
رد: الدًّرَرُِِ البَهِِيّة في الوَصَايَا الجَاميَّة
{ 63 } المريد الصادق مع شيخه الواصل قد يستفيد منه في حال بعده أكثر من قربه ، والله تعالى يقول : { إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ } سورة الأعراف / 19 .
فالله يتولى هؤلاء الصادقين
.
{ 64 } الانتفاع من المرشد في حال بعده يكون بشروط :
1ً ــــ الاعتقاد بأن هذا المرشد متصل برسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالسند المتصل ، شيخاً عن شيخ .
2ً ـــ الاعتقاد بأن هذا المرشد ماجاء بنفسه ، إنما جاء بإذن شيخه عن شيخه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس داعياً لنفسه ، بل داعياً إلى الله عزوجل .
3ً ــــ الاعتقاد بأن المرشد تقي نقي على سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
{ 65 } الشيخ المتوفي لا يتصرف في الظاهر بشئ لأن تصرفه في الظاهر انقطع بموته ، ولو لم يكن كذلك لاكتفى البشر برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى وهو صلى الله عليه وسلم سيد البشر
ـــــــــــــ ص 64 ـــــــــــــــــ
والملائكة ولكن جاء بعده صلى الله عليه وسلم الصديق رضي الله عنه ، فمن مات شيخه وجب عليه أن يتمم سيره وسلوكه على يد شيخ حي ، ولا يجوز له أن يدعي أن شيخه في قبره يكلمه ، ومجالسة الوارث مجالسة لمورثه .
{ 66 } يقول تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } سورة يونس / 57 .
الموعظة
: هي ظاهر الشريعة ، وفيها إشارة إلى تطهير ظواهر الخلق عما لا ينبغي .
وشفاء لما في الصدور
: هو باطن الشريعة ، وفيه إشارة إلى تطهير النفوس من العقائد الفاسدة ، والاخلاق الذميمة ، وهذا ما نسميه طريقة .
وهدى : هو الحقيقة ، وفيه إشارة إلى ظهور نور الحق في قلوب الصديقين .
والرحمة : هي النبوة ، وفيها إشارة إلى أنها بالغة في الكمال والإشراق ، حيث تصير مكملة للناقصين .
فالأولى : شريعة ، لإصلاح الظاهر بالتقوى والتوبة والاستقامة .
والثانية : طريقة , لإصلاح الباطن بالإخلاص والصدق والطمأنينة .
ــــــــــــ ص 65 ــــــــــــــــ
والثالثة : حقيقة ، لإصلاح السرائر بالمراقبة والمشاهدة والمعرفة . فالمريد لا ينتقل إلى عمل الطريقة إلا إذا حقق عمل الشريعة , ولا يصل إلى الحقيقة إلا إذا جمع بين الشريعة والطريقة تحقيقاً .
ولا يعتمد المريد في مثل هذه الأمور على نفسه ، بل على فضل ربه وتوفيقه فالله تعالى يقول : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ } سورة القصص / 68
ويقول : { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ } سورة الانعام / 112
وفي الحديث الشريف : ( لن يُدخلَ أحدَكم الجنة عملُه ) رواه الشيخان
فالاعتماد على النفس من الشقاء والبؤس ، والاعتماد على الأعمال من عدم التحقق بالزوال , والاعتماد على الكرامة والأحوال من عدم صحبة الرجال ، والاعتماد على الله تعالى من تحقق المعرفة بالله عزوجل . اللهم حققنا بالمعرفة بك حتى نعتمد عليك يا أرحم الراحمين .
{ 67 } الطريق جوهرة يجب التعلق بها , ولا يجوز ان نتعلق بمن تعلق بها ولكن نحبه لتعلقه بهذه الجوهرة , ومن تمسك بالجوهرة عليه بالصدق . وباب الدخول إلى تلك الجوهرة هو شيخ الطريقة كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو باب الدخول إلى الله تعالى ، قال تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ
ـــــــــ ص 66 ــــــ
وَالْيَوْمَ الْآخِرَ } سورة الاحزاب / 21