عرض مشاركة واحدة
قديم 12-02-2008
  #12
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

الجملة العاشرة: في زيارة المدينة وآدابها:

"قال : «مَنْ زَارَنِي بَعْدَ وَفَاتِي فَكَأَنَّما زَارَنِي فِي حَيَاتِي» ، وقال : «مَنْ وَجَدَ سَعَةً وَلَمْ يَفِدْ إِلَيَّ فَقَدْ جَفَانِي» وقال : «مَنْ جَاءَنِي زَائِراً لا يَهُمُّهُ إِلاَّ زِيَارَتِي كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ سْبْحَانَهُ أَنْ أَكُونَ لَهُ شَفِيعاً» فمن قصد زيارة المدينة فليصل على رسول الله في طريقه كثير. فإذا وقع بصره على حيطان المدينة وأشجارها قال: «اللهم هذا حرم رسولك فاجعله لي وقاية من النار وأماناً من العذاب وسوء الحساب»، وليغتسل قبل الدخول من بئر الحرة وليتطيب وليلبس أنظف ثيابه. فإذا دخلها فليدخلها متواضعاً معظماً وليقل: بسم الله وعلى ملة رسول الله : {رَبِّ أَدْخِلْني مُدْخَلَ صِدْقٍ وأخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ واجْعَلْ لي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نصيراً}

ثم يقصد المسجد ويدخله ويصلي بجنب المنبر ركعتين. ويجعل عمود المنبر حذاء منكبه الأيمن ويستقبل السارية التي إلى جانبها الصندوق وتكون الدائرة التي في قبلة المسجد بـين عينيه فذلك موقف رسول الله قبل أن يغير المسجد. وليجتهد أن يصلي في المسجد الأول قبل أن يزاد فيه. ثم يأتي قبر النبـي فيقف عند وجهه، وذلك بأن يستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر على نحو من أربعة أذرع من السارية التي في زاوية جدار القبر، ويجعل القنديل على رأسه وليس من السنَّة أن يمس الجدار ولا أن يقبِّله بل الوقوف من بعد أقرب للاحترام، فيقف ويقول:

«السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبـي الله، السلام عليك يا أمين الله، السلام عليك يا حبـيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا خيرة الله، السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا محمد، السلام عليك يا أبا القاسم، السلام عليك يا ماحي، السلام عليك يا عاقب، السلام عليك يا حاشر، السلام عليك يا بشير، السلام عليك يا نذير، السلام عليك يا طهر، السلام عليك يا طاهر، السلام عليك يا أكرم ولد آدم، السلام عليك يا سيد المرسلين، السلام عليك يا خاتم النبـيـين، السلام عليك يا رسول رب العالمين، السلام عليك يا قائد الخير، السلام عليك يا فاتح البر، السلام عليك يا نبـي الرحمة، السلام عليك يا هادي الأمة، السلام عليك يا قائد الغر المحجلين، السلام عليك وعلى أهل بـيتك الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، السلام عليك وعلى أصحابك الطيبـين وعلى أزواجك الطاهرات أمهات المؤمنين جزاك الله عنا أفضل ما جزى نبـياً عن قومه ورسولاً عن أمته، وصلى عليك كلما ذكرك الذاكرون وكلما غفل عنك الغافلون، وصلى عليك في الأوّلين والآخرين أفضل وأكمل وأعلى وأجل وأطيب وأطهر ما صلى على أحد من خلقه كما استنقذنا بك من الضلالة وبصرنا بك من العماية وهدانا بك من الجهالة. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك عبده ورسوله وأمينه وصفيه وخيرته من خلقه، وأشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت عدوك وهديت أمتك وعبدت ربك حتى أتاك اليقين، فصلى الله عليك وعلى أهل بـيتك الطيبـين وسلم وشرف وكرّم وعظم،

وإن كان قد أوصى بتبليغ سلام فيقول: «السلام عليك من ــــ فلان ــــ السلام عليك من ــــ فلان ــــ ثم يتأخر قدر ذراع ويسلم على أبـي بكر الصديق رضي الله عنه لأن رأسه عند منكب رسول الله ، ورأس عمر رضي الله عنه عند منكب أبـي بكر رضي الله عنه. ثم يتأخر قدر ذراع ويسلم على الفاروق عمر رضي الله عنه ويقول:

«السلام عليكما يا وزيري رسول الله والمعاونين له على القيام بالدين ما دام حياً والقائمين في أمته بعده بأمور الدين تتبعان في ذلك آثاره وتعملان بسنته، فجزاكما خير ما جزى وزيري نبـي عن دينه.

ثم يرجع فيقف عند رأس رسول الله ــــ بـين القبر والاسطوانة اليوم ــــ ويستقبل القبلة وليحمد الله عز وجل وليمجده وليكثر من الصلاة على رسول الله ثم يقول: «اللهم إنك قد قلت وقولك الحق {وَلَوْ أنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} اللهم إنا قد سمعنا قولك وأطعنا أمرك وقصدنا نبـيك متشفعين به إليك في ذنوبنا وما أثقل ظهورنا من أوزارنا تائبـين من زللنا معترفين بخطايانا وتقصيرنا، فتب اللهم علينا وشفِّع نبـيك هذا فينا وارفعنا بمنزلته عندك وحقه عليك. اللهم اغفر للمهاجرين والأنصار واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان. اللهم لا تجعله آخر العهد من قبر نبـيك ومن حرمك يا أرحم الراحمين.

ثم يأتي الروضة فيصلي فيها ركعتين ويكثر من الدعاء ما استطاع لقوله : «مَا بَـيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي» ويدعو عند المنبر ويستحب أن يضع يده على الرمانة السفلى التي كان رسول الله يضع يده عليها عند الخطبة ،

ويستحب له أن يأتي أحداً يوم الخميس ويزور قبور الشهداء فيصلي الغداة في مسجد النبـي ، ثم يخرج ويعود إلى المسجد لصلاة الظهر فلا يفوته فريضة في الجماعة في المسجد. ويستحب أن يخرج كل يوم إلى البقيع بعد السلام على رسول الله ويزور قبر عثمان رضي الله عنه وقبر الحسن بن علي رضي الله عنهما، وفيه أيضاً قبر علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد رضي الله عنهم، ويصلي في مسجد فاطمة رضي الله عنها، ويزور قبر إبراهيم ابن رسول الله ، وقبر صفية عمة رسول الله فذلك كله بالبقيع. ويستحب له أن يأتي مسجد قباء في كل سبت ويصلي فيه لما روي أن رسول الله ، قال: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَـيْتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ مَسْجِدَ قُبَاءَ وَيُصَلِّي فِيهِ كَانَ لَهُ عِدْلُ عُمْرَةٍ» ويأتي بئر أريس يقال إن النبـي تفل فيها وهي عند المسجد فيتوضأ منها ويشرب من مائها ، ويأتي مسجد الفتح وهو على الخندق. وكذا يأتي سائر المساجد والمشاهد.

ويقال: إن جميع المشاهد والمساجد بالمدينة ثلاثون موضعاً يعرفها أهل البلد فيقصد ما قدر عليه وكذلك يقصد الآبار التي كان رسول الله يتوضأ منها ويغتسل ويشرب منها ، وهي سبع آبار طلباً للشفاء وتبركاً به ، وإن أمكنه الإقامة بالمدينة مع مراعاة الحرمة فلها فضل عظيم. قال : «لا يَصْبِرُ عَلَى لأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلاَّ كُنْتُ لَهُ شَفِيعاً يَوْمَ القِيَامَةِ» وقال : «مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ فَإِنَّهُ لَنْ يَمُوتَ بِها أَحَدٌ إِلاَّ كُنْتُ لَهُ شَفِيعاً أَوْ شَهِيداً يَوْمَ القِيَامَةِ»

ثم إذا فرغ من أشغاله وعزم على الخروج من المدينة فالمستحب أن يأتي القبر الشريف ويعيد دعاء الزيارة ـ كما سبق ـ ويودع رسول الله ويسأل الله عز وجل أن يرزقه العودة إليه ويسأل السلامة في سفره. ثم يصلي ركعتين في الروضة الصغيرة وهي موضع مقام رسول الله قبل أن زيدت المقصورة في المسجد. فإذا خرج فليخرج رجله اليسرى أولاً ثم اليمنى وليقل: «اللهم صلِّ على محمد وعلى وآل محمد ولا تجعله آخر العهد بنبـيك وحط أوزاري بزيارته وأصحبني في سفري السلامة ويسر رجوعي إلى أهلي ووطني سالماً يا أرحم الراحمين»، وليتصدّق على جيران رسول الله بما قدر عليه، وليتتبع المساجد التي بـين المدينة ومكة فيصلي فيها وهي عشرون موضعاً." اهـ.



فصل في سنن الرجوع من السفر

"كان رسول الله إدا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على رأس كل شرف من الأرض ثلاث تكبـيرات ويقول: «لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» وفي بعض الروايات: «وكل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون»، فينبغي أن يستعمل هذه السنة في رجوعه. وإذا أشرف على مدينته يحرك الدابة ويقول: «اللهم اجعل لنا بها قراراً ورزقاً حسناً. ثم ليرسل إلى أهله من يخبرهم بقدومه كي لا يقدم عليهم بغتة فذلك هو السنة ، ولا ينبغي أن يطرق أهله ليلاً فإذا دخل البلد فليقصد المسجد أوّلاً وليصل ركعتين فهو السنة ، كذلك كان يفعل رسول الله . فإذا دخل بـيته قال: «تَوْباً تَوْباً لِرَبِّنَا أَوْباً لا يُغَادِرُ عَلَيْنَا حَوْباً» فإذا استقرّ في منزله فلا ينبغي أن ينسى ما أنعم الله به عليه من زيارة بـيته وحرمه وقبر نبـيه ، فيكفر تلك النعمة بأن يعود إلى الغفلة واللهو والخوض في المعاصي، فما ذلك علامة الحج المبرور، بل علامته أن يعود زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة متأهباً للقاء رب البـيت بعد لقاء البـيت." اهـ.




الباب الثالث في الآداب الدقيقة والأعمال الباطنة


بـيان دقائق الآداب وهي عشرة:

ا"لأول: أن تكون النفقة حلالاً وتكون اليد خالية من تجارة تشغل القلب وتفرق الهم، حتى يكون الهم مجرداً لله تعالى والقلب مطمئناً منصرفاً إلى ذكر الله تعالى وتعظيم شعائره. وقد روي في خبر من طريق أهل البـيت: «إذا كان آخر الزمان خرج الناس إلى الحج أربعة أصناف سلاطينهم للنزهة وأغنياؤهم للتجارة وفقراؤهم للمسألة وقراؤهم للسمعة» وفي الخبر إشارة إلى جملة أغراض الدنيا التي يتصوّر أن تتصل بالحج، فكل ذلك مما يمنع فضيلة الحج ويخرجه عن حيز حج الخصوص؛ لا سيما إذا كان متجرّداً بنفس الحج بأن يحج لغيره بأجرة فيطلب الدنيا بعمل الآخرة.

وقد كره الورعون وأرباب القلوب ذلك إلا أن يكون قصده المقام بمكة ولم يكن له ما يبلغه فلا بأس أن يأخذ ذلك على هذا القصد، لا ليتوصل بالدين إلى الدنيا بل بالدنيا إلى الدين. فعند ذلك ينبغي أن يكون قصده زيارة بـيت الله عز وجل ومعاونة أخيه المسلم بإسقاط الفرض عنه. وفي مثله ينزل قول رسول الله : «يُدْخِلُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالحَجَّةِ الوَاحِدَةِ ثَلاثَةً الجَنَّةَ: المُوصِيَ بِها وَالمُنَفِّذَ لَها وَمَنْ حَجَّ بِها عَنْ أَخِيهِ» ولست أقول لا تحل الأجرة أو يحرم ذلك بعد أن أسقط فرض الإسلام عن نفسه، ولكن الأولى أن لا يفعل ولا يتخذ ذلك مكسبه ومتجره، فإنّ الله عز وجل يعطي الدنيا بالدين ولا يعطي الدين بالدنيا.

وفي الخبر: «مثل الذي يغزو في سبـيل الله عز وجل ويأخذ أجراً مثل أم موسى عليه السلام ترضع ولدها وتأخذ أجرها» فمن كان مثاله في أخذ الأجرة على الحج مثال أم موسى فلا بأس بأخذه فإنه يأخذ ليتمكن من الحج والزيارة فيه، وليس يحج ليأخذ الأجرة بل يأخذ الأجرة ليحج كما كانت تأخذ أم موسى ليتيسر لها الإرضاع بتلبـيس حالها عليهم." اهـ.


"الثاني: أن لا يعاون أعداء الله سبحانه بتسليم المكس وهم الصادون عن المسجد الحرام من أمراء مكة والأعراب المترصدين في الطريق. فإن تسليم المال إليهم إعانة على الظلم وتيسير لأسبابه عليهم فهو كالإعانة بالنفس؛ فليتلطف في حيلة الخلاص فإن لم يقدر فقد قال بعض العلماء ــــ ولا بأس بما قاله ــــ إنّ ترك التنفل بالحج والرجوع عن الطريق أفضل من إعانة الظلمة، فإن هذه بدعة أحدثت وفي الانقياد لها ما يجعلها سنَّة مطردة وفيه ذل وصغار على المسلمين ببذل جزية. ولا معنى لقول القائل إن ذلك يؤخذ مني وأنا مضطر فإنه لو قعد في البـيت أو رجع من الطريق لم يؤخذ منه شيء، بل ربما يظهر أسباب الترفه فتكثر مطالبته فلو كان في زي الفقراء لم يطالب فهو الذي ساق نفسه إلى حالة الاضطرار." اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس