عرض مشاركة واحدة
قديم 02-15-2009
  #2
أبو يوسف
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 518
معدل تقييم المستوى: 16
أبو يوسف is on a distinguished road
افتراضي رد: الحذر الحذر يا أهل وداده.. من صده وإبعاده

قال الشبلي : فتركناه وانصرفنا ونحن متعجبون من أمره ،فسرنا ثلاثة أيام وإذا به أمامنا قد تطهر من نهر وطلع وهو يشهد شهادة الحق ويجدد إسلامه، فلما رأيناه لم نملك أنفسنا من الفرح والسرور، فنظر إلينا وقال: يا قوم اعطوني ثوباً طاهراً فأعطيناه ثوباً فلبسه ثم صلى وجلس،
فقلنا الحمد لله الذي ردك علينا وجمع شملنا بك فصف لنا ما جرى لك وكيف كان أمرك؟
فقال :يا قوم لما ولَّيتم من عندي سألته بالوداد القديم ،وقلت له يا مولاي أنا المذنب الجاني فعفا عني بجوده وبستره غطاني ...
فقلت له: بالله نسألك هل كان لمحنتك من سبب؟ قال :نعم ،لما وردنا القرية وجعلتم تدورون
حول الكنائس ،قلت في نفسي :ما قدر هؤلاء عندي وأنا مؤمن موحد ؟فنوديت في سري ليس
هذا منك ولو شئت عرفناك ،ثم أحسست بطائر قد خرج من قلبي, فكان ذلك الطائر هو
الإيمان.
قال الشبلي: ففرحنا به فرحاً شديداً, وكان يوم دخولنا يوماً عظيماً مشهوداً, وفتحت
الزوايا والرباطات والخوانق, ونزل الخليفة للقاء الشيخ وأرسل إليه الهدايا, وصار يجتمع عنده
لسماع علمه أربعون ألفاً وأقام على ذلك زماناً طويلاً ,ورد الله عليه ما كان نسيه من القرآن
والحديث وزاده على ذلك.
فبينما نحن جلوس عنده في بعض الأيام بعد صلاة الصبح...
إذا بطارق يطرق باب الزاوية ,فنظرت من الباب فإذا شخص ملتف بكساء أسود, فقلت له: ما
الذي تريد, فقال: قل لشيخكم إن الجارية الرومية التي تركتها بالقرية الفلانية قد جاءت
لخدمتك.
قال فدخلت فعرفت الشيخ فاصفر لونه وارتعد, ثم أمر بدخولها فلما أدخلت عليه
بكت بكاء شديداً ,فقال لها الشيخ: كيف مجيئك ومن أوصلك إلى هنا؟
قالت يا سيدي: لما وليت من قريتنا جاءني من أخبرني بك فبت ولم يأخذني قرار, فرأيت في منامي شخصاً وهو يقول: إن أحببت أن تكون من المؤمنات فاتركي ما أنت عليه من عبادة الأصنام
واتبعي ذلك الشيخ ,وادخلي في دينه فقلت: وما دينه ؟قال دين الإسلام, قلت: وما هو؟ قال
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ,فقلت :كيف لي بالوصول إليه؟ قال أغمضي
عينيك وأعطيني يدك ففعلت فمشى قليلاً ثم قال: افتحي عينيك, ففتحتهما فإذا أنا
بشاطئ دجلة, فقال: امضي إلى تلك الزاوية واقرئي الشيخ مني السلام, وقولي له إن أخاك
الخضر يسلم عليك,
قال: فأدخلها الشيخ إلى جواره, وقال تعبدي ههنا, فكانت أعبد أهل زمانها تصوم النهار وتقوم الليل حتى نحل جسمها وتغير لونها, فمرضت مرض الموت وأشرفت على الوفاة ,ومع ذلك لم يرها الشيخ فقالت: قولوا للشيخ يدخل علي قبل الموت, فلما بلغ الشيخ ذلك دخل عليها, فلما رأته بكت فقال: لها لا تبكي فإن اجتماعنا غداً في القيامة في دار الكرامة ,ثم انتقلت إلى رحمة الله تعالى, فلم يلبث الشيخ بعدها إلا أياماً قلائل حتى مات رحمة الله تعالى عليه.
قال الشبلي فرأيته في المنام وقد تزوج بسبعين حورية وأول ما تزوج بالجارية وهما مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما.
فليتأمل العاقل في ذلك ولا يُرى له فضلاً على أحد من خلق الله تعالى فهو الفاعل المختار
يعطي من يشاء ويمنع فالكل منه وإليه.

(( ثمرات الأوراق في المحاضرات : ابن حجة الحموي ))
__________________
خَليليَّ وَلّى العمرُ مِنّا وَلَم نَتُب = وَنَنوي فعالَ الصالِحات وَلَكِنّا
أبو يوسف غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس