عرض مشاركة واحدة
قديم 12-26-2009
  #1
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
افتراضي الزبير بن العوام صاحب الهجرات الثلاث

لكل نبي من الأنبياء الذين أرسلهم الله حواريون وأنصار ينصرونه ويتلقون منه العلم ويبلغونه للناس جميعاً، فينشرون نور الله على كل العباد في كل البلاد، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً حواريون يحبونه وينصرونه، يحبونه أكثر من أولادهم وآبائهم بل أكثر من أنفسهم، ومن هؤلاء الزبير بن العوام.


يقول عنه أبو جعفر أحمد الشهير بالمحب الطبري في كتابه “الرياض النضرة في مناقب العشرة”: “هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى، وأمه صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أسلم وهو ابن ثماني سنين وهاجر وهو ابن ثماني عشرة سنة وكان عمه يعلقه في حصير ويدخن عليه بالنار، وهو يقول: ارجع إلى الكفر فيقول الزبير لا أكفر أبداً”.


هاجر الزبير الهجرتين إلى الحبشة الأولى والثانية ثم هاجر إلى المدينة حيث مقر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندما هاجر إلى المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبدالله بن مسعود.


كان الزبير أول من سل سيفاً في سبيل الله فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بخير.


قال عنه صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري “إن لكل نبي حوارياً وحواريي الزبير” وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب للتشاور على اختيار خليفة منهم، وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض.


شجاعة وورع


حضر الزبير جميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما شارك يوم اليرموك وكانت شجاعته مضرب الأمثال، ويذكر له يوم أحد أنه قتل طلحة العبدري. وذلك أن طلحة العبدري حامل لواء المشركين يوم أحد، دعا إلى المبارزة فأحجم الناس وخرج إليه الزبير فوثب على جمله حتى صار معه ثم أسقطه على الأرض وذبحه بسيفه، وقتل نوفل المخزومي يوم الخندق وذلك أن نوفل المخزومي طلب المبارزة فخرج إليه الزبير فضربه بسيفه فشقه نصفين. وقال له أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم اليرموك ألا تشد فنشد معك؟ فقال: إني إن شددت كذبتم فقالوا لا نفعل فحمل عليهم حتى شق صفوف الروم فجاوزهم وما معه أحد ثم رجع مقبلاً فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر.


شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة فقال: “طلحة والزبير جاران في الجنة”، وتنبأ له رسول الله وبشره بالشهادة فقال عنه “من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على الأرض فلينظر إلى الزبير”.


اتصف الزبير بالورع وذلك لما رواه البخاري عن عبدالله بن الزبير قال قلت للزبير ما يمنعك أن تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث عنه أصحابه؟ قال: أما والله لم أفارقه منذ أسلمت ولكني سمعته يقول “من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار” فلا أحب أن أحدث عنه. وأما عن كرمه وجوده فحدث ولا حرج فقد كان جواداً كريماً، فعن أم درة قالت: بعث الزبير إلى عائشة بغرارتين تبلغ ثمانين ومائة ألف درهم.


وعن كعب قال: “كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فما كان يدخل منه إلى بيته درهم واحد، كان يتصدق بذلك كله، وقال فكان يتصدق بقسمه كل ليلة، ويقوم إلى منزله ليس معه منه شيء”.


فتح مكة


وكان الزبير صاحب راية في انتصار من أعظم انتصارات رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإطلاق وأهمها للإسلام والمسلمين، فقد كان صاحب راية في فتح مكة سنة ثمان من الهجرة في رمضان كما قال ابن هشام في “السيرة النبوية”. وكان الزبير على المجنبة اليسرى فقد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشه إلى أربع فرق وعلى كل فرقة قائدها ومعه رايته فجعل الزبير بن العوام على الجناح الأيسر وأمره أن يدخل مكة من شمالها، وجعل خالد على الميمنة وأمره أن يدخل مكة من أسفلها وجعل سعد بن عبادة على المدينة ثم أخذ الراية منه وأعطاها لعلي بن أبي طالب فدخلها من جانبها الغربي، وأما أبو عبيدة بن الجراح فجعله رسول الله على المهاجرين وسار فيهم ليدخلوا مكة من أعلاها في حذاء جبل هند ودخل رسول الله مكة دون قتال، فكان من أعظم انتصارات المسلمين والذي تم من دون قتال ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ونادى مناديه من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن، وكان هذا الفتح أعظم الفتوحات للرسول صلى الله عليه وسلم.


شهيد الغدر


توفي رسول الله وهو راض عن الزبير، وصحب الزبير الصديق في خلافته فكان يأتمر بأمره وينتهي بنهيه ويعينه في بعض شأنه وشأن رعيته ولما آلت الخلافة إلى عمر كان له سيفاً على أعدائه حتى آلت الخلافة إلى عثمان فكان نعم المعين له في شؤونها على اتساعها، فلما آلت الخلافة إلى عليّ ودبت الفتنة بين المسلمين خرج هو وطلحة لقتاله فذكره عليّ بقول رسول الله له: “يا زبير لتقاتلن علياً وأنت له ظالم” فعاد الزبير ورجع عن قتال عليّ.


ثم انصرف إلى المدينة فتبعه عبدالله بن جرموز فأدركه بواد يقال له وادي السباع وهو نائم في القائلة فهجم عليه فقتله وقطع رأسه وذهب بها إلى علي فلما انتهى إليه استأذن عليه ظناً منه أنه لو علم سيفرح بذلك وتكون له حظوة عنده، فقال علي رضي الله عنه لما رأى سيف الزبير: “إن هذا السيف طالما فرج الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم”.


وقال علي فيما قال: لا تأذنوا له وبشروه بالنار فلقد سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: بشر قاتل ابن صفية بالنار”.


رحم الله الزبير ورضي الله عنه وأرضاه فقد كان سيفاً مسلولاً على أئمة الكفر والضلال وكان خير من رمى بسهم وطعن برمح وخير رجل وهب نفسه وماله لله عز وجل.
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس