟ فما بين لابتيها ( 4 ) أهل بيت أحوج إليه منا . فضحك النبي صلى الله عليه و سلم حتى بدت أنيابه ثم قال : ( اذهب فأطعمه أهلك ) " ( 5 )
وإن توفي وجب على وارثه أن يخرجها من تركته وإن لم يكن له تركة جاز للولي أن يتحملها عنه بالصيام أو بماله الخاص وإلا بقيت في ذمته فإن شاء الله غفرها وعفا عنه وإلا حوسب عليها . وإن صام عنه ستون رجلا في يوم واحد صح ذلك
تكرار الكفارة الكبرى : الكفارة واجبة على الإفطار بالجماع عن كل يوم من أيام رمضان ولو تعددت الوطأات أو تعددت الموطوءات في اليوم الواحد فالكفارة متعلقة بعدد الأيام لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة
سقوطها : تسقط الكفارة الكبرى بطروء الموت أو الجنون في نفس النهار الذي أبطل صومه لانقطاع التكليف عنه ذلك إن لم يكن متعديا بهما ولا تسقط بطروء المرض أو السفر أو الإعسار
_________
( 1 ) سميت كفارة من الكفر : وهو الستر سميت كذلك لأنها تستر الذنب وتذهبه هذا في الأصل ثم استعملت فيما وجد فيه صورة مخالفة أو انتهاك وإن لم يكن فيه إثم كالقاتل خطأ وغيره
( 2 ) المد : إناء مكعب طول حرفه 2

(1/553)

9 - سم ويعادل وزن ملئه حنطة ثلاث أوقيات تقريبا [ أي ست مائة غرام . دار الحديث ]
( 3 ) العرق : القفة وعاء معروف
( 4 ) لابتى المدينة : حرتيها والحرة هي الأرض ذات الحجارة السود
( 5 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 14 / 81

(1/554)

الفدية ( الكفارة الصغرى ) :

(1/555)

- وهى إطعام مد من غالب قوت البلد إلى مسكين عن كل يوم ولا يجوز إخراج القيمة ( 1 ) ولا يجوز إخراجها قبل رمضان وإنما تخرج بعد دخول ليلة الصيام . وتجب على كل من ذكر في حالات الإفطار السابق ذكرها الموجبة للفدية دون القضاء أو للفدية مع القضاء
_________
( 1 ) أما عند الحنفية فمقدارها نصف صاع بر أو صاع تمر أو زبيب ويجوز إخراج القيمة . فالشافعي إن أراد أن يخرج القيمة قلد الحنفية وأخرج قيمة نصف الصاع لا قيمة المد . والصاع في عصر الإمام أبي حنيفة يساوي 4 كغ تقريبا . فنصف الصاع يساوي 2 كغ تقريبا

(1/556)

القسم الثاني : الصوم المسنون

(1/557)

- دليله : ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ) ( 1 )
_________
( 1 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 31 / 167

(1/558)

- أقسامه :
- 1 - ما يتكرر بتكرر السنين :
( 1 ) صوم يوم عرفة لغير الحاج والمسافر لحديث عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ) ( 1 ) . أما الحاج فإذا وصل إلى عرفة ليلا سن له صومه وإلا سن له فطره
والأحوط صوم الثامن من ذي الحجة
( 2 ) صوم عشر ذي الحجة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ) فقالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) " ( 2 )
( 3 ) صوم عاشوراء وتاسوعاء : وهما التاسع والعاشر من شهر محرم لحديث رواه أبو قتادة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ) ( 3 ) . وروى ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) ( 4 ) . والأحوط صوم عاشوراء وصوم يوم قبله ويوم بعده
( 4 ) صوم ست من شوال لحديث عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر ) ( 5 ) . والأفضل صومها متصلة بيوم العيد متتابعة ولكن تحصل السنة بصومها غير متصلة به ولا متتابعة
( 5 ) صوم الأشهر الحرم وهي : ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب . وكذلك صوم شعبان وأفضلها صوم محرم ثم باقي الأشهر الحرم ثم شعبان لحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) ( 6 ) . إلا أنه ورد عنه صلى الله عليه و سلم أنه ما صام شهرا كاملا عدا رمضان إلا شهر شعبان فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه لما قال : " قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان قال : ( ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع الأعمال فيه إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) " ( 7 )
- 2 - ما يتكرر بتكرر الشهور وهي الأيام البيض ( 8 ) عن أيما ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ) ( 9 ) . والأيام السود ( 10 )
- 3 - ما يتكرر بتكرر الأسابيع :
( 1 ) صوم يومي الاثنين والخميس فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يتحرى صوم الاثنين والخميس " ( 11 ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم " ( 12 )
- 2 - صوم يوم لا يجد فيه ما يأكله لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم : ( . . . فإني إذن صائم )
- 3 - أفضل الصيام صوم يوم وإفطار يوم لقوله صلى الله عليه و سلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( صم يوما وأفطر يوما فذلك صيام داود عليه السلام وهو أفضل الصيام ) ( 13 )
أما صوم الدهر فيسن لمن لم يخف ضررا أو فوت حق
ويجوز لمن صام متنفلا أن يفطر ويسن له القضاء على أنه يستحب له الإتمام وعدم الخروج لا لعذر لقوله تعالى : { ولا تبطلوا أعمالكم } ( 14 ) . وخروجا من خلاف العلماء
_________
( 1 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 36 / 196
( 2 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 52 / 757
( 3 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 36 / 196
( 4 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 20 / 134
( 5 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 39 / 204
( 6 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 38 / 202
( 7 ) النسائي ج 4 / ص 201
( 8 ) الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري وسميت كذلك لاستضاءة السماء فيها بنور القمر
( 9 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 54 / 761
( 10 ) وهى الثامن والعشرون والتاسع والعشرون والثلاثون من كل شهر قمري
( 11 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 44 / 745
( 12 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 44 / 747
( 13 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 55 / 1875
( 14 ) محمد : 33

القسم الثالث : الصوم المكروه

(1/560)

- 1 - يكره إفراد يوم الجمعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو بعده " ( 1 )

(1/561)

2 - وكذا إفراد يوم السبت أو الأحد لحديث عبد الله بن بسر عن أخته رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم " ( 2 ) . ولأن اليهود تعظم يوم السبت والنصارى تعظم يوم الأحد
فإن لم يفرد ذلك ووصله بما قبله أو بعده فلا كراهة وكذا إن وجد سبب من عادة أو نذر
- 3 - ويكره صيام الدهر إن خاف ضررا أو فوات حق
- 4 - ويكره التطوع بصيام يوم وعليه قضاء فرض
- 5 - ويكره صوم المريض والمسافر والحامل والمرضع والشيخ الكبير في رمضان وغيره إذا خافوا مشقة شديدة
- 6 - ويكره صوم يوم الشك ( 3 ) لقول عمار بن يا سر رضي الله عنهما : " من صام اليوم الذي يشك فيه الناس فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه و سلم ( 4 ) " أما إذا وافق ذلك عادة له في تطوعه أو من كان عليه صوم نذر أو قضاء أو كفارة فلا يكره بحقه
- 7 - وكذا يكره صوم النصف الأخير من شعبان لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا " ( 5 ) إلا لورد أو نذر أو قضاء أو كفارة فلا كراهة وكذا من وصل ما بعد النصف بما قبله ولو بيوم كأن يصوم يوم النصف ويستمر صائما إلى ما بعده فهذا تجوز له المتابعة . وأما إذا وصل بما قبله ثن أفطر فيكره له الصوم ثانية بلا سبب
_________
( 1 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 62 / 1884
( 2 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 43 / 744
( 3 ) قال الأسنوي : " وهو المعروف المنصوص الذي عليه الأكثرون والمعتمد في المذهب تحريمه كما في الروضة والمنهاج والمجموع " . وكذلك الحال بالنسبة لصوم النصف الأخير من شعبان
( 4 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 3 / 686
( 5 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 38 / 738

(1/562)

القسم الرابع : الصوم المحرم

(1/563)

- وهو صوم يومي عيد الفطر وعيد الأضحى لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن صوم يوم الفطر والنحر " ( 1 ) . وصوم أيام التشريق ( 2 ) وهي اليوم الثاني والثالث والرابع من أيام عيد الأضحى لحديث نبيشة الهذلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله " ( 3 ) فإن صام لم يصح صومه
ويحرم على المرأة صوم التطوع وزوجها حاضر إلا بإذنه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه " ( 4 ) . ولأن حق الزوج فرض فلا يجوز تركه بنفل فإن صامت فالصوم صحيح وهي آثمة . وأما صومها التطوع في غيبة زوجها عن بلدها فجائز لمفهوم الحديث ولزوال معنى النهي
_________
( 1 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 65 / 1890
( 2 ) سميت كذلك لأن الحجاج يشرقون فيها لحوم الأضاحي والهدايا أي ينشرونها ويقددونها وهي الأيام المعدودات التي ذكرها الله سبحانه
( 3 ) مسلم ج 2 / كتاب الصيام باب 23 / 144
( 4 ) البخاري ج 5 / كتاب النكاح باب 84 / 4896

(1/564)

ما يستحب في الصيام :

(1/565)

- 1 - تعجيل الفطر إن تحقق غروب الشمس لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " ( 1 )
- 2 - أن يكون الفطر على رطبات وإلا فتمرات وإلا فماء وتحصل السنة برطبة واحدة وبالاثنتين والأكمل بثلاث لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لن تكن رطبات فتميرات فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء " ( 2 )
- 3 - أن يقول عقب الفطر " " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت وبك آمنت ولك أسلمت وعليم توكلت ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله يا واسع المغفرة اغفر لي الحمد لله الذي أعانني فصمت ورزقني فأفطرت اللهم وفقنا للصيام وبلغنا فيه القيام وأعنا عليه والناس نيام وأدخلنا الجنة بسلام " ذلك لأن الصائم دعاؤه مستجاب لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد " ( 3 )
- 4 - السحور : لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " تسحروا فإن في السحور بركة " ( 4 ) ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " استعينوا بطعام السحر على صيام النهار وبالقيلولة على قيام الليل " ( 5 ) . ويحصل السحور بقليل الأكل والشرب ويخل وقته من نصف الليل فالأكل قبله ليس بسحور فلا تحصل به السنة ويسن تأخيره وتقريبه من الفجر ما يسع قراءة خمسين آية لما روى زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : " تسحرنا مع النبي صلى الله عليه و سلم ثم قام إلى الصلاة . قلت : كم كان بين الأذان والسحور ؟ قال : قدر خمسين آية " ( 6 ) هذا ما لم يقع في الشك لقول حسان بن أبي سنان : " ما رأيت شيئا أهون من الورع دع ما يريبك إلا ما لا يريبك " ( 7 ) . ومن تسحر ثم شك في بقاء الليل فصومه صحيح لأن الأصل بقاؤه
- 5 - يسن الغسل من الحدث الأكبر ليلا ليكون على طهارة من أول صومه
- 6 - يسن الإكثار من تلاوة القرآن ومدارسته ( 8 )
- 7 - التوسعة على العيال والإحسان إلى الأرحام والجيران
- 8 - الإكثار من الصدقة لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان " ( 9 ) . وبصورة عامة يسن فيه الإكثار من أعمال الخير لأن أجر العمل فيه مضاعف
- 9 - دعوة الصائمين وتفطيرهم ولو لم يكونوا فقراء وأن يأكل معهم ولو لم يكن صائما لأم الصائم مغفور له فلعل الله عز و جل يغفر لمجالسيه روى زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا " ( 10 ) . فإن لم يقدر على عشائه فطره ولو على تمرة أو شربة ماء أو لبن
- 10 - يسن الاعتكاف في رمضان لاسيما في العشر الأخير منه لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره " ( 11 ) . وفي هذا العشر ليلة القدر وهي من خصوصيات هذه الأمة باقية إلى يوم القيامة فيها يفرق كل أمر حكيم ويستحب أن يطلبها لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " ( 12 ) وليالي الوتر من العشر الأخيرة أرجاها وبخاصة الوتر الحادي والعشرون والوتر الثالث والعشرون ويقول إن وافقها ما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني " ( 13 ) ويندب لمن رآها إخفاؤها والعمل في ليلها خير من العمل في نهارها في ألف شهر وإن كان يندب أن يجتهد في يومها وليلتها
وأعلى مراتب إحياؤها أن يحيي الليل كله بكل أنواع العبادة وأوسطها أن يحيي معظم الليل وأدناها أن يصلي العشاء في جماعة ويعزم على صلاة الصبح في جماعة . ولا يختص فضلها بمن اطلع عليها بل يحصل لمن أحياها وإن لم يطلع عليها وهي أفضل ليالي السنة بعد ليلة المولد النبوي الشريف تليها ليلة الإسراء ثم ليلة عرفة ثم ليلة الجمعة ثم ليلة النصف من شعبان
_________
( 1 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 44 / 1856
( 2 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 10 / 696
( 3 ) ابن ماجه ج 1 / كتاب الصيام باب 48 / 1753
( 4 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 20 / 1823
( 5 ) ابن ماجه ج 1 / كتاب الصيام باب 22 / 1693
( 6 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 19 / 1821
( 7 ) البخاري ج 2 / كتاب البيوع باب 3
( 8 ) المدارسة : أن يقرأ أحد شخصين على الآخر ما قرأه الأول هكذا كانت مدارسة رسول الله صلى الله عليه و سلم مع جبريل عليه السلام
( 9 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 7 / 1803
( 10 ) الترمذي ج 3 / كتاب الصوم باب 82 / 807
( 11 ) مسلم ج 2 / كتاب الاعتكاف باب 3 / 8
( 12 ) البخاري ج 2 / كتاب صلاة التراويح باب 2 / 1910
( 13 ) الترمذي ج 5 / كتاب الدعوات باب 85 / 3513
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس