عرض مشاركة واحدة
قديم 01-24-2009
  #1
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 17
هيثم السليمان is on a distinguished road
شذا الروح في تفسير سيدي أبي الحسن الشاذلي لقوله تعالى : { ويسألونك عن الروح ...}

شذا الروح في تفسير سيدي أبي الحسن الشاذلي لقوله تعالى : { ويسألونك عن الروح ...}
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الآية الكريمة كانت مثار خلاف شديد بين المفسرين من مختلف النزعات ؛ وذلك أنّ كثيراً من المفسرين رأوا أنّ الآية إنما هي نهي عن البحث في الروح ؛ بمعنى النفس الإنسانية , لأنها من أمر الله , فالله سبحانه , وهي من أمره , هو وحده العالم بها .
وعارض هؤلاء كثيرون يرون أنّ الروح في الآية الكريمة , إنما هو القرآن الكريم , بدليل سياق الآيات السابقة واللاحقة , فإنها كلّها في القرآن الكريم , والقرآن يسمى روحاً كما أنّ جبريل يسمى روحاً .
هل الآية نهي عن البحث في الروح , أم أنّ الروح في الآية شيء آخر غير النفس الإنسانيّة ؟
لم يأخذ سيّدي أبو الحسن بهذا الرأي أو بذاك , وإنما أدلى برأي نشهد بأصالته , وعمقه , ودقّته ,
يقول رضي الله عنه : { ومن ظنَّ أنّ هذا العلم ؛ أعني الروح وغيره , مما لم يذكر لم يحط به الخاصة العليا أهل البدء الأعلى فقد وقع في عظيمين : جهل أولياء الله ؛ إذ وصفهم بالقصور عن ذلك , وظنّ بربه أنّه منعهم ؛ وكيف يجوز أن يظنّ على المخصوص ؟
وسرى به التكذيب إلى القدرة و الشرع بقوله عن اليهود أو عن العرب كما تضمن الخلاف : { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي } , فما الدليل لك أنهما على جهل الصديقين وأهل خاصة الله العليا .
والكشف عن هذا أنّ السؤال يقع بأربعة أحرف : بهل , وكيف , ولم , ومن .
فهل ؛ يقع بها السؤال عن الشيء أموجود هو أو معدوم ؟
وكيف ؛ يقع بها السؤال عن حال الشيء .
ولم يقع السؤال بها عن العلّة .
وليس في الآية شيء من هذا , فإنك إن قلتَ فيها معنى هل , ومعنى هل يقتضي ( هل الروح موجود أو معدوم ؟ ) وقد عرفوا وجوده من قبل , ولولا ذلك لما قال : { ويسألونك عن الروح } , فثبت أنّهم عرفوا وجوده فبطل هذا .
وليس فيها سؤال عن الحال كيف هو , ولا سؤال عن العلّة لم كذا و كذا , ولو كان سؤالهم عن هذين لما قنعوا بقوله : { قل الروح من أمر ربي } ولشغبوا وتردوا ؛ إذ ذاك شغلهم وعادتهم وإرادتهم , فثبت أنّ السؤال إنما كان عن الشيء من أين هو ؟ بدليل الجواب والبيان الظاهر الشافي بقوله :{ قل الروح من أمر ربي } إذ الرسول , صلّى الله عليه وسلّم , عالم بما سألوا عنه فأجاب عن الله بذلك , كما تقول : آدم نسألك عنه ؟ وفهم المسؤول السؤال فقال : آدم من تراب , فإذا رضي الجواب قنع , وليس يرجع العدوّ إلا بفهم عظيم من الحقّ الذي لا مردّ له , فكيف يزعم الزاعم أنّه لا يعرف ولا يجوز أن يعرف .
فقد أوجب الله علينا معرفته ولا مثيل له , ولو ضيعناها لكنّا كفّاراً أو عصاة , فكيف بموجود مخلوق أمثاله كثيرة ؛ هذا عين الجهل أن يقال : لا يجوز أن يعرف من له المثل والنظير وهو الروح , ويوجب معرفة من لا شبيه له ولا نظير , فنعوذ بالله من جهل الجاهلين وظلم الظالمين }.
المدرسة الشاذليّة الحديثة د. عبد الحليم محمود
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس